يلتقي الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مع نظيره الروسي "فلاديمير بوتين" في العاصمة الفنلندية "هلسنكي" وسط حديثٍ إعلامي عن أن هذا اللقاء سوف يحدد المسار المستقبلي للولايات المتحدة في سوريا.
ويتصارع فريقُ "ترامب" للأمن القومي داخلياً، بشأن صفقة مقترحة ناقشها الرئيس الأمريكي مع العاهل الأردني "عبد الله الثاني" في العاصمة "واشنطن" الشهر الماضي، من شأنها أن تمثل انتهاكاً صريحاً لاتفاق "بوتين ترامب" الأخير، بحسب ما أوردت صحيفة "الواشنطن بوست".
ما هي بنود الصفقة المقترحة؟
وتتمثل الصفقة المقترحة بتحقيق رغبة "ترامب" في سحب معظم القوات الأمريكية (2200 جندي في الشمال الشرقي) من سوريا "في القريب العاجل"، ومنح التأييد لرئيس النظام السوري "بشار الأسد"، والإمعان بسيطرة روسيا على الجنوب السوري.
كما ستعد روسيا بموجب الصفقة، بالحد من التواجد الإيراني بالقرب من حدود سوريا مع كل من الأردن وإسرائيل، في حين ستشجع الصفقة، قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة أمريكياً، على العمل مع الأسد وحلفائه.
وأضاف كاتب المقال "جوش روجين"، أن على ترامب ألا يوقع صفقة سيئة وكارثية تساهم في تفاقم الأوضاع للشعب السوري، والمنطقة، وأمن الولايات المتحدة، معتبراً أنه "مازال هناك بعض الوقت لتفادي أخطر النتائج".
صراعٌ داخل إدارة "ترمب" بخصوص الاتفاقية المقترحة
وبحسب المقال، فإن الأردن وإسرائيل، تبدوان موافقتان على المقترح، إلا أن الجو داخل إدارة ترامب، يبدو أكثر تعقيداً، حيث يدفع باتجاه تنفيذ البنود، "بريت ماكجورك" مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية في التحالف الدولي لقتال داعش، و"ديفيد ساترفيلد"، القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق القريب.
هذا، ويشكك مسؤولون أميركيون آخرون في وزارة الخارجية والبنتاغون ومجلس الأمن القومي بشدة، في الترتيب المحتمل، حيث اعترض "جون بولتون" مستشار الأمن القومي، على زاويتين على الأقل من المقترح، بينهما إصراره على تجنب زج القاعدة العسكرية الأمريكية بالقرب من معبر التنف الحدودي بالمفاوضات، مضيفاً أن أي مفاوضات، يجب أن تطالب بالانسحاب الكامل للإيرانيين، وليس الجزئي.
ويتخوف المسؤولون الأمريكيون، من الاتفاقية في حال تم التوصل إليها، حيثُ ستجعل من قتال تنظيم الدولة، عملية غير مكتملة، ما سيسمحُ بظهورهم مجدداً، في حادثة تشابه تلك التي تلت سحب الرئيس الأمريكي السابق لقواته من العراق عام 2011.
هل يمكن الوثوق بـ بوتين؟
ويقول كاتب المقال، أن الفرضية الأساسية للاتفاق هي جعل الحد من العنف بسوريا أولوية، مما يسمح للاجئين بالعودة وللعملية السياسية بالظهور، لكنه أوضح أنها تستند إلى افتراضين زائفين متعلقين بروسيا، وهما سعي روسيا لحل سياسي تفاوضي حقيقي، وأن لديها القوة والإرادة لاحتواء إيران.
وكان وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" صرح الشهر الماضي أن قدرة روسيا على إخراج إيران من سوريا هي "مسألة مفتوحة"، مضيفاً أن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لإيجاد حل دبلوماسي تعيقها قلة الضغوط على الأسد وشركائه.
وأضاف "بومبيو" في تصريحاته، "لم نصل بعد إلى وضع يُمكننا من الحصول على ما يكفي من النفوذ لتحقيق النتيجة السياسية التي تخدم مصلحة الولايات المتحدة والعالم".
ويشير المقال، إلى أنه وبإعلانه أن الانسحاب هدفه الأساسي، أضعف "ترامب" نفوذ الولايات المتحدة وقوض مفاوضيها، كما قام بتجميد جميع المساعدات الإنسانية الأمريكية تقريباً في سوريا وقطع المساعدات عن المتمردين، بالإضافة لتقديم تنازلات أحادية الجانب للأسد، وروسيا، وإيران.
لا أحد يعرف بعد بحسب المقال، ما الذي سيوافق عليه بوتين وترامب في "هلسنكي"، وربما يكون الاتفاق فضفاضاً لمتابعة الصفقة المقترحة في الأسابيع القليلة القادمة، بما يشير إلى اقتراب المعركة السياسية بشكل جدي فورَ انتهاء القمة، بحسب الصحيفة.
من جهة أخرى، يحاول الكونغرس منحَ "ترمب" المزيد من النفوذ، الذي من المتوقع ألا يستخدمه، حيثُ مرر بالفعل مشاريع قوانين متعددة من شأنها فرض عقوبات شديدة على نظام الأسد وعلى أي شريك يساعد في أعماله الوحشية المستمرة، وقد تم تسمية مشروع قانون "قيصر"، المنشق العسكري السوري الذي قام بتهريب ما يقرب من 55000 صورة تثبت تعذيب النظام لآلاف المدنيين.
وينقل الكاتب عن "القيصر" سؤاله له خلال زيارة قام بها إلى واشنطن، "ما هي الرسالة التي يرسلها العالم؟ "لا بأس من قيام القوات الجوية الروسية بقصف المستشفيات؟" "أين الإنسانية؟".
وينهي الكاتب مقاله، بأنه مازال للولايات المتحدة دور تلعبه في سوريا، وعليها مسؤولية القيام بما هو صحيح وآمن، "على الإدارة أن تتشبث بأحدث وسائل النفوذ لديها للضغط باتجاه إشراك المعارضة في المفاوضات، ووصول المساعدات لمحتاجيها، وإنهاء فظائع الأسد ومحاسبة مجرمي الحرب".
لا يمكن الوثوق بالرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، فلذلك، إذا نص الاتفاق على انسحاب القوات الأمريكية مقابل انسحاب القوات الإيرانية، فإنه يتعين على إيران سحب قواتها أولاً، فـ "هلسنكي" ليست مؤتمر سلام، وإنما محطة على طريق المرحلة التالية في هذه الحرب.
وختم الكاتب، "سوف تزداد مذبحة الأسد الوحشية مع انسحاب الولايات المتحدة، ما لم يكن ترامب متشددًا مع بوتين الآن، سوف يتعين عليه مشاهدة عودة تنظيم الدولة وتوسع إيران - على مدار الساعة دون أن يلام أحد".