الدبدوب وريكاردو الصغير الرومانسي!

الدبدوب وريكاردو الصغير الرومانسي!
مدونات | 15 فبراير 2016

ريكاردو باصوص يكتب على فيسبوك:

 

واقف بأول شارع العزيزية الطويل الضيق، الشارع كله أحمر وقلوب وعم يضوي ويلمع، داعبت الـ ٢٠٠ ليرة بجيبتي، أخدت نفس عميق، وبلشت امشي بالشارع، المحلات على يميني ويساري كلون دباديب، محلات الهدايا حاطين دباديب، المكتبة حاطة دباديب، محلات الالعاب، محلات النسواني عم تبيع دباديب، ان شاء لله قصاب.. بهالفترة بالسنة بيحط كم دبدوب احتياط.. إلا ما ينباعوا!

هالدباديب موزعين على يميني ويساري بهالمحلات عم يتفرجوا علي، وأنا عم اتمشى بالنص بيناتون متل شي عارضة أزياء شهيرة والدبب جماهيري المخلصة، القصة من عشرين سنة، يعني كان عمري ١٣ سنة، فتخيلوا قد اي كان موديلي أخرق!

من يوم يومي حبّيب، وقال نازل اتسوق هدية عيد الحب، ومن الصبح فقت بكير ومسكت هالمطمورة وقلعت حبّاسة شعر من راس اختي يلي عم تبكي دايما، طعجت هالحباسة وبخفة ايد اللصوص المتمرسين استخرجت الـ ٢٠٠ ليرة من فتحة المطمورة الضيقة، بدي اشتري شي دبدوب محترم لحبيبتي، حبيبتي يلي ماعندها خبر بوجودي أصلاً، شي دبدوب ابن عالم وناس، يفرجيها قد اي أنا حساس ورومانسي ومتفهم لعقلية المرأة وبقدّر الرابط الخفي ما بين الأنثى والدب.

حيوان الدب من أكثر الثديات شراسة وتوحش، أكثر من ٥٠٠ حالة هجوم و افتراس في العام، رغم هيك البنت ولسبب ما، قلبها بيغرف على أي كتلة قطنية مدعبلة على شكل هالكائن المتوحش، وبتضيف مقطع "دوب" لكلمة "دب" و بيصير اسمه: دبدوب! هيك بيفقد وحشيته وبصير كيوت، وللأسف البنات بفكروا إنه الشب بيكنّ نفس المشاعر الجياشة لهالحيوان!

من فترة بسيطة بعيد ميلادي، احدى صديقاتي اتجهت لعندي تعايدني وبإيدها هدية مغلفة على شكل دبدوب، الغلاف مجسد شكل الدبدوب تماماً، والجحش بيعرف شو في جوا الغلاف، وقفت على حالي استعدادا لاستقبال الدب وتبادلنا التهاني والقبلات والـ:

- ليش عذبتي حالك؟

- ولو؟ مو عذاب ولا شي.. يالله ما بدك تفتحا؟

- والله كتير متشوق، شو فيها؟ شكله بيانو ، خليني شيل هالغلاف، ييييييييي دبدووووب؟ ياااا.. ما بعرف شو قول فعلا خجلتيني! 

ولفينا بعض.. وعيوني مدمعين من القهر.. والظلم.. والخيبة. 

- شو رح تسميه؟

- لمين؟

- للدبدوب! 

- لازم سميه؟ اي صح.. مممم.. خطرلي اسم غريب و مبتكر.. رح سميه (دبدوب)!

- طيب بس على فكرة، هاد دبدوب صغير وبردان وبيخاف يضل لحاله.. رح تنيمه جنبك أكيد.. ما هيك؟

- أكيد.. طبعا.. رح لفه ونام كل يوم.

طبعا دبدوب أفندي بعد ساعة كان مشلوف بالسقيفة بالبيت، إن شاء لله عمرينه يجمد من البرد ويموت من الرعبة، هالمخلوق ما رح يشاركني الفراش لو بدي موت!

المهم.. منرجع لطفولتي وريكاردو الصغير الرومانسي، عم يتمشى بشارع الدبب وعم يدور عالدب المناسب، شفت رفيقي ابراهيم بالصدفة، طبعا عملت حالي رايح على البيت، عيب يعرف انو رايح اشتري دب، والله ليفضحني!. ودخلت على محل أحد بياعين الدبب بشارع العزيزية، المحل محشى دبب، على الرفوف دبب، بالأراضي، بالسقف، كله دبب.. وبين كل دب ودب مدحوش دب، المحل مافيه غير دبب، شي ماسك وردة وشي لابس بيجاما وشي كبير وشي صغير، دورت عصاحب المحل ما لقيته، شكله ضايع بين الدبب، مدري أحد هالدبب هو صاحب المحل!

- عمو في عندك شي دبدوب؟.. (سأل ابو الريك المراهق المعتوه بكل براءة)

- طبعاً .. في كل الأنواع!

- عمو الدبّ، شو سعره؟ 

- عمّو الدبّ بعينك! 

- قصدي شو سعر الدبّ يا عمو ( يلي مانك دب )

- في عندك هدول كويسين نخب أول إيطاليات، الواحد بألف ليرة.

عصرت الـ ٢٠٠ ليرة العرقانة بجيبتي يلي صار لها من الصبح، وقلتله: ما رح تعملي سعر؟ مشان صير زبونك؟

جاوبته بكل حنكة و ذكاء، طول عمري داهية بالمفاصلة، وهلأ أكيد بدو يحسبني تاجر دبب قد الدنيا!

- في عندك هدول صينيين بـ ٥٠٠ ليرة، وعندك هالكام واحد وطنيات شغل هون يعني، بـ٢٠٠ ليرة.

تاري العنصرية موجودة حتى عند الدبب يا جماعة، الدبب يلي معها جنسية أوروبية مدللة ومغلفة و على رف فاخر، وكالعادة، متله متل المواطن.. الدب السوري أرخص واحد!

- إذا بدك في هادا مخلوعة عينه، بحسبلك يا بـ ١٧٥ ليرة.

ممممم.. موقف صعب و محير بصراحة، يعني انا بقدر اشتري الدب ابو الـ ٢٠٠، بس أنا كنت ناوي آكل علبة بطاطا مقلية بالرجعة، آخد الدب الأعور ووفر ٢٥ آكل فيها بطاطا؟ أو اشتري دب بعينتين سليمات مشان حبيبتي تحبني من كل قلبا؟.. افففف.

بعد ساعة كنت قاعد بالبيت وتمّي مليان كاتشاب، معي علبة صمغ و عم لصق عينه للدب الأعور، لا تطلعوا علي هيك! ماني بخيل! بس هادا عيد الحب، وانا بحب بطني كمان، بالإضافة لحبيبتي يلي مالا خبر بوجودي. خلصت وخبيته تحت الفرشة مشان ما تشوفه أختي يلي عم تبكي دائماَ.

إهداء الدب بالمدرسة ايامنا، كان إله طريقة شجاعة وحيدة: تنتظر الولاد كلون يطلعو عالباحة وقت الفرصة، وعلى مهل وبدون ما حدا ينتبه تتسلل وتحط الهدية بشنتاية حبيبتك يلي مالا خبر بوجودك.

انتظرت الولاد يروحوا كلون مشان ما حدا يعملي فضيحة، بس للأسف وكالعادة في وحدة بنت غليظة من هدول الشاطرين زيادة، المهووسين يلي بيرفعو ايدهن اول شي، وقت المعلمة بتسأل سؤال، هدول بيضلو بالصف عميدرسو للأبد، وبحياتون ما لعبوا بالباحة أو شافوا الشمس، قاعدة عمتطلع علي لتشوف وين رح حط هديتي و تبدأ تولول وتفضحني بمدارس القطر، وفي كمان رفيقي ابراهيم قاعد عمينقل الوظيفة، مالي نصيب، لازم لاقي طريقة تانية.

انتظرتها قدام باب المدرسة.. واقف عالزاوية عمبرجف و ماسك الدبدوب الاعور يلي ريحتو صمغ، مافي حل غير اعطيا الهدية وجها لوجه، من بعيد بتقترب حبيبتي الفاتنة يلي ماعندها خبر بوجودي، عمتلمع و فوقها فراشات وقوس قزح و تحت رجليها تنبت الزهور، وحولها صديقاتها الشنيعات، يلي كانت هي حريصة دائما يكونوا حولها مشان تبين هي مميزة وحلوة. مرقت قدامي متل النسمة.. أنا ضليت معبوط و عم ارجف، جبنت وخجلت وما قدرت اعمل شي!

طلعت جنبي.. شفت شخص تاني معبوط.. رفيقي ابراهيم! شايل دبدوب وعم يرجف! أيوا.. مشان هيك كل شوي بتفشكل فيه! هو كمان؟ 

المهم.. اتفقنا عالخطة!

أخدت دبدوب ابراهيم، واتجهت بكل ثقة عند حبيبتنا المشتركة يلي ماعندها خبر بوجودنا.. عطيتها الدب بعدم مبالاة وقلتلها: هاد من ابراهيم!.. وبعدين هو وبكل شجاعة اتجه و عطاها دبدوبي الأعور و قلها: هاد من ريكاردو!.. وهيك انتهت المشكلة وانتهت الرومانسية لهذا العام، وخلص يومنا بشكل طبيعي متل العادة عم نركض ونلعب ونرفس بعض ونتعربش عالشجر ونطارد القطط، وحبيبتنا المشتركة واقفة مصدومة ماسكة بإيدها دبّين، عم تتسائل بينها و بين حالها: مين هدول؟ هدول معي بالصف؟

اليوم.. بظروف الحرب و الدمار و القهر، يلي عايشينها، أكيد كتير ناس راح ينزعجوا من العشّاق يلي رح يحطو صور قلوب وأشعار على فيسبوك، وكتار رح يقولوا انه الناس عم تموت والناس جوعانة وعيب، والبعض رح يتفنن ويربط اللون الأحمر تبع عيد الحب بلون الدم على ارض البلد، بجملة مؤثرة، والكل رح يقول مو وقته.

أنا برأيي وقته ونص، نحنا اخدنا وقتنا و عشنا لحظاتنا بزمن هادي و مسالم، الأجيال الجديدة مو ذنبها تولد بزمن صار فيه الحب سلعة نادرة ومو وقته، لازم يعبروا عن يلي جواتهن بطريقتهن المختلفة، لازم يحبوا و يعيشوا، متل ما عمناكل ونشرب مشان نشبع رغم الموت حوالينا، لازم نحب ونغذي روحنا كمان، والمزعوج يستحمل شوي هاليوم، ويغير شكل من فيديوهات الإعدام و جمل الكراهية، بجمل حب أو مراهقة، ويتفرج عصور القلوب يلي عم تطير بدل صور الرؤوس يلي عم تطير، هو يوم بيمضى، ومنرجع لسوادنا.

يالله يا جماعة، كل بنت تاخد هالدبدوب الجديد وتسميه، وتحطه بسعادة جنب إخواته من السنوات السابقة، وكل شب يمسك هالدبدوب الجديد ويشلفه بحزم عالسقيفة جنب اخواته من السنوات السابقة، ان شاء لله كل دبدوب ونحنا بخير.

ملاحظة: أنا ما رح اهدي ولا رح انهدى.. وهالحكي مو مشاني والله! أنا حاطط علبة البطاطا المقلية وقاعد، لأنه مهما اجوا أو راحو أو تخلوا عني حبيبات، رح ضل مع بطني.. حبي الأول والأخير.

 

حساب ريكاردو باصوص على فيسبوك، اضغط (هنا)


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق