واشنطن تقترب من إعلان انسحابها الكامل من الملف السوري!

واشنطن تقترب من إعلان انسحابها الكامل من الملف السوري!
الأخبار العاجلة | 23 يناير 2019

 

أعلن الموفد الأمريكي السابق لدى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"، بريت مكغورك، بأن الولايات المتحدة لم تتبنّى أي خطة لسوريا ما بعد انسحاب القوات الأميركية منها.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب؛ أمر بمنتصف شهر كانون الأول الفائت، بسحب القوات الأميركية المنتشرة في شمال سوريا والبالغ عددها نحو ألفي جندي، وهي بغالبيتها قوات خاصة لمقاتلة تنظيم داعش، وتدريب القوات المحلية (قوات سوريا الديمقراطية) في المناطق التي تمت استعادتها من التنظيم.

من جانبها، ذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) آنذاك، أنها تدرس خططا لـ"انسحاب مخطط ومدروس"، ويعتبر قرارا ترامب بشأن سوريا نقطة تحول في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وقد يفتح الباب أمام سلسلة من الأحداث المتتابعة غير المتوقعة في الشرق الأوسط.

وجاء قرار الانسحاب الأميركي العسكري من سوريا، بالتزامن مع وصف وزارة الخارجية الروسية الوجود الأميركي في سوريا بـ"غير الشرعي"، قائلة إنه تحول لعائق خطير في طريق تسوية الأزمة السورية.

فيما طالب لاحقاً؛ سكرتير مجلس الأمن القومى الروسى نيكولاى باتروشيف، الولايات المتحدة بتقديم خطة مرحلية للخروج من سوريا، مشيرا إلى أن ذلك يجعل روسيا تأخذ تصريحات واشنطن عن الانسحاب من سوريا على محمل الجد.

وقال باتروشيف في تصريح أوردته صحيفة "روسيسكايا غازيتا" الروسية؛ منتصف الشهر الجاري، "إن تصريحات الجانب الأمريكى حول الانسحاب من سوريا ستكون جديرة بالاهتمام فقط؛ عندما تقدم الولايات المتحدة خطة مرحلية لانسحابها من سوريا، حيث ستتضح آنذاك دقة التوقيت والإطار الجغرافى وتسلسل تنفيذ هذه العملية".

اقرأ أيضاً:قمة أردوغان-بوتين: هل يُستبدل اتفاق سوتشي بالمنطقة الآمنة؟

وبالعودة إلى تصريحات المسؤول الأميركي بريت مكغورك (الذي استقال في كانون الأول بعد إعلان ترامب الانسحاب من سوريا)؛ فقد أشار في حديث لشبكة "سي بي إس" مطلع الأسبوع الحالي: "لا توجد خطّة لما بعد الانسحاب"، معتبرا أن ذلك يزيد من المخاطر على القوات الأميركية في سوريا.

وأضاف: "الرئيس كان واضحا، ونحن نغادر وهذا يعني أن قواتنا يجب أن تكون لها مهمة واضحة، ألا وهي "الانسحاب بأمان"، لكن "في الوقت الحالي، ليس لدينا أي خطة لذلك، هذا يزيد من تأثّر قواتنا ويزيد المخاطر بالنسبة إلى عناصرنا على الأرض في سوريا"، وسيؤدي إلى إفساح المجال أمام تنظيم "داعش".

وكانت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" اتهمت في وقت سابق إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بعدم تبني استراتيجية واضحة لها في سوريا؛ مشيرة إلى أنه ومنذ مجيء إدارة ترامب إلى البيت الأبيض، لم يكن واضحاً ما طبيعة الإجراءات التي ستتخذها الإدارة في سوريا؛ ما عقد الوضع أكثر.

ما دلالات غياب الاستراتيجية الأميركية..

المحلل السياسي؛ إيلي يوسف، قال في حديث لـ "راديو روزنة" أن كلام الموفد الأميركي السابق "بريت ماكغورك" يكشف أن إدارة الرئيس ترامب تعيش تخبطا يغطي قرارا ضمنيا متخذا باتجاه تسليم ملف سوريا؛ إلى قوى إقليمية رئيسية على رأسها إسرائيل وروسيا.

تصريحات ماكغورك لم تقف عند إعلان عدم وجود خطة واضحة لدى إدارة ترامب، بل شكك الموفد الأميركي السابق في قدرة شريك للولايات المتحدة مثل تركيا على الحلول مكان أميركا في المنطقة.

وأضاف بالقول: "هذا غير واقعي"، معتبرا أنه من الصعب سحب القوات الأميركية؛ والبحث في الوقت نفسه عن صيغة لاستبدال هذه القوات بشريك آخر في التحالف المناهض لـ"داعش"، مشددا على أن "هذه الخطة ليست قابلة للتطبيق".

قد يهمك:قوات أممية على الحدود السورية-التركية تمنع عملية شرق الفرات!

وحول ذلك علّق المحلل السياسي من واشنطن؛ إيلي يوسف، بأن تشكيك ماكغورك بقدرة تركيا على الإمساك بأمن شمال سوريا وشرقها؛ يشكل صفعة سياسية إلى كل من ترامب وأردوغان، لان الجميع يدرك أن قدرات أنقرة محدودة في ضمان الأمن في تلك المنطقة، خصوصا وأن انقرة مضطرة للعب ضمن حيز تفرضه توازنات القوى الموجودة على الأرض؛ وفق تعبيره.

مضيفاً بأنه ومع تحول قوات سوريا الديمقراطية إلى قوة مؤثرة وعدم تراجع البنتاغون أمام طلبات انقرة بنزع السلاح الثقيل منها، فإن تركيا لن تستطيع خوض حرب مفتوحة في تلك المنطقة ضد الأكراد.

مساع تركيّة لاستلام المهمة الأميركية

صحيفة "التايمز" البريطانية كانت قد أشارت نهاية الشهر الفائت؛ إلى أن تركيا من بين القوى التي تستعد لملء الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي من سوريا، وفي تقرير لها، قالت الصحيفة أن كل من تركيا وروسيا وإيران ستستفيد من الخروج الأمريكي، وستحاول سحق أي تأثير في سوريا.

وأفادت الصحيفة بأن تركيا تحشد قواتها على الحدود مع محاور الحرب، في خطوة تكشف عن أنها تخطط لهجوم محتوم على مواقع الأكراد، وهذا ما أشارت تصريحات مسؤولين أتراك حول نوايا مبيتة بالهجوم على مناطق تسيطر عليها القوات الكردية سواء في منطقة منبج أو مناطق من شرق الفرات، فضلا عن طرح تركي بضرورة إقامة منطقة آمنة على الحدود السورية-التركية، تتولى أنقرة رسم معالمها وإدارتها وكذا السيطرة عليها.

ومنذ أواخر العام الفائت تحتشد قوافل عسكرية تركية بالقرب من الحدود مع سوريا، وحول ذلك لفت الصحافي والكاتب السياسي؛ حسين عمر، في حديث لـ "راديو روزنة" إلى أن التناغم التركي مع قرار ترامب بالانسحاب وحديثه عن المنطقة الآمنة؛ قد وأد في مكانه ولم تستطع تركيا تحقيق ما كانت تتمناه منذ عام 2012 ، بخصوص إنشاء منطقة آمنة ضمن حدود سوريا؛ والتي كانت تريد منها أن تكون منطقة نفوذها وقاعدة انطلاق للمسلحين السوريين المتحالفين معها؛ وفق تعبيره.

فيما اعتبر عمر، بأن تصريحات الموفد الأميركي السابق لدى التحالف الدولي؛ تأتي ضمن سياق معرفته بأهداف تركيا في سوريا؛ وهو الذي يعتبر من المسؤولين الأمريكيين الأوائل ممن تعاملوا مع الملف السوري، وضمن هذا السياق أشار بأن ماكغورك لا ينظر لأنقرة بأنها البديل المناسب لواشنطن.

ورأى الكاتب السياسي بأنه وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تملك خطة لما بعد انسحابها بالنسبة لمجمل القضايا العالقة، فإنها  تحاول من خلال المراوغة بمحاورة الأطراف المعنية بالصراع؛ و بالدرجة الأولى تركيا وقوات سوريا الديمقراطية لتهدئة الطرفين؛ وذلك لحين الانسحاب الكامل الذي لم يحدد أجله بعد،  دون أن تظهر الاستراتيجية الحقيقة أو الواضحة للإدارة الأميركية، والتي اعتبرها بأنها بعيدة عن تخطيطها للمنطقة.

اقرأ أيضاً:هل يكون التوتر التركي-الأميركي سيد الموقف حول سوريا؟

وأضاف حسين عمر في حديثه: "لقد جاء طرح المنطقة الآمنة في سياق حماية المنطقة من أي هجوم تركي في البداية، وألحق ذلك ترامب بالتهديد الاقتصادي المدمر لتركيا، ولكن كل ذلك بقي مجرد أحاديث".

واستبعد عمر بأن تقوم الولايات المتحدة بتسليم تركيا مفاتيح المنطقة، لعدة أسباب، عازياً ذلك إلى علاقة تركيا وروسيا، وكذلك الخوف الأميركي من أن ينقلب الوضع ضدهم إذا أدخلوا تركيا للمنطقة، وذلك لمعرفتهم حسب وصفه بأن الهدف التركي هو "ذبح الكرد"، كما نبه إلى ذلك وزير الخارجية الأميركي (مايك بومبيو) في إحدى تصريحاته.

وعلى ضوء هذه الافتراضات؛ شكك الصحافي والكاتب السياسي بأن يكون لتركيا أي دور في شمال شرق سوريا، خاصة في ظل وجود رفض روسي لذلك، وقيام الأخيرة بدور الوسيط بين الإدارة الذاتية والنظام السوري فيما يتعلق بالحوار والحل السلمي وترتيبات المرحلة المقبلة.

ليختم حديثه مشيراً بأن تركيا ستحاول أن يكون لها دور رئيسي في المنطقة، إلا أنه قلل من شأن تلك الجهود التركية معتبراً أنها لن تكون اللاعب الأساسي في معادلة شمال شرق سوريا، وفي حال كان لها دور فإنه سيكون دواً مسانداً أو هامشياً؛ وفق رأيه.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق