سعت كل من إيران وروسيا خلال الفترة الماضية لتوقيع عدة اتفاقيات استراتيجية طويلة الأمد؛ مع النظام السوري، سعياً منهما للسيطرة على حيز واسع من العملية الاقتصادية السورية؛ في مرحلة ما بعد الحرب، وبالأخص فيما يتعلق بإعادة الإعمار.
ففي منتصف كانون الأول الماضي؛ توصلت "اللجنة المشتركة السورية الروسية" لصيغة اتفاق شبه نهائي على أكثر من 20 مذكرة تفاهم في تسعة قطاعات مهمة، منها قطاعات المطاحن والكهرباء والنقل والطاقة والموارد المائية، فضلاً عن عزم اللجنة المشتركة إلى تعزيز "التعاون المشترك" بين الجانبين، بغية الوصول لاتفاقات أخرى في القطاعات "الاقتصادية والتجارية والصناعية والعلمية والثقافية الفنية".
وفي نفس الإطار ولكن بشكل أوسع، تركز إيران مساعيها في توقيع أكبر عدد من الاتفاقيات الاستراتيجية في قطاعات الاقتصاد المختلفة بسوريا، ذلك في محاولة منها أيضاً لحصد نتائج تدخلها المباشر في الملف السوري
حيث وقع نائب الرئيس الإيراني، إسحاق جهانجيري، في دمشق، نهاية شهر كانون الأول، عدداً من مذكرات التفاهم خلال زيارته، حيث شملت الاتفاقات مجالات التعليم والإسكان والأشغال العامة والسكك الحديدية والاستثمار ومجالات أخرى، دون الخوض في تفاصيل.
بينما أشار نائب الرئيس الإيراني في حينه إلى توقيع اتفاقات "مهمة جدا بشأن التعاون المصرفي"، فضلاً عن إشارته إلى أن بلاده ستساعد دمشق في إصلاح محطات كهرباء في أنحاء مختلفة من سوريا، وكذلك إنشاء محطة كهربائية جديدة في محافظة اللاذقية.
وقدمت إيران خلال السنوات الثمانية الماضية، الدعم اللوجستي والعسكري عبر تدخلها المباشر إلى جانب قوات النظام في سوريا، فضلاً عن مساعيها الحالية لخلق مكاسب اقتصادية في سوريا، وفق ما تعتبره تعويضاً لها عن السنوات الماضية في دعم النظام، إلى جانب الدعم الروسي الهائل عسكرياً واقتصادياً وتجلى بشكل بارز منذ التدخل العسكري المباشر في شهر أيلول من عام 2015.
اقرأ أيضاً:هل استطاعت واشنطن "تحجيم" موسكو في مسار أستانا؟
وفي تعليق نوعي لافت متعلق بهذا الشأن، أشار الدبلوماسي في حكومة النظام السوري، (القائم بأعمال السفير السوري في الأردن؛ أيمن علوش) مطلع الأسبوع الجاري، أن الدول التي تحالف معها النظام السوري خلال السنوات الثمانية الماضية؛ تنتظر الحصول على شيء منها مقابل المساعدات التي قدمتها هذه الأطراف لبلاده.
وفي إشارة واضحة عن دولتي روسيا وإيران، قال علوش بأن التحالفات الإيجابية لها ثمن، إلا أنه لفت بأن هذه الدول ليست "جمعيات خيرية"، وأضاف أن "من يمد يد المساعدة يريد الحصول على شيء بالمقابل".
وحول هذه التصريحات؛ اعتبرت الباحثة والسياسية؛ لمى الأتاسي، خلال حديثها لـ"روزنة" أن علوش يشير من خلاله حديثه إلى موضوع "السيادة السورية"، وهو موضوع كثيرا ما تحدث عنه النظام و المعارضة بشكل غير واقعي؛ وفق تعبيرها.
وشددت الأتاسي بوجوب الإقرار بالواقعية السياسية التي تشير بأن الدول ذات السيادة المطلقة غير موجودة في عالمنا الحالي، و إنما للسيادة درجات، معتبرة أن سوريا بالمفهوم السياسي هي دولة فاشلة، و لسنا بمستوى أي من السعودية او أيران أو تركيا.
وأضافت: "هذا العالم يحكمه قطب أميركي غربي، ينافسه على الندية مجموعة فيها الصين و روسيا تحاول أن تتمرد عليه، و سوريا بحكم نشأتها رسميا عام 1946 كدولة حديثة، لا تملك عمليا مقومات اقتصادية أو عسكرية أو اجتماعية لتكون قطب رائد بمفردها او حتى ذات سيادة نسبية عالية".
قد يهمك:ما حقيقة التوافق على اقامة "منطقة أمنية" في شمال سوريا؟
وحول واقع الدولة السورية من مفهوم سياسي؛ خلال الوقت الراهن، وتبعية النظام للدول التي تدخلت إلى جانبه لحمايته من السقوط، قالت الأتاسي أن سوريا مضطرة أن تكون تابعة لإحدى القوى الإقليمية أو الدولية العظمى، فليست هي من يختار حسب وصفها؛ وإنما هناك حسابات معقدة تدخل ضمن المعادلة.
واعتبرت بأنه في سوريا لم يختار أحد التبعية لموسكو بدل أميركا، فبعد إضعاف القوى البريطانية والفرنسية كـ "قوى عظمى"، تحاصصت أميركا مع الاتحاد السوفييتي المنطقة "أو العالم".
مشيرة بأنه وإلى مرحلة قريبة عندما كان يحكم العالم قطبين، فلم تكن سوريا تعني أميركا، حيث فضّلت أن تختار حلفاء اغنياء استراتيجيين من ضمنهم إيران و ليس فقط السعودية، كما أن سوريا في عهد الأسد الأب حاولت أن تتجنب الدخول في صراع النفوذ هذا محترمة حدودها؛ وفق تعبيرها.
ولفتت الباحثة والسياسية؛ لمى الأتاسي، أن كلام القائم بالأعمال في السفارة السورية بدمشق حول رد الجميل للدول التي ساندته ضد الطرف المعتبر مدعوم من أطراف معادية (أي الغرب وأميركا)، فتشير إلى أن هذا الكلام يسمع أيضاً لدى المعارضة التي تؤيد تركيا، متابعة بالقول: "هم أيضا في مرحلة ظنوا أنفسهم منتصرين و منقلبين، و كانوا يوزعون الوعود برد الجميل".
وترى الأتاسي بمنطقية القول أن الدول ليست جمعيات خيرية، إلا أنها أوضحت في الوقت ذاته بأن حقيقة الواقع السوري تقول بأنه لا يستطيع أحد أن يعد بشيء؛ سواء كان النظام أو المعارضة، واصفة ذلك بالقول: "لا نستطيع أن نعطي ما لا نملك، هذا القرار هو بين يدي القوى المتصارعة، (كما) لا توجد مؤامرة على سوريا وإلا فكل ثورات و تظاهرات العالم مؤامرات خارجية، والثغرات في الوحدة الوطنية لها سبب وجيه و هو الفساد و الفقر، و هم من مسؤولية النظام".
اقرأ أيضاً:توجيهات أوروبية للجامعة العربية بخصوص النظام السوري.. ما أثر ذلك؟
ونوهت الأتاسي بالقول إلى تواجد عدة دول لها وجود أو نفوذ في سوريا، متسائلة في حديثها حول ذلك: "أن نقول بأن النظام تابع لإيران و ليس حليف حاليا، (ولكن) هل الكورد حلفاء أميركا أو المعارضة حليفة أردوغان، ليس لبلد يتصارع، أن يكون لأبنائه المقدرة على صياغة تحالف، فالصراع لم يعد بين النظام و المعارضات، بل بين إيران والقوى الاخرى مباشرة، نحن فقط بندقية لا نملك أن نرفضها".
كما تساءلت أيضاً بأنه لو اقتضت مصلحة سوريا العليا الاقتصادية و السياسية و الأمنية؛ التخلي عن الحلف الإيراني، فهل بإمكان النظام السوري أن يحول قراره التحالفي، وهل فعلا يملك قرار التراجع.
وتابعت الأتاسي بالقول: "من موّل الجيوش طوال هذه السنوات؛ فلا يمكن أن يخرج احد من جيشه من تحت سيطرته، وهذا ليس حال سوريا فقط بل مأزق الكثير من الدول التي اختارت الطريق العسكري لحكم البلاد، والنظام السوري وضع نفسه في مأزق صعب كان يجب عدم الوقوع به، الرهان الباقي هو على عملية التحول القادمة في ايران، وهي ستأخذ سنوات و لكنها قادمة، حينها ستتخلى إيران عن وجودها المكلف في سوريا و لبنان".
ففي منتصف كانون الأول الماضي؛ توصلت "اللجنة المشتركة السورية الروسية" لصيغة اتفاق شبه نهائي على أكثر من 20 مذكرة تفاهم في تسعة قطاعات مهمة، منها قطاعات المطاحن والكهرباء والنقل والطاقة والموارد المائية، فضلاً عن عزم اللجنة المشتركة إلى تعزيز "التعاون المشترك" بين الجانبين، بغية الوصول لاتفاقات أخرى في القطاعات "الاقتصادية والتجارية والصناعية والعلمية والثقافية الفنية".
وفي نفس الإطار ولكن بشكل أوسع، تركز إيران مساعيها في توقيع أكبر عدد من الاتفاقيات الاستراتيجية في قطاعات الاقتصاد المختلفة بسوريا، ذلك في محاولة منها أيضاً لحصد نتائج تدخلها المباشر في الملف السوري
حيث وقع نائب الرئيس الإيراني، إسحاق جهانجيري، في دمشق، نهاية شهر كانون الأول، عدداً من مذكرات التفاهم خلال زيارته، حيث شملت الاتفاقات مجالات التعليم والإسكان والأشغال العامة والسكك الحديدية والاستثمار ومجالات أخرى، دون الخوض في تفاصيل.
بينما أشار نائب الرئيس الإيراني في حينه إلى توقيع اتفاقات "مهمة جدا بشأن التعاون المصرفي"، فضلاً عن إشارته إلى أن بلاده ستساعد دمشق في إصلاح محطات كهرباء في أنحاء مختلفة من سوريا، وكذلك إنشاء محطة كهربائية جديدة في محافظة اللاذقية.
وقدمت إيران خلال السنوات الثمانية الماضية، الدعم اللوجستي والعسكري عبر تدخلها المباشر إلى جانب قوات النظام في سوريا، فضلاً عن مساعيها الحالية لخلق مكاسب اقتصادية في سوريا، وفق ما تعتبره تعويضاً لها عن السنوات الماضية في دعم النظام، إلى جانب الدعم الروسي الهائل عسكرياً واقتصادياً وتجلى بشكل بارز منذ التدخل العسكري المباشر في شهر أيلول من عام 2015.
اقرأ أيضاً:هل استطاعت واشنطن "تحجيم" موسكو في مسار أستانا؟
وفي تعليق نوعي لافت متعلق بهذا الشأن، أشار الدبلوماسي في حكومة النظام السوري، (القائم بأعمال السفير السوري في الأردن؛ أيمن علوش) مطلع الأسبوع الجاري، أن الدول التي تحالف معها النظام السوري خلال السنوات الثمانية الماضية؛ تنتظر الحصول على شيء منها مقابل المساعدات التي قدمتها هذه الأطراف لبلاده.
وفي إشارة واضحة عن دولتي روسيا وإيران، قال علوش بأن التحالفات الإيجابية لها ثمن، إلا أنه لفت بأن هذه الدول ليست "جمعيات خيرية"، وأضاف أن "من يمد يد المساعدة يريد الحصول على شيء بالمقابل".
وحول هذه التصريحات؛ اعتبرت الباحثة والسياسية؛ لمى الأتاسي، خلال حديثها لـ"روزنة" أن علوش يشير من خلاله حديثه إلى موضوع "السيادة السورية"، وهو موضوع كثيرا ما تحدث عنه النظام و المعارضة بشكل غير واقعي؛ وفق تعبيرها.
وشددت الأتاسي بوجوب الإقرار بالواقعية السياسية التي تشير بأن الدول ذات السيادة المطلقة غير موجودة في عالمنا الحالي، و إنما للسيادة درجات، معتبرة أن سوريا بالمفهوم السياسي هي دولة فاشلة، و لسنا بمستوى أي من السعودية او أيران أو تركيا.
وأضافت: "هذا العالم يحكمه قطب أميركي غربي، ينافسه على الندية مجموعة فيها الصين و روسيا تحاول أن تتمرد عليه، و سوريا بحكم نشأتها رسميا عام 1946 كدولة حديثة، لا تملك عمليا مقومات اقتصادية أو عسكرية أو اجتماعية لتكون قطب رائد بمفردها او حتى ذات سيادة نسبية عالية".
قد يهمك:ما حقيقة التوافق على اقامة "منطقة أمنية" في شمال سوريا؟
وحول واقع الدولة السورية من مفهوم سياسي؛ خلال الوقت الراهن، وتبعية النظام للدول التي تدخلت إلى جانبه لحمايته من السقوط، قالت الأتاسي أن سوريا مضطرة أن تكون تابعة لإحدى القوى الإقليمية أو الدولية العظمى، فليست هي من يختار حسب وصفها؛ وإنما هناك حسابات معقدة تدخل ضمن المعادلة.
واعتبرت بأنه في سوريا لم يختار أحد التبعية لموسكو بدل أميركا، فبعد إضعاف القوى البريطانية والفرنسية كـ "قوى عظمى"، تحاصصت أميركا مع الاتحاد السوفييتي المنطقة "أو العالم".
مشيرة بأنه وإلى مرحلة قريبة عندما كان يحكم العالم قطبين، فلم تكن سوريا تعني أميركا، حيث فضّلت أن تختار حلفاء اغنياء استراتيجيين من ضمنهم إيران و ليس فقط السعودية، كما أن سوريا في عهد الأسد الأب حاولت أن تتجنب الدخول في صراع النفوذ هذا محترمة حدودها؛ وفق تعبيرها.
ولفتت الباحثة والسياسية؛ لمى الأتاسي، أن كلام القائم بالأعمال في السفارة السورية بدمشق حول رد الجميل للدول التي ساندته ضد الطرف المعتبر مدعوم من أطراف معادية (أي الغرب وأميركا)، فتشير إلى أن هذا الكلام يسمع أيضاً لدى المعارضة التي تؤيد تركيا، متابعة بالقول: "هم أيضا في مرحلة ظنوا أنفسهم منتصرين و منقلبين، و كانوا يوزعون الوعود برد الجميل".
وترى الأتاسي بمنطقية القول أن الدول ليست جمعيات خيرية، إلا أنها أوضحت في الوقت ذاته بأن حقيقة الواقع السوري تقول بأنه لا يستطيع أحد أن يعد بشيء؛ سواء كان النظام أو المعارضة، واصفة ذلك بالقول: "لا نستطيع أن نعطي ما لا نملك، هذا القرار هو بين يدي القوى المتصارعة، (كما) لا توجد مؤامرة على سوريا وإلا فكل ثورات و تظاهرات العالم مؤامرات خارجية، والثغرات في الوحدة الوطنية لها سبب وجيه و هو الفساد و الفقر، و هم من مسؤولية النظام".
اقرأ أيضاً:توجيهات أوروبية للجامعة العربية بخصوص النظام السوري.. ما أثر ذلك؟
ونوهت الأتاسي بالقول إلى تواجد عدة دول لها وجود أو نفوذ في سوريا، متسائلة في حديثها حول ذلك: "أن نقول بأن النظام تابع لإيران و ليس حليف حاليا، (ولكن) هل الكورد حلفاء أميركا أو المعارضة حليفة أردوغان، ليس لبلد يتصارع، أن يكون لأبنائه المقدرة على صياغة تحالف، فالصراع لم يعد بين النظام و المعارضات، بل بين إيران والقوى الاخرى مباشرة، نحن فقط بندقية لا نملك أن نرفضها".
كما تساءلت أيضاً بأنه لو اقتضت مصلحة سوريا العليا الاقتصادية و السياسية و الأمنية؛ التخلي عن الحلف الإيراني، فهل بإمكان النظام السوري أن يحول قراره التحالفي، وهل فعلا يملك قرار التراجع.
وتابعت الأتاسي بالقول: "من موّل الجيوش طوال هذه السنوات؛ فلا يمكن أن يخرج احد من جيشه من تحت سيطرته، وهذا ليس حال سوريا فقط بل مأزق الكثير من الدول التي اختارت الطريق العسكري لحكم البلاد، والنظام السوري وضع نفسه في مأزق صعب كان يجب عدم الوقوع به، الرهان الباقي هو على عملية التحول القادمة في ايران، وهي ستأخذ سنوات و لكنها قادمة، حينها ستتخلى إيران عن وجودها المكلف في سوريا و لبنان".
الكلمات المفتاحية