دمشق: أزمة الغاز المستمرة تفرض السمسرة والسوق السوداء (صور)

دمشق: أزمة الغاز المستمرة تفرض السمسرة والسوق السوداء (صور)
الأخبار العاجلة | 01 مارس 2019

على الرغم من الإدعاءات المستمرة من قبل حكومة النظام بأن أزمة الغاز المنتشرة في محافظات سوريّة عدة وتكشفها بشكل جليّ وسائل التواصل الإجتماعي؛ قد سلكت طريق الانحسار، بل حتى أن لا وجود لها.

ما تزال تعاني مدينة دمشق من الأزمة التي يشهدها سكان العاصمة في كل فصل شتاء، إلا أن ما يميز المرحلة الحالية أن فترة الأزمة كانت طويلة و بنطاق أوسع، الأمر الذي يبين أن مؤسسات الدولة المسؤولة عنها حكومة النظام تعاني من ضعف واضح في تأمين أهم احتياجات المواطن؛ والذي بات عليه تعداد قائمة المشاكل والأزمات المعيشية المفترض عليه مواجهتها بشكل يومي.

الوقوف في طوابير انتظار شاحنة نقل أسطوانات الغاز المنزلي لكل منطقة من أحياء دمشق؛ لا يعد الأمر الوحيد الذي يعانيه من اتخذ الصبر على مشاهد المعاناة سبيلاً؛ وذلك في مسعاه الحصول على حصته اليتيمة من الغاز؛ بنفس اليوم الذي يتكلف فيه عذاب الوقوف لساعات طويل منذ أولى ساعات الصباح.

اقرأ أيضاً:في زمن الحرب... هل سقطت دمشق أخلاقياً؟

"أحمد.س" يقيم في حي المزة بدمشق؛ تحدث لـ "روزنة" عن المشاهد اليومية التي تتكرر في عموم طوابير انتظار الغاز بمدينة دمشق، حيث يؤكد أنه وفي أحيان كثيرة لا ينفع العديد ممن انتظر في دوره أن يحصل على أسطوانات الغاز في اليوم ذاته، بل أن بعضهم وهو منهم في أيام متكررة يضطر لأن ينتظر أكثر من يوم من أجل الحصول على أسطوانة واحدة.


 وأشار خلال حديثه أن الانتظار في الطابور لا يعني الحصول على الغاز، فـشاحنة التوزيع التي تأتي إلى كل حي في أيام معينة، توزع العدد القليل فقط من أسطوانات الغاز "وفق ما هو مخصص"، كما أنه يلفت إلى أن ذلك ليس هو السبب الوحيد، حيث تتسبب دائماً "البلطجة" و "المحسوبيات" في حرمان من انتظر دوره لساعات طوال.

 وأضاف: "دائماً ما أرى سيارة تابعة للشرطة تأتي إلى نقطة التوزيع وتأخذ بين 4 إلى 5 أسطوانات، وخلال دقائق تغادر المكان والجميع ينظر إليها من "تم ساكت"، ناهيك عن الأشخاص المدعومين بسلطة شخصية ما، أو حتى ممن يقف معنا في الطابور إلا انه يتعدى على الدور بالسباب والشتائم؛ لتبدأ معاناة أخرى من الإهانة والسكوت عن التعدي على حقي وحق من انتظر طويلاً؛ دون جدوى".

ويذكر أحمد كيف تعدى المسؤول عن توزيع الغاز بالضرب على أحد الشبان، والذي كان اعترض على منح شخص قال لمسؤول التوزيع أنه يريد أسطوانة الغاز لـ "المعلّم"، إلا أن الشاب بعد اعتراضه على "واسطة المعلم" انهال مسؤول التوزيع والشخص "المدعوم" بالضرب عليه بعد ملاسنة وسباب ثم شجار بالأيدي، قبل أن يطرحوه أرضاً.

وتابع: "الشاب يتضح من لباسه المدرسي أنه في المرحلة الثانوية، فبدلاً أن يكون بمدرسته؛ وجدناه مضطراً للتغيب عنها من أجل الوقوف معنا في الطابور، قبل أن يتعرض للضرب والإهانة، وكذلك بقي جميع المنتظرين "من تم ساكت" فكل منا لا يريد التسبب بمشكلة لنفسه".  

قد يهمك:النظام يسعى لتحويل دمشق إلى "دبي جديدة" من خلال غسيل الأموال

حديث "جودي.م" (طالبة دراسات عليا وتقيم في حي الميدان؛ جنوب دمشق) لم يكن أفضل حالا في وصفها لمعاناة الناس على طابور الغاز، والتي أوضحت لـ "روزنة" أنها لا تنتظر في الطابور الطويل المعتاد، فهي تدفع لحارس البناء الذي تسكنه أضعاف المبلغ المتعارف عليه لتبديل أسطوانة الغاز.

تقول جودي: "أنا أدفع 8 آلاف ليرة لحارس البناء، الذي يأمنها بطريقة لا أعلمها، مع أن سعر الأسطوانة لا يتجاوز الـ 2700 ليرة، فقط مقابل ألا انتظر تحت المطر ووسط الطقس السيء لساعات، وقد لا يأتي أيضاً دوري، هناك الكثير من السيدات المتقدمات في العمر، ينتظرون في الطابور؛ لا يبدو أن هناك أحداً يعيلهن، هذا المشهد عندما أراه أثناء مروري أمامهن؛ أشعر بغصة كبيرة في قلبي؛ وأتساءل هل هذه الحياة تليق بإنسان".

وتكشف جودي في حديثها عن حالة السمسرة المتبعة على طابور الغاز، حيث أفادت بأن التوزيع يتم عبر دفتر العائلة، لذلك يأتي بعض المنتفعين بعدة دفاتر عائلة، ليستلموا عليها أسطوانات، ينتفعون مقابلها بزيادة السعر عمن لا يستطيع أو لا يفضل الانتظار في الطابور.

بينما تلفت في حديثها لـ"روزنة" أن العديد من العوائل الدمشقية "ميسورة الحال" باتت تلجأ لشراء الأطعمة الجاهزة والسريعة؛ بدلا من إعداد الطعام وتسخينه، بعد فقدان مادة الغاز في منازلهم، مشيرة في الوقت ذاته إلى ارتفاع أسعار الطعام الجاهز إلى الضعف بعد ابتعاد الأهالي عن إعداد الطعام في مطابخهم.

وكان مدير فرع محروقات دمشق، قال لجريدة "الوطن" المحلية، نهاية الشهر الفائت، أن ما يصل إلى دمشق يومياً، يتراوح بين 6 إلى 10 آلاف أسطوانة غاز، في حين حاجتها 18 ألفاً.

وأوضح آنذاك أن مشكلة الفرع ليس في الأمور الفنية؛ لأنه يستطيع إنتاج 80 ألف أسطوانة يومياً في حال توافرت المادة السائلة.

هذا وتشير البيانات الرسمية السورية إلى إنتاج 15.5 مليون متر مكعب من الغاز؛ يومياً في عام 2018، رغم إدخال خمسة آبار جديدة بقدرة إنتاجية لا تقل عن 900 ألف متر مكعب يومياً؛ في (البريج وقارة ودير عطية بريف دمشق؛ منذ منتصف عام 2016).

وكان انتاج سوريا من الغاز في عام 2011 قد سجّل 21 مليون متر مكعب يومياً، ولم يكن كافياً، ومنذ منتصف العقد السابق كانت سوريا قد تحولت إلى دولة مستوردة للمشتقات النفطية، بعد تراجع الاحتياطات فيها، وزيادة عدد السكان.

الكلمات المفتاحية
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق