غوطة البلد في سوق ضاحية الأسد!

غوطة البلد في سوق ضاحية الأسد!
القصص | 31 مارس 2018
 انتشرت الأغراض التي سرقها عناصر الدفاع الوطني من الغوطة الشرقية، على أرصفة ضاحية الأسد شرق العاصمة السورية دمشق.

وتوزعت المعروضات في ثلاثة أماكن بالضاحية، أولها في منطقة "ب"، والثانية في جزيرة "الدال" والثالثة في الجزيرة "سي" بجانب الثانوية العامة. برادات وغسالات ومراوح وموبيليا، حتى صحون الطعام والملاعق والكاسات كانت موجودة. وحين حاولت عدسة روزنة التقاط صورة خلسةً، وجه عنصر رشاشه مهدداً.

طالب مواطن سوري القوات الروسية بالسماح لأهالي حرستا بالعودة إلى منازلهم لحمايتها، ووقف عمليات السلب والنهب لها، فجاء الرّدّ من صفحة القيادة المركزية لقاعدة حيميم أن "القوات الحكومية السورية" تسلمت مهام إدارة المدينة فور تمكن مركز المصالحة التابع للقوات الروسية في سوريا من إنهاء التواجد المسلح فيها.
 


خرج الكثير من مقاتلي الغوطة الشرقية مع أهاليهم عبر الباصات الخضراء إلى إدلب، واختفى البعض الآخر، وسط تكهنات عن حدوث اتفاق هدنة وتسليم السلاح، أو تطويع المقاتلين وتسليمهم المنطقة. وتدفقت أعداد كبيرة من الأهالي بموجب اتفاق مع روسيا، عبر معبر مخيم الوافدين إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري. وعرض التلفزيون الرسمي السوري مشاهد كثيرة تصف الحالة. ما أغفلته عدسات وشهادات التلفزيون السوري وتقارير القيادة الروسية هو دخول الدفاع الوطني السوري ونهبهم كل شيء.

كان "أبو فراس" أحد سكان ضاحية الأسد، يراقب باعة المسروقات وهم ينادون عليها، ويراقب المشترين الذين يبازرون على السعر. لا يريد أن يشتري أية قطعة. كان يريد أن يسجّل بعينيه "حجم الخيانة الذي تعرض لها الوطن" وفق وصفه.
"لا أعتقد أن القوات الحكومة تسلمت زمام الأمور في حرستا، وإنما ميليشيات الدفاع الوطني. القوات النظامية لا تسرق، هي تحرر المناطق ويجوع عناصرها ويسهرون ويبردون ويموتون، فتأتي عناصر الدفاع الوطني لتسرق وتلوث النصر، وتحول الانتصار الذي صنعه الجيش النظامي، إلى هزيمة رايتها السرقة والنهب". يقول أبو فراس لروزنة.

ينتظر أبو فراس " 56عام" أن تكشف الأيام مصير ولده المفقود في الغوطة منذ خمس سنوات، "أشعر بالعار، عندما أرى صور عناصر الدفاع الوطني، تسرق أغراض المنازل في المناطق المحررة، أشعر بالعار والصدمة". يضيف أبو فراس.
أكثر صورة أزعجت أبا فراس وهو يراقب المسروقات المعروضة، هي وجود هذا العدد الكبير من الناس الذين يساومون الحرامية على ثمن مسروقاتهم بغية شرائها.
"كيف يستطيع السوري أن يشتري ذكريات وتعب السوري الآخر، وهو يعرف أنها مسروقة! كيف!". يضيف أبو فراس وهو يشير بيده إلى رجل يرتدي البدلة الرسمية، قال إنه مدير قسم في دائرة الامتحانات في دمشق.

"لا يبدو أن عناصر الدفاع الوطني فقط هي من تسرق أغراض المنازل في مناطق الغوطة". يقول أبو أحمد. صف ضابط سوري متقاعد، يقيم في الضاحية شارك في صفوف جيش النظام خلال  فترة الحرب الأهلية اللبنانية.
"في بداية ثمانينات القرن الماضي كنت أخدم في لبنان، وكنت أرى عناصر جيش النظام هناك، يقومون بسرقة بيوت اللبنانيين في المناطق التي يسيطرون عليها. لم يكن هناك شبيحة أو دفاع وطني، كان هناك جيش نظام فقط". يعتقد أبو أحمد أن هناك ثقافة منتشرة بين عناصر المقاتلين من كل الأطراف. ثقافة الغزو والسبي والاستحواذ. الثقافة المدعومة بفتاوى دينية، ولا يستبعد أن تكون مدعومة أيضاً بأوامر عسكرية، تحقق رغبة داخلية لدى المشاركين في القتال، أن ثمة هدية تنتظرهم في نهاية المعركة.
"ثقافة عمرها آلاف السنين، لن يوقفها إلا محاسبة قاسية، ومحاكم حقيقية تنزل أقسى العقوبات في الفاسدين" يقول أبو أحمد.

تبدو فكرة المحاسبة والمحاكم الحقيقية فكرة رومانسية في بلاد تسودها الحرب. يقول عمران فضة، محامي دولي يعيش في دمشق لراديو روزنة، "لا أعتقد أننا سنشهد محاكم ومحاسبات. السياسة والعسكر أكبر بكثير من المحاكم والحقوق. السياسة تبرر الجرائم، والعسكر يحرقون الأدلة. سوريا اليوم ليست بلاد وليست وطن. والعالم يضج بمفاهيم الحقوق والمحاكم في الصحف والمجلات وفي القنوات التلفزيونية فقط، أما في الواقع فلا شيء من ذلك". يضيف فضة.
يعتقد فضة أن حركة الحقوقيين والناشطين الدوليين بسيطة إذا ما قورنت بحركة السياسيين والعسكر. ويعتقد أن الكثير من الأفكار الحقوقية يتم تسخيرها لخدمة السياسة، كما يتم تطويع الكثير من الحقوقيين أيضاً في مسارات السياسة الدولية أيضاً، من أجل استخدام الملف الحقوقي في الابتزاز السياسي. يختم فضة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق