مصير الرقة والأكراد بعد زوال "داعش"!

مصير الرقة والأكراد بعد زوال "داعش"!
أخبار | 15 سبتمبر 2017
نشرت مجلة فورين بوليسي الأميركية تقريراً مفصلاً حول ما تراه تصوراً لمستقبل مدينة الرقة (شمال شرق سوريا)، ووضعت من خلال محاور تقريرها عدة تساؤلات حول من سيحكم مدينة الرقة بعد تحريرها من تنظيم "داعش" الإرهابي، وهل هناك لعبةً سياسيةً تجري بين المكونات الكردية والعربية وقوات النظام السوري من أجل الوصول إلى السلطة؟  

أسئلة تطرحها مجلة فورن بوليسي وتجيب عنها في تقرير خاص ترجمته روزنة.
 
الرقة جزء من المنطقة الكردية
تؤكد بعض التقارير أنه سيتم تسليم المدينة إلى مجلس صديق للنظام السوري، الأمر الذي نفته قوات سوريا الديمقراطية التي تقول أنها تهدف إلى إنشاء مؤسسات تستبعد الفروع الأمنية للنظام من المدينة. 
وتجري معركة الرقة وسط منافسة إقليمية مكثفة حول النفوذ في شمال وشرق سوريا. حيث تقدم جيش النظام المدعوم من إيران إلى الشرق في دير الزور واقترب من خطوط قوات سوريا الديمقراطية جنوب الرقة، ما أدى اشتباكات بينهما.

وفي غرب الرقة، هددت القوات التركية وقوات المعارضة المسلحة المدعومة من أنقرة بشن مزيد من الهجمات على مواقع قوات سوريا الديموقراطية، ولكن روسيا تعترضها حتى الآن عن القيام بذلك. 
ويرى التقرير أن قوات سوريا الديموقراطية لا تظهر ميلاً لتسليم الرقة إلى أحد منافسيها. فقد تصبح المدينة لاحقاً جزءاً من المنطقة الاتحادية الكردية، أو ستبقى مرتبطة بها بطريقة أو بأخرى. وهذا يعني أن أحد مؤشرات مصير المدينة هو المؤسسات المحلية التي أنشئت بالفعل من طرف قوات سوريا الديمقراطية.
 
مصير  المكوّن العربي
ويستعرض التقرير ما تعانيه  بلدات مثل عين عيسى والطبقة ومنبج من مشاكل شائكة تتعلق بالنظام السوري، فضلاً عن فجوات اجتماعية بين مختلف المجموعات العرقية، وإعادة الإعمار من خلال شبكة من المجالس المحلية. وكان قد أنشأ مايعرف بمجلس الرقة المدني، الذي يرأسه أكراد وعرب في مدينة عين عيسى. وسوف ينتقل إلى الرقة نفسها بمجرد تحرير المدينة بالكامل. 
ونقلت المجلة عن عمر علوش، هو عضو كردي في المجلس  أنه بعد تحرير الرقة، سيقرر سكان المدينة ما إذا كانوا سينضمون إلى النظام الفيدرالي اللامركزي الذي أنشأه الأكراد في ثلاث مناطق في شمال سوريا. وهو نفس الأمر الذي سوف يحدث أيضاً في مدينة منبج، التي لم تكن حتى الآن جزءا من الإدارة الذاتية الكردية والتي تخطط لإجراء الانتخابات هذا العام والعام القادم أيضاً.
 
ولفتت المجلة إلى أن المجالس التي أنشئت في الطبقة ومنبج وتل أبيض لها تركيبة متعددة الأعراق، تقابل الديموغرافيا المتعددة لكل مدينة، حيث يحكم الناس أنفسهم من خلال لجان تركز على التعليم والمصالحة والأمن وتوفير الخدمات مثل الكهرباء والمياه. وغالبية الأعضاء في تلك المجالس عرب، على الرغم من أن الأكراد يلعبون دوراً هاماً في تقديم المشورة وإنشاء المجالس.
 
النظام يدفع رواتب الموظفين 
لا يزال بعض عمال البلدية في المناطق المحررة يحصلون على رواتب المالية من النظام، وهو شيء يرغب المسؤولون المحليون باستمراره. لكنهم لن يسمحوا للأجهزة الأمنية التابعة للنظام بإعادة بناء موطئ قدم لها في المنطقة، وتحديداً عندما يتعلق الأمر بالجيش والاستخبارات والمحاكم والشرطة، لأن ميليشيات النظام تأتي للسرقة والدمار وتعذيب الناس. ولا يمكن لهذه الميليشيات دخول المناطق المحررة، حسبما يضيف علوش. 
ويقول مسؤول أميركي رفض الكشف عن اسمه للمجلة أن النظام استمر في دفع رواتب الموظفين لديه في المناطق الخارجة عن سيطرته كي يحافظ على موطئ قدم له بانتظار عودته إليها، وهو ما سيجري في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد حالياً، ولذلك من المتصور أن يسعى النظام لربط هذه المناطق بمناطق أخرى في سوريا.

وبحسب التقرير فإن الكثير من السوريين لا يسعون إلى العودة إلى سوريا التي كانت موجودة قبل العام 2011. ومن ناحية أخرى قد تكون هناك درجات متفاوتة من الاتصال بحكومة دمشق التي يمكن لبعض السوريين التعامل معها والقبول بها، مثل رواتب المعلمين والخدمات الإدارية مثلاً. 
وتوضح المجلة أنه مع بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة، يحاول النظام السوري إقناع بعض القبائل والعشائر العربية بالمساعدة في تمهيد الطريق لعودة اللاجئين، الموالين له، إلى المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية، وهذه مسألة أخرى يحاول المسؤولون في قوات سوريا الديموقراطية وقفها، بما في ذلك تهديد أولئك الذين يحاولون التصالح مع النظام، بالاعتقال.
 
التعليم باللغة العربية ولا لتعدد الزوجات
وتضيف المجلة أن مشاكل الإدارات المحلية تتجاوز كثيراً مسائل الأمن، حيث اضطرت أيضاً إلى التعامل مع القضايا الصعبة المحيطة بالمناهج المدرسية واختلاف وجهات النظر بشأن حقوق المرأة التي يختلف فيها الأكراد والعرب. علماً أن المدارس في منبج وعين عيسى والطبقة ستستمر بمتابعة المنهاج الحكومي السوري. وقال مسؤول في منبج إن أقل من 20٪ من المعلمين لا يزالون يحصلون على رواتبهم من النظام، في حين يتم تعيين الباقي والحصول على رواتبهم من المجلس المحلي.
 
 
وسيكون التعليم في الرقة باللغة العربية حسبما يؤكد علوش لكن بعد إزالة "المواد العنصرية" منه، فضلاً عن التركيز على المساواة بين الجنسين في المناطق الكردية وهو أمر تتحفظ عليه القبائل العربية هناك.
كما ستبرز هنا قضايا مثل تعدد الزوجات التي لم تحظره بعد بلدات منبج وعين عيسى والطبقة، على الرغم من أنه بات أمراً ممنوعاً في مدينة تل أبيض.
 
مصير الأكراد دون الدعم الأميركي
وترى المجلة أنه بعد انتهاء معركة الرقة، سيواجه المجلس المحلي المرتبط بقوات سوريا الديموقراطية العديد من التحديات، كالحفاظ على ولاء القبائل العربية، وتوفير الخدمات والوظائف في المناطق المحررة حديثاً. وسيحاول النظام استخدام هذه القضايا لتقويض المجلس واستبداله، رغم أنه حقق نجاحاً محدوداً في ذلك حتى الآن في المناطق الأخرى.
 
ويختم التقرير القول بأن التحولات في سياسة القوى الإقليمية في سوريا يمكن أن يؤثر أيضاً على مصير الرقة، فاعتماد قوات سوريا الديمقراطية على الولايات المتحدة يجعلها ضعيفة، وفي حال اختارت واشنطن الانسحاب من سوريا، فإن قوات سوريا الديموقراطية قد تجبر على التوصل إلى اتفاق مع روسيا والحكومة السورية.
ومن دون دعم الولايات المتحدة، يمكن أن تتعرض المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية لهجوم من تركيا. ويقول مسؤولون أكراد أن إيران تشغل أيضا عدة ميليشيات على الأرض تعارض أي شكل من أشكال الفيدرالية في شمال سوريا.
 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق