هل تهرب قيادات داعش من سوريا إلى إفريقيا؟

هل تهرب قيادات داعش من سوريا إلى إفريقيا؟
الأخبار العاجلة | 19 فبراير 2019

 

هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الدول الأوروبية، يوم الأحد الفائت، بإطلاق سراح مقاتلي تنظيم داعش الذين تم القبض عليهم في سوريا.

وطلب "ترامب" عبر تغريدةٍ له على حسابه الرسمي بموقع "تويتر" من الدول الأوروبية استعادة مسلحي التنظيم الأوروبيين المقبوض عليهم في سوريا ومحاكمتهم.

وجاء في تغريدته: "نريد من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وباقي حلفائنا الأوروبيين استعادة أكثر من 800 من مسلحي (التنظيم) المقبوض عليهم بسوريا ومحاكمتهم، البديل ليس جيدًا، حيث إننا سنضطر إلى إطلاق سراحهم".

وأشار إلى أن الولايات المتحدة لا ترغب في رؤية عناصر التنظيم يعودون إلى أوروبا كما هو متوقع الحدوث وتابع قائلًا : "نفعل الكثير وأنفقنا الكثير، والآن حان الوقت ليتخذ الآخرون خطوة والقيام بالعمل الذي هم قادرون عليه".

وفي الرد على تهديدات ترامب؛ قال المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية يوم أمس الاثنين، وأكد حق المواطنين الألمان الذين قاتلوا مع تنظيم "داعش" في سوريا في العودة للبلاد، وتابع بالقول: "كل المواطنين الألمان ومن بينهم من يشتبه في ارتباطهم بالتنظيم لهم حق أصيل في الرجوع إلى ألمانيا".

الموقف الألماني القابل لمبدأ العودة للوطن قابله رفض فرنسي قاطع، فقد أعلنت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه يوم الاثنين أن بلادها لن تتخذ أي إجراء في الوقت الحالي بناء على طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حلفاء أوروبيين استعادة مئات من مقاتلي "داعش" من سوريا، وأنها ستعيد المقاتلين على أساس مبدأ "كل حالة على حدة".

وقالت بيلوبيه لقناة "فرانس 2" التلفزيونية: "هناك وضع جيوسياسي جديد في ظل الانسحاب الأمريكي.. ولن نغير سياستنا في الوقت الحالي.. لن تستجيب فرنسا في هذه المرحلة لمطالب ترامب".

عناصر التنظيم من سوريا إلى إفريقيا؟

ولا يبدو أن السيناريو الذي قد تشهده المنطقة خلال الفترة المقبلة أمراً أقل ضرراً بأمن المنطقة، ففي ظل تزايد النشاط الإرهابي و تصاعد العنف في الساحل والصحراء بإفريقيا؛ فإنه من غير المستبعد أن يتم نقل قيادات وعناصر تنظيم داعش إلى تلك البقعة الجغرافية؛ مما قد يساهم بزيادة ترتيب صفوف التنظيم بعد اندماجه مع باقي فروعه هناك.

هذا وتتزايد التقارير الأمنية والبحثية التي تحذر من تصاعد العنف والإرهاب في إفريقيا، ويذهب بعض المراقبين إلى الإشارة بأن إفريقيا ستصبح الساحة الأكثر عنفا وجذبا لـ"الجهاديين" والجبهة المفضلة للجهود الدولية في محاربة الإرهاب.

اقرأ أيضاً:ما الذي ينتظر الملف السوري بعد مؤتمر وارسو؟

وتشهد منطقة الساحل والصحراء الإفريقي اضطرابات أمنية متزايدة؛ وتؤكد دراسات وتحليلات عديدة على أن وتيرة العنف وحالة عدم الاستقرار الأمني بهذه المنطقة مرشحة لمزيد من التصعيد نظرا لتوافر جملة من الأسباب والشروط والظروف، مع تزايد حدة التنافس الدولي على ثروات القارة الإفريقية.

الخبير في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي؛ منير أديب، أشار في حديث لـ "راديو روزنة" إلى عدم وجود منطق في المواجهة التي أعلنت عنها واشنطن ضمن إطار التحالف الدولي لمحاربة داعش في سوريا و العراق.

و لفت إلى إمكانية ظهور تنظيم إرهابي آخر أكثر قسوة مما كان عليه داعش، معتبراً أن هذه الولادة الجديدة لهذا التنظيم؛ سيكون الهدف منها بالمقام الأول بأن تكون فوهة البندقية موجهة ضد الأنظمة والشعوب العربية؛ وفق قوله.

كما رجح أديب بإمكانية أن ينشط تنظيم داعش في مناطق من القارة الإفريقية؛ منها ليبيا التي تشهد صراع مسلح وتواجد تنظيم داعش؛ فضلاً عن النشاط في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية.

بدوره اعتبر الخبير في قضايا الإرهاب الدولي؛ ألبير فرحات، خلال حديث لـ "راديو روزنة" أن تصريحات الرئيس الأميركي حول أسرى تنظيم داعش؛ ما هو إلا ابتزاز لـ أوروبا.

مشيراً إلى أنه وعلى الصعيد الأخلاقي لا يمكن للرئيس الأميركي أن يطلق سراح الأسرى التابعين لتنظيم داعش، ولفت في الوقت ذاته إلى أن ما استطاع فعله ترامب حتى  الآن هو شق الصف الأوروبي.

ونوه فرحات إلى ما حصل سابقاً فيما يخص عناصر تنظيم داعش في سوريا؛ حينما تم إخراج مجموعة كبيرة منهم؛ من قبل الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، حيث تم إرسالهم إلى مالي، فضلاً عن إخراج مجموعة أخرى تم إرسالها إلى البوسنة والهرسك.

مواجهة تنظيم داعش أم القضاء عليه؟

الخبير في شؤون الحركات الإسلامية؛ منير أديب، ذكر خلال حديثه لـ "روزنة" ما قاله الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أمام الكونغرس؛ حينما فهم حديثه آنذاك  أن أميركا ليس لديها رغبة حقيقية في القضاء على داعش، مشيراً أديب في هذا الموضع إلى الفرق الجوهري بين الرغبة الحقيقية في القضاء على داعش، وبين رغبة أميركا في مواجهة داعش.

وأضاف بالقول: "قال أوباما أن المعركة مع داعش معركة طويلة، وأردف حينها أن الهدف هو الحد من قدرات داعش، ويفهم من هذا الحديث أنه لا رغبة حقيقية في القضاء على داعش، وإنما تحرك الأمريكان وفق أجندة سياسية ليس ضمن أولويات هذه الأجندة القضاء على داعش".

قد يهمك:ما احتمالات تشكيل تحالف فرنسي-سعودي في شرق الفرات؟

واعتبر أديب بأنه في حال كانت أميركا تريد القضاء على داعش، فيتوجب عليها أن تجيب عن تساؤل رئيسي حول كيفية استمرار الصراع ضد داعش من قبل التحالف الدولي خمس سنوات كاملة.

مستغرباً من سياسة الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم داعش من خلال عدد من الضربات الجوية ضد التنظيم، وهو التنظيم الشرس الذي اخترق المنطقة العربية وفق تعبيره، ولا يمكن القضاء على التنظيم من خلال ما تم اتباعه فقط، ورأى أديب بأن الولايات المتحدة قبل انسحابها من الأراضي السورية؛ فإنها قد تركت بيئة خصبة لأن يخرج التنظيم مرة ثانية.

ولفت في السياق ذاته عما كانت أشارت إليه تقديرات سابقة بتواجد حوالي 40 ألف مقاتل يتبعون لداعش على الحدود التركية، متسائلاً عن وجهة أولئك المقاتلين وأماكن تواجدهم الحالية.

ومع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنهم سوف ينجحون في ضرب آخر جيب من تنظيم داعش وإسقاط عالم الخلافة خلال ساعات؛ علّق منير أديب حول ذلك بعدة تساؤلات؛ أولها مصير الـ 40 طن من الذهب التي كانت بحوزة المجموعة الأخيرة لداعش في الشرق السوري، وكذلك عن مكان "أبو بكر البغدادي" زعيم تنظيم داعش؛ وذلك بعد خمس سنوات من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة من خلال التحالف الدولي الذي يضم 79 دولة.

وفي سياق آخر أوضح الخبير في قضايا الإرهاب الدولي؛ ألبير فرحات، أسباب اختلاف المواقف من قبل بعض الدول الأوروبية حيال قضية "الأسرى الدواعش"، مشيراً إلى أن الأسرى الألمان التابعين لتنظيم داعش لا يتجاوزون الـ 63 عنصر، وبذلك يكون هناك فرق كبير بينهم وبين الأعداد الكبيرة التي تحمل الجنسية الفرنسية  ، فضلاً عن أعداد كثيرة أيضاً من بين الأسرى يحملون الجنسية البريطانية.

واعتبر فرحات أن ما قد يحرج فرنسا هو كثرة أعداد "الأسرى الدواعش" الذي يقارب الـ 370 عنصر أسير.

وتابع حول ذلك بالقول: "فرنسا استلمت مؤخراً داعشي واحد فقط من تشاد، كان ضالع بعمليات نوفمبر 2015، ومن أجل استلامه كان هناك حوالي 100 سيارة وإجراءات أمنية، فكيف سيكون الأمر في حالة استلام الأعداد الكبيرة من أسرى داعش".

وأضاف: "هناك رفض فرنسي من عودة الأسرى إلى فرنسا، فالمخابرات العسكرية الفرنسية ترى أنه يجب عليهم تصفيتهم لذا فهي تعمل على تحديد منطقة تواجدهم وقصفهم، بينما يعتبر وزير الخارجية الفرنسي أن محاكمة الأسرى في سوريا مقابل الدفع للأكراد، سيكون أفضل من أن تتم محاكمة هؤلاء في فرنسا".

وكانت الإدارة الذاتية الكردية؛ انتقدت في تشرين الأول الماضي، رفض الدول الأوروبية استقبال رعاياها من عناصر تنظيم داعش الأسرى لدى المقاتلين الأكراد.

وذكرت آنذاك بأن المقاتلين الأجانب الأسرى وعائلاتهم يتحدرون من 46 بلدا، لافتة إلى أن "كل دول الاتحاد الأوروبي معنية، لكن ولا دولة طلبت منا تسليم رعاياها. يرفضون تحمل مسؤولياتهم ونتحمل نحن هذا العبء".

وتتخوف أوروبا من عودة المقاتلين الأجانب من بؤر التوتر، وقد خبروا القتال والتفجيرات وقد يشنون اعتداءات إرهابية في دولها.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق