الدين يعذر والسلطات تجرم … ما هي عقوبة المفطرين علناً في سوريا؟

الدين يعذر والسلطات تجرم … ما هي عقوبة المفطرين علناً في سوريا؟
القصص | 03 يونيو 2018

يجهل كثيرٌ من السوريين، حقيقةَ إمكانية معاقبة القانون في مناطق سيطرة النظام السوري، للـ "المفطرين علناً" خلال رمضان، في عقوبات جاءت بعد اجتهادات قضائية تم العمل عليها قبل عقود، وتندرج تحت باب "الإخلال بالآداب العامة"، بينما حُرِمَ الأمر ذاته في مناطق المعارضة بقوانين حملت ذات المسمى. 

وتنص المادة 208 من قانون العقوبات السوري على أن، "تعدُ وسائل للعلنية: الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام، أو مكان مباح للجمهور، أو معرض للأنظار، أو شاهدها بسبب خطأ الفاعل من لا دخل له بالفعل …". 

وأما بالنسبة للعقوبة فقد نصت المادة 517 من قانون العقوبات السوري لعام 1948 على أنه، "يُعاقب على التعرض للآداب العامة بإحدى الوسائل المذكورة في الفقرة الأولى من المادة 208 بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات ".

وتداول عددٌ من الشبكات المحلية وناشطون، عدداً من "الاجتهادات القضائية" الصادرة عن مراجع مختلفة، تناولت عملَ "الإفطار العلني" وصِلته بقانون العقوبات جاء في أبرزها:

"إن الإفطار برمضان علناً بإحدى الصور المنوه عنها في الفقرة الأولى من المادة 208 من قانون العقوبات فيه امتهان للديانة الإسلامية وشعور المنتمين إليها، وإن هذا الامتهان مخل بالآداب الإسلامية، وبالتالي يخالف الآداب العامة التي تقضي بمراعاة شعور السواد الأعظم من المواطنين". 

العقوبة منسية إلا فيما ندر

وحسبما نقلت وكالة "سبوتنيك" عن مصادر في محاكم النظام الشرعية، فإن العقوبة تشمل غير المسلم أيضاً، إذا أجهر بإفطاره في أثناء نهار رمضان"، مضيفة، "أن العقوبة لا تطلق حالياً وهي "منسيّة إلا فيما ندر" باعتبار أن هناك عدد لا بأس به من المواطنين يجهرون في إفطارهم في الطرقات". 

وبطبيعة الحال، يحتفظ مسيحيو سوريا الذين تبلغ نسبتهم حوالي 7% من عموم السكان، بحقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية تامة خلال أيام شهر رمضان، حيث ينطبق الأمر ذاته، على الأقليات الدينية الأخرى. 

 

مناطق المعارضة السورية 

ورغم تنوع الفصائل العسكرية المعارضة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، تتفق جميعها على تحريم "الإفطار" خلال شهر رمضان، تحت طائلة العقوبة بحيث تختلف وتتنوع، بحسب الفصيل العسكري المسؤول وشرعييه. 

وسن مركز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "سواعد الخير"، وهو أحد الأذرع التابعة لهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب، مجموعة قوانين جديدة تحت مسمى "قوانين الأداب العامة" منتصف شهر رمضان الحالي، منعت فيها من بين ما منعت "الإفطار جهراً"، تحت طائلة المحاسبة القضائية.




 

وقبيل بدء شهر رمضان هذا العام، منعَت الشؤون الدينية التابعة لمجلس الإدارة المدنية الكردي، في منبج، الإفطار جهراً خلال رمضان ضمن بند "عدم المجاهرة بالمعصية" تحت طائلة المحاسبة، لتعود "الإدارة الذاتية" في المدينة بعد فترة وجيزة، وتوقف العمل بهذا التعميم، وتعتذر عن إصداره. 

 

أناسٌ عوقبوا بتهمة "الإفطار العلني

وقبل أيام، أعلنت "وزارة الداخلية" التابعة لحكومة الإنقاذ في الداخل السوري، توقيفها ثلاثة شبان بتهمة "الإفطار جهراً" في أحد نهارات أيام رمضان في مدينة سلقين بريف إدلب، تمت إحالتهم للقضاء الشرعي، حسب ما ذكر الحساب الرسمي للوزارة على فيس بوك. 

وجاءت الحادثة بعد يومٍ واحد من حادثة مشابهة في مركز مدينة إدلب، حيثُ أوقفَ قسم شرطة المدينة شخصين بذات التهمة.

 


وتعتبرُ سوريا دولةً إسلامية، يستند قانونها في جزءٍ كبير منه على تعاليم الشريعة الإسلامية كـ "قانون الأحوال الشخصية"، ويجب على رئيس البلاد أن يكون منتمياً للدين الإسلامي، في حين تزيد نسبة المسلمين السنة عن 70٪ من عموم السكان. 

إلا أن مراقبون وسياسيون يرون أن النظام الحاكم بسوريا، عمل جاهداً على مدار سنوات الحرب الماضية على تقديم نفسه بصورة علمانية معاصرة، يدافع فيها عن حقوق الأقليات الكثيرة التي تتخذ من سورياً موطناً لها. 

وأجمع عددٌ من فقهاء الديانة الإسلامية على أن من أفطر في رمضان، فعليه تعويض ما لم يصم في رمضان، حال تمكنه من ذلك، قبل حلول شهر رمضان التالي، فيما يجوز للشيخ الكبير الذي بلغَ من العمر عتياً، والحوامل والأم المرضعة، والمريض، والمسافر، حسب موقع موضوع العربي. 

كفارة الإفطار 30 ألف ليرة سورية

وأصدرت إدارة الإفتاء في وزارة الأوقاف في حكومة النظام قبل أيام لائحة تقريبية تتضمن "فدية الصيام" التي سيتوجب على المسلمين السوريين ممن "عجزوا عن الصيام" في شهر رمضان أن يدفعوها "ككفارة"، تراوحت الأرقام فيها بين 15 إلى 30 ألف ليرة سورية. 

 


كما تضمنت اللائحة تحديد "صدقة الفطر" و"نصاب زكاة المال النقدي"، حيث قدرت إدارة الإفتاء الحد الأدنى لفدية الصيام بـ 500 ليرة سورية ككفّارة عن كل يوم أفطر فيه المسلم، فيما بلغ حدها الأوسط 1000 ليرة سورية، وتركت اللائحة الباب مفتوحاً لمن يود الزيادة. 


وتعاقب دولٌ كثيرة عربية "الإفطار جهراً"، أبرزها الدول الخليجية والعراق والأردن والمغرب سواء بالسجن أو الغرامات المالية، فيما تحول الحواجز التي يفرضها المجتمع المحافظ في دول أخرى كـ "ليبيا"، دون قدرة غير الصائمين، على الإفطار علناً في العامة. 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق