هل تسعى روسيا لإبرام "اتفاقية سلام" إسرائيلية-سوريّة؟

هل تسعى روسيا لإبرام "اتفاقية سلام" إسرائيلية-سوريّة؟
الأخبار العاجلة | 31 أكتوبر 2018
 كشفت صحيفة محلية عن مساعي روسية تبذل في الوقت الحالي لأجل إعادة إطلاق المفاوضات حول الجولان السوري المحتل وإعادته لسوريا.

ونقلت صحيفة الوطن عن مدير مكتب شؤون الجولان "مدحت صالح" في رئاسة مجلس الوزراء أن روسيا "تبذل حاليا جهودها" لإعادة إطلاق المفاوضات حول الجولان السوري المحتل.

الأمر الذي يثير تساؤلات حول توقيت التوجه الروسي وإمكانات موافقة دمشق وتل أبيب على الذهاب في مسار المفاوضات المعلنة حول الجولان، وما قد يتبعه من تطورات قد يصل إلى حد إبرام اتفاقية سلام بين دمشق وتل أبيب.
 
لماذا تتحرك روسيا في هذا الوقت؟

مطلع الشهر الحالي أعلنت موسكو تسليم دمشق منظومة الدفاع الجوي (اس-300)، وذلك بعد أسبوعين على اسقاط الدفاع الجوي السوري بطريق الخطأ طائرة استطلاع روسية، وهو ما تسبب في مقتل 15 عسكريا روسيا أثناء غارة جوية إسرائيلية على محافظة اللاذقية.

ونفت إسرائيل في حينه مسؤوليتها عن الأمر، واعترضت على تسليم المنظومة الدفاعية الروسية إلى دمشق، وقالت إن تقديمها إلى "لاعبين غير مسؤولين" من شأنه أن يجعل المنطقة المضطربة أكثر خطورة.
 
ويبدو أن تسليم منظومة الدفاع الجوي الروسية قد يكون لها عامل تأثير على ملف العلاقات المشتركة بين الأطراف الثلاثة.
 
الكاتب المختص في الشؤون الروسية "طه عبد الواحد" يرى من خلاله حديثه لراديو روزنة أن نشر منظومة إس-300 لم يحصل دون حصول تفاهم مع تل أبيب على ألا تضر المنظومة بالمصالح الإسرائيلية،  ولا يستبعد عبد الواحد في أن تكون روسيا قد تعهدت لإسرائيل بإبعاد إيران ومنعها من تعزيز وجودها العسكري في سوريا.
 
وتحاول روسيا أن تكسب ثقة إسرائيل عبر سوريا؛ وتأمل أن يساهم ذلك في فتح الأبواب أمامها للعب دور رئيسي في عملية التسوية العربية-الإسرائيلية، وهي تدرك أن من سيلعب هذا الدور سيحصل على صفة ومكانة الطرف صاحب النفوذ الأهم في المنطقة؛ وفق ما يشير إليه المتخصص في الشؤون الروسية.
 
ويضيف بالقول "موسكو تستفيد حاليا من التخاذل العربي؛ وهرولة عواصم كانت تقف بحزم ضد إسرائيل؛ للتطبيع معها الآن بذريعة السلام".
 
من جهته يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية "د. حسن مرهج" في حديثه لراديو روزنة أن تسليم روسيا منظومة "اس-300 " لدمشق قد غير الكثير من المعادلات السياسية والميدانية، "بالتالي أي صفقات سياسية تنطلق من فرض (دمشق) مسارات جديدة في الشرق الاوسط، الأمر الذي يمكن ترجمته واقعا سياسيا لجهة الخرائط الجديدة في المنطقة".
 
ويلفت د. مرهج إلى أن التحرك الروسي جاء بعد "معركة الجنوب السوري" مباشرة، حيث تلاها تصريحات روسية تمحورت حول عودة الجولان السوري المحتل، فضلا عن تصريحات دمشق بأن الجولان يجب أن يعود سلماً او حرباً.
 
معتبراً أنه في حال كان الحديث عن صفقات متعلقة بالتحرك الروسي، فإنها تتمحور حول خروج الايراني وحزب الله من سوريا.
 
صفقة روسية-إسرائيلية..والخاسر إيراني؟

 اعترفت إسرائيل؛ الشهر الجاري، أنها نفذت أكثر من 200 هجوم على سوريا ضد ما زعمت أنها أهداف إيرانية في سوريا على مدى الأشهر الـ 18 الماضية.

في وقت ما تزال إسرائيل ترفض التواجد الإيراني في سوريا، وقد سبق لها أن رفضت عرضاً روسياً بإبقاء القوات الإيرانية في سوريا بعيداً عن خط وقف إطلاق النار في هضبة الجولان المحتلة، حينما رفض نتنياهو عرضاً روسياً بإبقاء القوات الإيرانية على بعد 100 كيلومتر من الحدود؛ شهر تموز الفائت.
 
الكاتب المختص في الشؤون الروسية "طه عبد الواحد" يلفت خلال حديثه لروزنة بأن روسيا منذ تدخلها في الأزمة السورية تدرك أن سيطرتها على الوضع في سوريا سيعطيها "ورقة رابحة" تستفيد منها في فرض نفسها وسيطاً في تسوية النزاع العربي -الإسرائيلي.
 
وتجلت رغبة بوتين، منذ بداية حكمه بأن يلعب هذا الدور، حينما اقترح عام 2005 عقد مؤتمر دولي للتسوية في موسكو، إلا أن الإسرائيليين رفضوا تلك المبادرة وأصروا على أن تبقى عملية التسوية تحت المظلة الأميركية.
 
"مع أن شيئا لم يتغير في الموقف الإسرائيلي منذ ذلك الحين، إلا أن موسكو كانت حريصة ضمن تطورات الوضع السوري على تقديم نفسها من موقع الطرف الحريص، مثلها مثل الولايات المتحدة، على أمن إسرائيل، ولذلك كان هناك تنسيق مع تل ابيب حتى قبل إرسال القوات إلى سوريا".

مشيراً إلى إدارة روسيا لملف المنطقة الجنوبية ضمن إطار ضمان مصالح حليفها الأسد وفي الوقت ذاته ضمان مصالح إسرائيل، بينما يوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية "د. حسن مرهج" أن أي صفقة روسية اسرائيلية لا يمكن ان تتم بدون التنسيق مع دمشق.

 "لا اعتقد أن هناك صفقة تتعلق بعودة الجولان السوري المحتل لكن في المقابل أعتقد بأن الايراني وحزب الله سيبادرون بالخروج من سوريا ان كان وجودهم عائقا لإعادة الجولان".
 
هل تذهب إسرائيل لتوقيع اتفاق سلام مع دمشق؟

ويعتقد مرهج أن أي اتفاقية سلام يجب ان تكون شاملة، بمعنى أن الأمر لا يقتصر على الجولان.

 "الصفقة يجب أن تكون شاملة بعودة كافة الأراضي المحتلة وسيكون ذلك في إطار تفاهمات دولية وإقليمية، وبمجرد الحديث عن عودة الجولان أو اتفاقية سلام فهذا الأمر انتصار لدمشق واعترافا دوليا بعودة سوريا صاحبة الدور الاقليمي المؤثر إلى الواجهة من جديد، وأي اتفاقية سيكون لها تبعيات ايجابية فيما يتعلق بصفقة القرن".
 
بينما يستبعد عبد الواحد أن تمضي إسرائيل مع الروس في أي تسوية للنزاع حول الجولان، "لن تنجح روسيا حاليا في لعب دور الوسيط، لكنها ربما تتمكن من فرض تحريك مفاوضات التسوية عبر الأطر الدولية وبمشاركتها لا أكثر من ذلك".
 
وتحتل إسرائيل منذ حزيران 1967 حوالي 1200 كيلومتر مربع من هضبة الجولان السورية، وأعلنت ضمها إليها في 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
 
وتعتبر الهضبة حسب القانون الدولي أرضا محتلة، ويسري عليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 لعام 1967، الذي ينص على ضرورة انسحاب إسرائيل منها.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق