التغيب القسري..آلاف السوريين ينتظرون المجهول!

التغيب القسري..آلاف السوريين ينتظرون المجهول!
القصص | 02 سبتمبر 2018

تستمر معاناة آلاف أهالي المغيبين قسريًا على يد مختلف أطراف الصراع في سوريا، على الرغم من مناشدات المنظمات الدولية ذات الشأن، والمباحثات السياسية بين مختلف الأطراف الفاعلة في الملف السوري لحل قضيتهم، إلا أنّ مصيرهم لايزال مجهولًا.


وذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صدر عنها في، 30 آب/ أغسطس الماضي، والذي يُصادف اليوم العالمي لـ "الاختفاء القسري" أنّ عدد المختفين قسريًا في سورية، بلغ نحو96 ألف شخص، بينهم 1546 طفل، و4837 سيدة".

واعتبرت الشبكة أنّ "النظام السوري مسؤول عن 86% من عمليات الاختفاء القسري في البلاد، حيث غيّب في سجونه نحو 81 ألف منذ منتصف 2011 وحتى آب الماضي"، وأنّ "نحو ثمانية آلاف آخرين غيّبهم تنظيم (داعش) في سجونه"، فيما بلغ عدد المختفين قسرًا لدى (هيئة تحرير الشام) نحو 1600 شخصًا".

اقرأ أيضًا: في اليوم العالمي للاختفاء القسري آلاف السوريين لايعرف مصيرهم

النظام السوري أخفى مئات آلاف السوريين في سجونه

 

وقال عبد السلام محمد، من ريف إدلب لـ "روزنة" إنّ "مصير شقيقه غير معلوم منذ بداية عام 2013 وحتّى الآن، على الرغم من مراجعتنا لعدد من الأفرع الأمنية في دمشق وحلب، دون أن يحصلوا على أية تفاصيل عن مصيره".

وأشار إلى أنّ "قوات النظام اعتقلت شقيقه محمود من منزله في حي الحمدانية بحلب في منتصف عام 2012، حيث تمت إحالته إلى فرع الأمن الجوي في المدينة، ليتمك تحويله مع بداية عام 2013 إلى دمشق".

ويخشى محمد على مصير شقيقه من الموت في سجون النظام السوري، ويقول: إنّ "معظم من التقيت بهم، من السجناء المطلق سراحهم من سجون النظام،  خلال رحلة بحثي عن معلومات تخص مصير أخي، كانوا يقولون لي إنّ عددًا كبيرًا من السجناء في الأفراع الأمنية خضعوا للتصفية بعد حفلات التعذيب المتكررة على مدى أشهر".

ووزّعت أجهزة أمن النظام السوري، منذ شهرين، قوائم بآلاف الأشخاص ممن توفوا تحت التعذيب في سجونها، وسلمت ذويهم بطاقتهم الشخصية، وادعت أنهم توفوا؛ نتيجة أمراض مزمنة.

قد يهمك: الأمم المتحدة: سوريا عبارة عن "غرفة تعذيب" كبيرة

وتنص الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التابعة للأمم المتحدة، في مادتها الأولى، على أنه "لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري"، وفي المادة الثانية على "عدم جواز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاعها، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري".

"داعش" انحسرت مساحة سيطرته ولم يكشف عن مصير سجنائه


وعلى الرغم من انحسار مساحة سيطرة تنظيم (داعش) في سورية، إلا أنّه لا زال يخفي في سجونه آلاف المدنيين من مجهولي المصير، وقال أحمد حسن، من مدينة منبج بريف حلب الشرقي لـ "روزنة" إنّ شقيقه سعد "انقطعت أخباره في سجون (داعش) منذ آذار/ مارس 2015، بعد أن اعتقله التنظيم في 26 كانون الأول 2014؛ بذريعة نقل معلومات للجيش الحر".

وأشار أحمد إلى أنّ "شقيقه حينما اعتقله التنظيم في أثناء توجهه إلى العمل من أحد سرافيس المدينة، لم يكن يبلغ سن 16 عامًا"، وأن "التنظيم مارس مختلف أنواع التعذيب ضد أخي من بينها (البلنكو) أي الشبح؛ من أجل انتزاع المعلومات من شقيقي".

ولفت أحمد إلى تعرضه لـ "لاعتقال أيضًا من قبل التنظيم لمدة 45 يومًا للاعتراف على ما أسماها التنظيم في حينه بـ (جرائم شقيقي)، لكنهم لم يحصلوا على شيء، فأطلقوا سراحي، وابقوا على سجن شقيقي، الذي لا يزال مصيره مجهولًا حتّى الآن، ولم يمضي على إكماله سن العشرين سوى أيام".

وتؤكد المادة السابعة من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري على تجريم "كل من يرتكب جريمة الاختفاء القسري، أو يأمر أو يوصي بارتكابها أو يحاول ارتكابها، أو يكون متواطئاً أو يشترك في ارتكابها".
 

"قسد" أخفت قسريًا المئات وابتزت عوائلهم  ماديًا 


ويتهم سكان محليون في مدينة الرقة وريفها قوات سوريا الديمقراطية  (قسد) بممارسة الاخفاء القسري بحق أبنائهم، ويقولون إنّهم "تعرضوا للابتزاز المادي من قبل المتنفذين في تلك القوات، لكنهم لم يحصلوا عن معلومات حول مصير أبنائهم".

وقال محمد البرهوم، من عشيرة المشهور لـ "روزنة" إنّ "القوات ذات الغالبية الكردية اعتقلت 12 شخصًا من أبناء عشيرته، وقتلت ثلاثة منهم تحت التعذيب، حيث سلمت جثة أحدهم وأخفت الجثتين الباقيتن عن ذويهم"، وأشار إلى أنّ "سجن ديرك بين القامشلي ورأس العين بريف محافظة الحسكة، يعتبر من أخطر السجون لدى (قسد)".

ولفت البرهوم إلى "تعرض أهالي المعتقلين للابتزاز المادي مقابل الإفراج عن أبنائهم أو الكشف عن مصيرهم، حيث يراوح المبلغ من خمسة آلاف  و35 ألف دولار أميركي"، وأنهم "جندوا أطفالاً من عشيرتي في صفوف قواتهم، دون أن يتم معرفة مصيرهم".

قد يهمك: المعارضة السورية تطالب بدخول مراقبين دوليين إلى سجون النظام

 

"تحرير الشام" تخفي مصير مئات المدنيين في سجونها

 

ولاتبدو (هيئة تحرير الشام) أفضل حالًا من سابقاتها، حيث تتهم بإخفاء المئات في سجونها، حيث يُعتبر سجن (العقاب) واسع الشهرة، والوقاع قرب مدينة حارم بريف إدلب، من أكثر أماكن الأخفاء القسري لديها.

حيث يقول مرشد رحال، من ريف إدلب، ولاجئ في السويد إنّ "الهيئة اعتقلت شقيقه من بلدته في جبل الزاوية؛ بذريعة الانتماء إلى الجيش السوري الحر، منذ آذار/ مارس 2016، ولازال مصيره مجهولًا حتّى الآن".

كذلك، تتهم أيضًا فصائل المعارضة الأخرى بممارسة الاعتقال والتغيب القسري لمئات الأشخاص، لكن يغلب على تلك الحالات "اعتقال الخصوم العسكريين والسياسين، أو لخلافات عائلية بين المتنفذين في الفصائل وبين المدنيين".

قد يهمك: دوما.. نجوا من القصف والجوع فاعتقلهم جيش الإسلام



وبحسب التقرير الأخير للشبكة السورية لحقوق الإنسان فإنّ "فصائل المعارضة مسؤولة عن إخفاء مصير نحو1887 مدنيًا"، فيما جاءت الإدارة الذاتية الكردية في المرتبة الأخيرة من حيث عدد أرقام المغيبين قسرًا، حيث بلغ عدد المختفين لديها نحو 1500 شخصًا".

وحاولت المعارضة السورية الدفع بملف المختفين قسريًا والمعتقلين إلى طاولة المفاوضات مع النظام السوري في مؤتمري (أستا) و(جنيف)، دون تحقيق أي تقدم فيه.
 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق