تتوجه أنظار العالم اليوم، لمتابعة حفل زفاف ملكي للأمير "هاري" والممثلة الأمريكية السابقة "مايغن ماركل" في بريطانيا، وسطَ ترقب من قبل العامة، والصحافة المحلية والعالمية، رافقه تعتيمٌ على فستان العروس، والمراسم، والضيوف، وغيرها من الأمور. وطرح العديد من الاسئلة فيما اذا كانت العروس الجديدة ستعمل على تقليد الملكة إليزابيث الثانية و تلبس من الحرير الدمشقي هي أيضاً!
صناعةٌ دمشقية زينت حفلَ زفافٍ الملكة إليزابيث
وتابعَ العالم بتاريخ 20 من تشرين الثاني 1947 حفلَ زفاف الأميرة آنذاك "إليزابيث الثانية"، بدوق أدنبره، الأمير "فيليب مونتباتن"، حيث أطلت وقتها بفستان خاطف للأنظار، حاولت بشكل حثيث إخفاءَ مكوناته ومنع وصولها لدور الأزياء، لتجنب تقليده، مصدر القماش بقي السر في تصميمه، فما هي قصة القماش؟ وهل جلب حقاً من دمشق ؟
الأمر حدثَ بالفعل، وفقاً لما ذكرته صحيفة "تلغراف" البريطانية في ملحقها السياحي عن مدينة دمشق، المنشور بتاريخ الثاني من أيلول 2010، حيث أشارت إلى استخدام هذا النوع من القماش بتصميم فستان الزفاف للملكة إليزابيث.
وتكثرُ الصناعات الحرفية في العاصمة "دمشق" وتعودُ لوقت طويل من الزمن، إلا أن بعضها، حازَ على إعجابٍ وشهرةٍ عالمييَن، سواء بسبب عراقتها، أو دقة صناعتها، أو غلاء أسعارها وجودتها، من بينها "البروكار" الدمشقي، الذي استخدم في صناعة ألبسة الملوك والسلاطين والأمراء.
وبحسب المعلومات المتداولة، أرسل القصرُ الإنكليزي قبيل حفل الزفاف، طلباً خاصاً إلى سفارة سوريا في لندن، للحصول على "البروكار" الدمشقي، ليردَ الرئيس السوري آنذاك "شكري القوتلي"، بإرسال بضعة أمتار من "البروكار" كهدية لها.
وتمكنت "روزنة" من التواصل مع "مجد نعسان" أحد أبناء القائمين على معامل النعسان الشهيرة في دمشق، حيث نقل عن أجداده قولهم، أن القماشة البيضاء (الصورة أدناه)، والتي تدعى "عصافير الحب" هي التي تم إرسالها للحكومة السورية آنذاك، لترسلها بدورها إلى بريطانيا.
وبعد وصول القماش الى انكلترا، قام المصمم "نورمان هارتنيل" بتحويل القماش إلى فستان الزفاف المحفوظ حالياً، في المتحف الملكي في قصر "باكينغهام"، اتبعت فيه تصاميم الرقبة العالية، وذيل بطول 13 قدماً.
Wedding of Queen Elizabeth II to Lt Philip Mountbatten, Prince Philip if Greece and Denmark ~ 1947 pic.twitter.com/tfXWYtod6q
— Leszek Czernek (@LeszekCzernek13) April 27, 2017
هل لبست "إليزابيث" البروكار الدمشقي مرتين؟
ارتدت الملكة "إليزابيث الثانية" فستاناً عند تنصيبها ملكة على بريطانيا عام 1952 قيل أنه من البروكار أيضاً، وهذا الفستان محفوظ في أحد متاحف لندن، كما لبست منه ملكة ماليزيا وملكة إسبانيا في مناسبات عدة، وبات مقصد أثرياء العالم ونجومه ومشاهيره.
وبحسب ما ذكرت الصحفية "ماجدة أبو فضل" بمقال نشرته "هافينغتون بوست" البريطانية، فإن "جورج نعسان" صاحب محلات وأسواق تنتج هذا القماش، أخبرها عامَ 1991، عندما كان عمره 82 عاماً، أن نعسان إخوان أرسلت 30 ياردة من الديباج، ليستخدم في تصميم فستان تتويج الملكة إليزابيث الثانية على بريطانيا.
والبروكار هو نوعٌ من أنواع القماش الدمشقي العريق المنسوج يدوياً والمُقصب بالذهب، شهرةً عالمية واسعة، لما تتطلب عمليةُ نسيجه من حرفية عالية، أتقنها الدمشقيون وحدهم، وتمكنوا من العمل على زخرفته بخيوط زاهية وملونة.
ويعرفُ هذا القماش باسماء أخرى كالـ "ديباج" قديماً، "البروكار" أو "البروكايد"، وهو من أثمن وأدق أنواع القماش عالمياً، ورغم تواجده منذ زمن طويل في سوريا، لم يحترف الدمشقيون إنتاجه سوى قبل 200 عام، حيثُ غدا لباس الملوك والأمراء والسلاطين.
تختلف أنواع البروكار باختلاف العناصر المستعملة مع الحرير، وألوانه متعددة، وتصاميمه غير محددة، ورسومه كانت تنسج بواسطة الإبرة ثم عن طريق بطاقات الجاكار (الكرتون الحديث الذي دخل منذ 200 عام)، فصناعته فن يرتكز على علوم أخرى كالرياضيات والميكانيك.
وتعرضت الحرفة العريقة إلى الكثير من الصعوبات، فقد تراجعت فترة الاحتلال العثماني، بسبب فرض الحكام العثمانيين ضرائب باهظة عليها، وشهدت انحساراً في فترة أحداث 1860، وفي فترة الاحتلال الفرنسي، لكنها أُحييت مجدداً عام 1935، لتعود وتواجه مصاعب جمة في سنوات الحرب الحالية.
وفي مقابلة مع صحيفة "دايلي ميرور" عامَ 2016، قال "إبراهيم الأيوبي، الذي عمل على إنتاج "الديباج" منذ عقود، "إنه من الصعب الحصول على حرير ذي نوعية جيدة، حيثُ ارتفعت أسعاره بنحو عشرة أضعاف"، منوهاً إلى التأثير السلبي الكبير الذي خلفته الحرب على هذه المهنة.