تستضيف مدينة اسطنبول التركية يوم السبت القادم، قمة رئاسية رباعية تجمع كلاً من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إضافة إلى الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون.
ويبدو أن القمة الرباعية تأتي في وقت تسعى فيه الأطراف الغربية إلى إقناع روسيا للدفع بالنظام السوري إلى المشاركة الجدية والفاعلة في مسار جنيف للحل السياسي الذي ترعاه الأمم المحدة، فضلاً عن سعي رئيسي لتركيا إلى تأكيد إتفاقها مع روسيا حول إدلب وتثبيت الهدنة فيها ومنع أي تصعيد عسكري.
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أعلن نهاية الأسبوع الفائت عن عقدت قمة رباعية في إسطنبول في الـ 27 من الشهر لبحث الوضع في سوريا.
من جهتها قالت الرئاسة الفرنسية أن القمة الرباعية ستركز على توفير زخم جديد لمحادثات السلام لضمان وقف إطلاق النار في مدينة إدلب وتجنب حدوث كوارث إنسانية تؤدي إلى موجة لجوء جديدة، واشترط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشاركته في القمة الرباعية، مع زعماء كل من روسيا وتركيا وألمانيا، بعدم شن أي عمليات هجومية في إدلب.
ما هو جدول أعمال القمة الرباعية؟
السياسية والأكاديمية السورية "د.سميرة المبيض" قالت في حديث خاص لراديو روزنة أن المحادثات بين الدول الأربعة ستتركز على المنطقة منزوعة السلاح في إدلب، وذلك في سعي أوروبي وفق رأيها لحفظ حالة الاستقرار الحالي في إدلب.
وتابعت " كانت شروط أوروبا، وفرنسا تحديدا للمشاركة بمثل هذه القمة هي أن لا يكون هناك أي قصف على إدلب، و بالتالي فإنه من المتوقع أن يكون هناك محادثات حول هذه المنطقة تحديداً و بالأخص المناطق منزوعة السلاح، كما أن الجانب الأوروبي سيسعى لحفظ حالة الاستقرار الحالي في إدلب منعا لوقوع كارثة إنسانية من جهة، و تفادياً لحدوث موجات جديدة من اللاجئين من جهة أخرى".
وأشارت المبيض في حديثها لروزنة إلى أن مناقشة العملية السياسية في سوريا ستكون كذلك حاضرة في قمة اسطنبول، خاصة وأن روسيا بالنسبة للمجتمع الدولي تعتبر راعي النظام السوري بينما تركيا هي راعي المعارضة السورية، وهما الطرفان المستثنيان من حضور هذه القمة؛ وفق تعبير الأكاديمية والسياسية السورية.
من جانبه اعتبر الباحث في الفلسفة السياسية "د.رامي الخليفة العلي" في حديثه لراديو روزنة أن قمة اسطنبول الرباعية ستبحث في استمرار تقاسم النفوذ على الأرض السورية، مشيرا إلى أن التواجد الأوروبي في القمة يأتي لإيجاد صيغة مشتركة ما بين الرؤية الغربية والرؤية الروسية من جهة أخرى فيما يتعلق بالحل في سوريا.
"خلال السنوات الماضية ومنذ التدخل الروسي عام 2015، كانت هناك رؤية روسية تحاول أن تفرض نفسها للحل السياسي، ولكن الآن بات من الواضح وأمام تقاسم النفوذ بين دول المنطقة، أن روسيا غير قادرة على فرض رؤيتها للحل السياسي في سوريا".
ويعتقد العلي في حديثه لروزنة أن القمة ستكون لها أهمية بالغة في محاولة إيجاد رؤية مشتركة غربية بشكل الحل النهائي في سوريا، على الرغم من صعوبة الأمر وفق رأيه، "إلى الآن لم تهيئ الظروف لهذه الرؤية المشتركة ولكن التفاهم الروسي التركي فيما يتعلق بادلب فتح المجال لإمكانية تفاهم أشمل".
واتفقت تركيا وروسيا في السابع عشر من أيلول الماضي، على إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح بعمق 15 كيلومترًا في إدلب، ليجنب ذلك الإتفاق عملية عسكرية واسعة؛ كان مرجحا أن تشهدها المنطقة.
لماذا تغيب إيران عن القمة؟
وتجاهلت تركيا دعوة إيران للمشاركة في القمة الرباعية، ويبدو أن هذا الاستبعاد لطهران قد يعكس توافقا بين القوى الفاعلة في سوريا، يشي ربما بالسعي لتقليص النفوذ الإيراني داخل سوريا.
الباحث في الفلسفة السياسة "د.رامي العلي" اعتبر أن عدم دعوة إيران لا يأتي في إطار تقليص نفوذ طهران، وإنما هو لإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية "صحيح أن واشنطن ليست حاضرة في هذه القمة، ولكن الجميع يعلم أن هنالك مطلب أمريكي بخروج إيران من سوريا وبالتالي يمكن أن تكون هناك رؤية متفق عليها لتجاهل إيران في هذه الفترة، ولكن على المدى البعيد لا أحد يستطيع تجاهل النفوذ الإيراني في سوريا".
وتستعد واشنطن لفرض موجة جديدة من العقوبات على طهران، وهي التي لا تريد حضور إيران سواء في في القمة الرباعية، وعلى كامل الأرض السورية وتسعى لإخراجها بوسائل عديدة وهي التي تسعى لاتباع استراتيجية جديدة في المنطقة تستبعد النفوذ الإيراني.
ما الأهداف الروسية من قمة اسطنبول؟
من جهته قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، يوم الاثنين الفائت أن موسكو لا تتوقع اختراقات خلال القمة المنتظرة الأسبوع القادم، وأضاف "لقد قلنا أنه من الخطأ، على ما يبدو، الحديث عن أن القمة تُعقد بهدف التوصل إلى اتفاقات محددة، إذ من البديهي أن الأمر ليس كذلك، وعلينا أن نكون واقعيين بهذا الشأن".
ووصف بيسكوف قمة اسطنبول المرتقبة بأنها صيغة "ممتعة جدا" وجديدة، و"منطقية تماما"، نظرا لأنها تضم دولتين كبريين أوروبيتين من جهة، ودولتين تتميزان بأكبر قدر من الانخراط في التطورات السورية "على الأرض"، هما روسيا وتركيا، من جهة أخرى.
الأكاديمية والسياسية السورية "د.سميرة المبيض" توقعت خلال حديثها لروزنة أن يستخدم الجانب الروسي خلال قمة اسطنبول الضغط نحو تغيير مواقف الدول الأوروبية تجاه ملف إعادة الإعمار واعتباره ضرورة لعودة اللاجئين و لتحقيق الاستقرار و الأمان؛ حسب وصفها.
وتابعت "الدول الأوروبية لا زالت تتمسك بموقف ثابت مرتبط ومتوافق مع الولايات المتحدة الأميركية في هذا الشأن و لا وجود لمؤشرات حالية لتغييره".
بينما يرى الباحث السياسي السوري "د. رامي العلي" في حديثه لراديو روزنة أن ملف إعادة اللاجئين وملف إعادة الإعمار ثبت خلال الأسابيع القليلة الماضية أنه لا يمكن لها أن تتصدر المشهد في سوريا، معتبراً أن هذا الأمر بحاجة لإيجاد حل وتسوية سياسية وهذا ما لم يحدث حتى الآن، وفق تعبير العلي.
ويضيف " لذلك لا أعتقد أن هذا هدف روسيا، فهدف روسيا في النهاية أيضا الوصول إلى تسوية تحفظ لها نفوذها ومصالحها، وباعتقادي أن هذا هو الهدف الروسي من هذه القمة، أما مسألة اللاجئين وإعادة الإعمار فهي ترى أن ذلك ممكن أن يتم في خطوة لاحقة".