عقدة تركيّة تسعى إيران لحلها عبر دمشق!

عقدة تركيّة تسعى إيران لحلها عبر دمشق!
الأخبار العاجلة | 15 مايو 2019
 
في إشارة تدل على مسعى دمشق لخلط الأوراق في الشمال السوري؛ أبدى بشار الأسد استعداده للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ وذلك خلال اجتماع صحفي مع وسائل إعلام محلية فضلا عن تواجد صحفيين أجانب.

وعلى رغم أن رئاسة الجمهورية في دمشق نفت ما تناقلته وسائل إعلام عن تصريحات ومواقف منسوبة للأسد خلال لقاء له بمجموعة من المحللين السياسيين والاقتصاديين مؤكدة أن ما يتم تداوله "عار عن الصحة".

وقالت رئاسة الجمهورية في تنويه لها نشر مساء أمس على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن "بعض وسائل الإعلام تتناقل كلاما ومواقف منسوبة للرئيس الأسد؛ خلال أحد لقاءاته بمجموعة من المحللين السياسيين والاقتصاديين، وهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها اختلاق أو تحريف مثل تلك المواقف أو التصريحات" دون أن تتطرق إلى تلك التصريحات والمواقف.


اقرأ أيضاً: ترامب يراهن بوتين على الملف السوري... ما موقف تركيا و إيران؟


مصادر خاصة كانت أكدت لـ "روزنة" عقد الأسد اجتماعاً مغلقاً مع ممثلين عن وسائل إعلام مطلع الشهر الجاري؛ وهي ليست المرة الأولى التي يعقد فيها الأسد اجتماعات مغلقة مع صحفيين سوريين أو أجانب؛ حيث كان ذكر الصحفي البريطاني؛ روبرت فيسك، في شهر أيار من العام الفائت؛ أنه حضر اجتماعا صحفيا مغلقا مع الاسد وقال فيه آنذاك أن العلاقات مع قطر ستشهد تحسنا جزئيا خلال الفترة المقبلة؛ منوهاً إلى الصحفيين بضرورة تخفيف اللهجة العدائية تجاه دولة قطر.   

و أبدى الأسد، رغبته في مقابلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كاشفًا في الوقت نفسه عن لقاءات سريَّة مع الاستخبارات التركية، جاء ذلك في مقال للكاتب الصحفي بجريدة "آيدنليك" التركية، محمد يوفا، والذي حضر اجتماعًا صحفيًّا مغلقًا مع الأسد، بحضور وسائل إعلام محلية.

ونقل يوفا، عن "الأسد" قوله: "نحن منفتحون على التعاون مع تركيا، وإذا كان ملائمًا لمصالح سوريا ولا يتعدى على سيادتها، يمكننا لقاء أردوغان"، وأضاف الأسد خلال الاجتماع المغلق: "نحن لا نتفاوض مع تركيا عن طريق روسيا وإيران فقط، فقد تفاوض الضباط الأتراك والسوريون في عدد من النقاط".

ما طبيعة التواصل الحالي بين دمشق و أنقرة؟

الباحث السياسي في الشؤون التركية؛ د.علي باكير، أشار في حديث لـ "راديو روزنة" إلى وجود تواصل سابق بين الجانبين ضغطت روسيا باتجاهه؛ إلا أنه أكد أن الجانب التركي ظل يرفض التواصل السياسي واقتصر على تواصل محدود جدا منخفض المستوى على مستوى استخباراتي لفترة زمنية محدودة.

وأضاف: "ليس لدي معلومات عما إذا كانت استمر بعد ذلك أم لا، لكن على كل حال كان هناك رفض تام للتواصل السياسي مع الرئاسة التركية".

كما نوه أيضاً إلى أن الجانب الإيراني كان حاول هو الآخر إقناع تركيا قبيل عملية عفرين (مطلع العام الفائت)؛ بتأمين الأسد للمصالح التركية مقابل الامتناع عن الدخول إلى عفرين لكن أنقرة رفضت حينها؛ بحسب وصف باكير.


من ناحيته اعتبر الخبير في الشؤون التركية؛ عبد الله سليمان أوغلو، خلال حديث لـ "راديو روزنة" انه ورغم أن تركيا لم تؤكد أو تنفي حدوث هكذا لقاءات بعد خبر صحيفة "آيدنلك"، إلا أنه رجح احتمالية حدوث تواصل على الصعيد الاستخباراتي.

واستذكر سليمان أوغلو تصريح الرئيس التركي قبيل الانتخابات الأخيرة في شهر شباط؛ عندما أكد عدم وجود تواصل استخباراتي مع النظام السوري، كما لفت أوغلو إلى أن الاجتماعات الاستخباراتية المشتركة بين الطرفين التي حصلت تم تأكيد حدوثها آنذاك حينما تم تداول حصول لقاءات في كسب بين الجانبين.

وتابع في هذا السياق بالقول: "التواصل مع رأس النظام لا أعتقد ممكن حالياً، وقد نفت تركيا إمكانية حدوث ذلك على لسان أكثر من مسؤول تركي؛ لكن في حال الشروع بالحل السياسي يمكن أن تحدث لقاءات في مستويات عدة، لكن لقاء الرئيس التركي بشكل مباشر مع رأس النظام مستبعد حسب المعطيات الحالية؛ لكن تطورات الأحداث قد تُفضي إلى حدوث مثل هذا اللقاء".

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، كشف مطلع شهر شباط الماضي؛ أن حكومته أبقت على اتصالات "على مستوى منخفض" مع دمشق عبر جهاز الاستخبارات، وأضاف أردوغان في مقابلة تلفزيونية، آنذاك أن "السياسة الخارجية مع سوريا تتم على مستوى منخفض".

وأوضح الرئيس التركي قائلاً: "أجهزة المخابرات يمكنها التواصل حسب مصلحتها.. إذا كان لديك عدو فعليك الاحتفاظ بالعلاقات. فربما تحتاجها فيما بعد".

هل أوعزت دمشق للصحيفة التركية تسريب مضمون الاجتماع المغلق؟

هذا ويمكن اعتبار ما أعلنت عنه الصحيفة التركية "آيدنليك" وهي المقربة من المعارضة التركية؛ بأنه يأتي بمثابة "بالون اختبار" أرادت دمشق أن تطلقه في تركيا لقياس ردة الفعل هناك؛ وما إذا كانت التبعات حوله تحمل مؤشرات إيجابية للمضي نحو إعادة تفعيل خط العلاقات التركية-السورية.  

الباحث السياسي في الشؤون التركية؛ د.علي باكير، رجح إمكانية أن يكون نشر المادة الصحفية في مثل هذا الوقت عبارة عن "بالون اختبار"، فإيران والأسد وفق رأيه بحاجة إلى حل العقدة التركية سيما مع الضغوط الدولية والأميركية؛ و بالتحديد على طهران.

وتابع مضيفاً: "الأسد نفسه في المقابلة المزعومة؛ نفى إمكانية تواصل سياسي؛ عندما اشترط عدم وجود تركيا داخل الأراضي السورية؛ وهو أمر صعب تصوره في المرحلة الحالية على الأقل".


قد يهمك: ما حقيقة الخلافات الروسية-التركية حول ملفي إدلب و شرق الفرات؟


بينما رأى الخبير في الشؤون التركية؛ عبدالله سليمان أوغلو؛ أن النظام السوري لا يملك من أمره شيء، حيث اعتبر أنه و طالما أن تركيا تنسق مع روسيا و إيران فلا حاجة للقاء المباشر مع رأس السلطة بدمشق.

واعتبر أن تصريح الأسد استعداده للقاء أردوغان قد يكون بغرض خلط الأوراق والتقرب من أنقرة بغرض مواجهة القوات الكردية في شرق الفرات بشكل مشترك، بعد فشل المفاوضات مع "مسد"، وختم قائلاً: "في النهاية المتغيرات والانعطافات كثيرة في الموضوع السوري، إن كان في السياسة كل شيء ممكن؛ ففي الموضوع السوري لا شيء غير ممكن".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق