شباب "الطبقة" بين ملتحق ومؤجل لأداء "واجب الدفاع الذاتي"

شباب "الطبقة" بين ملتحق ومؤجل لأداء "واجب الدفاع الذاتي"
أخبار | 24 ديسمبر 2017
مرت عدة أشهر على طرد قوات سوريا الديمقراطية، عناصر "تنظيم الدولة" من منطقة "الطبقة" (ناحية الجرنية وناحية المنصورة) في ريف الرقة، وفي وقتٍ تعلو فيه أصواتٌ لانتقاد آلية حكم هذه القوات للمنطقة، يبرز موضوع "التجنيد الإلزامي" كواحد من أكثر المواضيع إثارة للجدل بين أهالي المدينة.
 
ومرَّ على مصادقة المجلسُ التشريعي التابع "للإدارة المدنية الديمقراطية" على قانون "واجب الدفاع الذاتي" في منطقة "الطبقة" غربيَّ محافظة الرقة، أكثر من أسبوع، وسط رفضٍ شعبي، وتساؤلات كثيرة حول فعالية هذا القرار في ظل الظروف الراهنة.
 
ويُلزم القانون، الذكورَ من مواليد 1990 وحتى مواليد 1999 من أبناء المنطقة، الالتحاق بمراكز التجنيد، لمدةِ تسعة أشهر من تاريخ الالتحاق قابلة للتمديد في حالات "الحرب"، بينما يحثُّ الإناث على الانضمام طوعاً.
 
وافتتحت "الإدارة المدنية الديمقراطية" أول مركز لـ "واجب الدفاع الذاتي" في الحي الأول بمدينة الطبقة، بحضور رئيسي المجلس التشريعي "روشن حمي وحامد الفرج"، والرئيسين المشتركين للجنة الدفاع، "فاطمة رشو ومحمد علي"، بحضور عدد من أهالي المدينة.
 

وقال الرئيس المشترك لهيئة الدفاع المدني في مجلس مدينة "الطبقة" المدني التابع لقوات سوريا الديمقراطية "رفيق حقي" لروزنة أمس، إن عددَ من التحقوا من الشباب للخدمة وفق "واجب الدفاع الذاتي" بلغ 70 شخصاً، بالإضافة إلى 60 آخرين مؤجلين لأسباب مختلفة.
 
وأضاف "حقي"، أن هناك إقبالٌ كبيرٌ على أداء واجب الدفاع الذاتي، بسبب شعورِ أبناء المنطقة بالمسؤولية تجاه منطقتهم ومنشآتهم، ورغبتهم حمايتها من أي عدوان"، على حد تعبيره.
 
وتنوعت أسباب التأجيل لـ 60 من الشباب الملتحقين بين تأجيلٍ بغرض الدراسة أو لكونهم معيلين، أما بالنسبة للإناث، فقد أكدَ "حقي" عدمَ التحاق أي من الإناث في المنطقة لأداء "واجب الدفاع الذاتي".
 
وقال أحد الشباب (م. أ.)، من أبناء المنطقة المشمولين بقرار "واجب الدفاع الذاتي"، والذي رفض الكشفَ عن اسمه لأسباب أمنية، "إن هذا القانون أثرَّ على حياتي سلباً ولا أفهم ما الجدوى منه"، وتساءل "إذا أديت خدمة واجب الدفاع الذاتي، على من سأدافع؟ عن أي وطن؟".
 
وأضاف (م. أ.)، "للجميع هنا آراءٌ تعارض هذا القانون، لقد شارك الشعب في ثورة ضد نظام الأسد، ولن يخضع لهكذا قانون".
 
أما عن مخاطر عدم الالتحاق أوضح "م. أ."، "ستكون عرضةً للتساؤلات والملاحقة من قبل الإدارة الذاتية كما يمكن لهم أن يداهموا منزلك"، متهماً قواتِ قسد، "بتسليم مناطق للنظام السوري، عن طريق عقد اتفاقات وتفاهمات بينهما" على حد قوله.
 
وساهمَ قرارُ التجنيد الإلزامي في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، بالحد من عودة أبناء المنطقة اللاجئين في الخارج، ومنعهم من لقاءِ أهاليهم وعوائلهم الذين قرروا البقاء داخل سوريا، بحسب ما قال شبانٌ لاجئون لروزنة.
 
 وقال "إبراهيم الخلف"، أحد شبان مدينة الرقة الذين شملهم القرار، "خرجت من الرقة عامَ 2014، وبعد وصولي ألمانيا، واجهت صعوبات بالاندماج مع المجتمع المحلي"، موضحاً "إن واجب الدفاع الذاتي، منعني من العودة إلى بلدي ورؤية عائلتي، والمساهمة ببناء مدينتي"، على حد قوله.
 
من جهته، قال الصحفي "أرين شيخموس"، "إن كثيرين لم يتفهموا في البداية أسباب تطبيق قانون واجب الدفاع الذاتي على الرغم من تطبيقه في وقتٍ سابق في أقاليم الجزيرة وكوباني وعفرين التابعة لـ "روجافا"، مضيفاً أن، "كل ما أثير حول هذا القانون إعلامياً كان محضُ افتراء".
 
وشدد الصحفي الذي يقيمُ في مدينة القامشلي ويتابع عن كثب تطورات المنطقة، "إن مناطقنا فيها مجتمعٌ منظمٌ تحكمُه أنظمة وقوانين ومؤسسات، وبالتالي تختلف عن مناطق سيطرة النظام والمعارضة والإسلاميين"، على حد تعبيره.
 
واعتبر الصحفي، أن تأثرَ أهالي مدينة الطبقة بإشاعاتٍ يطلقها إعلامُ النظام وتتحدث عن إمكانية عودة الأخير إلى المدينة، أو حتى المعارضة، يجب أن يكون سبباً كافياً ليلتحقوا بالخدمة ويدافعوا عن مدينتهم، مستبعداً عودةَ النظام بوجود "قوات قسد والتحالف الدولي"، على حد قوله.
 

وأوضح الصحفي، أن الغالبية باتت تتفهم أسباب إقرار قانون واجب الدفاع الذاتي، ونسبةُ لا بأس فيها من الشباب التحقوا بالفعل بالخدمة، مؤكداً على أن الملتحقين، سوف لن يُساقوا إلى أماكن أخرى بعيدة تحت سيطرة قسد أو حملات عسكرية أخرى خارج المدينة".
 
ولاقى قانون "واجب الدفاع الذاتي" منذ لحظة إعلانه، رفضاً شعبياً لم يكن جديداً على الإدارة الذاتية، حيث لاقت الأخيرة، معارضةً مماثلة منذ أن فرضت ذات القانون على المدنيين في "كانتون الجزيرة" أواخر عام 2014.
 
ويُعفى من الخدمة "أبناء وأخوة القتلى المسجلين لدى الإدارة الذاتية الكردية، والحاصلون على شهادة رسمية، وذوو الاحتياجات الخاصة، وأصحاب الأمراض المزمنة، والشاب الوحيد لوالديه، وعسكريون متطوعون خدموا مدة سنتين متواصلتين".
 
ويسمح القانون، بتقديم طلبات التأجيل لعدة حالات منها "الطلاب، وأخوة العناصر المنضمين في صفوف جميع القوات التابعة للإدارة الذاتية، ورجال الدين".
 
في سياق متصل، اعتبر الناشط والباحثُ بمجال حركة السكان واحتياجات النزوح "إبراهيم الجاسم"، "أن واجب الدفاع الذاتي هو ظاهرة خطيرة قد تجعل من الشباب حطباً لقضايا لا يؤمنون بها وهو قانون مجحف فُرض على أهالينا بمدينة الرقة بطرقٍ غير شرعية".
 
وتوقع "الجاسم" عودة تنظيم الدولة إلى المنطقة من جديد بشكل أقوى وأخطر في حال استمر تهميش القوى العربية الفاعلة بمحافظة الرقة من قبل قوات التحالف وحليفتها على الأرض قوات قسد، خصوصاً في ظل الواقع المرير، المتمثل بدمار البنية التحتية وانعدام التعليم وتفشي الفقر"، على حد وصفه.
 
وتحدث "الجاسم" عن شعور السكان المحليين بالظلم إزاء هذا القانون، خصوصاً وأنهم انتظروا من التحالف الدولي وحلفائه على الأرض، وعوداً بإعادة الإعمار، ودعم الصحة والتعليم ومنظمات المجتمع المدني، دون تقدمٍ ملموس وفعلي".
 
وأضاف الجاسم، أن "الهدف المعلن لقوات قسد من فرض التجنيد الاجباري على أهالي الرقة هو تمكينهم من حماية مناطقهم من النظام السوري وتنظيم الدولة"، متابعاً أن "اغلب السكان يشككون بنوايا قوات قسد ومقصدها من هذا الإجراء أحادي الجانب".
 
وسبق أن أحالت "الإدارة المدنية الديمقراطية" في مدينة الطبقة يوم 10 تشرين الثاني الماضي، قانون "واجب الدفاع الذاتي" إلى "المجلس التشريعي" للتصويت عليه.
 
وتشكلت "الإدارة المدنية الديمقراطية" يوم 2 تشرين الثاني، بعد قرار اللجنة التحضيرية في الطبقة تشكيل ثلاثة مجالس "تشريعي وتنفيذي وقضائي"، حيث اعتبرت اللجنة "المجلس المدني" لم يكن كافيا لإدارة المدينة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق