نشرت مجلةٌ بريطانية مقالاً تحليلياً أمس، تناول معدوه، الأسباب الروسية، القريبة والبعيدة، للبقاء في سوريا، إلى جانب حليفها رئيس النظام السوري "بشار الأسد"، على الرغم من التكاليف الباهظة التي تدفعها روسيا مقابل ذلك، سواءً في العتاد، والأموال، والأرواح، فما هي أهداف روسيا الحقيقية؟ وهل ستتحقق؟
وتقول مجلة "ذا سبكتايتور"، تتواصل صورٌ تبعث على الإحباط، وذات طابع مألوف، بالظهور من "الغوطة"، لتنقل مشاهدَ تظهر فيها، صفوفٌ من الأكفان الصغيرة لأطفال قُتلوا في ضربات جوية، ولمشافٍ ميدانية مؤقتة، ولعائلاتٍ تتجمع في الأقبية، ولأزقةٍ وشوارع فارغة إلا من الحطام المكدس.
روسيا والنظام السوري يعتقدان بشكل جازم، أنهما ومع دفعة واحدة أكبر، يمكن لهما أن يستعيدان السيطرة على الغوطة، التي تعتبر واحدة من آخر معاقل مسلحي المعارضة، وبالنسبة للأسد، فإن هذه فرصة لإنهاء الحرب على شروطه، حتى مع حقيقة تمركز المعارضين فيها، وذلك بعد أن كان ديكتاتور سوريا قد واجه بالفعل انتفاضة في بداية الأمر، كان من المؤكد لها، أن تنتهي بإسقاطه.
وتعتبر المجلة، أن هذا النصر أُنجز بتكلفة باهظة جداً. في الشهر الماضي فقط، قتل أكثر من 200 مقاتل عسكري روسي من ال"مرتزقة" في هجومٍ شرقيَّ سوريا، إضافة إلى أن 40 روسياً، لقوا حتفهم العام الماضي، وفقا لرويترز، ويزيدُ على ذلك، الأموال التي أنفقت، حيث أن الكرملين قدر كلفةَ التدخل في سوريا، بـ 1.2 مليار دولار، لكن الرقم اقترب من 2.5 مليار دولار، حتى تموز العام الماضي.
هيبة روسيا ببقاء الأسد
وتتساءل المجلة، لماذا يعتقد الكرملين أن دعم الأسد يستحق كل هذا؟ يقول الدكتور "كريستوفر فيليبس"، الذي نشر كتاباً عن التنافس الدولي في سوريا، "إن بوتين ربطَ هيبة روسيا ببقاء الأسد"، موضحاً، "النقطة الجيوسياسية الأساسية هي أن الأسد حليف ولا يريد أن يخسره، ليصبح لاحقاً، بشكل حتمي، قوة مؤيدة للغرب، حيثُ شكلت سوريا فرصةً لروسيا، لتروجَ نفسها كبديل للسلطة الغربية في بلاد الشام، وليس الشرق الأوسط الأوسع، لقد أظهر بوتين للغرب ما يمكن أن يحققه التدخل العسكري المباشر".
وينوه "فيليبس" أيضاً، إلى إنه وبعد إقراض الأسد مبالغ ضخمة لشراء أسلحة من مصنعي الأسلحة الروس، فإن الكرملين لا ينوي شطب هذا الدين إذا سقط النظام. بالنسبة إلى "يوري شفيتس"، وهو ضابط سابق في "كي جي بي" يعيش الآن في الغرب، فإن المال عادة ما يكون التفسير وراء أي سياسة يتبعها الكرملين، ففي سوريا، يمثلُ منعُ قطر من بناء خط أنابيب الغاز يمر بسوريا، في حال انتصر المعارضون، الأولوية القصوى.
وأوضح "شفيتس"، إن ذلك سيشكلُ تهديداً قاتلاً لـ شركة الغاز الضخمة الروسية "غازبروم"، مشدداً على أن "غازبروم هي العمود الفقري المالي لدولة بوتين (...)، هي المزود الرئيسي لميزانية الدولة، وبوتين بحاجة إلى رشوة البيروقراطية، ومرغمٌ كذلك على دفع المعاشات التقاعدية، كما يحتاج دعم الشعب للتصويت له".
وبحسب "شفيتس"، فإن هناك مصالح مالية روسية مباشرة في سوريا، حيث أشار إلى قصة نشرتها "AP" العام الماضي، مفادها أن الشركة الروسية "إيفرو بوليس"، وقعت عقداً مربحاً مع إحدى شركات الشركات التابعة لوزارة النفط في حكومة النظام و التي تحتكر حقول نفط في سوريا.
وستكون الشركة الروسية هذه، على استعاد لإرسال "مرتزقة"، كـ "أولئك الذين قتلوا في الشهر الماضي" للاستيلاء على حقول النفط والغاز من الدولة الإسلامية، لتحصل على مكافأة، بالحصول على ربع الإيرادات الناتجة عن حقول النفط.
"يفغيني بريغوزين" طباخ بوتين و شريكه في النفط السوري.
وتقول وزارة الخزانة الأمريكية إن حصة من شركة "إيفرو بوليس" يمتلكها الملياردير "يفغيني بريغوزين" ذو النفوذ السياسي الضخم، الذي بدأ بمحل صغير لبيع الـ "هوت دوغ" في "سانت بطرسبرغ"، ليمتلك فيما بعد مطعماً فاخراً، أصبح أحدَ أكثر المحلات تفضيلاً لدى بوتين، حيثُ تحول "بريغوزين" إلى "طاه بوتين" .
ويقول الضابط السابق في كي جي بي "شفيتس"، إن هذا دليل على ثقة بوتين العميقة في بريغوزين، حيث أن "القادة الروس لأجيال طوال، كانوا حذرين بشكل كبير، من الاغتيال تسمماً"، ولاحقاً، مكنت هذه الثقة "بريغوزين" من بناء تكتل يقدم الغذاء للمدارس والجيش والكرملين.
وقال الضابط السابق، "إن بوتين كان عبارة عن سقفٍ يوفر الحماية مقابل حصة من الغنائم، في روسيا أو في سوريا"، فيما دفعت هذه الترتيبات المزعومة أجهزة الاستخبارات الأمريكية إلى الاستنتاج بأن بوتين لديه ثروة سرية تبلغ عشرات المليارات من الدولارات، وقد يكون واحداً من أغنى أغنياء العالم.
ولا شك في أن "بوتين" ينكر بشدة، أن تشكل الحوافز المالية، سبباً من أسباب سقوط القنابل على الغوطة، حيث قال إنه يريد أن تنجح محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة، كما أنه سيشكك على الأغلب، في نقاء حوافز ودوافع الغرب إزاء تحرير الكويت أو غزو العراق.
ولكن بغض النظر عن الحوافز والدوافع الروسية، هل أثمرت مقامرة الكرملين؟ لقد تحولت سوريا إلى التزام أطول، ذي تكلفة أكبر من تلك التي توقعها بوتين، حيث يقول "فيليبس"، "بعد أن استثمر بوتين الكثير في سوريا، لا يمكن له أن يتوقف عن ذلك ببساطة وحسب"، كما أنه وعلى الرغم "من دفع فواتير حرب الأسد، وجدت روسيا أن الأسد حاكمٌ عنيدٌ غير مطيع، ويبدو في بعض الأحيان، أن لطهران نفوذاً أكبر في دمشق من ذلك الذي لدى "موسكو".
وتخلص المجلة إلى القول، بإن سوريا مأزقٌ معقد، ومن الصعب التنبؤ بنتيجة أي مسار وحيد للحل، لقد قتل 200 من المرتزقة الروس الشهر الماضي في هجوم على قاعدة تابعة للقوات الكردية التي تحظى بتدريب أمريكي. يأمل "بوتين" أن يكون الملايين من اللاجئين على الحدود السورية، وفي أوروبا، قادرين على العودة إلى ديارهم، لكن الكثيرين منهم أقسموا بعدم العودة طالما بقي "الأسد" في السلطة، وحتى لو فقد المتمردون الغوطة، وغيرها من المناطق في الشمال، فإن التمرد سيبقى على قيد الحياة في جيوب من الريف. هذا لن يكون سلاماً، بل مأزقاً دموياً، وهو ما اكتشفه الأميركيون في العراق، أن "انتصار رجلٍ، يعني أن آخراً وقع في المستنقع".
وتقول مجلة "ذا سبكتايتور"، تتواصل صورٌ تبعث على الإحباط، وذات طابع مألوف، بالظهور من "الغوطة"، لتنقل مشاهدَ تظهر فيها، صفوفٌ من الأكفان الصغيرة لأطفال قُتلوا في ضربات جوية، ولمشافٍ ميدانية مؤقتة، ولعائلاتٍ تتجمع في الأقبية، ولأزقةٍ وشوارع فارغة إلا من الحطام المكدس.
روسيا والنظام السوري يعتقدان بشكل جازم، أنهما ومع دفعة واحدة أكبر، يمكن لهما أن يستعيدان السيطرة على الغوطة، التي تعتبر واحدة من آخر معاقل مسلحي المعارضة، وبالنسبة للأسد، فإن هذه فرصة لإنهاء الحرب على شروطه، حتى مع حقيقة تمركز المعارضين فيها، وذلك بعد أن كان ديكتاتور سوريا قد واجه بالفعل انتفاضة في بداية الأمر، كان من المؤكد لها، أن تنتهي بإسقاطه.
وتعتبر المجلة، أن هذا النصر أُنجز بتكلفة باهظة جداً. في الشهر الماضي فقط، قتل أكثر من 200 مقاتل عسكري روسي من ال"مرتزقة" في هجومٍ شرقيَّ سوريا، إضافة إلى أن 40 روسياً، لقوا حتفهم العام الماضي، وفقا لرويترز، ويزيدُ على ذلك، الأموال التي أنفقت، حيث أن الكرملين قدر كلفةَ التدخل في سوريا، بـ 1.2 مليار دولار، لكن الرقم اقترب من 2.5 مليار دولار، حتى تموز العام الماضي.
هيبة روسيا ببقاء الأسد
وتتساءل المجلة، لماذا يعتقد الكرملين أن دعم الأسد يستحق كل هذا؟ يقول الدكتور "كريستوفر فيليبس"، الذي نشر كتاباً عن التنافس الدولي في سوريا، "إن بوتين ربطَ هيبة روسيا ببقاء الأسد"، موضحاً، "النقطة الجيوسياسية الأساسية هي أن الأسد حليف ولا يريد أن يخسره، ليصبح لاحقاً، بشكل حتمي، قوة مؤيدة للغرب، حيثُ شكلت سوريا فرصةً لروسيا، لتروجَ نفسها كبديل للسلطة الغربية في بلاد الشام، وليس الشرق الأوسط الأوسع، لقد أظهر بوتين للغرب ما يمكن أن يحققه التدخل العسكري المباشر".
وينوه "فيليبس" أيضاً، إلى إنه وبعد إقراض الأسد مبالغ ضخمة لشراء أسلحة من مصنعي الأسلحة الروس، فإن الكرملين لا ينوي شطب هذا الدين إذا سقط النظام. بالنسبة إلى "يوري شفيتس"، وهو ضابط سابق في "كي جي بي" يعيش الآن في الغرب، فإن المال عادة ما يكون التفسير وراء أي سياسة يتبعها الكرملين، ففي سوريا، يمثلُ منعُ قطر من بناء خط أنابيب الغاز يمر بسوريا، في حال انتصر المعارضون، الأولوية القصوى.
وأوضح "شفيتس"، إن ذلك سيشكلُ تهديداً قاتلاً لـ شركة الغاز الضخمة الروسية "غازبروم"، مشدداً على أن "غازبروم هي العمود الفقري المالي لدولة بوتين (...)، هي المزود الرئيسي لميزانية الدولة، وبوتين بحاجة إلى رشوة البيروقراطية، ومرغمٌ كذلك على دفع المعاشات التقاعدية، كما يحتاج دعم الشعب للتصويت له".
وبحسب "شفيتس"، فإن هناك مصالح مالية روسية مباشرة في سوريا، حيث أشار إلى قصة نشرتها "AP" العام الماضي، مفادها أن الشركة الروسية "إيفرو بوليس"، وقعت عقداً مربحاً مع إحدى شركات الشركات التابعة لوزارة النفط في حكومة النظام و التي تحتكر حقول نفط في سوريا.
وستكون الشركة الروسية هذه، على استعاد لإرسال "مرتزقة"، كـ "أولئك الذين قتلوا في الشهر الماضي" للاستيلاء على حقول النفط والغاز من الدولة الإسلامية، لتحصل على مكافأة، بالحصول على ربع الإيرادات الناتجة عن حقول النفط.
"يفغيني بريغوزين" طباخ بوتين و شريكه في النفط السوري.
وتقول وزارة الخزانة الأمريكية إن حصة من شركة "إيفرو بوليس" يمتلكها الملياردير "يفغيني بريغوزين" ذو النفوذ السياسي الضخم، الذي بدأ بمحل صغير لبيع الـ "هوت دوغ" في "سانت بطرسبرغ"، ليمتلك فيما بعد مطعماً فاخراً، أصبح أحدَ أكثر المحلات تفضيلاً لدى بوتين، حيثُ تحول "بريغوزين" إلى "طاه بوتين" .
ويقول الضابط السابق في كي جي بي "شفيتس"، إن هذا دليل على ثقة بوتين العميقة في بريغوزين، حيث أن "القادة الروس لأجيال طوال، كانوا حذرين بشكل كبير، من الاغتيال تسمماً"، ولاحقاً، مكنت هذه الثقة "بريغوزين" من بناء تكتل يقدم الغذاء للمدارس والجيش والكرملين.
وقال الضابط السابق، "إن بوتين كان عبارة عن سقفٍ يوفر الحماية مقابل حصة من الغنائم، في روسيا أو في سوريا"، فيما دفعت هذه الترتيبات المزعومة أجهزة الاستخبارات الأمريكية إلى الاستنتاج بأن بوتين لديه ثروة سرية تبلغ عشرات المليارات من الدولارات، وقد يكون واحداً من أغنى أغنياء العالم.
ولا شك في أن "بوتين" ينكر بشدة، أن تشكل الحوافز المالية، سبباً من أسباب سقوط القنابل على الغوطة، حيث قال إنه يريد أن تنجح محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة، كما أنه سيشكك على الأغلب، في نقاء حوافز ودوافع الغرب إزاء تحرير الكويت أو غزو العراق.
ولكن بغض النظر عن الحوافز والدوافع الروسية، هل أثمرت مقامرة الكرملين؟ لقد تحولت سوريا إلى التزام أطول، ذي تكلفة أكبر من تلك التي توقعها بوتين، حيث يقول "فيليبس"، "بعد أن استثمر بوتين الكثير في سوريا، لا يمكن له أن يتوقف عن ذلك ببساطة وحسب"، كما أنه وعلى الرغم "من دفع فواتير حرب الأسد، وجدت روسيا أن الأسد حاكمٌ عنيدٌ غير مطيع، ويبدو في بعض الأحيان، أن لطهران نفوذاً أكبر في دمشق من ذلك الذي لدى "موسكو".
وتخلص المجلة إلى القول، بإن سوريا مأزقٌ معقد، ومن الصعب التنبؤ بنتيجة أي مسار وحيد للحل، لقد قتل 200 من المرتزقة الروس الشهر الماضي في هجوم على قاعدة تابعة للقوات الكردية التي تحظى بتدريب أمريكي. يأمل "بوتين" أن يكون الملايين من اللاجئين على الحدود السورية، وفي أوروبا، قادرين على العودة إلى ديارهم، لكن الكثيرين منهم أقسموا بعدم العودة طالما بقي "الأسد" في السلطة، وحتى لو فقد المتمردون الغوطة، وغيرها من المناطق في الشمال، فإن التمرد سيبقى على قيد الحياة في جيوب من الريف. هذا لن يكون سلاماً، بل مأزقاً دموياً، وهو ما اكتشفه الأميركيون في العراق، أن "انتصار رجلٍ، يعني أن آخراً وقع في المستنقع".