هل أخطأ الأكراد في تحالفاتهم بسوريا؟

هل أخطأ الأكراد في تحالفاتهم بسوريا؟
الأخبار العاجلة | 14 يونيو 2018
بعد تفاهم أمريكي تركي حول مدينة منبج، يلوح في الأفق انسحاباً للقوات الأمريكية من قواعدها في مناطق الإدارة الذاتية بشمال سوريا، مما قد يعني خسارة استراتيجية لقوات سوريا الديمقراطية (ويشكل عمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية)؛ والتي تتلقى دعماً عسكرياً من الولايات المتحدة؛ تحت إطار مكافحة إرهاب داعش في تلك المناطق.

وفي الأثناء أشارت تقارير إعلامية إلى إمكانية إحلال قوات عربية بقيادة السعودية بعد الانسحاب الأمريكي؛ بحيث تندرج مهمتها في مراقبة الحدود وحمايتها؛ من خلال إنشاء مراكز رصد ومراقبة ستتكفل السعودية بتأسيسها وتمويلها؛ وفق طلب أمريكي.

ويعتبر متابعون بحسب التطورات الميدانية في شمال شرق سوريا خاصة بعد إطلاق تركيا عمليتي غصن الزيتون ودرع الفرات، ودخول قوات تركية إلى عفرين والسيطرة عليها وإبعاد حلفاء حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي من المنطقة والذي تعتبره تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني وتضعه على قائمة الإرهاب، يعتبرون أن الرهانات السياسية لأكراد قد خابت من خلال تحالفاتها مع قوى دولية غلّبت مصالحها على تفاهماتها مع الأكراد، وظهر ذلك جلياً بحسب ناشطون أكراد من خلال إعطاء روسيا الضوء الأخضر لتركيا في هجومها العسكري على عفرين، وإخراج وحدات حماية الشعب منها.

هل ستمنح التحالفات مع الغرب حقوق الأكراد؟

مدير منظمة كرد بلا حدود كادار بيري يقول في حديثه لراديو روزنة بأنه لا يمكن الارتكاز على أي جهة وخاصة الخارجية منها في منح الأكراد حقوقهم في سوريا، معتبراً بأنه لا خوف على القضية الكردية في سوريا من خلال أن السياسيين الكرد تعاملوا بشكل إيجابي مع كل الأطراف في الموضوع السوري بشكل عام والموضوع الكردي بشكل خاص، بحسب وجهة نظره.

ولفت بيري إلى أن التوافق الروسي التركي حول عفرين، كان عبارة مصالح بين الطرفين دفعت بروسيا بأن تقوم بذلك، "كانت صفقة كبيرة ونتيجتها تغيير ديمغرافي في عفرين، وبالمقابل فإن الروس والإيرانيين تخلصوا من الفصائل المقاتلة الذين تم جلبهم إلى عفرين"، فيما يعتبر أن موضوع منبج يختلف عن عفرين "الموقف الأمريكي هو موقف أكثر من جيد، لا جديد في موضوع منبج وإنما الجديد هو منع هجوم تركي على مدينة منبج".

بينما كشفت إلهام أحمد (الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية) في حديث لراديو روزنة أنهم لم يبلغوا بقدوم قوات عربية إلى مناطقهم، على الرغم من الحديث عن الانسحاب الأمريكي بين الفترة والاخرى، وأضافت "بما أن الحرب على الإرهاب مستمرة؛ لا أعتقد أن يكون هناك انسحاب قريب؛ نحن نرى (الأمريكان) الحلفاء الاساسيين في حربنا على الإرهاب".
 
هل أخطأ الأكراد في تحالفاتهم بسوريا؟
 


من جهته يعتبر إبراهيم معروف القيادي في هيئة التنسيق المعارضة في حديثه لروزنة أنه من الخطأ الاعتماد على الأطراف الخارجية للوصول إلى حقوقه او أهدافه، فالدول تسعى لمصالحها قبل كل شيء، وعندما تتعارض هذه المصالح مع مصالح الآخرين تتمسك بمصالحها الخاصة. وهذا ما حدث بالضبط لعدد من الأطراف السورية، ومنهم الفصائل الكردية، الذين راهنوا إلى حد بعيد على علاقاتهم مع بعض الأطراف الدولية، التي يعلمون علم اليقين ان مصالح بعضها، على الأقل، تتعارض، بل تتناقض مع المصالح الوطنية، مضيفاً بأن الأكراد ألحقوا ضرراً كبيراً بكل من القضية الكردية والقضية الوطنية السورية؛ حسب قوله.

فيما تشير رولا صبري عضو المجلس الوطني الكردي والقيادية في تيار المستقبل الكردي أن العلة لدى الأكراد لا تكمن فقط في العلاقات مع الأمريكان او الروس، "العلة تكمن في وجود من يسيء للقضية الكُردية متمثلاً بحزب الإتحاد الديمقراطي؛ والذي يسيطر على قوات سوريا الديمقراطية؛ فهذا الحزب استراتيجيته غير واضحة المعالم؛ ويريد العلاقات من أجل المكاسب المالية فقط كتنظيم مافيوي، لذلك الروس والأمريكان يتعاملون مع هذا الحزب لأنه لا يكلفهم غير بعض المال ولا يلزمهم باتفاقيات سياسية".

وكان صالح مسلم (الرئيس المشترك السابق لحزب الإتحاد الديمقراطي) أشار في تصريحات صحفية مطلع شهر حزيران الجاري إلى أن العلاقة مع الولايات المتحدة تحكمها المصلحة المشتركة المتمثلة في التخلص من تنظيم “داعش”، لافتا إلى أن هذه العلاقة ليست أبدية وأن من الوارد أن تتغير، واعتبر أن أميركا تتنازل عن مناطق قامت الوحدات الكردية بتحريرها مقابل مصالح تنتزعها من تركيا.

اقرأ أيضاً..هل يشارك الأكراد في اللجنة الدستورية؟

ما هو مستقبل القضية الكردية في سوريا؟

الكاتب الكردي محمد عبد الستار إبراهيم يوضح في حديثه لراديو روزنة بأن الأكراد لم  يخسروا قضيتهم، معتبراً أن القضية الكردية، هي قضية مركزية وليست قضية ثانوية من الممكن أن تصعد وتنزل حسب السياسات، "هي قضية شعب وهي قضية تاريخية لا يمكن حلها إلا حلاً جذرياً ضمن أضر الدستور وأيضاً ضمن تفاهمات دولية، وما حصل للقضية الكردية في سوريا مثلها مثل الثورة؛ فالذين مثلوا القضية فشلوا فشلاً ذريعاً في تمثيلها بالشكل الصحيح واللائق؛ وتقديمها كقضية سورية وطنية، إنما كل طرف مثل القضية بحسب المنظور السياسي الحزبي الضيق".

 ويضيف متابعاً بأن هناك أصواتاً كردية طالبت حزب الإتحاد الديمقراطي بالكشف عن سياساته واتفاقاته مع الدول، وتؤكد على أن الخوض في معارك عسكرية في الرقة ومنبج وريف دير الزور؛ هي معارك لا شأن للكرد فيها وهي معارك نيابةً عن الدول، وبمجرد انتهاء هذه المعارك ستنتهي مصالحهم.

فيما اعتبرت عضو المجلس الوطني الكردي رولا صبري في حديثها لروزنة أن وضع القضية الكُردية في سوريا اصبح بين فك كماشة نتيجة تصرفات حزب الإتحاد الديمقراطي التي تدفع الأكراد الى قاع عميق لن يستطيعون الخروج منها لعشرات السنين، " هناك عدم جدية من المجلس الوطني الكُردي في سوريا لمواجهة مشاريع حزب الإتحاد الديمقراطي التهورية، ونتيجة لذلك لا يوجد حتى هذه اللحظة جهة متكافئة و مستحقة للتفاوض مع الآخرين لنيل حقوق شعبنا بالطُرق الدبلوماسية".
 
هل أخطأ الأكراد في تحالفاتهم بسوريا؟
 


بينما يرى مدير منظمة كرد بلا حدود بأنه لن يكون هناك حل في سوريا إن لم يكن هناك حل عادل للقضية الكردية، "الكرد منذ البدايات آمنوا بحل ديمقراطي وحل عبر الحوار وليس عبر السلاح؛ ولكن ما فرض على المنطقة وعلى سوريا عامة؛ جر المنطقة إلى حروب طائفية بكل معنى الكلمة، والوحيدون الذين لم ينجروا إليها كانوا الأكراد وهم الذين اتخذوا الخط الثالث وهذا ما اثبت نجاحه إلى حد ما".

التفاوض مع النظام السوري..حل مفروض على الأكراد؟

القيادي في هيئة التنسيق المعارضة إبراهيم معروف يقول في حديثه لروزنة أن كل قوى المعارضة السورية، ومنهم مجلس سوريا الديمقراطية، يعلنون جاهزيتهم للتفاوض مع النظام، "الإعلان شيء والممارسة شيء آخر، فالمهم الممارسة، فإعلان المعارضة والسلطة السورية الموافقة على الحل السياسي لم تبين الممارسة صدقه، ذلك أن ثمان جولات من التفاوض في جنيف لم تنتج شيئاً؛ أما بخصوص مشاركة مجلس سوريا الديمقراطية في المسار التفاوضي فهذا أمر ضروري، فحسب المرجعية التي تشكلت على أساسها الهيئة العليا للمفاوضات، فإن جميع الأطراف التي تقبل بالحل السياسي يجب أن تكون مدعوة للمشاركة في الهيئة، والجميع يعلم أن غياب الاتحاد الديمقراطي، وهو الحزب الأساسي في مجلس سوريا الديمقراطية، كان نتيجة لاعتراض تركيا لمشاركتهم، وقد استجابت الرياض للطلب التركي، وتم تغييب حزب الاتحاد الديمقراطي؛ ويجب ألا تستثنى أي قوة توافق على الحل السياسي للأزمة الكارثية التي يعيشها شعبنا وبلدنا".

قد يهمك..استراتيجية أمريكية لاستمرار دعم الأكراد بسوريا!

من جهتها تحدثت إلهام أحمد (الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية) بأنهم مستعدون لفتح قنوات مباشرة للتفاوض مع دمشق؛ مشترطة بوجوب استعداد النظام البدء بعملية التفاوض، وتضيف في حديثها لراديو روزنة " نحن راهنا على شعبنا منذ البداية ولا نزال، سعينا لأن يكون لنا حلفاء على الارهاب وعلى أي اعتداء قد نتعرض له، مع الأسف رهان القوتين (أمريكا وروسيا) على الأتراك قد عرّض سوريا لمخاطر التقسيم وفوضى عارمة. لذلك كان ترجيحنا بشكل دائم الحل السوري السوري؛ لكن بسبب عدم تجاوب دمشق مع هذه المحاولات باءت بالفشل طبعا".

فيما ترد رولا صبري القيادية في تيار المستقبل الكردي حول سعي مجلس سوريا الديمقراطية للتفاوض مع النظام السوري بالقول " تصريحهم بخصوص التفاوض مع النظام يدعو للسخرية، فمنذ اللحظات الأولى لإنشاء قوات سوريا الديمقراطية؛ كانت هذه القوات تحت رعاية النظام و يتم تمويل هذه القوات من النظام أيضاً، فهم (سوريا الديمقراطية) لا يستطيعون الحراك بشبر واحد اذا لم يكن النظام موافقاً عليه، تصريحاتهم هذه كتصريحات الجبهة الوطنية التقدمية التي كانت تحاول أن تبرهن للناس بأنهم قوى مستقلة سياسياً عن حزب البعث عبر سنين طوال".

وكان رياض درار (الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية) قال في مقابلة مع وكالة "تسنيم الإيرانية" في وقت سابق من الشهر الحالي أن "التفاوض مع الدولة السورية هو السبيل الأنفع للوصول إلى نتائج تخدم سوريا دون تهديد أو وعيد".
وأشار درار إلى أن "قسد أعدت نفسها لمواجهة داعش والإرهاب، وقالت مرارًا إنها مستعدة لتكون جزءًا من الجيش السوري بعد التسوية، وعليه نؤكد دائمًا الحاجة لأن نضع مفاتيح هذه التسوية معًا وصولًا إلى كيفية إنجازها".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق