الخوف من المرض هو العنوان العريض للحال الطبية في محافظة الرقة نظرا لما يواجهه المدنيون من تحديات في هذا المضمار، فأجور الأطباء وأسعار الدواء تتفاوت ما بين العيادات والصيدليات، كما أن الفقر يلعب دوره الأبرز في هذه المحافظة التي دمرتها الحرب.
وقال أحد العاملين في القطاع الصحي داخل الرقة في تصريحات لـ "روزنة" إن القطاع الصحي في مدينة الرقة "يعاني من تدهور في جميع النواحي"، موضحاً أن أغلب المشافي والمراكز الصحية "تعرضت للدمار بسبب الحرب على تنظيم داعش بالإضافة الى هجرة عدد من الكوادر الطبية الى خارج المدينة".
وأشار إلى أن "التكاليف الطبية في المدينة مرتفعة جداً حيث تتراوح معاينة الطبيب بين 2000 و3000 ليرة سورية"، في حين تتراوح تكاليف العمليات الجراحية من 100 إلى 800 دولار أميركي، وأضاف أن هذه المبالغ كبيرة جدًا مقارنة بدخل المواطن القليل أو المعدوم، وهو "ما يضطر الناس إلى بيع بعض ممتلكاتهم أو الاتجاه إلى الاستدانة من المعارف والأقارب".
المرض والأسعار.. هاجس ورعب!
يقول حنّان الشيخ من مدينة الرقة خلال حديثه إلى "روزنة" إن الناس في الرقة باتوا يخافون المرض ويرتعبون من ذكر زيارة الطبيب، معللًا ذلك بأن تكاليف "المعاينات والطبابة باهظة"، و"بشكل عام قلة قليلة التزمت بالتسعيرات الموضوعة من قبل لجنة الصحة في الرقة سواء العيادات او المشافي".
ولفت الانتباه إلى أن أسعار الأدوية "تتفاوت من صيدلية إلى أخرى"، وهو الأمر الذي أكده أحد العاملين في المجال الإنساني بمدينة الرقة بالقول لـ "روزنة" إن "الصيدليات في الرقة تشعر الزبون كأنه في سوق للخضار، تذهب للأولى لشراء الدواء تبيعه لك بسعر!، وتنتقل للثانية سعر آخر.. أنت وحظك".
كما تحدث عمار الخلف، أحد أبناء مدينة عين عيسى، لـ "روزنة" عن إشكالية الأسعار أيضاً، وقال إن "تفاوت أسعار المعاينة والكشفيات متفشي في المحافظة عامةً، وليس فقط في عين عيسى"، وأضاف: "تتغير تكلفة المعاينة بحسب علاقتك بالطبيب، أما الغرباء (أي ليسوا من أبناء المنطقة) يقومون بدفع 3000 ليرة سورية".
ووفق الخلف، فإن "هناك ظاهرة جديدة بدأنا نلاحظها، الطبيب تدخل اليه معك انفلونزا فحسب، تخرج من عنده إلى الصيدلي تحمل كمية كبيرة من الأدوية، والتي هي باهظة الثمن"، وعقّب قائلًا "تشعر أن هناك تعاقد بين الطبيب والصيدلي".
اقرأ أيضاً:الرقة.. مظاهرة تنادي بإسقاط النظام ورفض المصالحات
من جهته، قال أحمد -صيدلي في الرقة- إن تفاوت الأسعار بين الصيدليات سببه أن "نسب أجور الشحن إلى الرقة تختلف، والأدوية تتعرض لجمرك من قبل القوى المسيطرة على محيط المحافظة"، مضيفًا أن "هناك نوع من عدم السيطرة من الجهات الرقابية المسؤولة لدينا في المنطقة".
بدوره، أكد رئيس لجنة الصحة في مجلس الرقة المدني أحمد اسماعيل في تصريحات لـ "روزنة" إن اللجنة منذ حوالي ثلاثة أشهر "أصدرت تعميم بأسعار معاينات الأطباء، وكل الأمور الطبية والعمليات الجراحية"، مشيرًا إلى أنه "معظم الأطباء التزموا بالتسعيرات، وبعض الأطباء لم يلتزموا"، وتابع: "طلبنا من الأهالي أن يتواصلوا على رقم تم وضعه خصيصا للشكاوى لكن مع الأسف لا أحد يشتكي".
وأكد إسماعيل أنه "في حال الشكوى لأول مرة، يتم فرض عقوبة غرامة مالية، أما في المرة يتم إغلاق العيادة يومين، أما إذا تكررت الشكوى خمس مرات يتم سحب الترخيص بشكل نهائي من الطبيب"، لافتًا أيضًا إلى أن اللجان "تتابع موضوع أسعار الصيدليات، وهناك جولات دائمة عليهم لمراقبة الأسعار، نتأكد من الأسعار على الأدوية، ونتأكد من أن تكون صحيحة (من حيث صلاحيتها) مئة بالمئة"، لكنه قال إنه "من الممكن أن يقوم البعض بتجاوزات، وفي حال ورود شكوى هناك عقوبات رادعة للموضوع ".
كمال قال رئيس الشؤون الإدارية والمالية في لجنة الصحة خالد الخليل خلال حديث إلى "روزنة" إن اللجنة من خلال الأسعار التي عممتها وضعت "نسبة الأرباح للصيدلي، لدينا 214 صيدلية مرخصة، وأكثر من 80 عيادة طبيب"، منوهاً إلى أنه حتى اليوم "لم ترد للجنة الصحة أي شكوى مكتوبة لنتمكن من متابعة الأمر".
مرضى الكلى والأعصاب.. أوجاع دون علاج
أكثر من عام مضى على طرد تنظيم داعش من الرقة وريفها على أيدي قوات سوريا الديمقراطية (المدعومة أميركيا) وقوات التحالف الدولي، وعلى الرغم من افتتاح العيادات ومحاولات توفير العلاج، إلا أن مرضى الكلى والأعصاب مازالوا دون مساعد.
يؤكد حَنان الشيخ لـ"روزنة" أنه "رغم وجود الكثير من المنظمات وافتتاح الكثير من المشافي الخاصة، لكن إلى الآن لا يوجد جهاز غسيل كلية واحد بالرقة مما يضطر أهل المدينة للسفر الى دمشق بسبب غلاء جلسات الغسيل في تل أبيض".
وقال الشيخ إنه "بالنسبة لجهاز الطبقي والرنين وتصوير الاشعة بشكل عام غير متوفرة، ولا يوجد قطاع عام يرعاها، حتى المنظمات لا تقوم بذلك، وهذا الأمر يشكل عبئاً كبيراً على الأهالي"، وهو الأمر الذي أشار إليه غالبية المدنيين الذين تحدث إليهم (روزنة) مضيفين أن ما زاد معاناتهم هو إغلاق مشفى عين عيسى، إذ يضطر الناس إلى الذهاب إلى العيادات الخاصة، وهو ما يزيد مشاكلهم مشاكل أخرى.
قد يهمك:الرقة.. قتل شقيقه بسبب خلاف على "طيري حمام"!
أحمد إسماعيل قال "نحن قمنا بتجهيز قسم الكلى في المشفى الوطني القديم وقمنا بتركيب محطة التحلية، كما بدأنا صيانة أجهزة الكلى القديمة الموجودة لدينا" استطعنا إصلاح ثلاثة أجهزة منها"، وأضاف: "هناك وعود بتزويدنا بـ 12 جهازاً عن طريق المنظمات الدولية.. نأمل أن تبدأ أجهزة غسيل الكلى العمل في شهر شباط القادم".
كما نوه إلى أن "المشفى الوطني سيبدأ العمل في 1 شباط القادم، بكافة الاختصاصات الجراحية، من جراحة عامة وعظمية وعصبية، وقسم أذن أنف حنجرة"، وأوضح أنه في المرحلة الثانية "سنبدأ بعمليات الجراحة العينية والعيادات الخارجية والطوارئ والعناية القلبية".
ووفق اسماعيل، فإن "الكوادر الطبية متوفرة في الرقة بكافة الاختصاصات، هناك أكثر من 100 طبيب في المدينة، وعدد الممرضين تجاوز الـ 500، وقابلات.. الوضع جيد ولا نعاني من أي نقص".
الكلمات المفتاحية