أعلنت يوم أمس الثلاثاء، قوات سوريا الديمقراطية سيطرتها الكاملة على مدينة الرقة، أبرز معقل لتنظيم "داعش" في سوريا.
السيطرة على الرقة تنقلت خلال السنوات الأربعة الماضية بين عدة جهات وقوى عسكرية فكيف وصلت الرقة إلى ما هي عليه اليوم؟
بداية الصراع على الرقة
في الرابع من شهر آذار عام 2013 تمكن مقاتلو "الجيش السوري الحر" من السيطرة على مدينة الرقة لتكون أول عاصمة محافظة في سوريا تخرج عن سلطة النظام السوري.
حيث اعتقل مقاتلو المعارضة؛ محافظ الرقة وسيطروا على مقر الاستخبارات العسكرية في المدينة أحد أهم مراكز الاعتقال في محافظة الرقة؛ كما تم تدمير تمثال في المدينة للرئيس السابق حافظ الأسد .
في أواخر عام 2013 تمكن تنظيم داعش من طرد مقاتلي المعارضة والفصائل الإسلامية المتحالفة معهم من مقر قيادته في الرقة؛ ليعلن التنظيم في الرابع عشر من كانون الثاني 2014 سيطرته بشكل كامل على مدينة الرقة.
كانت أول معركة مع لواء أحفاد الرسول في شهر تشرين ثاني 2013 ليتم تدمير مقرها بسيارتين مفخختين في محطة القطار شمال المدينة؛ ثم بدأ التنظيم بالسيطرة وطرد الكتائب وآخرها كان أحرار الشام والذي قتل التنظيم العشرات من عناصره بعد أن سلموا أنفسهم ليتم إعدامهم في منطقة الكنطري.
في حزيران 2014 أعلن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" تغيير اسمه ليصبح تنظيم «الدولة الإسلامية» وأعلن "الخلافة" على الأراضي التي باتت تحت سيطرته في العراق وسوريا.
في الرابع والعشرين من آب بات تنظيم "داعش" يسيطر بشكل كامل على محافظة الرقة بعد انتزاع مطار الطبقة من قوات النظام؛ وليفرض تنظيم داعش قوانينه على الرقة، مستخدماً كل أساليب الترهيب.
وبعد أن فرض سيطرته على محافظة الرقة ومناطق أخرى من سورية لجأ التنظيم إلى الإعدامات الجماعية وقطع الرؤوس والاغتصاب والخطف والتطهير العرقي والرجم وغيرها من الممارسات الإجرامية.
وفي ذروة تقدمه سيطر تنظيم داعش على مساحة 40 ألف ميل مربع (104 آلاف كيلومتر مربع) من سوريا والعراق.
وبحسب الأرقام التي قدمها "المرصد السوري لحقوق الإنسان" المعارض في نهاية العام 2015، فإن أكثر من 3500 شخص أعدموا، نصفهم من المدنيين على أيدي هذا التنظيم الذي حرص على استخدام كل التقنيات الحديثة لتصوير فظاعته على شرائط فيديو بهدف إثارة الرعب.
صور حصرية لروزنة تظهر الدمار في الرقة بعد خروج تنظيم داعش منها
في 23 أيلول 2014 بدأ التحالف الدولي أولى غاراته في سورية، فاستهدف مواقع لتنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" في عدة مناطق سورية، التي بدأت من بعدها مرحلة جديدة من الصراع على سوريا.
التحالف الدولي يدعم الأكراد ضد داعش
سبق بدء عمليات التحالف الدولي في سوريا بعدة أيام، هجوما واسع النطاق من قِبل مقاتلي التنظيم على مدينة عين العرب ذات الغالبية الكردية، والواقعة على الحدود السورية التركية.
وقدّم طيران التحالف الدولي الدعم الجوي للوحدات الكردية التي تصدّت للتنظيم، ولكن القصف المستمر على المدينة للحيلولة دون تقدّم مقاتلي "داعش" خلق أزمة إنسانية كبرى، وأدى إلى دمار هائل في المدينة.
وأدت الغارات الجوية إلى قُتل المئات من مقاتلي التنظيم والتي أجبرته على الانسحاب من أطراف المدينة، ليكون أول تراجعٍ للتنظيم أمام القوات الكردية والتحالف الدولي، وليبدأ التنظيم رحلة تراجع في شمال وشرق سوريا.
بعد انتهاء العمليات العسكرية في مدينة عين العرب ومحيطها، اتخذ التحالف الدولي قراره بالاعتماد على الوحدات الكردية كذراع برية له لمقاتلة التنظيم، فأمدّها بالسلاح الثقيل، فضلاً عن توفير غطاء جوي لها.
وساند التحالف القوات الكردية في صد هجوم لتنظيم "داعش" على محافظة الحسكة في أقصى شمال شرقي سوريا، فوفّر لها الغطاء الجوي للتقدّم في ريف الحسكة الغربي، وصولاً إلى مدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي على الحدود التركية، حيث انتزعت السيطرة عليها في منتصف عام 2015، في خطوة واسعة في طريق محاربة التنظيم.
في أواخر عام 2015، تشكّلت "قوات سوريا الديمقراطية" التي تُعتبر الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، وبدأت على الفور معارك بمساعدة التحالف لاستعادة مدينة الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي من تنظيم "داعش"، وهو ما تحقق في شهر شباط من عام 2016.
كما سيطرت "قوات سوريا الديمقراطية" أواخر عام 2015 على سد تشرين على نهر الفرات شمال شرقي حلب، وعلى بلدات وقرى في محيط عين العرب، في خطوة واسعة باتجاه مدينة منبج التي كانت أهم معاقل التنظيم في ريف حلب الشمالي الشرقي.
وفي منتصف عام 2016، أعلنت "سوريا الديمقراطية" السيطرة على مدينة منبج بعد نحو شهرين من حصارها، وفي أواخر عام 2016، بدأت "قوات سوريا الديمقراطية" عملية واسعة النطاق حملت اسم "غضب الفرات" بدعم مباشر من التحالف الدولي، غايتها "عزل" مدينة الرقة في خطوة تسبق محاولات انتزاع السيطرة عليها.
وحققت "سوريا الديمقراطية" تقدّماً كبيراً في أرياف الرقة الشمالي والغربي والشرقي، وانتزعت السيطرة على مدينة الطبقة الاستراتيجية بعد شهرين من بدء عملية عسكرية لطرد التنظيم منها.
لتتمكن قوات سوريا الديمقراطية في نهاية المطاف وبدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية السيطرة على مدينة الرقة "أبرز معقل لداعش في سوريا" وأحد أول المراكز الرئيسية للتنظيم في إعلان خلافته المزعومة.
وبلغ عدد سكان مدينة الرقة كان 350 ألفاً في العام 2010 ليبلغ مليوناً في العام 2012 بسبب وجود نازحين؛ وتتمتع مدينة الرقة بموقع استراتيجي في وادي الفرات عند مفترق طرق مهم؛ وهي قريبة من الحدود مع تركيا وتقع على بعد 160 كيلومتراً شرق حلب وعلى بعد أقل من 300 كيلومتر من الحدود العراقية.
مقاطع مصورة خاصة لروزنة تظهر الدمار في الرقة بعد خروج تنظيم داعش منها