النظام يلقي السلاح في الحسكة ويقارع الأكراد اقتصادياً

النظام يلقي السلاح في الحسكة ويقارع الأكراد اقتصادياً
الأخبار العاجلة | 24 أبريل 2019

في خطوة قد تتبعها خطوات لاحقة تتصل بالمفاوضات السياسية التي كان مجلس سوريا الديمقراطية قد أطلقها مع دمشق منذ الصيف الماضي، أوعز رئيس النظام السوري يوم أمس بإنشاء مؤسسة اقتصادية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري إلا أن ما يثير الاستغراب أن مقر هذه المؤسسة سيكون مدينة الحسكة وليست العاصمة؛ وذلك بخلاف نظام الحكومة المركزية التي تعتمد عليها السلطة الحاكمة في دمشق.

وأعلن رئيس النظام السوري بشار الأسد القانون رقم 11 للعام 2019، والقاضي بإحداث مؤسسة عامة ذات طابع اقتصادي تسمى "المؤسسة العامة لتجارة وتخزين وتصنيع الحبوب" ( السورية للحبوب).

الباحث و السياسي؛ طلال الجاسم قال في حديث لـ "راديو روزنة" أن القانون رقم 11 أعاد هيكلية مؤسسة الحبوب ومجلس إدارتها وضم لها الصوامع، حيث كانت مؤسسة الحبوب تخزن الحبوب لدى الشركة العامة للصوامع بأجر؛ وكان مقر شركة الصوامع في دمشق.

كما أشار خلال حديثه إلى وجود تشعبات مختلفة في تبعية المؤسسات ذات الاختصاص؛ حيث لفت بأن كل هذه المؤسسات كانت تتبع وزارة التموين سابقا ثم وزارة الاقتصاد لاحقا؛ وحاليا تتبع لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك؛ بينما كانت مؤسسة إكثار البذار هي التي تؤمن البذار للفلاحين والمزارعين وهي تتبع وزارة الزراعة.

وأضاف: "القانون المذكور لم يغير مقر المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب حيث نقل مقر المؤسسة من دمشق إلى الحسكة بناءا على المرسوم 547 لعام 2001، في إطار خطة لتخفيف الضغط على العاصمة وإنعاش المحافظات الشرقية كما ذكر حينها، بينما بقيت الشركة العامة للمخابز والشركة العامة للمطاحن في دمشق وهي تتبع للمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب منذ أمد بعيد".

هذا و تعتبر مؤسسة الحبوب الجهة الوحيدة المخولة بتصدير القمح السوري واستيراده؛ إلا أنه سمح في بعض الفترات للقطاع الخاص باستيراد الأقماح لأغراض الصناعة، ولاحقا تم تكليف مؤسسة الأعلاف بشراء واستيراد الشعير وتخزينه وتوزيعه، ونسبة كبيرة من العدس والحمص باتت بيد القطاع الخاص.

اقرأ أيضاً:النظام يوجّه بإضعاف سلطة الجمارك لتسهيل عمليات التهريب

من ناحيته اعتبر المحلل و الباحث الاقتصادي؛ يونس الكريم، خلال حديثه لـ "راديو روزنة" أن تمرير القانون رقم 11؛ ما هو إلا خطوة نحو الخصخصة في السياسة الاقتصادية للنظام، لافتا إلى أن مؤسسة "السورية للحبوب" قد أصبحت شركة تجارية دون أن تستند على النظام الداخلي للعاملين بسوريا.

وأضاف بأن هذا القانون يعبر عن تماشي النظام مع رغبة الروس في السيطرة على ميناء طرطوس؛ خاصة و أن في الميناء صومعة للحبوب تحفظ ما يقدر بـ 88 ألف طن، مذكرا وفق ذلك بأن الروس بعد أن سيطروا على استثمار المطاحن في سوريا؛ يسعون لتحويل سوريا إلى منصة لتحويل القمح الروسي للمنطقة، مضيفا بأن القانون رقم 11 يأتي كخدمة لهذا المسعى.

كذلك من ناحية ثانية اعتبر الكريم أن هذه الخطوة قد تصب في ناحية أخرى بخانة توجه النظام نحو رفع الدعم الحكومي عن مادة الخبز و منتجات الطحين.

وبحسب القانون الذي أقره الأسد فإن هذه المؤسسة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري ومقرها مدينة الحسكة، حسب وكالة "سانا" المحلية، بينما تُحدث فروع للمؤسسة في المحافظات وتلغى بقرار من الوزير بناء على اقتراح من مجلس إدارتها؛ والذي يترأسها.

وكذلك بحسب القانون قد حلت المؤسسة المحدثة بموجب أحكام القانون 11؛ محل كل من المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب والشركة العامة لصوامع الحبوب والشركة العامة للمطاحن في كل ما لهم من حقوق وما عليهم من التزامات وفي العقود قيد التنفيذ والعقود المبرمة التي لم يباشر بتنفيذها بتاريخ نفاذ هذا القانون.

هل يؤسس القانون لـ "اللامركزية الإدارية"؟

وعلى الرغم من عدم وضوح تفصيلات القرار والغاية من صدوره في هذا التوقيت؛ فإنه ومن جانب آخر قد يذهب هذا القانون إلى فكرة تطبيق أولي لنموذج "اللامركزية الإدارية" والتي يسعى لها الأكراد الذي يسيطرون على المنطقة الشرقية من سوريا.

ويصر الأكراد من خلال جلسات حواراتهم السابقة مع النظام في دمشق "المتوقفة حاليا"، على تطبيق اللامركزية في شكل الحكم في سوريا، مقابل مماطلة متعمدة وتأجيل وتسويف من قبل سلطة النظام.

وكان الرئيس المشترك لـ مجلس سوريا الديمقراطية "مسد"، رياض درار، قال خلال حديث سابق لـ "راديو روزنة" أنهم لا يسعون إلى الفيدرالية بل إلى اللامركزية الديمقراطية؛ وقال: " نحن لا ننشد من خلال فكرة الإدارة إلا لإنشاء مشروع اللامركزية الديمقراطية؛ والتي هي أوسع و أكثر تفويضا من مفهوم اللامركزية الإدارية، فاللامركزية الإدارية هي مفهوم ناقص لا يستطيع أن يحقق شيء للسوريين في مناطقهم".


قد يهمك: بعد فشل الخطط الخمسية.. النظام يبتدع خطة الـ 10 سنوات!


راديو روزنة حاول التواصل مع مسؤولين في الإدارة الذاتية في الحسكة إلا أننا لم نستطع الحصول على أي جواب حول رأيهم في استحداث المؤسسة في مدينة الحسكة والتي تقع تحت سيطرتهم؛ فضلا عن احتمالات تواصل دمشق معهم قبل إصدار هذا القانون.

إلا أن تسريبات كردية وصلت إلى روزنة أفادت بأن الإدارة الذاتية في المنطقة قررت التعامل مع هذه المؤسسة وشراء محاصيل الحبوب منها؛ فيما يشي إلى وجود تنسيق مسبق مع دمشق حول إحداث هذه المؤسسة ضمن إطار توافقي على شكل إدارة متفق عليه بينهما.

المحلل و الباحث الاقتصادي؛ يونس الكريم، رأى خلال حديثه لـ "روزنة" أن القانون رقم 11 يأتي كإعلان مبدأي لتطبيق اللامركزية الإدارية؛ والذي تمثل بنقل مراكز هامة من العاصمة دمشق إلى مناطق الثروات.

وأضاف: "معظم المراكز الجيدة للزراعة تتمركز هناك،  فضلا عن أن فرع المؤسسة العامة للحبوب "سابقاً" في القامشلي، كان من أكبر فروع المؤسسة"، ولفت الكريم إلى أنه و بموجب هذا القانون سيضطر الوزير إلى أن يقيم في الحسكة وحتى أن يبقى فيها خلال فترة المواسم.

من جانبه أشار الباحث والسياسي؛ طلال الجاسم، إلى أنه وعلى الرغم من أن محافظة الحسكة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، إلا أن مؤسسات "الدولة" تقوم بعملها؛ وخاصة مؤسسة الحبوب، وذلك بمن تبقى من طاقمها وفقا لتعليمات حكومة النظام في دمشق.

وأضاف: "أعتقد أن جعل مقر المؤسسة في الحسكة لا يخلو من  تلميح سياسي من طرف النظام، بنيته فرض السيطرة على الحسكة لاحقا"، منوهاً إلى أن فرع المؤسسة بالقامشلي يقوم في كل عام بشراء الحبوب من المنتجين لصالح حكومة النظام؛ بينما يقوم المصرف الزراعي بتسديد قيم هذه الحبوب.

الجدير بالذكر أنه وفي عام 2010 وصل عدد مراكز مؤسسة الحبوب إلى 140 مركزا منتشرة في كامل سوريا؛ إلا أن العدد انخفض حاليا لأقل من 25 مركز، حيث كانت المؤسسة تشتري ملايين الأطنان من الأقماح المنتجة محليا، غير أنها الآن لا تشتري سوى مئات الآلاف من أطنان القمح بسبب الوضع الأمني وتدني الإنتاج ومشاكل النقل والبيع.

وبلغت الطاقات التخزينية من إنتاجات الحبوب حتى عام 2010، لدى "مستودعات" المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب حوالي مليون و 105 آلاف طن، وفي "الصوامع المعدنية" بالمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب بلغت مليون و 250 ألف طن.

بينما كانت أرقام التخزين لدى الشركة العامة للمطاحن في "الصوامع الاسمنتية" بـ 620 ألف طن، و لدى الشركة العامة للصوامع "صوامع اسمنتية" بـ 2 مليون و 750 ألف طن.
يذكر أن تصدير القمح في سوريا قد بلغ ذروته من نهاية التسعينات وحتى عام 2007، حيث توفر فائض من الإنتاج المحلي، لتتحول سوريا من مستورد للقمح إلى مصدر له بنوعيه القاسي والطري. 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق