الدعم النقدي الأوروبي يعيد الأطفال السوريين إلى التعليم في تركيا

الدعم النقدي الأوروبي يعيد الأطفال السوريين إلى التعليم في تركيا
أخبار | 27 مارس 2018
ساهمت المساعداتُ النقدية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لعائلاتٍ سورية مقيمة في تركيا، مقابل حد تركيا من تدفق اللاجئين للاتحاد، بتحسين أوضاع اللاجئين السوريين، وعودة بعض الأطفال لمدارسهم، وسط انتقادات تركية للمخطط، حسب تقرير نشرته أمس، صحيفة "الغارديان" البريطانية.
 
و"هدى"، هي واحدة من 1.5 مليون لاجئ في تركيا، 90٪ منهم سوريون، لم تعد بحاجة للوقوف في طابورٍ للحصول على مساعدات غذائية، وباتت تحملُ الآن بطاقة ائتمانٍ بنكية خاصة بها، تُرسل إليها الأموال، كجزءٍ، من برنامج تحويل الأموال غير المشروط، المدعوم أوروبياً.
  
وتعتبر شبكة الأمان الاجتماعي في حالات الطوارئ (ESSN) هي الرائد بينَ 58 برنامجاً في إطار الدفع النقدي بقيمة 3 مليارات يورو، التي أعقبت صفقة مارس 2016، وافقت تركيا خلالها على الحدِّ من الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، مقابل المساعدة في رعاية اللاجئين داخل حدودها.
 
وفي غضون تسعة أشهر من إنشائها في كانون الأول 2016، تم توسيع المشروع ليصل إلى مليون شخص، حيثُ يتم إرسالُ بدل شهري على بطاقات الخصم (بطاقات "كيزيلي أوKizilay ")، التي يمكن سحب الاموال منها عند أي صراف آلي (ATM) وفي المحلات التجارية.


 
 
وتحصل العائلات المؤهلة على 120 ليرة تركية، للشخص الواحد شهرياً، حيثُ تقول "هدى" من حلب، "يغطي هذا الأمر 75٪ من احتياجاتنا، لكن يجب أن يكون هناك شخص في العائلة يعمل على تغطية البقية".
 
ويكسبُ زوجها مبلغاً من جمع القمامة القابلة لإعادة التدوير بينما يعمل ابنهما البالغ من العمر 11 عاماً في أحد المعامل كل يوم قبل المدرسة التي يذهب إليها لتعلم اللغة التركية، حيثُ أن العديد من الأطفال في الأسر المتعثرة، يضطرون إلى مغادرة المدرسة للعثور على عمل.
 
وتؤكدُ "هدى"، "أود أن يتوقف عن العمل الآن، فلدينا أموال إضافية قادمة"، مضيفةَ "حياتنا أفضل الآن وليس علينا أن نقترض المال، ولا نشعر بالقلق دائماً بشأن قيام شخص ما بطرقِ بابنا للمطالبة بالإيجار".
 
ويدفع مشروعٌ تكميلي لوكالة الأمم المتحدة المعنية بالطفولة "يونيسيف"، باستخدام نفس بطاقة "كيزيلي"، دفعةً للأسر التي يذهبُ فيها الأطفال، بنسبة 80٪ للمدارس، لكن ما إن تستوفي الأسرة المعيار الخاص بــ ESSN (والدٌ أعزب أو أم عزباء، أو الأزواج الذين لديهم ثلاثة أطفال أو أكثر، أو أرباب العائلات 59 سنة وما فوق، والأسر التي لديها أشخاص يعانون من إعاقة) لا توجد أي شروط أخرى مرتبطة بها.
يقوم برنامج الأغذية العالمي (WFP) بتوصيل ESSN في شراكة رباعية مع المفوضية الأوروبية، والهلال الأحمر التركي والحكومة.
 
خرافة إمكانية إنفاق اللاجئين أموالهم على أمور ثانوية
 
ويقول نائب المدير القطري في برنامج الأغذية العالمي "جوناثان كامبل"، "رافق انتقال العالم الإنساني إلى الدفع نقداً، مخاوف من أن المال سيُنفق بالكامل على السجائر والكحول، لكن الغالبية العظمى مسؤولون جداً، ولن ينفقوا المال على سلع فاخرة فيما يشعر أطفالهم بالجوع" مضيفاً، "إنها ثقافة تقومُ على المساومة".
 
ولكي تكون الأسرة مؤهلة، يجب أن يكون أفراد العائلة مسجلين رسمياً كلاجئين، وأن تكون عناوينهم مسجلة في السجل المدني، حيثُ دفع هذا الأمر، الآلاف من اللاجئين غير المسجلين سابقاً إلى التقديم، مما خلق صداعاً بيروقراطياً لدى السلطات التركية، كما كان عليهم برمجة أجهزة الصراف الآلي في البلاد لجعل خيار اللغة العربية كلغة أجنبية، خياراً متاحاً.
 
يعيش معظم اللاجئين في تركيا في القرى والمدن، حيث يعيش 10٪ منهم فقط في 21 مخيماً للاجئين.
 
"نهلة" 49 سنة، هي أرملة تعيش مع ستة من أطفالها التسعة، مؤهلةٌ للحصول على ESSN وتتلقى 720 ليرة تركية شهرياً، وتقول، "لقد تضرر منزلنا في التفجيرات، وكان الأطفال مصابين بالصدمة تماماً لذا اضطررنا إلى الرحيل".
 
وتعمل "نهلة"، في أعمال غير الرسمية من المنزل لصالح مصنع للنعال، للمساعدة في شراء الطعام، لكن المساعدات النقدية تغطي إيجارها وفواتيرها، موضحةً، "كل ما تراه في المطبخ من الجيران، إنهم يعرفون أنني أرملة، ويجلبون لي الخضروات والطعام، لكنني لست شخصاً اجتماعياً، لأنني لا أتحدث اللغة"
 
الموقف التركي الرسمي من الدعم الأوروبي النقدي
 
وخلال رحلتها الأخيرة إلى "بروكسل"، عمدة غازي عنتاب، انتقدت "فاطمة شاهين" البرنامج النقدي قائلة إنه سيكون من المنطقي أن تكون المساعدة مشروطة بالمرأة التي تقوم بالتدريب المهني أو إرسال أطفالها إلى المدرسة، وقالت لـ "EURACTIVE"، إذا أعطيتهم نقداً بشكل مباشر، فإن ذلك لن يحل مشاكلهم الحقيقية".
 
وتضيفُ "شاهين"، التي انتخبت رئيساً للبلدية عام 2014 وتم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام لعام 2016 لمساعدتها اللاجئين السوريين، "بدلاً من نظام البطاقات هذا، يجب توجيه شرائح مختلفة من اللاجئين إلى مشاريع مختلفة".
 
وتزعم "شاهين"، أنه لولا تركيا، كان الناس عرضة للغرق بالبحر، كما كان سيتدفق حوالي 2.5 مليون شخص سنوياً، إلى أوروبا"، زاعمةً "أن الاتحاد الأوروبي لم يتعاقد إلا بـ 2.8 مليار يورو من أصل تعهدات بقيمة 3 مليارات يورو، وأنه لم يتم إرسال التمويل "من خلال القنوات الصحيحة".
 
ضخ النقود سبب انتعاشاً أرضى المجتمع المضيف
 
وقد ساعدت حقيقة ضخ النقود مرة أخرى في الاقتصاد المحلي في تسهيل العلاقات مع المجتمع المضيف، حيثُ يقول صاحب محل السوبرماركت "عبد الله جينس"، إن 15٪ من عادته تأتي من زبائن سوريين، "إنه عبء على الدولة لكن اللاجئين ساعدوا أرباحنا".
 
واتفق الصيدلي المحلي على أن عدد اللاجئين قد عزز العمل، لكنه أضاف، "الرعاية الصحية المجانية للسوريين هي موضوع حساس بين الأتراك الفقراء الذين يشعرون أسوأ حالاً".
 
إذا كان اللاجئ موظفٌ رسمي، فإنه لا يستطيع الوصول إلى البرنامج، ولكن أولئك الذين هم أثرياء بشكل مستقل ولكن لا يعملون، يمكنهم نظرياً تلبية المعايير.
 
تقول "جين لويس"، مسؤولة الشؤون الإنسانية بالمفوضية الأوروبية في أنقرة، "نحن نعرف بعض الأشخاص الذين يعيشون في أبراج في اسطنبول وسيتم إزالتهم حال قيامنا بالزيارات منزلية، نحن قلقون أكثر بشأن أولئك الذين يجب أن يكونوا في البرنامج ولكنهم ليسوا كذلك".
 
يقول "لويس"، إن استخدام نظام أساسي واحد يعني أن الجهات المانحة الأخرى يمكن أن تساهم أو يمكن للسلطات توليها باستخدام ميزانية الدولة، كما إنه يمكن نشر النموذج في بلدان أخرى بما في ذلك الأردن ولبنان.
 
مع انتهاء الميزانية الحالية في الربع الأول من عام 2019، يعتمد مستقبل البرنامج على التعهد النقدي الثاني من أوروبا، حيثُ يقول "لويس"، "نحن بحاجة إلى أن نكون مسؤولين للغاية حول ما سيحدث بعد ذلك".

ويضيفُ "هذه مجموعة من الأشخاص الذين تعرضوا للصدمة الشديدة والذين يحتاجون إلى دعم تركيا وأوروبا لسنوات عديدة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق