نشرت شبكة "ان بي سي" الأميركية، يوم الأربعاء، رسالة بعثها أعضاء في الكونغرس الأمريكي إلى الرئيس دونالد ترامب، مطالبينه بعدم الانسحاب من سوريا.
وبحسب الشبكة، فإن الرسالة التي بعثها أعضاء "الكونغرس" إلى ترامب طالبته بعدم الانسحاب من سوريا، بسبب مخاطر عودة ظهور تنظيم داعش، والوجود الإيراني، بينما علق الرئيس الأميركي على حسابه في موقع "تويتر" على مضمون الرسالة، بقوله: "أوافق على 100% مع الاحتفاظ بوجود عسكري في سوريا".
وركز ترامب على جزء في الرسالة مفاده: "نسعى لضمان أن لا تضيع جميع المكاسب التي تحققت في سوريا وألا يعود (تنظيم داعش) أبدًا، إن إيران لم تعد تتجرأ، وإننا نعزز مكاسبنا ونضمن أفضل نتيجة في جنيف للمصالح الأمريكية".
هل يتراجع ترامب بشكل نهائي عن الانسحاب؟
الكاتب الصحافي والمحلل السياسي من واشنطن؛ بشار جرار، أفاد في حديث لـ "راديو روزنة" تعليقاً على التطورات الأخيرة فيما يتعلق بالانسحاب الأميركي، قائلاً بأن الرئيس ترامب كعهده منذ التحضير لخوض السباق الانتخابي، ينجح في إثارة انتباه الجميع بأي موقف صادر عنه.

واصفاً بأن ترامب "يثيرهم إلى حد الاشتباك فإحداث التأثير المطلوب من أحدث تلك المواقف، فقرار ترامب الانسحاب من سوريا وأفغانستان، المنطلق واحد، لكن الضجيج الذي ثار حول سوريا مازال متفاعلا".
وتابع مضيفاً: "لم يطرأ تغيير جوهري على منطلق القرار ولا حتى مبتغاه، لكنه نجح في معادلة الغموض والإرباك المقصودين في تشبيك أطراف وضربها بعضا ببعض، تماما كما "ضربة لاعب بلياردو محترف"، يظن الجمهور المكتفي بالتفرج أنه يقصد بضربته هدفا سهلا؛ ليتضح للاعبه المنافس مرامي أخرى أسقطت كرات عدة في جيوب متباعدة على زوايا الطاولة الأربعة".
اقرأ أيضاً:هل يستطيع الأكراد ثني ترامب عن سحب قواته من سوريا؟
ولفت بالقول إلى أن ترامب أقال وزير دفاعه (الأسبق؛ جيمس ماتيس)، من أجل تحقيق هدف استراتيجي جاهر فيه ترامب منذ كان مجرد رجل أعمال، عندما رفض خوض حرب الدفاع عن الأثرياء بالمجان، مطلقا فيما بعد عبارته الشهيرة المحرجة "عليهم أن يدفعوا لنا وقد دفعوا وسيدفعون".
من جانبه اعتبر الكاتب و الباحث السياسي؛ زيد سفوك، خلال حديثه لـ "روزنة" أن السيناريوهات تجاه المنطقة باتت عديدة؛ في ظل تخبط السياسة الدولية، مشيراً إلى أن هناك أمور استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة لا يمكن تغييرها.
وأضاف حول ذلك بالقول: "أعتقد أن دونالد ترامب في أغلب الاوقات يصدر قرارات بعيدة عن الواقع، وقرار الانسحاب كان أحدها، وقد تراجع عنها بضغط داخلي وخارجي معا بعد أن فشلت الغاية من القرار".
وكان ترامب أعلن في شباط الماضي، أن جنوده المقرر بقاؤهم في سوريا، سيكونون مقسمين بين المنطقة الآمنة التي يجري التفاوض حولها في شمال شرقي سوريا، وبين القاعدة الأمريكية في التنف قرب الحدود مع العراق والأردن.
إلا أنه وبحسب مراقبين، فإن رغبة أنقرة في إنشاء المنطقة الآمنة سيتم تبديدها بعد التراجع عن سحب القوات الأميركية.
فيما اعتبر سفوك أن حديث تركيا عن منطقة آمنة برعايتها يأتي في سياق التخبط، لافتاً إلى أن فكرة المنطقة الآمنة هي بالأساس للفصل بين أنقرة وبين القوات الكردية، مستبعدا إنشاء المنطقة الآمنة لأسباب كثيرة يتمثل أهمها في غياب القانون الدولي والذي يجابهه فيتو روسي، وفق قوله.
وأضاف: "ومن ناحية أخرى الغرب يرفض تماما؛ أن يسير خلف سياسة ترامب الغامضة في الشرق الأوسط؛ وعلى أميركا أن تتحمل وحدها حماية منطقة نفوذها داخل المناطق الكردية؛ من أي هجمات على حلفائها الكرد".
قد يهمك:خلافات داخل إدارة ترامب.. ما الذي يدور في البيت الأبيض؟
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال يوم الأربعاء الفائت، إنه ليس بوسع تركيا الموافقة على تسليم السيطرة على المنطقة الآمنة المزمعة في سوريا لأية جهة أخرى.
وفي السياق نفسه، سبق لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن صرح قائلا: إن العسكريين يبحثون في الوقت الحالي صيغة نهائية لإنشاء منطقة عازلة على الحدود السورية — التركية مع الأخذ بعين الاعتبار موقف دمشق ومصالح أنقرة.
قوة متعددة الجنسيات؟
وكان الرئيس الأميركي، قال على موقع "تويتر" منتصف الشهر الفائت، أن الولايات المتحدة لا تريد أن تقف وتشاهد مقاتلي تنظيم داعش المعتقلين في سوريا؛ يتغلغلون في أوروبا التي من المتوقع أن يذهبوا إليها إذا أطلق سراحهم.
وتابع: "أميركا تنسحب من سوريا بعد تحقيق النصر بنسبة مئة في المئة على تنظيم داعش"، وأضاف أن الوقت حان كي يكثف آخرون جهودهم يؤدوا المهمة التي يمكنهم القيام بها.
وحول ذلك علّق؛ الكاتب والباحث السياسي زيد سفوك، بأن داعش لم ينتهي في سوريا، وفق رأيه، معتبراً أن ترامب أراد أن يعلن انتصارا لأميركا بقضائه على داعش، إلا أن دول في المنطقة لم يسمها؛ والتي تتحكم ببعض خيوط التنظيم وفق رأيه؛ استدرجت الكثير من العناصر وينتظرون منها ساعة الصفر للظهور من جديد، لإفشال الانتصار الأميركي وهو ما تدركه الإدارة الأميركية، بحسب وصفه.
وتابع: "من جهة أخرى فشل الاتفاق مع روسيا وتركيا حول آلية ما بعد داعش؛ كانت أيضا أحد أهم أسباب البقاء في سوريا، ولا ننسى طبعا الانسحاب اساسا كان قرار فردي وخاطئ من الرئيس ترامب؛ واعترضت عليه غالبية القيادة الأميركية".
اقرأ أيضاً:منطقة تركيّة آمنة في سوريا... و صراع بين واشنطن و موسكو!
فيما اعتبر الكاتب الصحافي والمحلل السياسي؛ بشار جرار، أن ترامب وعلى الرغم من أنه قد أخذ بنصيحة حليفه الأقوى في الكونغرس السيناتور لندسي غراهام (رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأميركي)، إلا أن الإبقاء على 200 إلى 400 جندي أميركي في سوريا؛ لن يكون إلا في إطار قوة دولية متعددة الجنسيات، من أجل ضمان عدم استغلال إيران أو القوات النظامية السورية الفراغ المترتب على انسحاب القوات الأميركية.
وختم بالقول: "تبقى عام على الولاية الرئاسية الأولى، تحقق فيها القضاء على أراضي دولة الخلافة المزعومة لعصابة داعش الإرهابية؛ وذلك وعد انتخابي تحقق بجدارة وبزمن قياسي، يبقى في غضون هذا العام تحقيق نصر أكبر من وجهة نظر ترامب الطامح لولاية ثانية، يتمثل في انسحاب آمن من سوريا وأفغانستان".

مضيفاً: "أما إحراز اتفاق جديد مع إيران أو كوريا الشمالية أو "صفقة القرن"؛ فتلك مسائل قد تكون الهدف الأكبر لترامب دون التفات لهواجس أردوغان وتحرشاته في شمال سوريا؛ عن طريق الورقة الكردية أو في شمال العراق عن طريق ورقة مياه السدود، الصورة بالنسبة لترامب أكبر؛ تكاد لا ترى فيها النتوءات الصغيرة".
يذكر أن صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية؛ قد نشرت وثيقة يوم أمس، أظهرت توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على العدول عن قراره السابق سحب قوات بلاده من سوريا مع إعلان موافقته الكاملة على بقائها هناك.
الكلمات المفتاحية