إيمان حمراوي || روزنة
أصوات أنثوية عديدة مرّت على إذاعات سوريا، عندما كانت الإذاعة الأكثر انتشاراً، وإبهاراً للجمهور السوري، بعد عشرات السنين من التعامل مع الورق، وقبل ظهور الصندوق السحري "التلفزيون".
إذاعة دمشق كانت الأولى، انطلق بثّها في عام 1947، بصوت الإعلامي يحيى الشهابي "هنا دمشق..إذاعة الجمهورية العربية السورية".
ومن ذات الإذاعة انطلقت أصوات كثيرة جابت سوريا، كان بعضها نسائياً، متنوّعاً بين أخبار مقدّمة، أو مسلسلات إذاعية.
أوّل ممثلة إذاعية في سوريا
الممثلة السورية هدى شعرواي المعروفة بشكل مطلق بـ"أم زكي" قالت في لقاء مع جريدة دنيا الوطن المصرية أنها بالفعل "أول صوت نسائي يسمع على إذاعة سوريّة"، وهو ما اعترفت به دراسة أجريت عن واقع المرأة والمرأة اللبنانية تحديداً بين "1899 - 2009".
وبحسب صحيفة الوطن المحلية، فإن هدى شعراوي من أوائل الأسماء التي عملت في الدراما الإذاعية في سوريا، وتميزت بأنها كانت أصغر صوت إذاعي من بين الممثلين، إذ إنها بدأت في عمر التسع سنوات، وهي من مواليد 1938.
قدمت الكثير من الأعمال الإذاعية، منها "صرخة بين الأطلال"، من تأليف نجاح السمان، وإخراج تيسير السعدي، قدمت خلاله دوراً لفتاة بعمر 9 سنوات، وأخرى بعمر 17 ، وثالثة بعمر 27 سنة، بحسب شعراوي.
أوّل سيدة في إذاعة دمشق
لكن على الجانب الآخر ثمّة مقابلة أجريت مع المذيعة اللبنانية السورية عبلة خوري، أكدت خلالها أنها تلقّفت أول فرصة عمل في إذاعة سورية "هي إذاعة صوت دمشق"، لتصبح بعدها سيدة الأخبار الأولى، وصفتها حينها جريدة البناء اللبنانية بأنها "المذيعة القوميّة الأولى والألمع في لبنان والشام".

الصحافي طاهر أبو حمدان في جريدة السفير عام 1990، إن عبلة أيوب الخوري، وهي ابنة أخ فارس الخوري من قرية كفير حاصبيا في لبنان، أوّل مذيعة في إذاعة دمشق، وأوّل صوت نسائي خرج من استديوهاتها، عملت فيها تسع سنوات، وانتقلت بعدها إلى إذاعة لبنان في بيروت.
تزوجت في دمشق من خليل الأسعد حيث توفي فيها، وفي عام 1947 وصلت إلى إذاعة دمشق عن طريق إعلان يقول إن الإذاعة تطلب مذيعين ومذيعات للمرة الأولى في تاريخ سوريا.
تقول الخوري " ولم ينته المذيع من إعلانه حتى كان تصميمي قد أصبح نهائياً. فقصدت منزل نشأت التغلبي الذي كان مديراً للإذاعة. وكنت لم أزل مجلّلةً بالسواد حداداً على زوجي".
وأضافت، " وفي استوديو إذاعة دمشق، كان عليّ أن أقرأ مقطعاً من صحيفة، وكان نشأت التغلبي والأمير يحيى الشهابي خارج الاستديو يراقبان. ونجحت التجربة. وبقيت في إذاعة دمشق تسع سنوات مذيعة لنشرات الأخبار".
ونصحت الخوري الشابات الراغبات بالدخول إلى عالم الإذاعة قائلة: " أنا لا أنصح، بل أتمنى على كلّ فتاة ترغب في دخول عالم الإذاعة أن تسجّل صوتها، وتصغي إليه. فإن بكت فلتدخل عالم الإذاعة، وإن لم يهزّها هذا الصوت فلتذهب الى مكان آخر".
وتوفيت أول مذيعة في الدول العربية،عبلة الخوري، عام 1992 بحسب جريدة الديار، في بلدة الكفير، بحضور شخصيات سياسية واجتماعية.
اقرأ أيضاً: مسؤولة في اليونيسكو: ندعو الإذاعات لتعزيز التنمية والسلام عبر تشجيع الرياضة
إذاعة دمشق.. الإذاعة الثانية في الوطن العربي
تعتبر "إذاعة دمشق" ثاني إذاعة تأسّست في الوطن العربي بعد إذاعة صوت العرب من القاهرة.
وقال الكاتب والإعلامي السوري شمس الدين العجلاني، "انطلقت إذاعة دمشق، الإذاعة السورية الأولى، عقب جلاء المستعمر الفرنسي، بخطوات خجولة، كانت تبث ساعتين متواصلتين فقط يومياً ومن ثم أصبحت ست ساعات يومياً"، بحسب مجلة "الأزمنة".
كان الإعلامي يحيى الشهابي أوّل صوت انطلق من إذاعة دمشق معلناً استقلال سوريا بعد جلاء المستعمر الفرنسي عام 1946 م قائلاً: "أيها الشعب الكريم، يا شعب البطولات والتضحية، هذه إذاعتكم، إذاعة الجمهورية السورية من دمشق، إذاعة القومية العربية، إذاعة كل العرب، تنقل صوتها إليك في أعيادك، الإذاعة السورية في دمشق تتحدث إليك"
وأضاف العجلاني، "توسعت وتطورت الإذاعة إلى أن أضحت الوسيلة الإعلامية الأولى في سوريا، يتجمهر الناس على الراديو في المقاهي لمتابعة الأخبار والأغاني، فلم يكن بدمشق في الأربعينيات من القرن سوى عشرين جهاز راديو".
استطاعت إذعة دمشق، بحسب العجلاني، منذ بداياتها أن تواكب الأحداث العامة في الوطن العربي، وأن تعبر عن أحوال الناس وأمورهم المعيشية وطرح مختلف القضايا الاجتماعية بأسلوب طريف، من خلال تمثيليات ساهم في تقديمها عدد من الفنانين منهم، حكمت محسن، أنور البابا، تيسير السعدي وفهد كعيكاتي، وهدى الشعراوي.
وفي عام 1956 أنشئت إذاعة حلب، وكانت مخصصة لمدينة حلب وضواحيها، وتبث لمدة ساعتين يومياً، بحسب العجلاني.
وافتتحت إذاعة صوت الشعب في حزيران عام 1978، بدأت على مدى ثماني ساعات على فترتين، وفي عام 2013 تم تمديد الإرسال ليصبح أربعًا وعشرين ساعة، وتخصصت بتقديم البرامج الشعبية والخدمية وبرامج المنظمات الشعبية ومركز المحافظات .
وفي مطلع عام 2017 أصدرت وزارة الإعلام لدى النظام السوري قراراً يقضي بإيقاف بث إذاعة "صوت الشعب".
وقال وزير الإعلام رامز ترجمان أن أي قناة لا تستطيع لا تستطيع تحقيق المطلوب منها تعد إرباكاً للإعلام، مشيراً إلى أنه يبحث عن قنوات تخصصية.
وأوضح أن الهدف من إغلاق صوت الشعب الذي تزامن مع إغلاق القناة الأولى، هو ضغط النفقات وترشيد الاستهلاك، ودمج الكفاءات في مكان واحد، لافتاً أن استمرار البث يكلف 250 ألف دولار.
قد يهمك: هل أنت مع اغلاق القناة الأولى وإذاعة صوت الشعب؟
وأجرت "روزنة" خلال برنامج "صدى الشارع" استطلاعاً عن آراء السوريين حول قرار وزارة الإعلام التابعة للنظام بإغلاق القناة الأولى وإذاعة صوت الشعب.
وتفاوتت الآراء بين من قال إنه مع الإغلاق ومن كان ضد قرار الإغلاق، وكانت نتيجة التصويت أن 60 في المئة قال إنه ضد قرار إغلاق القناة الأولى وإذاعة صوت الشعب، و 40% وافق القرار وكان معه.
وازداد عدد الإذاعات السورية الخاصة منذ عام 2005، التي تبث من الداخل السوري عبر موجات "أف إم" تغطي المحافظات السورية، بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 50 للعام 2002، الذي أتاح تأسيس إذاعات خاصة، معظمها في العاصمة دمشق، إذ تأسست إذاعة المدينة عام 2005 كأول إذاعة خاصة سورية، وتلتها إذاعات كثيرة مثل ""نينار، ميلودي، فيرجن، أرابيسك، فرح، روتانا ستايل، فيوز، الكرمة، زنوبيا".
وبحسب دراسة "قبض الزبَد..جردة لحال الإذاعات والمواقع الجديدة في سوريا" التي أصدرها فريق ويدو للدراسات الإعلامية، فإن عدد الإذاعات السورية التي تأسست بعد عام 2011 وصل إلى 30 إذاعة، تتوزع مقراتها داخل وخارج سوريا.
يشار إلى أن المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" حددت في الـ 13 شباط من كل عام يوماً عالمياً للاحتفل بالراديو، ويعود ذلك إلى اليوم الذي بدأ فيه بث أول إذاعة أممية عام 1946، وحددت اليونسكو موضوع احتفالية هذا العام 2019 بـ"الحوار والتسامح والسلام".
الكلمات المفتاحية