ما تزال الأزمات المعيشية تلاحق المواطن السوري؛ فمن أزمة الغاز المنزلي خلال الشهرين الماضين؛ إلى أزمة البنزين حالياً والتي أثقلت كاهل السوريين في مناطق سيطرة النظام السوري؛ وأخلت شوارع المدن من السيارات إلا فيما ندر، وكذلك تشير توقعات محللين اقتصاديين أن الأزمات المعيشية لن تقف عند حد البنزين؛ وإنما ستمتد إلى مادة الخبز.
وتذهب تفسيرات المحللين إلى سبب رئيسي وراء هذه الأزمة؛ على الرغم من الروايات الرسمية من قبل حكومة النظام والتي تقول بأن أسباب تأزم تأمين المواد الأساسية يعود إلى "الحصار الاقتصادي" الذي فرضته الدول الغربية بسبب العقوبات التي تؤكد أنها تستهدف المواطن السوري.
الإدعاء الرسمي من قبل حكومة النظام يبدو ظاهرياً أنه كفيل بحدوث كل هذه الأزمات؛ إلا أنه ليس السبب الحقيقي والرئيسي؛ فحلفاء النظام وبالأخص إيران فتحت خط ائتماني لتوريد النفط بشكل أساسي من خلاله؛ وهو ما اعتمد عليه النظام خلال السنوات الماضية، فضلا عن استيراد النفط بشكل غير رسمي من دول الجوار، وكذلك هناك حقول نفطية في مناطق سيطرة النظام؛ هذا بالإضافة إلى وجود تفاهمات مع وحدات حماية الشعب الكردية لتوريد النفط إلى مناطق النظام؛ بحسب ما أشارت إليه مصادر "روزنة".
وبالإضافة إلى كل الموارد المتاحة والمذكورة آنفاً؛ فإن الأكثر غرابة هو حصول الأزمة بشكل مفاجىء؛ وهو ما قد يشي بأن السبب الرئيسي ليس كل ما ادعتهة حكومة النظام، وإنما هناك أسباب خفية متعلة بأهداف اقتصادية وسياسية كبرى ذات صلة بتأمين تمويل إعادة الإعمار؛ وذلك من خلال رفع يد الدولة عن دعم المواد الأساسية للمواطن؛ والانتقال بالنظام الاقتصادي لسوريا من النظام الإشتراكي إلى الرأسمالية الجديدة، وهو ما قد يضمن رضى البنك الدولي.
ومنذ نحو أسبوعين تشهد مناطق سيطرة حكومة النظام السوري؛ زحمة خانقة أمام محطات الوقود، ما جعل تكدس السيارات ضمن طوابير الانتظار في مدن سورية عدة مثارا للسخرية والسخط وحتى التندر بين أوساط السوريين.
الأمر الذي يدفع سائقو السيارات للوقوف في طوابير تمتد مئات الأمتار والانتظار ساعات طويلة قبل حصولهم على كمية محدودة، و خفّضت وزارة النفط في حكومة النظام لسوري، يوم أمس الاثنين، مجدداً كمية البنزين المخصصة للسيارات الخاصة، لتصبح 20 ليتراً كل خمسة أيام، في إجراء تقشفي جديد تريد حكومة النظام من خلاله أن تظهر مدى عمق أزمة الوقود التي تتعرض لها.
ويعمد مواطنون إلى دفع سياراتهم يدوياً لإيصالها إلى محطة الوقود بدلاً من تشغيلها، لتوفير ما أمكنهم من بنزين، بينما بدت شوارع عدة الإثنين خالية من الحركة الاعتيادية.
وحددت وزارة النفط في بيانها يوم أمس بـ20 ليتراً كل خمسة أيام كمية البنزين المسموح بها للسيارات الخاصة، و20 ليتراً كل يومين لسيارات الأجرة العمومية، فضلاً عن ثلاثة ليترات كل خمسة أيام للدراجات النارية.
وتذهب تفسيرات المحللين إلى سبب رئيسي وراء هذه الأزمة؛ على الرغم من الروايات الرسمية من قبل حكومة النظام والتي تقول بأن أسباب تأزم تأمين المواد الأساسية يعود إلى "الحصار الاقتصادي" الذي فرضته الدول الغربية بسبب العقوبات التي تؤكد أنها تستهدف المواطن السوري.
الإدعاء الرسمي من قبل حكومة النظام يبدو ظاهرياً أنه كفيل بحدوث كل هذه الأزمات؛ إلا أنه ليس السبب الحقيقي والرئيسي؛ فحلفاء النظام وبالأخص إيران فتحت خط ائتماني لتوريد النفط بشكل أساسي من خلاله؛ وهو ما اعتمد عليه النظام خلال السنوات الماضية، فضلا عن استيراد النفط بشكل غير رسمي من دول الجوار، وكذلك هناك حقول نفطية في مناطق سيطرة النظام؛ هذا بالإضافة إلى وجود تفاهمات مع وحدات حماية الشعب الكردية لتوريد النفط إلى مناطق النظام؛ بحسب ما أشارت إليه مصادر "روزنة".
وبالإضافة إلى كل الموارد المتاحة والمذكورة آنفاً؛ فإن الأكثر غرابة هو حصول الأزمة بشكل مفاجىء؛ وهو ما قد يشي بأن السبب الرئيسي ليس كل ما ادعتهة حكومة النظام، وإنما هناك أسباب خفية متعلة بأهداف اقتصادية وسياسية كبرى ذات صلة بتأمين تمويل إعادة الإعمار؛ وذلك من خلال رفع يد الدولة عن دعم المواد الأساسية للمواطن؛ والانتقال بالنظام الاقتصادي لسوريا من النظام الإشتراكي إلى الرأسمالية الجديدة، وهو ما قد يضمن رضى البنك الدولي.
ومنذ نحو أسبوعين تشهد مناطق سيطرة حكومة النظام السوري؛ زحمة خانقة أمام محطات الوقود، ما جعل تكدس السيارات ضمن طوابير الانتظار في مدن سورية عدة مثارا للسخرية والسخط وحتى التندر بين أوساط السوريين.
الأمر الذي يدفع سائقو السيارات للوقوف في طوابير تمتد مئات الأمتار والانتظار ساعات طويلة قبل حصولهم على كمية محدودة، و خفّضت وزارة النفط في حكومة النظام لسوري، يوم أمس الاثنين، مجدداً كمية البنزين المخصصة للسيارات الخاصة، لتصبح 20 ليتراً كل خمسة أيام، في إجراء تقشفي جديد تريد حكومة النظام من خلاله أن تظهر مدى عمق أزمة الوقود التي تتعرض لها.
ويعمد مواطنون إلى دفع سياراتهم يدوياً لإيصالها إلى محطة الوقود بدلاً من تشغيلها، لتوفير ما أمكنهم من بنزين، بينما بدت شوارع عدة الإثنين خالية من الحركة الاعتيادية.
وحددت وزارة النفط في بيانها يوم أمس بـ20 ليتراً كل خمسة أيام كمية البنزين المسموح بها للسيارات الخاصة، و20 ليتراً كل يومين لسيارات الأجرة العمومية، فضلاً عن ثلاثة ليترات كل خمسة أيام للدراجات النارية.
فيديو: طوابير السيارات في دمشق بسبب فقدان مادة البنزين
وبعد أشهر من نقص حاد خصوصاً في أسطوانات الغاز ثمّ المازوت، توسعت الأزمة مؤخراً لتمتد إلى البنزين، هذا ويعدّ قرار وزارة النفط هو الثالث خلال عشرة أيام، إذ خفضت الكمية اليومية المسموح بها للسيارات الخاصة من 40 إلى 20 ليتراً قبل عشرة أيام ثم باتت 20 ليتراً كل يومين.
الخبير الاقتصادي والمستشار المالي يونس الكريم، أكد خلال حديثه لـ "راديو روزنة" أن أزمة البنزين الحالية التي تشهدها مناطق النظام، عائدة لسببين رئيسيين، أولهما يتمثل في جانب افتعال الأزمة من قبل النظام وثانيهما له علاقة بالمتغيرات الدولية سواء إن كان عبر صراع بين حلفاء النظام (إيران و روسيا)، فضلا عن المجتمع الدولي و حلفاء الثورة "إن صح التعبير"؛ وفق قوله.

الكريم رأى أن الأزمة الحاصلة حالياً لها حالة مشابهة حدثت سابقاً في سوريا خلال عام 2008، حينما أعلن النظام في نيسان ٢٠٠٨، عن توزيع قسائم لـ الديزل (المازوت) بحجة أن الدعم على هذه المادة آنذاك بات غير كافيا وبأن آبار النفط باتجاه النضوب، فضلا عن التذرع أيضا في وجود فرق كبير بين الأسعار المحلية والأسعار الدولية.
وأضاف بالقول: "إذا انتبهنا أن هذا الاعلان كان في نيسان ٢٠٠٨ وأيضا الآن نحن في نيسان، لذا يمكن القول أن السبب في اختيار هذا الشهر لاختلاق هذه الأزمة يعود كون ان افتعال أي ازمة في فصل الربيع يمكن تداركها لأن الطقس يساعد في ذلك، وعلى العكس لو أُحدثت الأزمة في فصل الشتاء سيكون الأثر كبيرا جدا على المواطنين؛ فالنظام عندما يختار هذا الوقت ليفتعل الأزمة فهو يستخدمها أيضا لترويض الناس".
وفي الـ 12 من نيسان عام 2008 بدأت حكومة النظام آنذاك بتوزيع قسائم المازوت المدعوم "الديزل"، في خطة وضعتها في حينه وزارة الداخلية سعيا لترشيد استهلاك هذه المادة.
وتزامن توزيع القسائم مع تجدد أزمة المازوت والازدحام الشديد في محطات الوقود، وبحسب تلك الخطة يحق للأسرة -وبغض النظر عن عدد أفرادها- الحصول على ألف لتر من المازوت سنويا بسعره الحالي (7.5 ليرات للتر الواحد، أي ما يعادل 0.15 دولار في ذلك الوقت)، وحينذاك أشارت توقعات محللين أن يكون من وراء تلك الخطوة أن تتضاعف أسعار هذه المادة رغم استمرار دعم الدولة لها.
وكانت الذريعة في ذلك الوقت لطرح القسائم أنها عائدة بسبب تهريب المازوت بكميات كبيرة إلى دول الجوار، حيث كان سعر المازوت في لبنان خمسة أضعاف سعره في سوريا.
وبالعودة إلى أزمة البنزين الحالية في سوريا؛ فقد بدأت حكومة النظام السوري اليوم الثلاثاء ببيع البنزين بالسعر العالمي، أو سعر التكلفة حسب التسمية الرسمية التي تعتمدها وزارة النفط.
وأشرفت محافظة دمشق على وضع أول محطة متنقلة لبيع البنزين (أوكتان 95) في منطقة المزة، ومن المقرر أن تعمل المحطة على مدار الساعة، لتبيع الليتر بـ (600 ليرة) ارتفاعا من 225 السعر الرسمي، الذي ما زال معمولا به، لكن ضمن تقنين شديد.
اقرأ أيضاً:النظام يوجّه بإضعاف سلطة الجمارك لتسهيل عمليات التهريب
الخبير الاقتصادي لفت إلى مسألة مهمة في افتعال أزمة البنزين والتي تتمثل في أن النظام يسعى لاختلاق الأزمة من أجل تغيير الوجه الاقتصادي له؛ وذلك بالانتقال من الاشتراكية والدولة الراعية إلى الرأسمالية الجديدة، مشيراً إلى أن النظام كان يسعى أيضا لنفس الهدف عندما اختلق الأزمة منذ عشر سنوات.
وتابع بالقول: "من خلال ذلك يمكن الإشارة إلى سعي النظام لجذب البنك الدولي، وكذلك لينال رضاه من أجل التقرب من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وذلك كي يبين أنه أصبح نظام يقوم على الرأسمالية الجديدة، حيث لا يوجد دعم ولا توجد تنافسية، وبأنه سيكون جاهزا لما يريده البنك الدولي، على أن يكون شريكا في مشاريعه".
بينما لفت إلى أن أحد أهم الدلائل التي يمكن التأكد من خلالها، رغبة حكومة النظام بافتعال الأزمة، تبرز من خلال قراءة الموازنة العامة التي أعلنت عنها حكومة النظام.
وحول ذلك أشار الكريم في قوله إلى أنه " في عام ٢٠٠٩ قد كانت كمية الدعم الحكومي للمحروقات تتجاوز ال٤٢٠ مليار ليرة سورية، ما يوازي ٧٩٦ مليون دولار إذا احتسب فرق العملة على ٥٤٠ ليرة للدولار الواحد"، وأضاف "خلال أعوام ٢٠٠٨ إلى ٢٠١٠ كان الدعم الحكومي ٢٥ للمحروقات مليون دولار يوميا، بينما بات الآن ٢,١٨ مليون دولار يوميا، وبالتالي تم تخفيض الدعم بمقدار ٩٠ بالمئة".
وضمن هذه التحليلات افترض الكريم أن أزمة البنزين الحالية التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام كان مخططا لها سابقا، وذلك من خلال تخفيض حجم الدعم بنسبة كبيرة.
ونوه في حديثه إلى أن "الإحصاءات لدى النظام غير دقيقة حيث يقال ان استهلاك البنزين ازداد بما يقارب استهلاك الديزل، في حين فإن استهلاك البنزين كان عام ٢٠١٠ نصف استهلاك كمية الديزل، وبالتالي وبحسب هذه الاحصاءات غير الدقيقة فإنها تُظهر أن هناك أعداد متزايدة من السيارات داخل سوريا".
وتابع "لكن الحقيقة تقول أن عدد المواطنين انخفض من ٢٣ مليون نسمة إلى ١٥ مليون نسمة حسب المكتب المركزي للاحصاء، وبالتالي هناك نقص ما يقارب ثلث السوريين قبل عام ٢٠١١ ما يعني أن هذه الأرقام غير دقيقة".

وفي جانب آخر نوه الكريم إلى استدلال آخر حول استخدام النظام للطاقة الكلية لإنتاج آبار النفط التي يسيطر عليها خدمة للأعمال العسكرية، حيث يدعي النظام أنه يحتاج لـ مئة ألف برميل يوميا، بينما إنتاجه الحالي لا يتجاوز ال24 ألف برميل.
وأضاف حول ذلك: "هذه الحقول تتجاوز انتاجيتها الكمية التي يحتاجها النظام، فالنظام سيطر على آبار النفط في غرب جنوب الرقة وريف حمص، فضلا عن أنه سيطر على جزء من آبار النفط في دير الزور، ومن هنا يمكن الشك أن النظام يستخدم هذه الآبار لتمويل الآليات العسكرية ليكون جزء كبير هذه الآبار غير مخصص لتوريد انتاجها إلى المواطنين، و أيضاً نلاحظ من خلال ذلك أن المؤسسة العسكرية والامنية لم تعاني من شح المحروقات".
في شهر أيار من عام 2017، نشرت صحيفة "الأخبار اللبنانية" في تقرير لها أن إنتاج سوريا في ذلك العام من النفط لا يتجاوز يومياً نحو 3 آلاف برميل نفط، في حين أن إنتاج ما قبل عام 2011 كان يبلغ نحو 385 ألف برميل، وتظهر البيانات المذكورة آنذاك أن إنتاج سوريا سيصل في نهاية 2017 إلى نحو 68 ألف برميل نفط يومياً، ليرتفع في 2018 ليصل إلى 105 آلاف برميل، وإلى 221 ألف برميل في عام 2019، ثم إلى 263 ألف برميل في عام 2020.
لكن يبدو أن الأرقام و البيانات الاقتصادية التي تصدرها حكومة النظام؛ من السهل تغييرها؛ حيث يبرز التضارب الكبير في الأرقام الصادرة بين كل فترة و أخرى، وتمثل ذلك مؤخراً حينما صدرت بيانات حديثة خلال هذا الأسبوع تفيد بأن الإنتاج المحلي من النفط بلغ فقط 24 ألف برميل يوميا، في حين تحتاج سوريا وفق تقارير وزارة النفط؛ إلى 136 ألف برميل يوميا، أي ما يعادل 24 بالمئة من الاحتياجات المحلية؛ وفق الوزارة.
قد يهمك:بعد فشل الخطط الخمسية.. النظام يبتدع خطة الـ 10 سنوات!
فيما أكد الكريم بأن أزمة المحروقات لا يفترض أن تظهر مباشرة لأن عقود المحروقات وفق حديثه تكون بين ٣ و ٦ أشهر، وكذلك يتم مراجعة مخازن توريدات المحروقات كل ٤٥ يوم كحد أقصى.
وتابع: "كان النظام يستطيع تلافي هذه الأزمة لو كانت حقيقية بالاستيراد عن طريق العراق أو بشكل غير رسمي من لبنان أو الأردن، لكن النظام يخطط أنه ومع اشتداد الأزمة الظاهرية فإنه يضغط على الناس مما يدفعهم للجوء إلى السوق السوداء والآن ارتفع سعر اللتر لـ 2 دولار، وبالتالي الناس ستطالب بتأمين إيجاد بنزين حر أرخص من السوق السوداء".
وتساءل الكريم عن كيفية تأمين بنزين "أوكتان ٩٥" في ظل وجود أزمة في تأمين البنزين يدعيها النظام، و أردف في حديثه أن حكومة النظام لا تستطيع أن تحل الأزمة خلال ١٠ أيام كما أشارت وزارة النفط مؤخرا.

موضحاً أن حل الأزمة يحتاج لفترة ما بين ٣ و ٦ أشهر، ما يعني أن النظام يكذب في إدعاءاته؛ بحيث يكون قد وصلته توريدات نفطية وهو لا يتحدث عنها من أجل أن يستكمل مخططه في ترويض الناس لضمان دفعهم المطالبة بالبنزين الحر، وتابع: "النظام يحاول أن يستفيد من صدمة الأزمة التي تعرض لها الناس؛ من أجل أن يرفع الدعم بالكامل عن المحروقات".
وكانت وزارة النفط أعلنت أن الانفراجات في أزمة المشتقات النفطية، ستبدأ خلال الأيام القادمة، وأكدت أن الموضوع سيكون مُعالجاً خلال 10 أيام، وقالت الوزارة، على صفحتها على فيسبوك إن "الفريق الحكومي المعني بهذا الملف، يعمل على مدار الساعة، لإزالة الصعوبات والتغلب على معوقات وصول النفط إلى سوريا".
وأشارت إلى المعوقات، التي أنتجت تلك الأزمة، ومنها ما رأت أنه "لا يختلف اثنان على شدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلدنا والتي تستهدف القطاع النفطي بشكل خاص وتمنع وصول ناقلات النفط إلى سوريا مما تسبب في اختناقات حادة في المشتقات النفطية".
الخبير الاقتصادي والمستشار المالي يونس الكريم، أكد خلال حديثه لـ "راديو روزنة" أن أزمة البنزين الحالية التي تشهدها مناطق النظام، عائدة لسببين رئيسيين، أولهما يتمثل في جانب افتعال الأزمة من قبل النظام وثانيهما له علاقة بالمتغيرات الدولية سواء إن كان عبر صراع بين حلفاء النظام (إيران و روسيا)، فضلا عن المجتمع الدولي و حلفاء الثورة "إن صح التعبير"؛ وفق قوله.

الكريم رأى أن الأزمة الحاصلة حالياً لها حالة مشابهة حدثت سابقاً في سوريا خلال عام 2008، حينما أعلن النظام في نيسان ٢٠٠٨، عن توزيع قسائم لـ الديزل (المازوت) بحجة أن الدعم على هذه المادة آنذاك بات غير كافيا وبأن آبار النفط باتجاه النضوب، فضلا عن التذرع أيضا في وجود فرق كبير بين الأسعار المحلية والأسعار الدولية.
وأضاف بالقول: "إذا انتبهنا أن هذا الاعلان كان في نيسان ٢٠٠٨ وأيضا الآن نحن في نيسان، لذا يمكن القول أن السبب في اختيار هذا الشهر لاختلاق هذه الأزمة يعود كون ان افتعال أي ازمة في فصل الربيع يمكن تداركها لأن الطقس يساعد في ذلك، وعلى العكس لو أُحدثت الأزمة في فصل الشتاء سيكون الأثر كبيرا جدا على المواطنين؛ فالنظام عندما يختار هذا الوقت ليفتعل الأزمة فهو يستخدمها أيضا لترويض الناس".
وفي الـ 12 من نيسان عام 2008 بدأت حكومة النظام آنذاك بتوزيع قسائم المازوت المدعوم "الديزل"، في خطة وضعتها في حينه وزارة الداخلية سعيا لترشيد استهلاك هذه المادة.
وتزامن توزيع القسائم مع تجدد أزمة المازوت والازدحام الشديد في محطات الوقود، وبحسب تلك الخطة يحق للأسرة -وبغض النظر عن عدد أفرادها- الحصول على ألف لتر من المازوت سنويا بسعره الحالي (7.5 ليرات للتر الواحد، أي ما يعادل 0.15 دولار في ذلك الوقت)، وحينذاك أشارت توقعات محللين أن يكون من وراء تلك الخطوة أن تتضاعف أسعار هذه المادة رغم استمرار دعم الدولة لها.
وكانت الذريعة في ذلك الوقت لطرح القسائم أنها عائدة بسبب تهريب المازوت بكميات كبيرة إلى دول الجوار، حيث كان سعر المازوت في لبنان خمسة أضعاف سعره في سوريا.
وبالعودة إلى أزمة البنزين الحالية في سوريا؛ فقد بدأت حكومة النظام السوري اليوم الثلاثاء ببيع البنزين بالسعر العالمي، أو سعر التكلفة حسب التسمية الرسمية التي تعتمدها وزارة النفط.
اقرأ أيضاً:النظام يوجّه بإضعاف سلطة الجمارك لتسهيل عمليات التهريب
الخبير الاقتصادي لفت إلى مسألة مهمة في افتعال أزمة البنزين والتي تتمثل في أن النظام يسعى لاختلاق الأزمة من أجل تغيير الوجه الاقتصادي له؛ وذلك بالانتقال من الاشتراكية والدولة الراعية إلى الرأسمالية الجديدة، مشيراً إلى أن النظام كان يسعى أيضا لنفس الهدف عندما اختلق الأزمة منذ عشر سنوات.
وتابع بالقول: "من خلال ذلك يمكن الإشارة إلى سعي النظام لجذب البنك الدولي، وكذلك لينال رضاه من أجل التقرب من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وذلك كي يبين أنه أصبح نظام يقوم على الرأسمالية الجديدة، حيث لا يوجد دعم ولا توجد تنافسية، وبأنه سيكون جاهزا لما يريده البنك الدولي، على أن يكون شريكا في مشاريعه".
بينما لفت إلى أن أحد أهم الدلائل التي يمكن التأكد من خلالها، رغبة حكومة النظام بافتعال الأزمة، تبرز من خلال قراءة الموازنة العامة التي أعلنت عنها حكومة النظام.
وحول ذلك أشار الكريم في قوله إلى أنه " في عام ٢٠٠٩ قد كانت كمية الدعم الحكومي للمحروقات تتجاوز ال٤٢٠ مليار ليرة سورية، ما يوازي ٧٩٦ مليون دولار إذا احتسب فرق العملة على ٥٤٠ ليرة للدولار الواحد"، وأضاف "خلال أعوام ٢٠٠٨ إلى ٢٠١٠ كان الدعم الحكومي ٢٥ للمحروقات مليون دولار يوميا، بينما بات الآن ٢,١٨ مليون دولار يوميا، وبالتالي تم تخفيض الدعم بمقدار ٩٠ بالمئة".
وضمن هذه التحليلات افترض الكريم أن أزمة البنزين الحالية التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام كان مخططا لها سابقا، وذلك من خلال تخفيض حجم الدعم بنسبة كبيرة.
ونوه في حديثه إلى أن "الإحصاءات لدى النظام غير دقيقة حيث يقال ان استهلاك البنزين ازداد بما يقارب استهلاك الديزل، في حين فإن استهلاك البنزين كان عام ٢٠١٠ نصف استهلاك كمية الديزل، وبالتالي وبحسب هذه الاحصاءات غير الدقيقة فإنها تُظهر أن هناك أعداد متزايدة من السيارات داخل سوريا".
وتابع "لكن الحقيقة تقول أن عدد المواطنين انخفض من ٢٣ مليون نسمة إلى ١٥ مليون نسمة حسب المكتب المركزي للاحصاء، وبالتالي هناك نقص ما يقارب ثلث السوريين قبل عام ٢٠١١ ما يعني أن هذه الأرقام غير دقيقة".

وفي جانب آخر نوه الكريم إلى استدلال آخر حول استخدام النظام للطاقة الكلية لإنتاج آبار النفط التي يسيطر عليها خدمة للأعمال العسكرية، حيث يدعي النظام أنه يحتاج لـ مئة ألف برميل يوميا، بينما إنتاجه الحالي لا يتجاوز ال24 ألف برميل.
وأضاف حول ذلك: "هذه الحقول تتجاوز انتاجيتها الكمية التي يحتاجها النظام، فالنظام سيطر على آبار النفط في غرب جنوب الرقة وريف حمص، فضلا عن أنه سيطر على جزء من آبار النفط في دير الزور، ومن هنا يمكن الشك أن النظام يستخدم هذه الآبار لتمويل الآليات العسكرية ليكون جزء كبير هذه الآبار غير مخصص لتوريد انتاجها إلى المواطنين، و أيضاً نلاحظ من خلال ذلك أن المؤسسة العسكرية والامنية لم تعاني من شح المحروقات".
في شهر أيار من عام 2017، نشرت صحيفة "الأخبار اللبنانية" في تقرير لها أن إنتاج سوريا في ذلك العام من النفط لا يتجاوز يومياً نحو 3 آلاف برميل نفط، في حين أن إنتاج ما قبل عام 2011 كان يبلغ نحو 385 ألف برميل، وتظهر البيانات المذكورة آنذاك أن إنتاج سوريا سيصل في نهاية 2017 إلى نحو 68 ألف برميل نفط يومياً، ليرتفع في 2018 ليصل إلى 105 آلاف برميل، وإلى 221 ألف برميل في عام 2019، ثم إلى 263 ألف برميل في عام 2020.
لكن يبدو أن الأرقام و البيانات الاقتصادية التي تصدرها حكومة النظام؛ من السهل تغييرها؛ حيث يبرز التضارب الكبير في الأرقام الصادرة بين كل فترة و أخرى، وتمثل ذلك مؤخراً حينما صدرت بيانات حديثة خلال هذا الأسبوع تفيد بأن الإنتاج المحلي من النفط بلغ فقط 24 ألف برميل يوميا، في حين تحتاج سوريا وفق تقارير وزارة النفط؛ إلى 136 ألف برميل يوميا، أي ما يعادل 24 بالمئة من الاحتياجات المحلية؛ وفق الوزارة.
قد يهمك:بعد فشل الخطط الخمسية.. النظام يبتدع خطة الـ 10 سنوات!
فيما أكد الكريم بأن أزمة المحروقات لا يفترض أن تظهر مباشرة لأن عقود المحروقات وفق حديثه تكون بين ٣ و ٦ أشهر، وكذلك يتم مراجعة مخازن توريدات المحروقات كل ٤٥ يوم كحد أقصى.
وتابع: "كان النظام يستطيع تلافي هذه الأزمة لو كانت حقيقية بالاستيراد عن طريق العراق أو بشكل غير رسمي من لبنان أو الأردن، لكن النظام يخطط أنه ومع اشتداد الأزمة الظاهرية فإنه يضغط على الناس مما يدفعهم للجوء إلى السوق السوداء والآن ارتفع سعر اللتر لـ 2 دولار، وبالتالي الناس ستطالب بتأمين إيجاد بنزين حر أرخص من السوق السوداء".
وتساءل الكريم عن كيفية تأمين بنزين "أوكتان ٩٥" في ظل وجود أزمة في تأمين البنزين يدعيها النظام، و أردف في حديثه أن حكومة النظام لا تستطيع أن تحل الأزمة خلال ١٠ أيام كما أشارت وزارة النفط مؤخرا.

موضحاً أن حل الأزمة يحتاج لفترة ما بين ٣ و ٦ أشهر، ما يعني أن النظام يكذب في إدعاءاته؛ بحيث يكون قد وصلته توريدات نفطية وهو لا يتحدث عنها من أجل أن يستكمل مخططه في ترويض الناس لضمان دفعهم المطالبة بالبنزين الحر، وتابع: "النظام يحاول أن يستفيد من صدمة الأزمة التي تعرض لها الناس؛ من أجل أن يرفع الدعم بالكامل عن المحروقات".
وكانت وزارة النفط أعلنت أن الانفراجات في أزمة المشتقات النفطية، ستبدأ خلال الأيام القادمة، وأكدت أن الموضوع سيكون مُعالجاً خلال 10 أيام، وقالت الوزارة، على صفحتها على فيسبوك إن "الفريق الحكومي المعني بهذا الملف، يعمل على مدار الساعة، لإزالة الصعوبات والتغلب على معوقات وصول النفط إلى سوريا".
وأشارت إلى المعوقات، التي أنتجت تلك الأزمة، ومنها ما رأت أنه "لا يختلف اثنان على شدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلدنا والتي تستهدف القطاع النفطي بشكل خاص وتمنع وصول ناقلات النفط إلى سوريا مما تسبب في اختناقات حادة في المشتقات النفطية".
الكلمات المفتاحية