خلافات داخل إدارة ترامب.. ما الذي يدور في البيت الأبيض؟

خلافات داخل إدارة ترامب.. ما الذي يدور في البيت الأبيض؟
الأخبار العاجلة | 09 يناير 2019

أعلن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية يوم أمس الثلاثاء، أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، أبلغ المسؤولين الأتراك بأن "أميركا لن تنسحب من قاعدة التنف في سوريا في المرحلة الحالية".

بدورها أكدت الرئاسة التركية عقب زيارة بولتون على ضرورة إخلاء القواعد الأمريكية في سوريا وتسليمها إلى عناصر محلية.

وقال إبراهيم قالن (المتحدث الرئاسي التركي) في مؤتمر صحفي يوم أمس أن ما يهمهم هو ما الذي سيحدث للقواعد العسكرية الأميركية بعد انسحابها ومصير الأسلحة التي سلمت للمسلحين الأكراد.

وأضاف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يتعهد لنظيره الأمريكي بحماية المسلحين الأكراد في سوريا، يأتي ذلك بعد إعلان بولتون معارضة واشنطن للمسئولين الأتراك أي معاملة سيئة لحلفائها الأكراد في سوريا.

وذكرت وسائل إعلام تركية أن الرئيس التركي رفض لقاء جون بولتون وأن الأخير قرر مغادرة تركيا، ويأتي هذا التطور عقب احتجاج الرئيس التركي على تصريحات بولتون الأخيرة حول سوريا والتي اعتبرها "خطأ فادحا".

ما أهمية تحالف واشنطن مع الأكراد..

وحول إعلان بولتون بشأن عدم انسحاب واشنطن من قاعدة التنف في الوقت الحالي؛ قال رئيس المجلس السوري-الأميركي؛ زكي لبابيدي أن قاعدة التنف تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لواشنطن، لما تشكله لطهران من ممر لها نحو سوريا.

واعتبر لبابيدي أن منطقة التنف لا علاقة له بأي تواجد آخر للولايات المتحدة؛ لما يشكل لها من أهمية في تنفيذ أحد أهدافها الاستراتيجية في سوريا؛ و هو إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة.

وكشف لبابيدي في حديثه لـ "روزنة" أن بولتون كان قد حذر ترامب من إعلان مفاجىء للانسحاب من أميركا من دون دراسة وترتيب، ومن دون التشاور مع الحلفاء؛ بالإضافة إلى عدم التشاور مع وزارتي الدفاع والخارجية وإعطاء رأيهما حول قرار الانسحاب.

وأكمل بقوله: "من المعروف عن بولتون؛ العداء الشديد لإيران، وبالتالي لا يمكن أن يقبل بخروج الولايات المتحدة مع احتمالية استلام الروس والإيرانيين للمناطق التي كانت تشغلها واشنطن في سوريا".

معتبراً في الوقت ذاته بأنه من الصعب على الجيش الأميركي تنفيذ هذا الانسحاب بهذه السرعة، دون تحديد من سيملأ فراغ الانسحاب ومن يتولى إدارة تلك المناطق، فضلا عن تأثر الحلفاء الكرد بهذا القرار المفاجىء.

اقرأ أيضاً:هل تراجع ترامب عن سحب القوات الأميركية من سوريا؟

ولفت إلى أن المبعوث الأميركي في سوريا؛ جيمس جيفري، أوقف كل اجتماعاته بعد إعلان الانسحاب، كما سرت شائعات في واشنطن تفيد بعزم جيفري على الإستقالة؛ احتجاجا على الانسحاب، وذلك بالتزامن مع استقالة وزير الدفاع الأميركي.

وأضاف: "جيفري كان يتحدث عن خطة استراتيجية متكاملة للولايات المتحدة في سوريا، حتى أنه لو اضطرت لواشنطن إلى عمل عسكري من أجل تنفيذ استراتيجيتها في سوريا فإنها ستقوم بذلك".

من جانبه أشار الكاتب الصحافي والمحلل السياسي بشار جرار؛ من واشنطن، إلى أن قرار الرئيس الأميركي البدء بسحب القوات الأميركية من سوريا جاء منسجما مع برنامجه الانتخابي ولم يكن مفاجئا أو ارتجاليا.

وأضاف بالقول: "على رغم ما أحدثه القرار من صدمة وتحفظ واحتجاج البعض، إلا أنه واضح في جملة أمور؛ أبرزها: إدارة ترامب معنية بسحب القوات والاستثمارات الأميركية من الخارج وبخاصة من الشرق الأوسط لما فيه مصلحة "أميركا أولا"، فالبلاد أولى بالقدرات الأميركية من مناطق ثبت عدم جدوى إنفاق تريليونات الدولارات فيها على مدى أكثر من نصف قرن".

إلا أنه اعتبر أن الانسحاب الأميركي لا يعني التخلي عن مسؤولية دعم الشريك الذي أثبت أنه الأكثر استبسالا في الدفاع عن وطنه في مواجهة الإرهاب.

مضيفاً بأن القرار الأميركي هو انسحاب "منسّق ومدروس بعناية"، بحيث يضمن حماية أكراد سوريا وعدم تعرض القوات التركية أو من يتبع لها لقوات سورية الديموقراطية ووحدات حماية الشعب، معللا برأيه ما جاء في تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي (جون بولتون، وهو من صقور إدارة ترامب)، بأن القوات الأميركية باقية في قاعدة التنف إلى حين.
 

خلافات داخل إدارة ترامب.. ما الذي يدور في البيت الأبيض؟

 بشار جرار - كاتب صحافي ومحلل سياسي

ولفت جرار في حديثه لـ "روزنة" بأن الرسالة الأميركية تتجلى بأن الكرد السوريين سيكونون تحت مظلة النيران الأميركية من الشرق والجنوب؛ بمعنى من قاعدة أسد في العراق ومن قاعدة التنف في سوريا.

وتابع مستطرداً: "وهذا بمثابة وضع خطين أحمرين تحت كرد سوريا، ومن خلالهم مكونات سوريا من الأعراق والطوائف كافة، فسوريا الجديدة بعد ثمان سنوات عجاف من الحرب؛ لن يسمح فيها بـ ذبح أو قمع الناس على الهوية".

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قال يوم أمس الثلاثاء إن الولايات المتحدة تعمل على مضاعفة ضغوطها على إيران ولن تكتفي بالضغوط الدبلوماسية منها.

وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في عمّان، قال بومبيو إن واشنطن "لا تضاعف جهودها الدبلوماسية فحسب، بل وجهودنا التجارية لممارسة ضغط حقيقي على إيران"، وأضاف أن قرار واشنطن سحب قواتها من سوريا "لا يجازف بجهود مواجهة التهديدات في المنطقة"، والتي وصفها بأنها "تنبع من تنظيم الدولة الإسلامية وإيران"، وفق تعبيره.

هل استعجل ترامب إعلان الانسحاب..

الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كان قد أكد يوم الإثنين الفائت، أن انسحاب القوات الأميركية من سوريا سيتم "بطريقة حذرة"، مشيرا إلى أن المعركة ضد تنظيم داعش "لم تنته بعد".

وكتب ترامب في تغريدة له عبر "تويتر": "سنغادر (سوريا) بوتيرة ملائمة، على أن نواصل في الوقت نفسه قتال تنظيم الدولة الإسلامية، والتصرف بحذر والقيام بما هو ضروري بالنسبة لباقي الأمور".

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، نشرت تقريرا تحدثت فيه عن تضارب التصريحات حول موعد انسحاب القوات الأميركية من سوريا وشروطه، مما يعكس وجود انقسام داخل الإدارة الأميركية.

قد يهمك:مساعٍ لمنح قوات النظام السيطرة على شرق الفرات.. ما حقيقة ذلك؟

رئيس المجلس السوري-الأميركي؛ زكي لبابيدي، قال حول هذا الشأن أن ترامب أدرك بعد إعلانه الانسحاب؛ أهمية أبعاد القرار الذي اتخذه وبدأ بالتراجع عنه، وأضاف: "حيث أعلن أنه لم يقل أن الانسحاب سيتم خلال شهر؛ على الرغم من أنه قال ذلك سابقا، وهذا يعني تراجع بطيء عن قراره".

لافتاً إلى جولة مستشار الأمن القومي في المنطقة مؤخراً؛ وكذلك وزير الخارجية الأميركي، ما هي إلا عبارة عن تصحيح للقرار المفاجئ وتطمين لحلفاء واشنطن حول تبعات إعلان الإنسحاب.

خلافات داخل إدارة ترامب.. ما الذي يدور في البيت الأبيض؟

 
















د. زكي لبابيدي - رئيس المجلس السوري-الأميركي


ونوه إلى أن ما نقلوه في جولتهم لحلفاء واشنطن كان مفاده بأنهم لن يغادروا سوريا بشكل فوري، وفي حال انسحابهم لاحقاً؛ فإن الانسحاب سيكون منظما، كما سيتم تسليم المناطق إلى حلفائهم؛ وبضمان عدم دخول روسيا والنظام وإيران إليها.

وأفاد لبابيدي بأن تصريح بولتون في إسرائيل حول ضرورة حماية الأكراد في سوريا؛ أزعج أردوغان، وتابع مضيفاً: "فبعد اتفاق أردوغان مع ترامب حول استلام الأتراك للمناطق، وأن يتم إبعاد الأكراد عن حدودهم، أو أن يتم عقد اتفاق سري مشترك يقضي بإخراج المقاتلين الأكراد إلى مناطق في شمال العراق و يغادروا سوريا". 

وبدأ مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي جون بولتون يوم الجمعة الفائت، جولة في الشرق الأوسط زار خلالها كل من إسرائيل وتركيا، لبحث جملة من القضايا؛ و في مقدمتها سوريا وإيران وداعش.

وفي تلك الأثناء كانت قد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية يوم الجمعة، أن وزير الخارجية مايك بومبيو، سيقوم بجولة تشمل ثماني عواصم في الشرق الأوسط هذا الأسبوع، لإجراء محادثات تركز بشكل خاص على ملفات المنطقة.

وقالت الوزارة الأميركية في بيان لها "يبدأ بومبيو جولته في 8 كانون الثاني، وتستغرق ثمانية أيام يزور خلالها عمان والقاهرة والمنامة وأبوظبي والدوحة والرياض ومسقط وأخيرا الكويت".

وعن سياسة الولايات المتحدة في سوريا؛ لفت المحلل السياسي من واشنطن؛ بشار جرار في حديثه لـ "روزنة" بالقول: "أن سياسة أميركا في سوريا؛ لا بل والشرق الأوسط برمته بما في ذلك الشرق الأوسط الكبير الذي يضم أفغانستان وباكستان، فإن إدارة ترامب معنية بتحويل الأصدقاء إلى شركاء دون أي شروط مسبقة وعلى نحو عملي عملاني".

لافتاً إلى العقيدة السياسية لترامب والتي تقول بأن الدول التي تكون ضد الإرهاب ومع التعاون في سبيل إعادة إعمار المنطقة فستكون شريكة للولايات المتحدة؛ وليس صديقة فقط.

وأضاف بأن هذا ما يُشكّل عقيدة ترامب السياسية و إرثه الرئاسي، مشيراً بذات الوقت إلى رغبة ترامب في إيجاد "ناتو عربي" يصبح فيما بعد "ناتو عربي-إسلامي" لمواجهة التنظيمات الإرهابية بيد وبناء دول ومجتمعات حرة بيد أخرى.

وختم قائلاً: "ترامب بذلك يريد سوريا حرة تعددية بعيدة عن الهيمنة الإيرانية والروسية، وإن كانت أولوية واشنطن الآن محصورة بإخراج إيران وحزب الله من سوريا؛ "بعد وليس قبل" دحر الإرهاب كليا، كما اتضح في تفاهم قد يكون سريا في تفاصيل كثيرة بين القوى الأعظم عالميا (روسيا وأميركا)، وإقليميا عبر إيران وتركيا وإسرائيل". 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق