بعد خلاف دام حوالي أربعة عشر عاماً بسبب قضية ثأر بين عائلتي "شيخو برازي والقوقيان"، في مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة، بدأت مرحلة جديدة بعدما تم توقيع تعهد من قبل العائلتين على عدم العودة إلى تجديد الخلاف، حقناً للدماء.
وقال مراسل روزنة في الحسكة حسن حسين، إن لجنة الصلح والعدالة الاجتماعية في مجلس مدينة رأس العين، التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، قامت و"مجلس سوريا الديمقراطية" بعقد الصلح بين العائلتين وإنهاء الخلاف الذي أثر سلباً على التعايش بين أبناء المدينة.
واشتعل فتيل النزاع في مدينة رأس العين، عندما أقدم أحد أفراد عائلة "القوقيان" على قتل فرد من عائلة "شيخو برازي"، وبعد فترة من الزمن انتقمت الأخيرة وقتلت شخصاً من عائلة "القوقيان"، لتتساوى العائلتين في عدد ضحايا الثأر.
وقال لقمان عيسى عضو الرئاسة المشتركة لمنطقة رأس العين، لـ"روزنة": "إن الدور البارز في فض الخلاف بين هاتين العائلتين يعود إلى لجنة الصلح ومكتب العلاقات في مجلس سوريا الديمقراطية، حيث تم التوصل إلى حل بالتوافق بين الطرفين وإنهاء هذا الخلاف منذ عام 2004 ".
وأكد أن العائلتين تعهدتا بعدم العودة إلى تجديد الخلاف، وأن يكون هناك محبة وتفاهم بينهما، وذلك خلال مراسيم الصلح التي تمت بحضور شخصيات وطنية وأحزاب سياسية، بلغ عددهم نحو 300 شخص، موضحاً، أنه لم يتم تقديم أي فدية لأي طرف، لكون العائلتين متساويتين في الثأر.
وقالت سيوان خليل الكاتبة المهتمة بالقضايا الاجتماعية، لـ"روزنة"، "إن ظاهرة الثأر ليست خاصة، في مناطق شمال وشرق سوريا، أو مناطق أخرى، فهي حالة عامة، ولا ترتبط باعتقادها بالتخلف أو بالثقافة، لكونها مرتبطة بالوراثة الجينية، وعدم استطاعة ذاك الإنسان ضبط نفسه رغم اختلاف الدافع في هذه الحالات".
اقرأ أيضاً: حراس الدين وهيئة تحرير الشام "إخوة الأمس" … "أعداء اليوم"
واعتبرت خليل أن "سبب تفاقم ظاهرة الثأر والخلافات بين العائلات، إهمال مؤسسات الدولة للقضايا الاجتماعية".
وأوضح المحامي فاضل موسى، لـ"روزنة"، أنه في القوانين الوضعية، ومنها قانون العقوبات السوري العام، هذه الأفعال لها عقوبات منصوص عليها، وهي عقوبات شخصية لا تتعدى شخص المجرم، ولا علاقة لأقرباء القاتل بجريمته، إن لم يتم إثبات اشتراكهم وتحريضهم عليها.
وأضاف موسى، أن الثأر الواقع على غير شخص القاتل هي جريمة مستقلة معاقب عليها، وتندرج ضمن خانة القتل العمد المعاقب عليه بالسجن المؤبد أو الإعدام، بحسب ملابسات الجريمة وتقدير المحكمة المختصة.
وأكد أن "العديد من قرارات محاكم الجنايات، وخاصة في الجزيرة السورية، تأثرت وتتأثر بالموروث العشائري والقبلي المحلل للثأر من غير شخص القاتل، وذلك لأن هذه المحاكم تمنح القاتل أسباباً مخففة تقديرية بحجة ثورة الغضب أو الدافع الشريف، أو الانتقام من أحد أقرباء القاتل تحت الضغط النفسي، والاجتماعي، مما يؤدي إلى إفلات القاتل من العقاب المقرر لجريمة القتل العمد، وهي عقوبة مشددة، واقتصار العقوبة على عدة أشهر أو سنوات قليلة من السجن العادي".
وأشار المحامي إلى أن "التطبيق القاصر للقانون خوفاً من لوم المجتمع وتطبيقاً للعادات والتقاليد القبلية البالية، يفتح الباب واسعاً لارتكاب المزيد من جرائم القتل، والثأر، رغم عدم تحليل هذا الجرم قانونياً، واعتباره جريمة مستقلة".
ولفت أن السبيل الوحيد للحد من هذه الآفة "الثأر" بنشر الوعي وثقافة الاحتكام للقانون وتوفير البيئة القضائية النزيهة، والصارمة، في تطبيق القوانين لتكون محل ثقة المحتكمين لها".
يذكر أن إمام مسجد "عبد الله بن مسعود" البالغ من العمر 66 سنة، قتل في حي دولاب عويض بمدينة الحسكة أثناء أدائه للصلاة، بخمس طلقات نارية، والدافع كان أيضاً قضية ثأر قديمة تعود لنحو ثلاثين عاماً.
الكلمات المفتاحية