لم يكن انسحاب تيار بناء الدولة السورية، الخلاف الوحيد الذي شهده لقاء المعارضة السورية التحضيري في القاهرة، الأمر الذي شجع بعض السياسيين، على التشكيك، بمدى نجاحه وقوة البيان الصادر عنه.
تيار بناء الدولة السورية ، الذي شارك في اجتماع القاهرة في يومه الأول وأعلن انسحابه في اليوم الثاني. أصدر بياناً موضحاً موقفه: "كان من المأمول أن يتم العمل على توحيد جهود المعارضة لبناء إطار عام للعملية السياسية والتوافق على أسس للتفاوض وظروفه وشكله، إلا أن مسار النقاش وتوجه بعض الحاضرين قد ذهب باتجاه وضع المبادرة ضمن إطار اصطفافات إقليمية نرى أنها لا تخدم حل الأزمة السورية، وتعمل بالإضافة إلى ذلك على شرخ المعارضة وزيادة انقسامها مما جعلنا نأسف عن المتابعة والانسحاب من المؤتمر".
وفي تعليقه على هذا الانسحاب، تفهم وليد البني موقف التيار معللاً إياه باعتقال لؤي حسين، رئيس تيار بناء الدولة، وأن "وجود التيار داخل سوريا يدفعهم للعمل تحت سقف منخفض لا يستطيعون القفز فوقه، لأنه عندما تريد أن تعود إلى سوريا لا تستطيع أن تأخذ مواقف أكثر مما يسمح في داخل سوريا".
بدوره فايز سارة، عضو الائتلاف الوطني اعتبر أن "اجتماع المعارضين السوريين بما فيهم تيار بناء الدولة السورية ، هو أهم بكثير من تفصيل صغير ظهر على عضو أو عضويين داخل الاجتماع"، لافتاً إلى أن الخلاف "شيء يتعلق بالاعتقاد الشخصي ولا يتعلق بخلاف سياسي، وكان مفاجئ أنه كان توافقات مع بقية القوى حول العديد من القضايا، لكن حصل الانسحاب نتيجة تفصيل صغير له طابع شخصي".
من جهته صالح النبواني، عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق الوطنية، قال إن "انسحاب التيار أتى لأسباب غير معروفة، وبوجهة نظري الشخصية بعيداً عن رأي هيئة التنسيق، كانت بقصد تخريب المؤتمر".
برقية تعزية بالملك
صرح مصدر خاص لروزنة من داخل الاجتماع، فضل عدم الكشف عن اسمه، أنه في اجتماعات اليوم الثاني، انسحبت منى غانم، نائب رئيس تيار بناء الدولة من اللقاء، بعد أن طلب أحد الحاضرين في الاجتماع، إرسال برقية عزاء للمملكة السعودية.
ويذكر أن غالبية الحضور رفضوا أن ترسل أي برقية باسم هذا الاجتماع أيضاً.
وباستثناء انسحاب تيار بناء الدولة، أكد جميع الحاضرين في القاهرة أنه لم يكن هناك أية ضغوطات من الجانب المصري أو من أي جانب آخر، فيما أوضح جمال سليمان أنهم هم الذين كانوا يضغطون فيما بينهم لنجاح هذا المؤتمر.
من خارج اللقاء!
صرح بسام الملك، عضو الائتلاف المعارض، المقيم في القاهرة، خلال اتصال هاتفي مع روزنة، أن هناك خطأ في طريقة اختيار المدعوين إلى اللقاء، مضيفاً أنهم في الائتلاف، كلفوا وفداً للمجيء إلى القاهرة يرأسه هشام مروة "الذي لا يتبع للإخوان المسلمين، ولكنه مسلم محافظ فقط، لكن السلطات المصرية لم تسمح له بالقدوم، وهذا سؤال برسم الأمن والخارجية المصرية".
واتهم السلطات المصرية بالانتقائية، مشيراً إلى عدم دعوة ميشيل كيلو علماً أنه مسيحي، وشكك بضلوع شخصيات من الائتلاف وعلى رأسهم قاسم الخطيب وفراس الخالدي بالوقوف وراء هذا التمييز باعتبارهما يتعاونان مع الأمن المصري، وأضاف أن "هناك شخصيات لم تتم دعوتها أيضا ومنها السيد هيثم المالح عميد الثورة السورية"، على حد وصفه.
وكان الملك قد أكد في وقت سابق أن أعضاء الائتلاف الذين تلقوا دعوات من القاهرة وتوجهوا لحضور الاجتماعات هناك، "حضروا بصفتهم الشخصية".
وهذا ما أكده فايز سارة في حديثه لروزنة، حيث قال "نحن لسنا ممثلين عن الائتلاف، صحيح أننا أعضاء فيه وأعضاء في الكتلة الديمقراطية، لكننا نسعى من أجل الوصول لتوافقات سورية وهذا أمر في صلب سياسات الائتلاف، لا نمثل موقف الائتلاف نفسه، لكن نحن نعرف أن موضوع توحيد المعارضة هي واحدة من مهمات وواجبات الائتلاف".
وكان لقاء القاهرة التحضيري، قد اختتم أعماله أمس السبت، بعد يومين من النقاشات بين مختلف أطياف المعارضة السورية، وجاء في البيان الختامي الذي ألقاه الفنان السوري جمال سليمان، أن المجتمعين اتفقوا على أهمية انطلاق عمل المعارضة، من مقومات جوهرية أساسها الحفاظ على وحدة سوريا، أرضاً وشعباً، وتأكيد استقلالها واحترام سيادتها، والحفاظ على الدولة السورية، بكامل مؤسساتها من خلال تنفيذ بيان جنيف، وخاصةً البند الخاص بإنشاء هيئة انتقالية مشتركة كاملة الصلاحيات، تشرف على عملية الانتقال الديمقراطي ضمن برنامج زمني، محدد وبضمانات دولية.