الأردن.. تكلفة علاج السرطان للسوريين "مرعبة"

الأردن.. تكلفة علاج السرطان للسوريين "مرعبة"
أخبار | 24 أكتوبر 2017
يعاني مرضى السرطان السوريون في الأردن من ارتفاع تكلفة علاج المرض، في ظل عدم تحمُّل الحكومة الأردنية ومفوضية اللاجئين لنفقات علاج اللاجئين السوريين المصابين بذلك المرض.

توفيت اللاجئة السورية نجاح الأجرودي في شهر شباط الماضي بمرض السرطان بالأردن ، قريبتها هناء قالت لـ(روزنة) "أصيبت خالتي بسرطان الرحم، وتم استئصال الرحم لديها قبل عامين ونصف، في مركز الحسين للسرطان بتكلفة تجاوزت الخمسة آلاف دينار أردني، دفعها أبناؤها، وفي شهر أيلول عام 2016 تدهورت حالتها الصحية من جديد.

وعند إجراء الفحوصات تبين أن المرض عاود الانتشار في مناطق مختلفة من جسدها، وتم إعطاؤها جرعات علاج كيماوي في مركز الحسين، وفي مشفى البشير لكن دون فائدة، مما جعل الأطباء يتخذون قرارًا لإجراء عملية جراحية لاستئصال جزء من المعدة والقولون، في مشفى البشير في عمان، ولكن توفيت في صباح اليوم المقرر إجراء الجراحة فيه".

معاناة عامة للسوريين في الخدمات الطبية

يعاني اللاجئون السوريون في الأردن حاليًا، من قلة الخدمات الطبية بشكل كبير، بالمقارنة مع تلك التي كان يتم تقديمها في بداية اللجوء السوري في الأردن.

في شهر أيار عام 2014، أوقفت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، الدعم الطبي الشامل المقدم للاجئين السوريين في الأردن، بعد أن كان اللاجئ السوري في الاردن يستطيع الذهاب لأي مشفى حكومي أردني ليتم علاجه مجانًا، ومنذ ذلك التاريخ أصبح الملف الطبي للاجئين السوريين بيد جمعية العون الطبية بشكل كامل.

ويتم تحويل المرضى إلى المشافي من المخيمات ومن خارجها بناء على تصنيفات تم وضعها من قبل جمعية العون، بالاتفاق مع وزارة الصحة الأردنية، والمفوضية، والمشافي، وتتمتع الحالات الطارئة (حوادث السير، الاحتشاءات القلبية، والجلطات الدماغية) بالأولوية المطلقة حيث يتم نقلها بشكل مباشر إلى المشافي.

مرض السرطان معاناة مرعبة للسوريين في الأردن

يعتبر مرض السرطان، بكل أنواعه المأساة الأكبر، التي يواجهها السوريون المصابون به في الأردن في الوقت الراهن.

وفي الفترة ما بين عامي 2011 – 2012، وافقت (لجنة العناية الاستثنائية) التابعة لمفوضية شؤون اللاجئين، على قبول طلبات علاج لـ 246 لاجئًا سوريًا، من أصل 511 طلب، تقدم بها سوريون مصابون بالسرطان، في فترة كان فيها الدعم المالي المقدم للمفوضية في ذروته.

 معاناة هؤلاء المرضى بدأت في منتصف العام 2014، مع اعلان مفوضية اللاجئين نقص الموادر المالية  ، حيث حذر آنذاك (بول شبيغل)، رئيس الفريق الطبي لدى المفوضية في دراسة نشرتها مجلة (دي لانست) البريطانية، من أن العاملين الإنسانيين يجدون أنفسهم مضطرين أمام نقص التمويل، إلى رفض تقديم العناية الضرورية لمرضى السرطان من اللاجئين السوريين.

مؤخرًا، زاد عدد الوفيات بين مرضى السرطان من اللاجئين السوريين في الأردن، فقد توقفت مفوضية اللاجئين عن رفع ملفات المرضى للسفر والعلاج خارج الأردن، بالإضافة إلى توقفها عن تغطية علاجهم بشكل نهائي، بدءًا من شهر كانون الثاني 2017.
نشطاء ومرضى سوريون يدقون ناقوس الخطر

فريال محمد، ناشطة سورية في المجال الطبي، عملت مع اللاجئين السوريين في الأردن منذ بداية اللجوء، قالت لـ(روزنة) "قمت بالتواصل مع المنسق الطبي في المفوضية (أشرف الجواد)، من أجل تغطية عدة حالات لمرضى السرطان، لكن جاء الجواب بالرفض، لعدم وجود تغطية مالية.

وكانت المفوضية قبل بداية العام الحالي تغطي عددًا محدودًا من الحالات ذات الدرجة الأولى من المرض، والتي تحتاج إلى عمليات جراحية فقط، ولم تكن تغطي تكاليف العلاج الكيماوي".

وأضافت فريال "تختلف تكلفة جرعة العلاج الكيماوي، حسب نوع الإصابة، حيث تبدأ من 200 دينار أردني، وتصل في بعض الأحيان إلى نحو 10000 آلاف دينار أردني، للجرعة الواحدة.

وترتفع تكاليف الجرعات، وصور تشخيص المرض (الرنين المغناطيسي، والطبقي المحوري) بشكل مضاعف في مركز الحسين للسرطان، حيث تبلغ تكلفة الصورة ما لا يقل عن 500 دينار أردني، كونه مركز متخصص بأمراض السرطان، فيما تكون أقل من ذلك في خارجه، حيث تتراوح من 110 – 180 دينار أردني، مع المادة الملونة).

وأشارت محمد الناشطة في المجال الطبي  إلى أن إحصائية أجراها متطوعون سوريون في الأردن، قدرت عدد المرضى بالسرطان من اللاجئين السوريين بنحو 120 مريض، وهي إحصائية غير مكتملة، لعدم وجود أي جهة تقوم بدعمها والإشراف عليها، ويعتقد أن هناك أعدادًا أكبر من ذلك، وبالمقابل لا يوجد إحصائية دقيقة لعدد الوفيات الناتجة عن المرض، إلا لدى وزارة الصحة الأردنية التي لم تزود حتى مفوضية اللاجئين بها، ولكن هناك حالة وفاة في كل شهر على الأقل.

من جهتها، إسراء الحاج، من فريق ملهم التطوعي، قالت لـ(روزنة) "يصل إلينا شهريًا نحو أربع حالات من مرضى السرطان، في الأردن، بحاجة لجرعات كيماوية، إضافة إلى خمسة حالات على الأقل تكون (مستعجلة)، بحاجة لجرعات كيماوية، وعمليات استئصال، وتتراوح تكلفة الجرعة الكيماوية للحالة الواحدة، ما بين 2000 – 4000 دينار أردني، وحتى الآن لا يوجد إحصائيات دقيقة لمرضى السرطان السوريين في الأردن.

محمود من درعا، خمسيني، يعاني من سرطان المعدة، قال لـ (روزنة) "أعاني من المرض منذ عامين، بعد قدومي إلى الأردن، ولم أتمكن من العلاج المجاني في أي مشفى، لعدم وجود إمكانية مالية لذلك، ولكن بعض أقاربي قاموا بجمع مبلغ من المال، تمكنت بسببه من أخذ أربعة جرعات علاج كيماوي، تكلفة الجرعة حوالي 2000 دينار أردني، وبقي لدي جرعتان كان لابد من أخذهما قبل شهر من الآن، ولكن لم أتمكن لعدم تمكني من تدبر تكاليفهما".
آلية العلاج في مركز الحسين للسرطان، والصعوبات التي تواجه المرضى.

و وضع مركز الحسين للسرطان آلية يتم إتباعها من قبل المصابين للحصول على العلاج ، ولكن تكمن الصعوبة في قبول الحالات، لعدم وجود أي مذكرة تفاهم بين المركز ومفوضية اللاجئين، ولكن هناك لجنة اجتماعية حيث يجب على المريض إعادة تشخيص حالته في المركز، وتقديم التشخيص إلى قسم الحالات الإنسانية (اللجنة الاجتماعية)، وهنا إما أن يكون الرد بالقبول أو الرفض.

 وفي مرحلة ما قبل القبول أو الرفض فإن تكلفة تشخيص المرض في المركز، من صور وخزعات للفحص المخبري، تقع على عاتق المريض، وهي مرتفعة جدًا بالنسبة لأوضاع اللاجئين المادية الضعيفة.

يبرر المسؤولون عن المركز ذلك بالاكتظاظ في عدد المرضى بالأصل، وأن اللجوء السوري شكل عبئًا على مركز الحسين للسرطان، كما قال عاصم منصور، مدير المركز لموقع إخباري أردني في شهر أيار الماضي، ويبرر ذلك لعدم وجود جهة واحدة تغطي علاج المرضى، ونقل عن منصور، أن المركز قام بتقديم العلاج 450 مريضًا سوريًا بالسرطان منذ بداية الأزمة السورية في العام 2011، وحتى الآن، بتكلفة مالية تجاوزت 10 مليون دينار أردني.

وقد أنشأ المركز ما يعرف بـ(صناديق الخير)، وهي صناديق تستقبل التبرعات المالية من المتبرعين، على شكلين، إما للمرضى دون تحديد جنسيتهم، فتوزع لعلاج المرضى الأردنيين وغيرهم، وأخرى يتم تحديدها للمرضى السوريين بناء على رغبة الجهة المتبرعة، فيتم تخصيصها لعلاج المرضى السوريين، حسب منصور.

التبرعات لمرضى السرطان السوريين غير كافية

تبرعات بين حينة وأخرى، لمركز الحسين للسرطان، لعلاج مرضى السرطان من اللاجئين السوريين، من جهات مختلفة معظمها من منظمات من دول الخليج العربي والسعودية.

يعتقد معظم النشطاء السوريون والعملون في القطاع الطبي بالأردن، أن قيمة التبرعات لا تتناسب مع تكاليف العلاج الباهضة، كما قالت فريال، وهناك عدة دعوات  وجهت لرجال أعمال سوريين بشكل خاص، وإلى الهيئات الثورية بشكل عام لدعم هؤلاء المرضى، المهددين بالموت في كل يوم نتيجة هذا المرض.
 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق