ما حقيقة دور الأمم المتحدة "العاجزة" في سوريا؟

ما حقيقة دور الأمم المتحدة "العاجزة" في سوريا؟
الأخبار العاجلة | 23 نوفمبر 2018
 
في خطوة تشي بتأزم الخلافات الدولية حول ملف العملية السياسية في سوريا، تأتي تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى سوريا، والتي جاءت لتدلل عن عجز المنظمة الدولية في إيجاد توافق مطلوب للبدء بتشكيل لجنة صياغة الدستور المستقبلي لسوريا.
 
 واستهلت الأمم المتحدة تصريحاتها عن احتمالية نقل الملف السوري بكامله إلى روسيا، على لسان أمينها العام "أنطونيو غوتيريس" الإثنين الفائت، حيث قال غوتيريس أن الأمم المتحدة ستنهي إشرافها على العملية السياسية في سوريا وتترك الملف برمته لـ "روسيا"، في حال لم يسمح النظام السوري لـ "دي ميستورا" بتشكل القائمة الثالثة من اللجنة الدستورية.
 
لافتاً في تصريحاته إلى أن موعد حل عقدة القائمة المستقلة الثالثة يأتي بحلول شهر كانون الأول القادم، ولتأتي تصريحات المبعوث الدولي إلى سوريا "ستيفان دي ميستورا" على غرار ما تحدث به غوتيريس.
 
حيث كشف دي ميستورا، يوم الثلاثاء، أن الجهود الرامية إلى تشكيل لجنة تعمل على صياغة دستور بسوريا، قد تكون غير موثوق بها، وبأنه سيكون على الأمم المتحدة التخلي عن ذلك في حال عدم التوصل لاتفاق قبل نهاية الشهر القادم.
 
هل ستنسحب الأمم المتحدة من الملف السوري؟
 
الكاتب والباحث السياسي "سقراط العلو" قال في حديث لراديو روزنة، أنه وعلى الرغم من تهديد الأمين العام للأمم المتحدة بتخلي منظمته عن الملف السوري، إلا أنه لن يكون قادراً على اتخاذ قرار الانسحاب من الملف السوري.

ويبرر العلو حديثه بأن بنية الأمم المتحدة لا تتيح لها اتخاذ قرارات منفردة، وليس لديها أية إمكانات مادية أو عسكرية بذاتها، وإنما هي تعتمد على تبرعات الدول الأعضاء، مضيفاً في حديثه لراديو روزنة بأن "الأمم المتحدة خاضعة لقرارات تلك الدول، وبخاصة الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن".

اقرأ أيضاً..هل تكون اللجنة الدستورية "موضع خلاف" بين موسكو وأنقرة؟

من جانبه يعتبر الباحث في العلاقات الدولية "جلال سلمي"، أن انسحاب الأمم المتحدة، يعني رفع سقف الشرعية الدولية عن الملف السوري، ما سيؤدي إلى تصعيب الأمور على روسيا، ويتابع سلمي خلال حديثه لراديو روزنة بأن الانسحاب الأممي، سيجعل روسيا غير قادرة على المضي في تحقيق ما تسعى إليه من عملية حل محققة للشرعية الدولية.

وأضاف بالقول: "الأمم تعمل بدور المُيّسر للمشاورات الخاصة بأي نزاع، لذلك روسيا هي بحاجة ماسة لها، لاسيما وأن الأمم المتحدة تقنع الأطراف المعارضة للوجود الروسي في سوريا".
 
من جانبه يعتبر المحلل والباحث في الفلسفة السياسية "رامي الخليفة العلي" خلال حديثه لروزنة أن هنالك رغبة أممية للضغط على الجانب الروسي، من أجل أن دفع النظام السوري لتقديم تنازلات فيما يتعلق بتشكيل اللجنة الدستورية.
 
ويشير العلي إلى أن التفاهم الروسي الأمريكي سيكون جوهريا من أجل تشكيل اللجنة، وهو الوحيد القادر على التأثير في الملف السوري، وفق قوله. 

ما أسباب العجز الأممي؟
 
ويعتبر الباحث السياسي "سقراط العلو" بأنه وعند الصراع بين الدول فإن الأمم المتحدة تقف عاجزة تماماً، وذلك وفق رأيه يحدث بسبب حق الفيتو الممنوح للخمسة الكبار والقادر على تعطيل أي جهد أممي، "كما هو الحال في الأزمة السورية". 

ويضيف العلو بأن حل النزاعات المسلحة بحاجة إلى فرض بالقوة، من خلال التدخل العسكري المباشر واستخدام الضغط العسكري على الأطراف، "كما فعلت روسيا بتدخلها لصالح النظام"، لافتاً إلى أن الأمم المتحدة لا تمتلك بذاتها تلك الأدوات لحل النزاعات، وإنما هي مجرد قناة تمنح الشرعية الدولية لما يتفق عليه الخمسة الكبار، حسب تعبيره.

قد يهمك..لماذا يعرقل النظام السوري تشكيل اللجنة الدستورية؟

ويتفق سلمي فيما ذهب إليه العلو، حيث يقول الباحث في العلاقات الدولية أن الأمم المتحدة لا يوجد بيدها سلاح فعلي لتطبيق ما يجب تطبيقه، بحيث لا تستطيع إقرار القرارات، وإنما يتمحور عملها على إدارة محاولات الدول الكبرى لحل النزاعات.

ويفند سلمي أسباب عجز منظمة الأمم المتحدة عن حل النزاعات، "القسم السادس في ميثاقها ينص على أن حل النزاعات في المقام الأول يتم من خلال تفاوض الدول كما تشير المادة 33، وعند توصل الدول إلى اتفاق تعمل الأمم المتحدة على تسجيل هذا الحل، وتقبل به كحل مكتسب من الشرعية الدولية".
 
ويختم سلمي حديثه لروزنة بالإشارة إلى أن الميثاق الذي أسست عليه الأمم المتحدة لا يمنحها المبادرة بشكل فعال، إنما يبقيها في الإطار الخلفي لتحرك الدول الفاعلة، فضلا عن إنعدام وجود أداة تنفيذ فعلية في يدها تمكنها من فرض أي حل.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد دعا في وقت سابق إلى ضرورة إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم منذ آذار 2011 وملاحقتهم قضائيا.

وأكد غوتيريس في تصريحات بخصوص تنفيذ القرار 2401 المتعلق بوقف القتال في سوريا، على ضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات الخطيرة بسوريا، معتبرا أنه أمر جوهري لتحقيق السلام، كما اعتبر غوتيرس أن هدف أعضاء مجلس الأمن يجب أن يكون التخفيف من وطأة معاناة الشعب السوري وإنهائها.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق