الإمارات وفرنسا في شرق الفرات.. من يتصدر المشهد هناك؟

الإمارات وفرنسا في شرق الفرات.. من يتصدر المشهد هناك؟
الأخبار العاجلة | 27 ديسمبر 2018
بعد إطلاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ تهديده بشن عملية عسكرية في منطقة شرق الفرات، تراجعت أنقرة يوم الجمعة الفائت عن عملها العسكري المفترض، لتؤجل الحملة إلى الشهور المقبلة وفق ما أعلنه أردوغان.

على الرغم من تأكيدات أعلنها وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو يوم الثلاثاء، عزم بلاده على دخول مناطق شرق الفرات في أقرب وقت، حسبما أفادت وسائل إعلام تركية.

وأضاف تشاووش أوغلو في تصريحات صحفية؛ أن أنقرة وواشنطن اتفقتا على إكمال تنفيذ خريطة الطريق لمنبج قبل انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، مشيرا إلى أن "الجانب الأمريكي يعترف أيضا بأن تنفيذ الاتفاقات بشأن منبج يتأخر".

وأكد أن تركيا مستمرة في التنسيق مع الولايات المتحدة على المستويين الدبلوماسي والعسكري بشأن سير عملية الانسحاب.

وأعلن البيت الأبيض، الخميس، بدء سحب القوات الأميركية من شرق الفرات، بعد اقتراب نهاية حملتها لاستعادة كل الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، بينما قال مسؤولون أميركيون إن الانسحاب سيستغرق إطارا زمنيا من 60 إلى 100 يوم.

واعتبرت قوات سوريا الديمقراطية "المؤلفة من أغلبية كردية"؛ قرار الانسحاب الأميركي المفاجئ من شرقي سوريا "طعنة في الظهر وخيانة لدماء آلاف المقاتلين"، حسبما نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ويتزامن ذلك بمطالبة رئيسة الهيئة التنفيذية لـ"مجلس سوريا الديمقراطية-(مسد)"، الذراع السياسي لـ "قسد"، إلهام أحمد، خلال مؤتمرٍ صحفيّ لها في باريس يوم الجمعة؛ بمساعدة فرنسا لفرض منطقة حظر جوي شمال سوريا.

وتشارك فرنسا  في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، ولها نحو ألف جندي بينهم أفراد من القوات الخاصة في شمال سوريا، وفقًا لـ"رويترز".

وكان المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، دعا في وقت سابق إلى النفير العام ضد تهديدات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، داعيا حكومة النظام السوري إلى اتخاذ موقف رسمي ضد هذا التهديد.

الإرادة في مواجهة التهديدات

"عضو هيئة العلاقات الخارجية في حزب الإتحاد الديمقراطي بأوروبا"؛ دارا مصطفى، أكد في حديثه لـ "روزنة" أن قواتهم الموجودة في شرق الفرات لن تنسحب منها بأي شكل من الأشكال؛ كما حدث في عفرين سابقاً، واعتبر أن تهديدات الرئيس التركي بشن عملية عسكرية جديدة هناك لن تخفيهم؛ بل سيكون ردهم وفق تعبيره أكبر بكثير مما كان في عفرين.

موضحاً في حديثه بأنهم ومنذ بداية الأزمة السورية انتهجوا سياسية الخط الثالث و التي كانت تعني "عدم الاصطفاف وراء التكتلات والأحلاف" التي تدار من الخارج و لأهداف تتعلق بالخارج.

بمعنى الحفاظ على أمن المناطق الشمالية من سوريا و التي كانت وحدات حماية الشعب موجودة فيها بقوة للدفاع عنها و عدم السماح لأي طرف من أطراف الصراع بالسيطرة عليها، حتى يتم الوصول إلى حل سياسي توافقي و يضمن الحقوق السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية لجميع المكونات التي تتشكل منها سوريا؛ وفق ما أشار إليه مصطفى.

ويرى القيادي في حزب الإتحاد الديمقراطي أن الولايات المتحدة أعلنت انتهاء دورها دون "سابق إنذار"، رغم وعودها باستمرار تواجد قواتها حتى القضاء على داعش تماما و تنمية المنطقة كي لا تعود حاضنة لداعش، منوها أن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة مع تركيا كانت أقوى من وعودها باستمرار الدعم.

اقرأ أيضاً:ضوء أخضر أميركي بهجوم محدود على تل أبيض.. هل يقبل الأكراد؟

ويعود دارا مصطفى إلى مشروع حزبه في منطقة شمال شرق سوريا بالحفاظ على أمن المنطقة، الذي يقول عنه بأنه لم يرض أطراف الصراع السوري؛ متهماً تركيا التي بادرت آنذاك إلى دعم داعش لمواجهة مشروعهم، في حين تفرغت أنقرة للعمل على إسقاط النظام السوري ودعم فصائل إسلامية من أجل أن تكون هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في سوريا؛ حسب قوله.

ويُذكّر بأن الشراكة مع الولايات المتحدة آنذاك حصلت بعدما وصلت واشنطن إلى قناعة بأن مقاتلي وحدات حماية الشعب يمكن الاعتماد عليهم لمحاربة الإرهاب في سوريا بعد رفض الأطراف الأخرى قتال داعش خوفاً منها؛ لتتطور الشراكة فيما بعد إلى طلب الأمريكيين تحرير باقي المناطق السورية من داعش و توسيع الوجود العربي داخل صفوف هذه القوات؛ و انضواء الجميع تحت مسمى قوات سوريا الديمقراطية.

من ناحيته اعتبر الكاتب والمفكر السوري؛ سربست نبي، بأنه ومن الناحية الجيوسياسية فإن الرئيس التركي يرغب في أن يحقق اختراق آخر؛ على غرار اختراق عفرين، بما سيفرض واقعا يقسم المناطق الكردية في سوريا إلى ثلاث مناطق؛ والذي من شأن ذلك أن يضعف الموقف الكردي في المطالبة بوضع محدد لهم؛ حسب تعبير الكاتب السوري.

واستكمل حول هذا الشأن قائلا: " إذا كان هناك هجوم تركي محتمل؛ فهو لن يتعدى منطقة تل أبيض وأطرافها"، متابعا "إذا حقق (أردوغان) انتصار سياسي فانه حينها سيقر بذلك؛ ويلبي رغبات جمهور حزب العدالة والتنمية التركي".

ما هي الخيارات أمام الأكراد؟

الأكاديمي والباحث السياسي؛ إبراهيم مسلم قال في حديثه لـ "راديو روزنة" أنه وفي حال المواجهة العسكرية لا يمكن المقارنة بين طرفي الصراع في شرق الفرات؛ "كون تركيا ثاني أو ثالث قوة في حلف الناتو، لكن احتمالية شن الدولة التركية هجوما عسكريا ليس واردا بعد هذا الوضع الجديد".

معتبراً أن تركيا لديها حسابات جديدة، فهي كانت تفاوض إيران وروسيا على الورقة الأميركية، أما الآن وبغياب الولايات المتحدة سوف تتحالف كل من روسيا وإيران والنظام ضدها، وهنا تركيا تفكر بكيفية المحافظة على الأراضي السورية التي سيطرت عليها وفرضت نفوذها؛ مثل عفرين، إعزاز وجرابلس.

ومن ناحية أخرى يرى أن النظام السوري لن يتجرأ على الدخول إلى المنطقة خوفا من ضربات التحالف الدولي، حيث كان النظام السوري في انتظار التدخل التركي لتجد لها فرصة لتتدخل كما حدث في معركة عفرين، لكن هنا الوضع مختلف، فهناك تحالف دولي وقواعد غربية؛ وفق قول مسلم.

ويضيف بالقول: "إذا افترضنا بأن تركيا حاولت التدخل فإن الروس والنظام والايرانيين سوف يحاولون أيضا، وسوف ينشط تنظيم داعش من جديد، وسوف تندلع حرب شرسة وسوف تكون عواقبها اسوء من الانتهاكات التي وقعت بحق كرد عفرين، في شمال شرقي سوريا الوضع مختلف لذلك سوف تتحول إلى حرب إهلية يصعب إطفائها".

قد يهمك:هل تنتهي الأعمال العسكرية في سوريا خلال العام القادم؟  

معتبراً أن الوضع الجديد في شرق الفرات سيفرض على المجتمع الدولي والتحالف الدولي والدول الضامنة؛ العمل بشكل جاد من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة السورية ووقف نزيف الدم السوري.

ويلفت إلى أن قرار ترامب لا يعني بأن واشنطن سوف تنسحب من التحالف الدولي، بل أراد ترامب أن تتحمل الدول الأعضاء في التحالف الدولي وأيضا المجتمع الدولي مسؤولياتهم تجاه القضية السورية.

من جانبه يشير دارا مصطفى؛ "عضو هيئة العلاقات الخارجية في حزب الإتحاد الديمقراطي بأوروبا"، أن الخيار الأساسي يتمثل بالتعويل على "إرادة الشعب الكردي" في صنع التغيير لاستمرار المشروع الوطني، ويلفت إلى أنه وكما كانوا يقاومون دون الولايات المتحدة فستكون هناك فرصة للمقاومة من دونهم مرة أخرى.

منوهاً في الوقت ذاته إلى أن الأطراف الأخرى المشاركة في إدارة هذه الأزمة؛ ليست فقط تركيا و الولايات المتحدة؛ حيث تلقوا وبشكل مباشر عدة دعوات رسمية للقاء تلك الأطراف.

ويتابع حول ذلك: "هي ليست فقط روسيا وفرنسا، بعض هذه اللقاءات بدأت وبعضها سيبدأ، ففرنسا و خلال لقائها معنا أعلنت بشكل رسمي عدم تخليها عن حلفائها في قوات سوريا الديمقراطية وأنها مستمرة بذلك بكل الأحوال".

مؤكداً أن بوصلتهم ستكون موجهة نحو من يضمن صد الهجوم التركي على الأراضي السورية، و من يحقق أهداف و تطلعات أهالي المنطقة في إداراتهم الذاتية.

اقرأ أيضاً:سوريا الديمقراطية لروزنة: نقوم بإعداد مسودة دستور سوري جديد

من ناحيته يعتبر الأكاديمي والباحث السياسي؛ إبراهيم مسلم، أن الخيار الأفضل ينساق تجاه فرنسا وبريطانيا، إلا أنه يعتقد بأن فرنسا هي التي ستكون الواجهة، كما كانت أميركا واجهة التحالف الدولي في المرحلة السابقة، فضلا عن دور للدول العربية في هذا التحالف بحيث ستكون الإمارات العربية المتحدة هي الواجهة.

وفيما يتعلق بالنظام؛ فهو يرى بأنه أسوء خيار ولن يتقبله الشارع السوري في مناطق سيطرة قسد، "حتى وإن كانت هناك لقاءات بين قيادات قسد والنظام فأعتقد ستكون على شكل مفاوضات، كما بقية المناطق السورية".

الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية؛ رياض درار، قال في حديث لـ "راديو روزنة" خلال وقت سابق، أن مفاوضاتهم مع دمشق ستبقى مستمرة على الرغم من توقفها في الوقت الحالي، "نحن لم نوقف المفاوضات مع دمشق؛ وننتظر اللحظة التي يمكن أن نلتقي فيها مرة أخرى ومن خلال هذا اللقاء نحقق بعض الايجابيات".

مشيراً إلى أنهم عندما بدأوا بالمفاوضات مع دمشق طلبوا البدء بالخدمات لأن ذلك وفق قوله يبث عوامل الثقة بين الجانبين "وكذلك يقرب المفاهيم التي يمكن أن تقوم عليها المؤسسات وأيضا يطمئن الناس الى أن عودة الحكومة السورية إلى هذه المناطق ليست على حساب حرياتهم".

وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أعلن يوم الثلاثاء أن الاستعدادات للعمليات العسكرية التركية في مناطق شرق الفرات شمالي سوريا قد اكتملت، وقال أكار في تصريحات صحافية: "اكتمل التحضير لعملية مكافحة الإرهاب في مناطق سوريا شرق نهر الفرات. كل شيء يسير وفق الخطة".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق