لماذا تهدد إسرائيل باستهداف منظومة "إس 300" الروسية في سوريا؟

لماذا تهدد إسرائيل باستهداف منظومة "إس 300" الروسية في سوريا؟
الأخبار العاجلة | 11 مايو 2019

 

تصعيد كلامي جديد تقوم به إسرائيل إزاء النفوذ الإيراني في سوريا؛ في إشارة توحي باقتراب مرحلة متقدمة من الاستهداف الإسرائيلي للأراضي السورية بسبب تواجد القواعد الإيرانية هناك وتمدد النفوذ الإيراني في المنطقة.

التصريحات الإسرائيلية التصعيدية لم تستهدف إيران فحسب؛ وإنما طالت روسيا أيضاً حينما كشف سلاح الجو الإسرائيلي، أن منظومة صواريخ "إس-300" الروسية في سوريا؛ وضعت في الخدمة الفعلية وأن الجيش الإسرائيلي"يتجهّز لتحييدها للتوصل إلى حريّة الحركة في كل نقطة أثناء حرب محتملة".


وهدّد ضابط كبير في سلاح الجو الإسرائيلي، مساء أمس؛ في مقابلة مع صحيفة "معاريف" الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني، بأن "كل بطّاريّة صواريخ تهدّد حريّة نشاطنا وإتمام مهمّتنا قد تجد نفسها عرضة للهجوم"، وأضاف: "من غير الصحيح التوقف عند موضوع ما إذا كانت (منظومة إس 300) تدار من قبل السوريين، أو تحت مراقبة الروس، في كل الحالات علينا أن ننطلق من أن المنظومة جاهزة للتصدي لعملياتنا في صباح الغد".

وأضاف بار أن الجيش الإسرائيلي "يعمل كي لا يكون هنالك حزب الله ثان وميليشيات إيرانيّة في سوريا، نعمل كل ما يجب كي لا يكون هناك وجود إيراني على الأراضي السورية، الإصرار الذي نبديه في هذا الموضوع أتى بنتيجة، لكننا لم نصل للنهاية بعد"، لكنّه لفت إلى أن الإصرار الإيراني على التموضع في سوريا "ما زال مستمرًا" وأن "طهران لن تتنازل بسهولة".

وعلى الرغم من التصريحات الإسرائيلية لا يمكن إغفال المؤشرات التي تشي بأن روسيا بدأت في تفعيل خيار مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا؛ حيث أشارت الأنباء المتداولة مؤخراً إلى حدوث إشتباكات تابعة لكل من الطرفين سواء في مناطق من حلب ودير الزور و ريف حماة.

ما حقيقة الموقف الروسي من استمرار الاستهداف الإسرائيلي؟

المحلل السياسي؛ حسام نجار، قال في حديث لـ "راديو روزنة" أن نصب الروس لمنظومة الـ "إس- 300" في سوريا لم يكن هدفه منع استهدافات الطيران الإسرائيلي و إنما يأتي من باب عودة حرب التسليح وتوزيع المناطق بين الولايات المتحدة وروسيا؛ مضيفاً حول ذلك: "الكل بات يعرف التنسيق المتبادل بين الروسي و الإسرائيلي على الأرض السورية".

و أضاف في السياق ذاته: "لقد صدع (النظام) رؤوسنا؛ في فترة سابقة بالمنظومة الروسية؛ ذاكراً خواصها التدميرية و قدرتها العالية التي ستمنع أي طيران يحلق في الأجواء السورية، و جميعنا يعرف بلا استثناء أن روسيا ليست من الغباء بمكان أن تضع مفاتيح عمل هذه المنظومة بيد النظام مباشرة، فالروس يعرفون في قرارة أنفسهم أن ترك تشغيل وقيادة هذه المنظومة؛ قد يؤدي لتدميرها أو إفشاء أسرار صناعتها، لذلك تكون الأيدي الروسية هي المشرفة على هذه المنظومة".

واعتبر نجار خلال حديثه لـ "روزنة" أنه و منعاً للاحراج الروسي جراء عدم استخدامه لتلك المنظومة بالرد على الطيران الإسرائيلي؛ يصدر كل فترة من سلاح الجو الإسرائيلي تصريحات هدفها دعم هذا الافتراض، في توضيح لتصريحات ضابط سلاح الجو الإسرائيلي حول استطاعتهم إيجاد طريقة لتحييد المنظومة الروسية وبالتالي أن هجماتهم على القوات الإيرانية لن تستطيع تلك المنظومة صدها.

وختم حديثه بالقول: "هذا يأخذنا إلى نقطة مهمة ذات فروع عديدة ألا وهي إرتفاع التنسيق الروسي الإسرائيلي وفروعها هي عدم احراج الروس، (وكذلك) رغبة الروس بتقليص سيطرة إيران على الأرض السورية، و تحجيم الإسرائيلي للقوة الإيرانية، و تبادل المعلومات بين الروسي و الإسرائيلي، واقتناع الإسرائيلي بالوجود الروسي على الأرض السورية واستمرار قواته عليها، والأهم من هذا عدم كشف إعطاء الروس لاحداثيات القوات الإيرانية على الأرض السورية للإسرائيلي".


اقرأ أيضاً: ترامب يراهن بوتين على الملف السوري... ما موقف تركيا و إيران؟


في سياق مواز أشارت مصادر دبلوماسية، اليوم السبت؛ أن وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي سيزور دمشق لإجراء محادثات حول التعاون العسكري، وأكدت المصادر، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، إن حاتمي سيصل إلى سوريا في زيارة يلتقي خلالها بشار الأسد ونظيره السوري العماد علي أيوب.

وكانت آخر زيارة للوزير الإيراني إلى دمشق قد جرت نهاية آب الماضي، بعد سيطرة قوات النظام على محافظة درعا جنوب البلاد.

ما تأثير إيران على تحالف روسي-إسرائيلي؟

في المقابل كانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية؛ الأسبوع الفائت، سلطت الضوء على ما أسمته بـ"حقل الألغام" الذي يواجه روسيا في سوريا، في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن "تحالف" روسي إسرائيلي لطرد إيران من سوريا.

وأوضحت صحيفة "هآرتس" أنه "بعد أن نقلت السيطرة على معظم أراضي سوريا لبشار الأسد، كان بإمكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن يسجل لنفسه إنجازا عسكريا هاما؛ إلا أن هذا الإنجاز ما زال لا يشكل انتصارا"، وأضافت: "في اليوم التالي تبين له أنه أمام حقل الغام سياسي، حيث يضع أمامه تحديات جديدة غير مخططة، والتي من شأنها أن تقضم من إنجازاته العسكرية".

وبينت الصحيفة، أن "إيران من ناحيتها تريد الحفاظ على نفوذها في سوريا إزاء السيطرة الاقتصادية لروسيا على مواردها مثل حقول النفط والغاز التي أعطيت حقوق تطويرها لشركات روسية، إلى جانب تأجير ميناء طرطوس لروسيا مدة 49 عاما".

وأفادت بأن "هذا الصراع الاقتصادي تعاظم إلى جانب ما تسميه إيران تعاونا بين روسيا وإسرائيل، في مؤامرة لطردها من سوريا"، منوهة إلى أن هناك العديد من الدلائل- بحسب محليين إيرانيين – التي تشير إلى طرد طهران من سوريا منها؛ منح الضوء الأخضر لمهاجمة أهداف إيرانية؛ ضبط النفس الروسي بشأن قرار ترامب الاعتراف بهضبة الجولان كجزء من إسرائيل؛ وإطلاق سراح أسيرين سوريين مقابل جثمان زخاريا باومل".

واعتبرت "هآرتس"، أن كل هذه الأمور هي "خطوات تدل على وجود تحالف روسي إسرائيلي ضد طهران؛ وهذا التفسير الإيراني له مؤيدون في الحكومة التركية، وهو يخدم في الحقيقة إسرائيل التي تبدو كمن تستطيع التأثير على سياسة روسيا في الشرق الأوسط".

الباحث السياسي في العلاقات الدولية؛ جلال سلمي، قال خلال حديث لـ "راديو روزنة" أن جوانب التحالف بين روسيا و إسرائيل كانت قد برزت إثر توقيع روسيا اتفااًق مع إسرائيل في الـ  21 أيلول عام 2015، أي قبل بضع أيام من التدخل المباشر في سوريا.

ما كان قد حمل مؤشراً واضحاً عن توجه روسيا نحو عدم مخالفة طموح إسرائيل في سوريا والاتفاق مع طموحها؛ حيث يبرز ذلك الطموح في تحجيم النفوذ الإيراني ضمن ما يناسب التوجه الروسي في تحقيق ذات الهدف، للحصول على أكبر حصة اقتصادية في سوريا.

سلمي استبعد خلال حديثه لـ "روزنة" أن يكون هناك أي رفض أميركي للتحالف الروسي-الإسرائيلي، معتبراً أن واشنطن دعمت اتفاق موسكو ـ تل أبيب بخصوص منطقة الجنوب السوري العام الفائت.

مردفاً بأن واشنطن اشترطت أيضاً في أكثر من مناسبة على موسكو إمكان الدخول في تفاوض مباشر في حال تم القضاء على النفوذ الإيراني في سوريا، بما يمكن من تحقيق مصالح واشنطن هناك، وذلك يعني وفق حديث سلمي بأنه سيكون اقتناص حصة من النفط، و الحفاظ على أمن إسرائيل والحلفاء الآخرين، و الإبقاء على قواعد عسكرية على الحدود تمكّنها من موازنة القوى الأخرى الفاعلة في سوريا.

وحول احتمالات احتدام الصراع بين روسيا وإيران؛ اعتبر الباحث في الشؤون الإيرانية؛ أسامة الهتيمي في حديث لـ "راديو روزنة" بأن النزاع العسكري بين روسيا وإيران لم يعد يخفى على أحد، الأمر الذي يعكس إلى مدى وصلت حدة المنافسة بين البلدين على الاستئثار بالنفوذ الاقتصادي والسياسي في سوريا.

وأضاف متابعاً: "حيث ترى كل منهما أنها صاحبة الدور الأكبر والأهم في بقاء النظام السوري وإنقاذه من الانهيار، وهو ما يصور لكل منهما أنه صاحب الحق في أن يطمح للحصول على النصيب الأكبر في كعكة المكاسب السورية، ما دفع كل منهما إلى أن يمارس ضغوطه على النظام السوري لتوقيع الاتفاقيات والصفقات في العديد من الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية".

و اعتبر في المقابل أن روسيا أحسنت في تحركاتها في سوريا، من خلال استغلال تطورات المشهد الدولي والإقليمي خاصة تنامي حالة الرفض والاحتقان الأميركي والصهيوني والخليجي من السلوك الإيراني في المنطقة؛ فعملت كل جهدها من أجل توظيف ذلك في الضغط على إيران من أجل الحد من نفوذها في سوريا.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق