ما الذي يمنع النظام من "تأجير" روسيا مطار دمشق الدولي؟

ما الذي يمنع النظام من "تأجير" روسيا مطار دمشق الدولي؟
الأخبار العاجلة | 14 مايو 2019

لا يبدو أن سيطرة روسيا على مطار دمشق الدولي باتت قريبة؛ على الرغم من الأنباء التي تتحدث أن حكومة دمشق عزمت على منح روسيا عقد استثمار أو تأجير مطار دمشق الدولي على غرار ما حدث في مرفأ طرطوس.

حيث أشارت مصادر إلى أن حكومة دمشق وتحت ذريعة الاستثمار وبحجة أن مطار دمشق قديم ويحتاج إلى التجديد؛ تسعى إلى منح روسيا "استثمار أو "تأجير" المطار، واستندت المصادر إلى ما ألمح إليه مدير المطار؛ نضال محمد، حول إمكانية بيع المطار تحت مسمى "استثماره" من طرف شركات أجنبية، محدداً جنسية تلك الشركات بأنها روسية؛ بحسب ما نقلت عنه صحيفة "تشرين" المحلية.

مدير المطار ادعى خلال حديثه أن حالة المطار متردية على المستوى الفني والخدمي، سواء من ناحية التكييف واﻹنارة وغيرها، وبحسب المحمد، فإن "مبنى الركاب الحالي عمره 40 سنة"، مفضلا عن أن حكومته تسعى أيضاً إلى مبنى  ركاب جديد، وقال إن "الخدمات في المطار سيئة مثل النظافة والخدمات ومنها تكسي المطار"؛ مضيفا أنه "لا يوجد ما يمنع استثمار مبنى المطار من قبل شركة أجنبية وفق عقد محدد على (نظام Bot)".

لماذا لن تسيطر روسيا على المطار؟

الباحث و الخبير الاقتصادي؛ يونس الكريم، استبعد في حديثه لـ "راديو روزنة" أن منح استثمار المطار لـ روسيا هو "فكرة عبثية"؛ معتبراً أن هذا الأمر لا يمكن أن يتم حالياً؛ وأرجع ذلك لأسباب عديدة.

الكريم فند الأسباب التي دعته لاستبعاد تأجير المطار؛ حيث قال: "هناك مشاريع استثمارات ضخمة جدا لعائلة الأسد في مطار دمشق الدولي قبل الثورة؛ وهي عبارة عن كازينو ومجموعة فنادق ومنتجعات سياحية؛ وهذه ستدر أموالا ضخمة جدا؛ لذلك وإن كان النظام سيعتمد على إيجاد استثمار أجنبي؛ فإنه قد يمنح ميزة إكمال هذه العقود لشركات روسية أو أجنبية".

وعزى الخبير الاقتصادي ثاني الأسباب إلى أن مطار دمشق يعتبر كـ مطار عسكري؛ ما يعني بأنه وفي حال خصخصة المطار وإلغاء مطار المزة؛ فإنه لن يعد للنظام أي مطارات حربية تحمي القصر الجمهوري وبالتالي ستكون هذه نقطة ضعف للسلطة السياسية؛ وفق قوله.

وأضاف بالقول: "المطار مصدر مهم أيضا لخطة النظام البديلة المتعلقة بالتغييرات السياسية والاقتصادية في الساحة السورية، فنحن نرى أن معظم الاستثمارات الاستراتيجية في المحافظات الأخرى آلت للروس والإيرانيين؛ وكذلك للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ويمثله محليا الادارة الذاتية الكردية".

وتابع:"الأسد غير مستعد الآن للتضحية بأي مشروع في قلب دمشق لصالح أي فئة من الفئات لأن ذلك سيضعف سلطته السياسية والاقتصادية مستقبلا، الخطة الآن هي جعل دمشق ملاذ ضريبي آمن لتكون وجهة للاستثمارات فكيف إذا سيتم خصخصة المطار، فهذا الأمر يتطلب وجود بنية تحتية ومن أهمها المطار".  

وكذلك نوه الكريم إلى أن المطار بات بوابة شخصيات نافذة في النظام لتهريب الآثار والعملات دون مراقبة أمنية؛ ما يمنع تمرير ذلك في حال السيطرة على المطار من قبل الروس؛ الأمر الذي يجعل النظام في خطر ويمنعه من تنفيذ نشاطاته ويجعل المطار تحت سلطة الاستثمارات الأجنبية.

وأردف متابعا: "كذلك فإن الإيرانيين وحزب الله يتواجدون في المطار وسيطرتهم في سوريا لا يستهان بها، و بالتالي هناك حرب طفت على السطح بين الروس والإيرانيين، وبالتالي فإن خصخصة المطار ستعيق حركة الإيرانيين؛ الذين يمكن الاعتبار أن لهم الكلمة العليا في المطار".

اقرأ أيضاً: ما السر الذي يخفيه النظام من تأجيره روسيا مرفأ طرطوس؟

وكان النائب في مجلس الدوما الروسي، ديمتري بيليك، عن خطة روسية لتوسيع مطار دمشق الدولي، بحيث يستقبل 15 مليون مسافر، حيث أشار بيليك في تصريحات صحفية لوكالة "سبوتنيك" الروسية في شهر كانون الثاني الماضي، إن مستثمرين روس في مجال بناء المطارات أعلنوا استعدادهم لبناء محطات وتأهيل البنية التحتية في مطار دمشق، مشيرًا إلى أن المفاوضات مع الجانب السوري بدأت في هذا المجال.

ومن المقرر أن يتسع المطار لما يزيد على 15 مليون مسافر، بينما يستقبل حاليًا خمسة ملايين مسافر، بحسب ما قال وزير النقل، علي حمود، خلال اجتماعه آنذاك مع وفد روسي.
في حين كانت "المؤسسة العامة للطيران المدني" حصلت نهاية شهر حزيران من العام الفائت؛ على الموافقة للبدء بإعادة تأهيل وصيانة مطار دمشق الدولي، بكلفة تبلغ 3.1 مليار ليرة سورية ما يعادل 7.13 مليون دولار على أساس دولار (435 ل.س)، موزعة على 4 مشاريع.

وتضمنت خطة المؤسسة، مشروع إعادة تأهيل المهبط الطويل في المطار، حفاظاً على سلامة الحركة الجوية، و بكلفة تقديرية تبلغ 1.5 مليار ليرة سورية، أما مشروع إعادة تأهيل هنكار إصلاح الطائرات (المرحلة الأولى والثانية)، مع إعادة تأهيل المكاتب الإدارية على جانبيه، فيتطلب 1.1 مليار ليرة، وسيجري حالياً صيانة المرحلة الأولى بمبلغ 900 مليون ليرة للمرحلة الأولى فقط.

وجاء في الخطة أيضاً، مشروع إعادة تأهيل مبنى إصلاح محركات الطائرات بكلفة تقديرية تصل إلى 400 مليون ليرة، والدراسة لهذا المشروع جاهزة، وقيد الإعداد للاتفاق على الأسعار مع إحدى مؤسسات الدولة، وبالنسبة لمشروع مستودع الترانزيت فقد طلبت المؤسسة إعادة تأهيله، وجرى تقدير الكلفة بحدود 300 مليون ليرة، وبذلك يصل إجمالي الكلفة التقديرية لإعادة إعمار مطار دمشق الدولي إلى 3.1 مليارات ليرة.‏


ما هو الموقف الروسي؟

الباحث السياسي؛ عبد الرحمن عبّارة، رجح من ناحيته بأن سيطرة إيران على مطار دمشق الدولي لم تعد كما كانت عليه من قبل؛ حيث رأى أنه و بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية الإسرائيلية تقلصت سيطرة إيران على المطار؛ مع بقاء نفوذها على المطار ومحيطه في حدوده الدنيا.

كما لم يستبعد عبّارة خلال حديثه لـ "روزنة" أن يتجه النظام السوري إلى تأجير مطار دمشق الدولي إلى روسيا؛ مضيفا بأن النظام قام بخطوات مشابهة خلال الأعوام السابقة إن كان لصالح إيران أو لصالح لروسيا نفسها، وأضاف: "قام النظام بتأجير ورهن العديد من المنشآت الحكومية والعسكرية، كان آخرها توقيع تأجير ميناء طرطوس الإستراتيجي إلى روسيا لمدة 49 عاما قابلة للتمديد".

واعتبر الباحث السياسي أن الظروف المحيطة بالأسد تفرض عليه المزيد من التنازلات إن كان لروسيا أو لإيران أو حتى لإسرائيل، حيث يرى عبّارة بأن الأسد لم يعد يملك هامشا لرفض أو قبول تلك الصفقات؛ فالأسد على حد وصفه "ليس له من الأمر شيئا إلا التوقيع".

وأضاف: "طالما أن بشار الأسد سيستمر رئيسا للنظام، فهذا يعني توقيعه المزيد من عقود بيع ورهن وتأجير ما بقي من أراض ومنشآت حكومية و سيادية تابعة للجمهورية العربية السورية".

بينما ختم عبّارة حديثه لـ "روزنة" بالإشارة إلى أن سرعة إنجاز تلك الصفقات مع روسيا والإعلان عنها تعتبر نقطة تسترعي المزيد من الإنتباه؛ فهو يرجح أن يكون وراء تسارع حركة إتمام مثل هذه الصفقات؛ أحد أمرين.

أول هذه الأمور تتمثل في محاولة من الأسد لكسب تأييد موسكو، وذلك من أجل ضمان التمديد له كرئيس لشهور إضافية أو لسنتين على الأقل، حتى لو كان بصلاحيات أقل، وأما الأمر الثاني فيتعلق بحسم روسيا قد حسمت مصير الأسد كرئيس للنظام، وأن ساعة إعلان إنهاء خدماته ستتزامن مع آخر قطعة أرض ومنشأة سورية لم يتم بعد عرضها للإستثمار أو البيع لصالح موسكو.

قد يهمك: لماذا تهدد إسرائيل باستهداف منظومة "إس 300" الروسية في سوريا؟

و على جانب آخر اعتبر الخبير والباحث الاقتصادي؛ يونس الكريم بأنه إذا ما تعهد الجانب الروسي بأن يكون مطار دمشق إلى جانب ميناء طرطوس مقابل عودة الشمال السوري إلى سلطة النظام وكذلك تعويمه سياسيا واقتصاديا؛ فإن النظام قد يتجه جديا لمنح الروس الشراكة في تولي شؤون المطار.

ورغم ذلك فقد حدد الكريم قبول النظام بشراكة روسية في عاملين إثنين؛ أولهما يوجب افتتاح مطار المزة كـ مطار مدني يعتمده النظام بديلا عن مطار دمشق الدولي لتمرير الأعمال غير المشروعة، والعامل الآخر بحسب الكريم يتمثل بموافقة النظام الشراكة مع الروس عن طريق مستثمرين سوريين محسوبين عليه في إدارة المطار.

وختم بالقول: "مطار دمشق هو مطار واعد وبحسب التقديرات فهو يرجح أن يستقبل 20 مليون مسافر سنويا؛ اضافة إلى انه مع هذه البنية التحتية المتهالكة في باقي المحافظات أعتقد أن المطار يشهد إقبالا كثيفا وسط حالة الانفلات الأمني، كما أن المطار على عكس ما يقوله وزير النقل؛ فالمطار مجهز بتجهيزات حديثة ولم يصب بأي تخريب خلال السنوات الثمانية الماضية، فأغلب القاعات حافظت على سلامتها الفنية".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق