ترجيحات بـ "نشوب" عمل عسكري في الشمال السوري.. ما واقعية ذلك؟

ترجيحات بـ "نشوب" عمل عسكري في الشمال السوري.. ما واقعية ذلك؟
الأخبار العاجلة | 28 مارس 2019

اعتبرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، أن سوريا على موعد مع معركتين كبيرتين في إدلب وعفرين خلال المرحلة المقبلة.

وقالت الصحيفة في مادة صحفية منشورة على موقعها الإلكتروني؛ يوم الثلاثاء الفائت، أنه ومن المرتقب أن تشهد محافظة إدلب، أعمالا حربية نشطة على نطاق واسع في القريب العاجل، وأضافت: "من غير المستبعد أن حشد السفن التابعة للبحرية الروسية بقيادة الفرقاطة (الأميرال غورشكوف) يجري في البحر الأبيض المتوسط خصيصًا لهذا الغرض".

وكذلك اعتبرت الصحيفة أن هزيمة "تنظيم داعش" في دير الزور تشير إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من واشنطن، قد تبدأ قريبًا قتالًا لاستعادة منطقة عفرين؛ التي سيطرت عليها تركيا والفصائل السورية الموالية لها؛ العام الفائت، حيث تساءلت الصحيفة الروسية، عن سبب تزويد " قوات سوريا الديمقراطية" دفعة أسلحة أمريكية جديدة، طالما أن الحرب انتهت مع "تنظيم داعش"، بحسب تصريحات المسؤولين الأميركيين.

ولا يبدو أن احتمال عودة نشوب معارك في الشمال السوري؛ بالأمر المستبعد، خاصة في ظل استعصاء التوافق على استكمال كل نقاط الاتفاق الروسي-التركي حول إدلب؛ منذ شهر أيلول الفائت، وكذلك استمرار الإصرار التركي على إنشاء منطقة آمنة و بإدارته تحديداً حتى لو رفضت الولايات المتحدة؛ وهي (واشنطن) التي تسعى بشكل حثيث لحماية حلفائها الأكراد وضمان مصالحهم بشكل مستمر.

اقرأ أيضاً:منطقة آمنة دولية في الشمال السوري.. ما دور "البنتاغون" في ذلك؟

وعلى ضوء هذه المعطيات؛ فإن احتمال ظهور بوادر أكثر حرارة تؤكد اقتراب نشوب المعركة؛ بات قريبا، وذلك في ظل استمرار خرق اتفاق التهدئة في الشمال أيضاً من قبل النظام السوري.

نشوب الحرب من جديد وارد جداً؟

الكاتب والمحلل السياسي؛ بير رستم، رأى خلال حديثه لـ "راديو روزنة" أن مسألة نشوب معارك جديدة في الشمال السوري؛ في عفرين أو إدلب هو أمر وارد جداً، وفق اعتباره.

وأضاف بالقول: "يمكننا القول بأنه بات نشوب الحرب من جديد شبه مؤكد ولأسباب عدة، أهمها؛ انتهاء العمليات العسكرية بالنسبة لأكبر قوتين عسكريتين حالياً في سوريا، وهنا أقصد قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية، حيث يمثل انتهاء الأعمال العسكرية لهاتين القوتين في مناطق نفوذهم؛ سيجعلهم على استعداد للذهاب إلى بعض الجغرافيات التي هي خارج مناطق النفوذ؛ وبالتحديد إلى إدلب بالنسبة لقوات النظام؛ وعفرين لقوات سوريا الديمقراطية، كما أن الدولتان ذات النفوذ الأكبر -أي الروس والأمريكان- سيحاولون إخراج اللاعبين الإقليميين؛ لتكون لهما الكلمة الأخيرة في المفاوضات وخاصةً أن المناطق الخارجة عن نفوذها هي تحت هيمنة تيارات وقوات راديكالية إسلامية وبرعاية تركية".

مرجحاً أن يكون هناك اتفاق قريب بين واشنطن وموسكو؛ بمحاربة تلك "التيارات الراديكالية" في المنطقة؛ وفق قوله، كما اعتبر أن هناك العديد من المؤشرات التي تذهب مع مسار نشوب الحرب، حيث لفت إلى تدفق المزيد من العتاد على قوات سوريا الديمقراطية من قبل الحليف الأمريكي؛ ما رأه بأن لذلك دلالاته؛ خاصةً بعد انتهاء " تنظيم داعش" عسكرياً.

وتابع: "هناك تسريبات غير مؤكدة؛ تشير إلى احتمالية أن تتفق روسيا مع الإدارة الذاتية بخصوص استعادة عفرين؛ فضلاً عن أن خطاب المعارضة السورية يؤكد بأن هناك تحركات جادة بخصوص أعمال عسكرية في شمال سوريا وعفرين".

وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت في الـ 13 من شهر آذار الجاري؛ أن الطيران الحربي التابع لها شن ضربات دقيقة إلى مستودع لتنظيم "هيئة تحرير الشام" في مدينة إدلب.

اقرأ أيضاً:هل يتجه ترامب لإلغاء فكرة المنطقة الآمنة شمال سوريا؟

وقالت الوزارة، في بيان أصدرته بهذا الصدد؛ آنذاك: "وجهت طائرات القوات الجوية الفضائية الروسية وبالتنسيق مع الجانب التركي ضربة جوية دقيقة إلى مستودع أسلحة وذخائر تابع لتنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي (جبهة النصرة سابقا) في مدينة إدلب"، وأضاف البيان: "وبحسب معلومات مؤكدة عبر قنوات عدة، نقل المسلحون قبل ذلك إلى المستودع دفعة كبيرة من الطائرات المسيرة الضاربة. وخطط الإرهابيون لاستخدامها في شن هجوم جوي على قاعدة حميميم الروسية".   

وتعتبر محافظة إدلب منطقة لخفض التصعيد أقيمت عام 2017، نتيجة اتفاق تم التوصل إليه في إطار عمل منصة أستانا بين الدول الثلاثة الضامنة لها (روسيا وتركيا وإيران).

و في الـ 17 من أيلول الماضي، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ،ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، عقب لقائهما في سوتشي، التوصل إلى اتفاق حول إقامة منطقة منزوعة السلاح؛ تفصل بين أراضي سيطرة قوات النظام السوري؛ والمعارضة المسلحة في المحافظة، ونص الاتفاق آنذاك أيضا على قيام تركيا بفصل "الإرهابيين" والمعني بهم (عناصر هيئة تحرير الشام) في المنطقة عن عناصر "المعارضة المعتدلة".

عفرين أم إدلب؟

الكاتب والمحلل السياسي؛ بير رستم، رجّح خلال حديثه لـ "روزنة" أن تحصل في منطقتي عفرين وإدلب معاً؛ عمليات عمليات عسكرية؛ يسبقها اتفاق سياسي ما، وفق حديثه.

وتابع مضيفاً: "ربما في قراءة الكثيرين باستحالة حدوث اتفاق بين النظام والإدارة الذاتية برعاية روسية-أميركية؛ لكن بقناعتي لا شيء مستحيل عندما يتعلق بمصالح الكبار، حيث أن كل من واشنطن و موسكو لن يخرجوا من سوريا والمنطقة وهذه يعلمها الجميع؛ وبالتالي لا بد من توافق الخصوم على شكل يحفظ مصالحهم بالمنطقة وتقديم بعض الامتيازات للفرقاء والحلفاء المحليين الذين يعملون تحت نفوذهما وعلى حساب بعض القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران وهذا السيناريو طبق في كل الحروب والصراعات الدولية".

وختم بالقول: "بقناعتي فإن تركيا؛ وليس فقط إيران؛ ستعاني كثيراً من تدخلهما السافر في المنطقة ومحاولة اللعب مع الكبار وخاصةً في ظل تبني الدولتين لمشاريع إسلاموية راديكالية -سنية كانت أو شيعية-، ويمكن القول بأن الأزمة الحالية بين أنقرة وواشنطن هي إحدى بوادر تلك السيناريوهات القادمة لرسم خرائط جديدة لشرق أوسط جديد، كما تنبأ أو خطط لها مراكز دراسات غربية أمريكية منذ سبعينيات القرن الماضي".
 

قد يهمك:خلافات داخل إدارة ترامب.. ما الذي يدور في البيت الأبيض؟


وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، كانت قد أعلنت منتصف الشهر الجاري، عن تخصيص أكثر من 500 مليون دولار لخططها العسكرية في سوريا، وذكر"البنتاغون" في بيانٍ له، أنه تم تخصيص نحو 300 مليون دولار لـ قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، كما تم تخصيص 250 مليون دولار لضمان أمن الحدود للبلدان المجاورة لسوريا التي تكافح "تنظيم داعش".

وحسب البيان فإن الإدارة الأميركية خفضت موازنتها في صندوق الحرب لبرنامج التدريب والتجهيز في العراق وسوريا في إطار مكافحة "تنظيم داعش"، إلى مليار و45 مليون دولار، بعدما كان مليارًا و400 مليون دولار العام الفائت.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كان قد أعلن في كانون الأول الماضي، انسحاب القوات الأميركية من سوريا، وفق اعتباراته التي أعلن من خلالها هزيمة "تنظيم داعش" هناك؛ ما أثار موجة انتقادات واسعة داخل إدارته، وهذا الإعلان ما أدى لظهور المطالبات التركية بإنشاء منطقة آمنة تؤسس لها وتديرها، لمواجهة قوات سوريا الديمقراطية، والتي أعلنت النصر على داعش بشكل نهائي؛ الأسبوع الفائت، ما فتح الاحتمالات على أن تتوجه هذه القوات لاستعادة السيطرة على منطقة عفرين، والتي ما تزال تطالب بشكل مستمر بعودة سيطرتها على المنطقة.

وكانت تركيا و بالتعاون مع فصائل سورية معارضة مؤيدة لها، سيطرت على مدينة عفرين نهاية شهر آذار من العام الفائت؛ بعد عملية "غصن الزيتون" التي أطلقتها أنقرة في الـ 20 من كانون الثاني 2018، وهدفت من خلالها لحماية مصالح أمنها القومي وفق قولها، معتبرة أن القوات الكردية التي كانت متواجدة في منطقة عفرين تهدد أمنها وهي التي تصنفها بـ "الإرهابية".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق