في تغطية خاصة لروزنة عن الوضع في حلب، تلقينا اتصالات هاتفية تضمنت نداءات من المحاصرين في المدينة، ومتابعة لأوضاع المدنيين، في هذا التقرير يمكن لك قراءة مداخلات للسيدتين أم مضر وعلا والناشطين الإعلاميين حليم كاوا وهادي العبدالله، والكاتبة المعارضة ريما فليحان.
تتواجد أم مضر في أحد الملاجئ، بأحياء حلب الشرقية، مع أكثر من 50 طفلاً و30 امرأة، "لا نريد الخروج إلى مناطق النظام"، تؤكد، موضحة: "لأننا لا نثق بهذ النظام الذي حاصرنا وقتلنا وقصفنا، نريد فتح ممرات آمنة إلى المناطق المحررة".
أم مضر، والكثير من أهالي شرقي حلب، يعيشون لحظات صعبة، كعلا، التي هربت مساء أمس من منزلها في أحد أحياء، معها ابنتها ووالدتها، تاركة كل ذكرياتها وأشيائها خلفها، فهدفها "الهروب من الموت".
وصلت علا إلى منطقة المشهد، التي ما تزال تحت سيطرة المعارضة السورية، "أنا حالياً في منطقة المشهد، وهي آمنة، لكنها تتعرض للقصف، نحن موجودون في منزل مع أكثر من عائلة، معظمهم نساء وأطفال نزحوا من حي بستان القصر بعد تقدم جيش النظام فيه".
الكارثة بدأت..
استطاعت قوات النظام السيطرة على أكثر من 90% من مناطق المعارضة، في شرقي حلب، منذ بدأت هجومها الأخير بالأسابيع الثلاثة الماضية.
يقول الناشط الصحفي حليم كاوا، المقيم فيما تبقى من مناطق المعارضة بحلب: "الوضع مأساوي جداً وفصائل المعارضة خسرت الكثير، بقيت عدة أحياء صغيرة فيها ما يقارب 50 ألف شخص، المنزل الذي كانت تسكن فيه عائلة واحدة أصبحت تسكنه أكثر من 4 عائلات، وهذا يعني تجمعات بشرية هائلة في مناطق ضيقة، أي أن المجازر ستزيد، فالصاروخ الذي كان يقتل عائلتين في المبنى سيقتل اليوم عشرات العائلات في المبنى".
إقرأ أيضاً: بان كي مون يحذر من "فظائع" ضد المدنيين في حلب
تصاعدت المعارك وهجمات النظام والمجموعات المسلحة التابعة له، منذ مساء أمس الاثنين، ولم يبق للأهالي بتلك المناطق سوى عدة كيلومترات تجمعوا بها.
توضح أم مضر في اتصال هاتفي مع روزنة: "نحن على قيد الحياة، ولا يهمنا الطعام والشراب، لم نأكل شيئاً منذ أمس وخائفون من دخول النظام".
المنافذ قاتلة إن وجدت!
منذ بدأت قوات النظام حصارها على أحياء شرقي حلب، خرجت الكثير من الأصوات، العربية والعالمية، للمطالبة بفتح ممرات آمنة للمدنيين، لكن لم يتم تنفيذ شيء، سوى بعض الممرات المؤقتة التي استطاع عبرها بعض الأهالي من العبور نحو مناطق النظام غربي حلب، وثمة ممرات خطيرة!
يؤكد كاوا بحسب مشاهداته: "اليوم صباحاً توجهت عدة عائلات إلى معبر جسر الحج الذي أصبح خط جبهة بين المعارضة والنظام، محاولين الخروج من الأحياء المحاصرة، سقطت عليهم قذيفة أودت ب 20 شخصاً بين قتيل وجريح".
ويضيف الناشط الإعلامي: "النظام يقوم بتصفية المدنيين عند الخروج، وهناك الكثير من العائلات لا نعرف عنهم شيئاً، واختفت أخبارهم".
وفي السياق، يتحدث الناشط الإعلامي هادي العبد الله أنه وفق شهادات من المدنيين في مناطق النظام بحلب، تم اعتقال نحو 600 مدني قدموا من مناطق المعارضة، وتم اقتياد عدد منهم للجبهات، حتى يقاتلوا في صفوف قوات النظام.
غليان وتمرد في مناطق المعارضة؟
شهد مساء أمس مظاهرات عديدة من مناطق المعارضة السورية، بريفي حلب وإدلب، احتجاجاً على ما تشهده المدينة الأكبر بالشمال السوري من عمليات قصف ودمار. كما أن المتظاهرين، رفعوا الصوت بوجه قادة الفصائل المعارضة والمتشددة.
يقيم الناشط الإعلامي هادي العبدالله في ريف حلب حالياً، يؤكد أن الناشطين والصحفيين لا يستطيعون القتال إلا بكلماتهم، داعيأً عناصر الكتائب المعارضة إلى التمرد على القيادات بسبب عدم توحدها.
ويقول: "هناك عمليات تمرد في فصائل معارضة وغضب، تمرد على القياديين، لكن تلجمه قرارات القيادات في كثير من الأحيان، ويوجد غضب شعبي كبير رأيناه في ادلب أمس، وأعطى المدنيون مهلة للقادة 24 ساعة، في حال لم يتحركوا لمساعدة حلب، سيهاجم المدنيون مقرات الفصائل لأخذ سلاحهم والذهاب للجبهات كما قال لي أكثر من مدني".
إحباط من العالم!
في حديث أم مضر وعلا، يبدو الإحباط جلياً من مواقف المجتمع الدولي تجاه ما يجري في مدينتهما حلب.
يعلق العبد الله: "عجزت من مناشدة الأمم المتحدة، لم تبق لغة لم نخاطبها بها، وأرفقنا الرسائل بأدلة وصور وفيديو"، مضيفاً: "تواصلنا مع الكثير من المنظمات الدولية، وأشخاص من فريق المبعوث الدولي لسوريا ستيفان ديمستورا، ومنظمات إنسانية، للأسف الكل أبدى عجزه عن فعل أي شيء لإخراج المدنيين والجرحى، ولا تزال المفاوضات مستمرة لإخراجهم، لكن للأسف لم يحصل أي شيء عملي أو أي وعد حقيقي".
لكن خرجت تصريحات عديدة من باريس وأنقرة وعواصم أخرى منددة بما يجري في حلب، ترى الكاتبة المعارضة ريما فليحان، أن التصريحات وعدمها سواء، بدون فعل حقيقي للضغط على النظام لوقف هجومه، وتأمين خروج المدنيين.
وتتابع في اتصالها مع روزنة: "ما يحصل اليوم حالة استعصاء سياسي، هناك تغطرس وطغيان للقرار الروسي ولا يوجد من يضع حداً لهذا الامتداد، وهناك تخل من الأمم المتحدة لصالح روسيا، من يجب الضغط عليه هو الدول الأوروبية، لتضغط على الولايات ليكون هناك تحرك في مجلس الأمن".
قد يهمك: اجتماع روسي تركي حول فتح ممرات بحلب
بعيداً عما يجري فوق طاولات السياسة العالمية وتحتها، ما تزال أم مضر في ملجئها، تؤكد لروزنة: "إذا استطعنا الخروج، سنكمل المشوار ولا يهمنا أن نموت هنا، ولكن نحن لا نريد أن يتم تعذيب أبنائنا أمام أعيننا، أقول للناس حول العالم، لا تنسونا، واحكوا للعالم أجمع حكايتنا، وأنها كانت ثورة ضد الظلم ولم تكن حرباً أهلية".
يمكنكم الاستماع للبث المباشر عبر الضغط (هنا)