لا تبدو أجواء العلاقات الإيرانية-الروسية في أحسن أحوالها، على الأقل ضمن سياقاتها الإعلامية، حيث عكست زيارة رئيس النظام السوري إلى إيران؛ مؤخراً، تعكرّاً جديداً قد تخلقه المصالح الروسية المشتركة مع إسرائيل.
فبعد انقطاع طال أمده على إثر الخلافات الروسية مع إسرائيل حول إسقاط الطائرة الإسرائيلية "إيل-20" منذ أيلول الماضي، جاءت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى موسكو نهاية الشهر الفائت؛ لتبدد الغيوم بين الجانبين، وليعلن نتنياهو من روسيا عزم حكومته مواصلة استهداف التواجد الإيراني في المنطقة وعلى وجه الخصوص في سوريا.
زيارة الأسد إلى إيران، مقابل زيارة نتنياهو إلى موسكو، دفعت بعض المواقع الصحفية إلى افتراض خلافات قد تطفو على السطح، بعد زيارة لرئيس النظام في مثل هذا الوقت، والذي تشهده فيه سوريا ساحة خلاف بين موسكو وطهران بعد اشتباكات شهدتها مناطق من ريف محافظة حماة الشهر الماضي، وسط ما تناقلت مواقع محلية وصفحات معارضة، ما يكرس ما كانت أشارت إليه تقارير أميركية و أوروبية إلى نية روسيا لإخراج إيران من سوريا، حيث باتت تعتبرها حجر عثرة أمام إحداث توافق مضمون لإرساء دعائم الحل السياسي في سوريا.
فالتعهد الذي تحدثت عنه تقارير أميركية والذي قطعه بوتين أثناء لقائه ترامب في شهر تموز من العام الماضي، لا يبدو أن روسيا كانت جادة فيه، ولكن ما تلى ذلك من أحداث ميدانية انتهت بإعلان الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا، قد يرجح وضع روسيا في مربع اللا عودة بخصوص دعمها لإيران.
اقرأ أيضاً:ضوء أخضر روسي لإسرائيل باستهداف المواقع الإيرانية في سوريا!
المساعد الخاص للشؤون السياسية في وزارة الخارجية الإيرانية، حسين جابري أنصاري، كان قد أشار الأربعاء الفائت، خلال مقابلة صحفية إلى أن "روسيا لم تكن إلى جانب إيران فيما يتعلق بموضوع إسرائيل، حتى إننا نعتبر تصريحات السيد سيرغي ريابكوف، اليوم أمرًا جديدًا".
وجاء تصريح المسؤول الإيراني؛ ردًّا على نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، والذي قال في تصريح سابق مؤخراً، إن روسيا حريصة على أمن إسرائيل وتعتبره أهمية قصوى بالنسبة لها.
أنصاري تابع رده على تصريحات ريابكوف، حيث أضاف: "إذا كانت إيران وروسيا في سوريا، أو في بعض القضايا الإقليمية الأخرى، قد وجدت تداخلًا والتعاون على أساس المصالح المشتركة، لا يعني إنكار الخلافات والتناقضات الأخرى بين إيران وروسيا في سوريا".
وتابع: "إن الإشارة إلى القضايا في أوقات مختلفة لها معانيها، ولا أريد أن أنكر ذلك في سوريا، وجدنا أنفسنا في صالح القضايا المتداخلة مع روسيا بشكل عام".
الأسد في موقف صعب؟
المحاضر في معهد العلاقات الدولية والتاريخ العالمي بجامعة نيجني نوفغورود الروسية؛ د.عمرو الديب؛ اعتبر خلال حديثه لـ "راديو روزنة" أن الأسد يقف في موقف صعب جدا، خصوصا و أنه يقف ما بين قوتين قاموا بمساعدته في الحرب السورية.

مضيفاً بأن روسيا تقع تحت ضغط كبير من جانب إسرائيل لإخراج القوات الإيرانية من المسرح السوري ككل، و أردف:"بعد أن كانت إسرائيل تطالب بإبعاد القوات الإيرانية عن الحدود السورية-الإسرائيلية لمسافة ٨٠ كم، أصبحت الآن تطالب بإخراج كامل القوات الإيرانية، و العلاقة بين حجم الضغط على رأس فلاديمير بوتين الصادر من الإسرائيليين؛ تتناسب طرديا مع حجم الضغط الصادر من الروس على رأس بشار الأسد".
معتبراً أن الروس لا يستطيعون الطلب بشكل مباشر من الإيرانيين الخروج من الأراضي السورية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن مسألة الحديث عن أي شخصيات يتم التحضير لها لاستبدال الأسد أمر بعيد حاليا، فروسيا لا تستطيع وفق رأيه أن تدفع الأمور لهذا الإتجاه، خصوصا و أن الروس لا يملكون دفة الأوضاع في سوريا و حدهم، فهناك التركي أيضاً، و الأميركي، فضلا عن الإيرانيين بالإضافة للعامل الإسرائيلي.
من جانبه رأى الخبير والمحلل المختص في الشؤون الروسية؛ د.فهيم الصوراني، خلال حديثه لـ "روزنة" أن الأسد لا يظهر بأنه يعيش في مرحلة معقدة، بسبب ما يشاع عن سوء العلاقات الروسية-الإيرانية، واصطفاف الأسد بجانب إيران وتفضيله لها على روسيا.

معتبراً على حد وصفه بأن أهمية إيران لا تقل عن أهمية سوريا بالنسبة لروسيا، وتابع:"إيران دولة مهمة جدا لروسيا، ولا ننسى الدور الذي لعبته روسيا في موضوع الملف النووي الإيراني، ولعبت دور كبير جدا للوصول إلى صيغة الـ 5+1".
مضيفاً بالقول: "إيران أكبر ضامن للحدود الروسية الجنوبية، والخلاف بين روسيا و إيران هو عدم تفاهم موضوعي فيما يتعلق بموضوع الصراع مع إسرائيل؛ فقط، فالتكتيك العسكري يختلف في المنطقة بين روسيا وإيران، فالروسي ليس له رغبة من توسيع المعركة فكان لا يدع مجال للرد لئلا تتوسع المعركة، على عكس الإيراني الذي كان يسعى للرد على الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة على سوريا".
ولفت في حديثه إلى أن الجانب السوري متفاهم مع كل من الطرفين الإيراني والروسي، مستبعدا حصول مشاكل بالنسبة لدمشق حيال هذا الأمر، وأردف الصوراني بأن دمشق فيما بعد الحرب وضمن إطار إعادة هيكلة المؤسسات، ستحتاج إلى وقت طويل ستكون لروسيا و إيران دور بارز ومؤثر جدا في ذلك، معتبراً بأن كل ذلك سيتم ضمن تفاهم وتنسيق مشترك بينهم.
واستكمل بالقول: "بالنسبة للروسي فالمعركة في سوريا هي معركة ضد الإرهاب، أما بالنسبة للإيراني فهي معركة مع إسرائيل و أميركا، وروسيا بالتأكيد ليست في صراع أو معركة مع إسرائيل، أما إيران فترى أن المعركة في سوريا بالوساطة مع إسرائيل، لكن كلا الطرفين يتفهمان ظروف بعضهما والاعتبارات المختلفة لذلك، فصحيح أنه ليس هناك انسجام؛ ولكن أيضا لا يوجد تنافر كبير"
قد يهمك:شبح حرب إقليمية يحوم في سوريا... من يشعلها؟
المحاضر في العلاقات الدولية؛ د.عمرو الديب، اعتبر في سياق ذي صلة بأن مشهد المسار السياسي في الأزمة السورية، باقي على ما هو عليه، عازياً ذلك إلى استحالة التخلي عن فكرة اللجنة الدستورية قبل الإنتخابات الرئاسية،متسائلا بالقول: "كيف ستكون هذه الإنتخابات و على أي أساس ستعقد، يجب قبل الحديث عن الإنتخابات أن يكون هناك دستور يوحد كل الشعب السوري، لكن للأسف الحرب لم تنته بعد، بل على العكس هي بدأت، فعمليات تقسيم الكعكة السورية نراها يوميا سواء في مناطق إدلب أو في الجنوب السوري أو في الشمال الشرقي لسوريا".
وختم حديثه بالإشارة إلى محددات يجب التوصل لها للوصول للحل السياسي الشامل في الأزمة السورية، مشدداً على أن أولى تلك المحددات ستكون بخروج كل القوات الأجنبية من الأراضي السورية، مضيفاً: "هنا نقصد المعنى الحرفي لهذه الكلمة (كل القوات الأجنبية)؛ ما دون ذلك فلن يكون هناك حل سياسي شامل في سوريا؛ وإن سيكون هناك حل دون خروج القوات الأجنبية؛ فبلا أدنى شك سيكون حلا ناقصا".
الكلمات المفتاحية