كشف خبير في شؤون الجماعات الجهادية؛ خلال حديث لـ "راديو روزنة" أن ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي؛ أبو بكر البغدادي في تسجيل مرئي دائماً ما يأتي ضمن مرحلة حاسمة تتعلق بمستقبل التنظيم.
وربط حسن أبو هنية خلال حديثه لـ "روزنة" بين ظهور البغدادي في التسجيل المصور يوم أمس وبين ظهوره لأول مرة عام 2014 في مدينة الموصل العراقية؛ حيث قال: "(لقد ظهر البغدادي) في مرحلتين حاسمتين، الأولى عندما أعلن الخلافة بعد سيطرة قواته على مناطق ممتدة في سوريا والعراق، و (في الأمس) ظهر بعد أن خسر كامل أراضيه وقراه ومدنه التي كان يسيطر عليها، و في المرحلتين كان ظهوره ضروريا بالنسبة لعناصره".

واعتبر الخبير في شؤون الجماعات الجهادية أن ظهور البغدادي هو بمثابة إعلان إلى أتباعه للعودة إلى حالة العمل كمنظمة تعمل بشكل لامركزي في حرب استنزاف يطول وقتها، مستنداً بذلك إلى الاجتماع الذي ظهر من خلاله البغدادي مع "اللجنة المفوضة" في التنظيم؛ حيث قدمت له ملفات حول الولايات وطريقة العمل المستقبلية.
البغدادي ظهر في التسجيل المرئي الذي نشرته يوم أمس الإثنين مؤسسة "الفرقان" الإعلامية التابعة للتنظيم الإرهابي؛ و حمل عنوان "في ضيافة أمير المؤمنين"،حيث ظهر البغدادي بلحية طويلة بيضاء و محناة على الأطراف، واضعا منديلا أسود على رأسه، ويفترش الأرض إلى جانب آخرين أخفيت وجوههم.
ولا يتضح تاريخ تصوير الفيديو بشكل دقيق؛ إلا أن حديث البغدادي عن أحداث الجزائر والسودان وكذلك التفجيرات الإرهابية التي ضربت سيرلانكا وتبناها تنظيم "داعش"، تبين أن تسجيل المقطع المرئي كان حديثا، ومن المحتمل أن يكون قد تم تسجيله خلال الأسبوعين الماضين، وكان البغدادي قال في بداية التسجيل المرئي إن "معركة الباغوز انتهت"، في إشارة إلى طرد التنظيم من آخر جيوبه في شرق سوريا قبل ما يقارب الشهر.
صوت: مداخلة الخبير في شؤون الجماعات الجهادية؛ حسن أبو هنية
التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة كان قد رصد قبل أيام مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يبلغ عن مكان أبوبكر البغدادي، حيث ألقت طائرات التحالف الدولي، منشورات على مدينة الرمادي العراقية دعت فيها إلى الإبلاغ عن البغدادي، مقابل 25 مليون دولار.
البغدادي على خطى بن لادن؟
هذا وقد يدلل ظهور البغدادي في مثل هذا الوقت إلى عدة رسائل حملها التسجيل المُصوّر بين طياته؛ من بينها سعي زعيم التنظيم الإرهابي في الإيحاء أن تنظيمه ما زال قادراً على العمل عبر شبكاته السرية بعد سنوات من التخفي عاشها البغدادي منذ ظهوره الأول في مسجد النوري بالموصل، عام 2014، معلناً إنشاء "دولة الخلافة".

كما يبدو أن الظهور في مثل هذا الوقت يأتي كمحاولة من البغدادي لدعم أنصاره ومقاتليه المتبقين، فضلا عن احتمالية أن يكون أيضاً حافزاً للجماعات الصغيرة من أجل التحرك، حيث يبين البغدادي بأنه ما زال يسيطر على قيادة التنظيم، ليس في سوريا والعراق فقط، وإنما على نطاق واسع، خاصة بعد حديثه عن مبايعات جماعات إرهابية له في بوركينا فاسو ومالي في القارة الإفريقية، وكذلك فيما أسماه "خراسان" (أفغانستان).
ورغم غيابه طيلة 5 سنوات؛ إلا أن البغدادي كان يرسل بخطاباته عبر إصدارات صوتية من وقت لآخر كان يتولاها الجهاز الإعلامي في التنظيم لتوجيه أتباعه ومقاتليه.
الكاتب و الباحث السوري؛ سعد الشارع، قال خلال حديثه لـ "راديو روزنة" أن هناك عدة أسباب تتعلق بظهور البغدادي؛ يرتبط أولها برسائل خارجية للجماعات الجهادية، فالتنظيم وفق رأي الشارع يمر بمرحلة مراجعات فكرية، بمعنى أن هذه المرحلة يعتقد فيها التنظيم بأنه لا جدوى من سيطرة التنظيم على المدن.
صوت: مداخلة الباحث؛ سعد الشارع
وأضاف متابعاً: "التنظيمات ما زالت بحاجة للتواجد في البراري؛ و في أعالي الجبال ريثما ترتب امورها وتعيد تشكيل نفسها؛ وتكسب حواضن شعبية تتقبل وجودها داخل المدن".
اقرأ أيضاً: البغدادي انتهت صلاحيته... هل يواجه مصير أسامة بن لادن؟
و رأى الشارع أن تنظيم داعش بدأ يعرض نفسه للفضاء الجهادي والعودة إلى المنظومة الجهادية؛ حيث استدل على ذلك من خلال أن التسجيل المصور للبغدادي يوم أمس، كان إصدارا نادرا من حيث عدم شن أي هجوم حاد على الجماعات الجهادية الأخرى؛ وهذا يختلف عما كان معتادا في جميع الإصدارات الإعلامية لـ "داعش"؛ حيث كان يتم تخصيص جزء كبير منها لمهاجمة باقي التنظيمات.

وكذلك رجح الشارع رغبة البغدادي من خلال ظهوره إلى توجيه رسالة للعالم؛ تخالف ما أعلنته الولايات المتحدة بأنه قد تم القضاء كليا على تنظيم داعش؛ حيث ينفي البغدادي ذلك من خلال ظهوره الجديد عن قيام تنظيمه بـ 92 عملية في 8 دول؛ فضلا عن صور الكراسات التي يظهر عليها أسماء الولايات التي يطالعها ويعني من خلال ذلك بأنه ما زال موجودا.
كيف سينتهي التنظيم؟
الخبير في شؤون الجماعات الجهادية؛ حسن أبو هنية؛ قال خلال حديثه لـ "روزنة" لفت إلى عدم تأثر التنظيم بشكل كبير بعد هزيمته في معركة الباغوز (شرق سوريا)، حيث يشير إلى أن التنظيم أنشأ شبكة من الولايات الممتدة من العراق وسوريا ويعمل في غرب افريقيا وينفذ هجمات مميتة في تشاد ونيجيريا وعمليات يومية في الصومال وصحراء سيناء المصرية،.
وفي سياق مواز استبعد أبو هنية أن يحصل تغيرا كبيرا باستراتيجية التحالف الدولي لمحاربة داعش على الأرض، إلا أنه استدرك بأن تكون هناك زيادة في الإجراءات الاستثنائية للمخابرات الأميركية من أجل العمل بشكل حثيث للقبض عليه.
من جانبه اعتبر الكاتب والباحث؛ سعد الشارع أن التنظيمات الجهادية لا تفنى فناءا كاملا كون أن فكرة الجهاد فكرة على روافع لا يمكن محاربتها؛ وتلك الروافع وفق وصف الشارع تتعلق بالحواضن الشعبية والإمدادات المالية والقناعات البشرية.
وتابع بالقول: "التنظيم الجهادي ليس بناءً اسمنتياً يمكن هدمه، التنظيم قد يكون انتهى جغرافيا أو كفاعلية عسكرية مفتوحة، أما من ناحية المخاطر الأمنية؛ فمخاطره موجودة ودائما هذه التنظيمات تعيش في فترة سبات ثم تظهر من جديد".
قد يهمك: هل تهرب قيادات داعش من سوريا إلى إفريقيا؟
وختم حديثه لـ "روزنة" مشيراً إلى أن الهاجس الحقيقي للتنظيم حاليا يتجلى في مرحلة الهدوء ريثما يتم الانطلاق والبدء من جديد، "ربما في ساحات أخرى وليس بالضرورة بالشكل الذي عهدناه أن يسيطر على بقع جغرافية كبيرة أو على محافظات، فممكن أن نشاهده لاحقا يسيطر على مناطق صغيرة فقط".
وقالت الخارجية الأميركية، في وقت متأخر أمس الاثنين، بعد بث تسجيل المُصوّر لزعيم تنظيم داعش، إنها سوف تضمن أن يتم "تحقيق العدالة" على باقي قادة "داعش"، وأن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة سيواصل الضغط على بقايا التنظيم في العراق وسوريا وفي العالم لضمان دحره نهائيا ومحاسبة قادته.

وقال متحدث باسم الخارجية: "أطلعنا على التسجيل الذي نشر اليوم للبغدادي وسيقوم محللونا المختصون بمراجعة هذا التسجيل وسنعود إلى عناصر الاستخبارات للتأكد من صحته".
وأكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، أن بلاده ستواصل عملها لضمان تقديم قادة المجموعات الإرهابية للعدالة، لافتاً في معرض تعليقه حول الفيديو الجديد للبغدادي: "نحن على علم بالفيديو الذي ظهر اليوم. وسيقوم محللو الحكومة الأمريكية بمراجعة هذا التسجيل وسنمنح الأجهزة الأمنية الفرصة لتأكيد صحة ذلك".
وأضاف أنه تم توجيه ضربة استراتيجية ونفسية قوية إلى الإرهابيين في سوريا والعراق، حيث "سقط ما يسمى بخلافتهم وتم القضاء على قادتهم وهرب آخرون"، مشيرا مع ذلك إلى أن "القتال لم ينته بعد".
الكلمات المفتاحية