كشف الخبير الاقتصادي والمستشار المالي؛ يونس الكريم، خلال حديثه لـ "راديو روزنة" عن قرب احتمالية منح البنك الدولي قرضاً ضخماً للنظام السوري بحجة إعادة الإعمار في البلاد.
ورجّح الكريم خلال حديثه أن عبد الله الدردري؛ والذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية بين عامي 2006 و 2011، لا زال له علاقة قوية مع النظام.
ووفق حديث الخبير الاقتصادي لـ "روزنة" فإنه وعلى الرغم من أن الدردري يشغل حالياً منصب كبير مستشاري البنك الدولي بما يخص الشأن السوري، إلا أنه ما يزال يعمل على نشر وجهة نظر فريقه الاقتصادي أثناء عمله السابق مع النظام؛ من خلال منصة البنك الدولي والمنظمات الذي تتبع له.
الدردري كان قد بدأ منذ عام 2006؛ بتطبيق خطوات اقتصادية على الاقتصاد السوري لنقله من اقتصادي اشتراكي؛ إلى اقتصاد السوق الحر وهو الاقتصاد الرأسمالي، رغم أن حكومة النظام السوري كانت تسميه بـ "اقتصاد السوق الاجتماعي" للتقليل من وقع الكلمة لأنها تخالف عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي.
كما لفت الخبير الاقتصادي والمستشار المالي؛ يونس الكريم، خلال حديثه بأن التقارير الاقتصادية التي يصدرها البنك الدولي وكذلك الاسكوا (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية) حينما كان الدردري مدير إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة فيها بعد عام 2011، لفت بأنها تدل على أن الدردري لم يغير نظرته تجاه النظام ويسعى للتوافق مع توجهات النظام الاقتصادية.

وأضاف بالقول: "من الأشياء التي تدل على نجاح التوجه في التوافق مع توجهات النظام؛ هو الموافقة الفجائية لنقل مكاتب "الاوتشا" (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية) من عمّان إلى دمشق خلال الفترة القريبة القادمة".
متابعاً بأنه "ومن خلال هذا المعطى يمكن القول أن البنك الدولي صار أقرب من أي وقت سابق باتجاه تمويل إعادة إعمار سوريا أو التدخل بإعادة إعمار سوريا، وكذلك لن يكون من المستغرب خلال الفترة القادمة أن يتم طرح نقاش جديد حول منح قرض مالي كبير من قبل البنك الدولي؛ يعطى للنظام والذي سيكون بحوالي الـ 21 مليار دولار؛ بغرض البدء بإعادة الإعمار".
ونوه الكريم خلال حديثه لـ "روزنة" إلى أن موضوع القرض كان قد تم تسريبه في عام 2013 ، حيث كان النظام يتفاوض من أجل الحصول على القرض، مبيناً في الوقت ذاته وجود عقبات تؤخر تنفيذ هذا التوجه؛ والتي تتمثل بوجود كل من إيران و روسيا في سوريا.
على اعتبار أن إيران تخضع لعقوبات شديدة جدا خاصة بعدما تم تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية ما يعني أن الأمور قد تزداد صعوبة، فالتعامل مع إيران والمنظمات الإرهابية سيبقي سوريا تحت العقوبات، وكذلك الأمر نفسه ينطبق على روسيا و إن كانت العقوبات أخف؛ وفق تعبيره، إلا أنها تبقى عقوبات اقتصادية وبالتالي هذه الإشكاليات؛ تمنع تدخل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي من تمويل مشاريع إعادة إعمار سوريا، فضلا عن عدم وجود حل سياسي يوطد الاستقرار لمباشرة العمل باعادة الإعمار.
اقرأ أيضاً:النظام يوجّه بإضعاف سلطة الجمارك لتسهيل عمليات التهريب
وأشار الكريم خلال حديثه عن هذا السياق إلى أن الدردري يؤمن التواصل والبيئة المناسبة لمنح القرض من خلال تقاريره الاقتصادية غير الموضوعية؛ فضلا عن عدم توفر مراكز دراسات وأبحاث حيادية؛ سواء مراكز سورية أو دولية، حيث هناك مبالغة في الأرقام.
صراع تيارات اقتصادية؟
وفي سياق ذي صلة، لفت الكريم إلى وجود سيناريوهان من وجهة نظر النظام فيما يتعلق بإعادة الإعمار، حيث يعتبر الدردري من أشهر منظري التيار الأول الذي كانت تقوده أسماء الأسد ومجموعة من رجال الأعمال والاقتصاديين الشباب المحسوبين على النظام.
بينما يقود تيار السيناريو الثاني؛ الحرس القديم وهم عبارة عن قيادات من حزب البعث وبعض المسؤولين من النظام، حيث يعتبر ومن أشهر منظري هذا التيار هو حيان سلمان (المعاون الأسبق لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية).

حيث كان يدعو التيار الثاني إلى قطع العلاقة مع الغرب والاعتماد على المدخرات الداخلية، وكذلك الاعتماد على طبقة التجار؛ إضافة إلى دول بريكس فقط، وكذلك اعتبر الكريم أن هذا التيار كان ناجحا حتى عام 2016، حيث كانت وجهة نظره قوية، وكانت آنذاك مترددة بين إعادة العلاقة مع النظام من عدمها.
و أضاف: "لكن التبدل الجوهري الذي حدث بأن أشهر منظري الحرس القديم "حيان سليمان" تغير موقفه وبدأ يقترب من وجهة نظر التيار الأول، والذين كانوا يدعون لـ "الرأسمالية الجديدة" أو "الرأسمالية المطلقة"، ويعتبرون برفع يد الدولة مقابل أن يفرض السوق و رجاله أنفسهم، وبألا تكون للدولة أي علاقة وأن يكون أصحاب رأس المال هم المستفيدين وكذلك رفع الدعم الكامل المقدم من قبل الدولة سواء للمواطنين أو الصناعيين؛ كـ"أسعار الطاقة و المواد الغذائية؛الخ…"، وخصخصة كل القطاعات".
وتابع مضيفاً: "حيان سليمان صار يدعو إلى الرأسمالية الكنزية أو إلى الدولة الراعية، بحيث تكون تبقى أهم المؤسسات بيد الدولة، مثل الكهرباء والطرقات والوسائل المهمة كالاتصالات والنفط وعدم خصخصتها؛ وبيع القطاعات المنهارة لصالح دعم باقي القطاعات لكي تستمر بالعمل".
قد يهمك:بعد فشل الخطط الخمسية.. النظام يبتدع خطة الـ 10 سنوات!
واعتبر الكريم أن ذاك التبدل كان جوهرياً، لأن حيان سليمان كان يقول سابقاً بأن قطاعات الدولة غير فاشلة و جميع خدماتها مطلوبة؛ وبالتالي هذا دليل أن قدرة البعث ضعفت في الدول وتواجد حزب البعث بات ضعيفاً؛ وفق حديث الخبير الاقتصادي لـ "روزنة".
وأضاف: "التبدل حصل بسبب زيادة حجم التدخل الأجنبي إن كان من قبل روسيا وإيران؛ واستحواذهم على أهم القطاعات، فحزب البعث لم يعد يستطيع فرض أي قدرة بإملاء شروطه، وهذا التبدل يدلل أننا باتجاه انحسار دولة البعث وانحسار دولة أيضا في مرحلة إعادة الإعمار".
وختم الكريم حديثه بالقول: "ذلك التيار أعلن انهزامه رغم أنه كان يماطل؛ من خلال الحديث عن اقتصاد السوق الاجتماعي، إلا أنه عالميا لا يوجد شيء اسمه اقتصاد السوق الاجتماعي، و هذا التيار فاشل أيضا لأن معظم هذه القطاعات تم خصخصتها بنظام الـ "BOT"، وهو نظام الاستثمار المؤقت ومدته إما 25 سنة أو 45 أو 99، وعلى الأغلب كل الاستثمارات في سوريا كانت تتراوح بين الـ 25 و 45 سنة".
الكلمات المفتاحية