في السابع من شهر نيسان عام 1947 أُعلن عن تأسيس حزب البعث في دمشق، تحت شعار أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة؛ وأهدافه وحدة حرية اشتراكية، وهي تجسد الوحدة العربية والتحرر من الاستعمار والإمبريالية، وإقامة النظام الاشتراكي العربي، كما يوصف الحزب نفسه على أنه مزيج من الاشتراكية، والقومية العربية والعلمانية.
ونسرد لكم في الجزء الثاني لشهادات سوريّة عاصرت وقائع من الذاكرة السورية واستضافهم راديو روزنة، سعياً لتقديم توثيق تاريخي في ذكرى تأسيس حزب البعث العربي الإشتراكي في سوريا، (على أن يبث أيضاً خلال وقت لاحق؛ وثائقياً إذاعياً ينفرد به راديو روزنة للحديث عن مراحل تاريخية مهمة من الذاكرة السورية)
خصوم البعث..أنداد السياسة !
القيادي في الحزب الشيوعي-المكتب السياسي (محمد سيد رصاص) يكشف في شهادته لراديو روزنة عن تبدل نظرة الأحزاب الشيوعية تجاه الأحزاب القومية في الخمسينات عندما تقارب عبد الناصر مع السوفييت؛ "جرت تقاربات بين الشيوعيين والقوميين بسوريا؛ حيث جرى تعاون في البرلمان بين النائب الشيوعي خالد بكداش وكتلة حزب البعث في البرلمان."
سرعان ما تبدلت تلك العلاقة بعدما حصل انقلاب الثامن من آذار عام 1963، حينما عمل حزب البعث على اعتقال كوادر الشيوعيين؛ بحسب حديث "سيد رصاص" "تحسنت العلاقات بعد حركة 23 شباط 1966 التي قادها الجناح اليساري لحزب البعث، إلى أن أطيح بسلطة اللواء صلاح جديد في 16 تشرين الثاني عام 1970، حيث انقسمت اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي؛ بين مؤيد ومعارض للحركة، مشيراً إلى ضغوطات سوفيتية لتأييد الحركة آنذاك."
القيادي في الحزب الشيوعي-المكتب السياسي أشار في شهادته لراديو روزنة أن الانقسام عاد مجدداً في اللجنة المركزية بالنسبة للدخول في الجبهة الوطنية التقدمية عام 1972، "على إثرها جرى الانقسام في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، بين خالد بكداش الموالي للسوفييت والحزب الشيوعي-المكتب السياسي، ودخل المكتب السياسي في عدة تجاذبات مع جناح بكداش؛ في نسق معارض لحكومة البعث القائمة آنذاك؛ لينضم إلى التجمع الوطني الديمقراطي عام 1979"
ويكشف "محمد سيد رصاص" في حديثه لروزنة أن التجمع الوطني الديمقراطي شكّل أثناء صِدام النظام مع الإخوان المسلمين في وقتها؛ خطاً ثالثاً بين النظام وحلفائه والمعارضة الإسلامية، " وبسبب ذلك جرت الاعتقالات ضمن صفوف المكتب السياسي للحزب الشيوعي في تشرين الأول عام 1980."
معتبراً أن الخلافات بين أطراف الحزب الشيوعي و أطراف حزب البعث كانت عديدة وعلى قضايا مختلفة " الجبهة الوطنية التقدمية لم تكن للمشاركة السياسية و إنما كانت لقتل الأحزاب."
بينما يرى القيادي في حزب البعث الديمقراطي "إبراهيم معروف" أن حزب البعث الإشتراكي الحاكم قد ابتز المواطنين للإنتساب إليه كشكل من أشكال المصلحة واعتمد هذه الآلية من أجل سحب الجمهور من الأحزاب الأخرى، "حينما كثرت أعداد المنتسبين (لحزب البعث الإشتراكي) اتخذت سلطتهم تحت مسميات حماية الثورة والوطن دعوة منتسبيهم إلى مراقبة الناس من خلال كتابة التقارير عن الناس الذين يعيشون في وسطهم، مشعريهم بأنه من واجبهم أن يكتبوا التقارير؛ طبعاً ضمن اتهامات باطلة."
وعلى الرغم من ذلك يعتبر "معروف" أن حزب البعث الاشتراكي لم يكن قائداً للدولة والمجتمع وإنما كانت الأجهزة الأمنية هي القائد الفعلي للدولة والمجتمع تحت إمرة حافظ الأسد.
محمد سيد رصاص اعتبر من خلال شهادته لراديو روزنة أن الأحزاب السياسية أصبحت أحزاب منافع ولم تعد أحزاب جماهيرية، بينما يشير إلى أن حزب البعث الإشتراكي كان له دوراً أكبراً بين أعوام الـ 1970 وحتى الـ 2000، واختلف دوره بعد أن استلم قيادته بشار الأسد.
الجزء الأول من حقيقة حزب البعث كما يرويها شهود الذاكرة السورية
الانقلاب.. تصحيح أم عداء معلن؟
كرست الحركة التي أسماها حافظ الأسد في السادس عشر من تشرين الثاني في العام 1970 "الحركة التصحيحية" تسلط حزب البعث العربي الاشتراكي على الحياة السياسية ومقدرات البلاد في سوريا، فالانقلاب الذي قاده حافظ الأسد على صلاح جديد ونور الدين الأتاسي، وادعى حزب البعث في وقتها أنها بداية عهد جديد لتقوية دعائم الدولة في إنهاء الصراعات الداخلية وهي التي رسخت سلطة دولة البعث، وفي أوائل عام 1971 انتخب حافظ الأسد رئيسًا لسوريا، ليعمل على توطيد سلطة البعث أكثر فأكثر، بدأها من خلال تشكيل جبهة سياسية جمع فيها أحزاب عدة تحت سلطة البعث في عام 1972 تحت اسم الجبهة الوطنية التقدمية، فيما ينسب البعث أن من المنجزات لحركة الأسد التصحيحية هي حرب الأيام الستة مع إسرائيل عام 1973، بينما كرس حافظ الأسد السلطة المطلقة لحزب البعث الإشتراكي في حكم الدولة والمجتمع من خلال إنشاء دستور جديد لسوريا في العام ذاته (1973) حيث شكلت المادة الثامنة من الدستور آنذاك، تسلطاً مطلق الصلاحيات لحزب البعث الإشتراكي.
القيادي الشيوعي محمد سيد رصاص كشف من خلال شهادته لراديو روزنة أن صلاح جديد سقط أثناء انقلاب حافظ الأسد عليه؛ لأن جديد كان قد خرق الخطوط الحمراء عندما تدخل في الأردن (أيام أحداث أيلول 1970) مما جعل حافظ الأسد يلاقي تأييداً شعبياً في حركته (التصحيحية).
معتبراً في حديثه أن حافظ الأسد كان يملك دراية أكثر من صلاح جديد بالأجواء الإقليمية والدولية.
بينما أشار القيادي في حزب البعث الديمقراطي "إبراهيم معروف" أن التوصيف الحقيقي لعملية ما يسمى الحركة التصحيحية؛ هو انقلاب عسكري " كيف يمكن أن نصف عملية اعتقال رئيس الدولة والأمين العام للحزب وعدة قيادات سياسية من دون اتهام أو محاكمة."
وأما عما أسمته قيادة البعث الإشتراكي بأنها ثورة الثامن من آذار (1963) فقد رأها القيادي الشيوعي "محمد سيد رصاص" بأنها انقلاب عسكري ولّد ثورة " لقد جرى تغيير جذري في بنية سلطة النظام الحاكم آنذاك، وكذلك في طريقة الحكم وعلاقة السلطة بالمجتمع، لذلك يمكن وصفها أنها حققت إنقلاباً بالعلاقات الإقتصادية والاجتماعية وتمدين الريف وإنجاز الإصلاح الزراعي والتحول إلى رأسمالية الدولة بعيداً عن الرأسمالية التقليدية."
معتبراً بوجود ثورة اقتصادية اجتماعية آنذاك ولكنها بنفس الوقت ولّدت العديد من المشكلات التي عاناها المجتمع السوري؛ بحسب شهادة "محمد سيد رصاص".
ما قبل 2011 ليس كما بعدها؟
وأصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، في شهر آب من عام 2011 مرسوماً تشريعياً يدعو بموجبه لإصدار قانون خاص يتعلق بتشكيل وترخيص الأحزاب في سوريا، وأتى ذلك عقب اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا في شهر آذار من العام نفسه، بينما تلى ذلك بعام وفي شهر شباط من عام 2012 إجراء استفتاء على مشروع دستور جديد والذي قضى بموجبه إلغاء المادة الثامنة من الدستور القديم (دستور عام 1973) والذي كان بموجب تلك المادة يتيح السلطة المطلقة لحزب البعث الإشتراكي باعتباره الحزب القائد للدولة والمجتمع.
وحول إلغاء المادة الثامنة من الدستور وإنشاء قانون الأحزاب، قال السياسي السوري "سمير الهواش" في شهادته لراديو روزنة أن إلغاء المادة الثامنة من الدستور هو إلغاء على الورق ل غير، معتبراً أنه حتى اللحظة ما يزال حزب البعث هو المتحكم بكل مجريات الأمور.
مضيفاً " على الرغم من إقرار قانون خاص للأحزاب إلا أن حزب البعث ما زال المسيطر على كثير من الأمور في الدولة، وربما أن الأحداث العسكرية الجارية على الأرض؛ هي من لم تعطي التطبيق الحقيقي لإلغاء المادة الثامنة من الدستور."
الهواش اعتبر في شهادته أن قانون الأحزاب الذي صدر في العام 2011 توجد به عدة ثغرات، أهمها صيغة تمويل الأحزاب، معتبراً أنه لذلك بقيت الأحزاب الجديدة ضعيفة من جهة، ومن جهة أخرى فإنه ما يزال للآن وزير الداخلية رئيساً للجنة الأحزاب وهو من يعطيها الأوامر وهو قادر على أن يتحكم بها ككل "نحن نعلم بأن تعيين الوزراء يأتي من القيادة القطرية لذلك فوزير الداخلية هو بعثي، ومن هنا نرى أن حزب البعث هو من يتحكم بعمل هذه الأحزاب."
بينما يرى الهواش أن المجتمع المتخوف من القبضة الأمنية يتولد لديه الخوف من الإنتساب لهذه الأحزاب، وعلى الرغم من ذلك يعتبر بأن هناك مساحة من الحرية تعطى للعاملين في الحقل السياسي، "لكن نحن نحتاج لزمن حتى يقتنع المواطن العادي بأن ينتسب لحزب غير حزب البعث."
وبنفس الوقت يعتبر بأنه لا يمكن الإنكار بأن حزب البعث ما يزال يسعى بأن يسيطر على كل نواحي الحياة بسوريا "نحن أمامنا الكثير من أجل أن نقول أننا بدأنا العمل السياسي الحقيقي، ونحن نحتاج لأن نناضل من أجل كف يد حزب البعث عن التحكم بمفاصل الدولة التي يسيطر عليها، فنحن بحاجة لحل سياسي داخلي."
من جانبه يرى "إبراهيم معروف" أن الكبت في المجتمع السوري والذي مارسته السلطات الأمنية التي قادت باسم حزب البعث الإشتراكي؛ هي التي أدت للانفجار، والإنفجار بحسب شهادة معروف كان لا بد له من الحدوث لأن جميع الأبواب قد أغلقت بوجه الشعب السوري من أجل أن يعبر عن رأيه ومواقفه وحتى أن يطالب بحقوقه أيضاً.
ونسرد لكم في الجزء الثاني لشهادات سوريّة عاصرت وقائع من الذاكرة السورية واستضافهم راديو روزنة، سعياً لتقديم توثيق تاريخي في ذكرى تأسيس حزب البعث العربي الإشتراكي في سوريا، (على أن يبث أيضاً خلال وقت لاحق؛ وثائقياً إذاعياً ينفرد به راديو روزنة للحديث عن مراحل تاريخية مهمة من الذاكرة السورية)
خصوم البعث..أنداد السياسة !
القيادي في الحزب الشيوعي-المكتب السياسي (محمد سيد رصاص) يكشف في شهادته لراديو روزنة عن تبدل نظرة الأحزاب الشيوعية تجاه الأحزاب القومية في الخمسينات عندما تقارب عبد الناصر مع السوفييت؛ "جرت تقاربات بين الشيوعيين والقوميين بسوريا؛ حيث جرى تعاون في البرلمان بين النائب الشيوعي خالد بكداش وكتلة حزب البعث في البرلمان."
سرعان ما تبدلت تلك العلاقة بعدما حصل انقلاب الثامن من آذار عام 1963، حينما عمل حزب البعث على اعتقال كوادر الشيوعيين؛ بحسب حديث "سيد رصاص" "تحسنت العلاقات بعد حركة 23 شباط 1966 التي قادها الجناح اليساري لحزب البعث، إلى أن أطيح بسلطة اللواء صلاح جديد في 16 تشرين الثاني عام 1970، حيث انقسمت اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي؛ بين مؤيد ومعارض للحركة، مشيراً إلى ضغوطات سوفيتية لتأييد الحركة آنذاك."
القيادي في الحزب الشيوعي-المكتب السياسي أشار في شهادته لراديو روزنة أن الانقسام عاد مجدداً في اللجنة المركزية بالنسبة للدخول في الجبهة الوطنية التقدمية عام 1972، "على إثرها جرى الانقسام في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، بين خالد بكداش الموالي للسوفييت والحزب الشيوعي-المكتب السياسي، ودخل المكتب السياسي في عدة تجاذبات مع جناح بكداش؛ في نسق معارض لحكومة البعث القائمة آنذاك؛ لينضم إلى التجمع الوطني الديمقراطي عام 1979"
ويكشف "محمد سيد رصاص" في حديثه لروزنة أن التجمع الوطني الديمقراطي شكّل أثناء صِدام النظام مع الإخوان المسلمين في وقتها؛ خطاً ثالثاً بين النظام وحلفائه والمعارضة الإسلامية، " وبسبب ذلك جرت الاعتقالات ضمن صفوف المكتب السياسي للحزب الشيوعي في تشرين الأول عام 1980."
معتبراً أن الخلافات بين أطراف الحزب الشيوعي و أطراف حزب البعث كانت عديدة وعلى قضايا مختلفة " الجبهة الوطنية التقدمية لم تكن للمشاركة السياسية و إنما كانت لقتل الأحزاب."
بينما يرى القيادي في حزب البعث الديمقراطي "إبراهيم معروف" أن حزب البعث الإشتراكي الحاكم قد ابتز المواطنين للإنتساب إليه كشكل من أشكال المصلحة واعتمد هذه الآلية من أجل سحب الجمهور من الأحزاب الأخرى، "حينما كثرت أعداد المنتسبين (لحزب البعث الإشتراكي) اتخذت سلطتهم تحت مسميات حماية الثورة والوطن دعوة منتسبيهم إلى مراقبة الناس من خلال كتابة التقارير عن الناس الذين يعيشون في وسطهم، مشعريهم بأنه من واجبهم أن يكتبوا التقارير؛ طبعاً ضمن اتهامات باطلة."
وعلى الرغم من ذلك يعتبر "معروف" أن حزب البعث الاشتراكي لم يكن قائداً للدولة والمجتمع وإنما كانت الأجهزة الأمنية هي القائد الفعلي للدولة والمجتمع تحت إمرة حافظ الأسد.
محمد سيد رصاص اعتبر من خلال شهادته لراديو روزنة أن الأحزاب السياسية أصبحت أحزاب منافع ولم تعد أحزاب جماهيرية، بينما يشير إلى أن حزب البعث الإشتراكي كان له دوراً أكبراً بين أعوام الـ 1970 وحتى الـ 2000، واختلف دوره بعد أن استلم قيادته بشار الأسد.
الجزء الأول من حقيقة حزب البعث كما يرويها شهود الذاكرة السورية
الانقلاب.. تصحيح أم عداء معلن؟
كرست الحركة التي أسماها حافظ الأسد في السادس عشر من تشرين الثاني في العام 1970 "الحركة التصحيحية" تسلط حزب البعث العربي الاشتراكي على الحياة السياسية ومقدرات البلاد في سوريا، فالانقلاب الذي قاده حافظ الأسد على صلاح جديد ونور الدين الأتاسي، وادعى حزب البعث في وقتها أنها بداية عهد جديد لتقوية دعائم الدولة في إنهاء الصراعات الداخلية وهي التي رسخت سلطة دولة البعث، وفي أوائل عام 1971 انتخب حافظ الأسد رئيسًا لسوريا، ليعمل على توطيد سلطة البعث أكثر فأكثر، بدأها من خلال تشكيل جبهة سياسية جمع فيها أحزاب عدة تحت سلطة البعث في عام 1972 تحت اسم الجبهة الوطنية التقدمية، فيما ينسب البعث أن من المنجزات لحركة الأسد التصحيحية هي حرب الأيام الستة مع إسرائيل عام 1973، بينما كرس حافظ الأسد السلطة المطلقة لحزب البعث الإشتراكي في حكم الدولة والمجتمع من خلال إنشاء دستور جديد لسوريا في العام ذاته (1973) حيث شكلت المادة الثامنة من الدستور آنذاك، تسلطاً مطلق الصلاحيات لحزب البعث الإشتراكي.
القيادي الشيوعي محمد سيد رصاص كشف من خلال شهادته لراديو روزنة أن صلاح جديد سقط أثناء انقلاب حافظ الأسد عليه؛ لأن جديد كان قد خرق الخطوط الحمراء عندما تدخل في الأردن (أيام أحداث أيلول 1970) مما جعل حافظ الأسد يلاقي تأييداً شعبياً في حركته (التصحيحية).
معتبراً في حديثه أن حافظ الأسد كان يملك دراية أكثر من صلاح جديد بالأجواء الإقليمية والدولية.
بينما أشار القيادي في حزب البعث الديمقراطي "إبراهيم معروف" أن التوصيف الحقيقي لعملية ما يسمى الحركة التصحيحية؛ هو انقلاب عسكري " كيف يمكن أن نصف عملية اعتقال رئيس الدولة والأمين العام للحزب وعدة قيادات سياسية من دون اتهام أو محاكمة."
وأما عما أسمته قيادة البعث الإشتراكي بأنها ثورة الثامن من آذار (1963) فقد رأها القيادي الشيوعي "محمد سيد رصاص" بأنها انقلاب عسكري ولّد ثورة " لقد جرى تغيير جذري في بنية سلطة النظام الحاكم آنذاك، وكذلك في طريقة الحكم وعلاقة السلطة بالمجتمع، لذلك يمكن وصفها أنها حققت إنقلاباً بالعلاقات الإقتصادية والاجتماعية وتمدين الريف وإنجاز الإصلاح الزراعي والتحول إلى رأسمالية الدولة بعيداً عن الرأسمالية التقليدية."
معتبراً بوجود ثورة اقتصادية اجتماعية آنذاك ولكنها بنفس الوقت ولّدت العديد من المشكلات التي عاناها المجتمع السوري؛ بحسب شهادة "محمد سيد رصاص".
ما قبل 2011 ليس كما بعدها؟
وأصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، في شهر آب من عام 2011 مرسوماً تشريعياً يدعو بموجبه لإصدار قانون خاص يتعلق بتشكيل وترخيص الأحزاب في سوريا، وأتى ذلك عقب اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا في شهر آذار من العام نفسه، بينما تلى ذلك بعام وفي شهر شباط من عام 2012 إجراء استفتاء على مشروع دستور جديد والذي قضى بموجبه إلغاء المادة الثامنة من الدستور القديم (دستور عام 1973) والذي كان بموجب تلك المادة يتيح السلطة المطلقة لحزب البعث الإشتراكي باعتباره الحزب القائد للدولة والمجتمع.
وحول إلغاء المادة الثامنة من الدستور وإنشاء قانون الأحزاب، قال السياسي السوري "سمير الهواش" في شهادته لراديو روزنة أن إلغاء المادة الثامنة من الدستور هو إلغاء على الورق ل غير، معتبراً أنه حتى اللحظة ما يزال حزب البعث هو المتحكم بكل مجريات الأمور.
مضيفاً " على الرغم من إقرار قانون خاص للأحزاب إلا أن حزب البعث ما زال المسيطر على كثير من الأمور في الدولة، وربما أن الأحداث العسكرية الجارية على الأرض؛ هي من لم تعطي التطبيق الحقيقي لإلغاء المادة الثامنة من الدستور."
الهواش اعتبر في شهادته أن قانون الأحزاب الذي صدر في العام 2011 توجد به عدة ثغرات، أهمها صيغة تمويل الأحزاب، معتبراً أنه لذلك بقيت الأحزاب الجديدة ضعيفة من جهة، ومن جهة أخرى فإنه ما يزال للآن وزير الداخلية رئيساً للجنة الأحزاب وهو من يعطيها الأوامر وهو قادر على أن يتحكم بها ككل "نحن نعلم بأن تعيين الوزراء يأتي من القيادة القطرية لذلك فوزير الداخلية هو بعثي، ومن هنا نرى أن حزب البعث هو من يتحكم بعمل هذه الأحزاب."
بينما يرى الهواش أن المجتمع المتخوف من القبضة الأمنية يتولد لديه الخوف من الإنتساب لهذه الأحزاب، وعلى الرغم من ذلك يعتبر بأن هناك مساحة من الحرية تعطى للعاملين في الحقل السياسي، "لكن نحن نحتاج لزمن حتى يقتنع المواطن العادي بأن ينتسب لحزب غير حزب البعث."
وبنفس الوقت يعتبر بأنه لا يمكن الإنكار بأن حزب البعث ما يزال يسعى بأن يسيطر على كل نواحي الحياة بسوريا "نحن أمامنا الكثير من أجل أن نقول أننا بدأنا العمل السياسي الحقيقي، ونحن نحتاج لأن نناضل من أجل كف يد حزب البعث عن التحكم بمفاصل الدولة التي يسيطر عليها، فنحن بحاجة لحل سياسي داخلي."
من جانبه يرى "إبراهيم معروف" أن الكبت في المجتمع السوري والذي مارسته السلطات الأمنية التي قادت باسم حزب البعث الإشتراكي؛ هي التي أدت للانفجار، والإنفجار بحسب شهادة معروف كان لا بد له من الحدوث لأن جميع الأبواب قد أغلقت بوجه الشعب السوري من أجل أن يعبر عن رأيه ومواقفه وحتى أن يطالب بحقوقه أيضاً.