" بعد أن سجل لها مقاطع فيديو أثناء حديثهما على السكايب، مستغلاً عقد الزواج الشرعي الذي بينهما، وطلب منها خلع ملابسها ومجاراته في حديثه الجنسي، بحجة أنه زوجها شرعاً ومايفعلانه ليس حراماً"، هكذا أقنع الخطيب خطيبته "آية" و رضخت لمطالبه.
وهذه الخطوبة التي استمرت لثلاث سنوات انتهت بعد انعدام الأمل في زواجهما، لأنه يقيم في أوروبا وهي في سوريا ففَسخت آية الخطوبة، ومضت فترة قصيرة قبل أن تبدأ معاناتها مع الابتزاز، لأن خطيبها قام بتهديدها بالفيديوهات والصور الخاصة بها ونشرها على الانترنت، ولحظات الحب تحولت لكارثة فوق رأس آية وفضيحة يتحدث عنها المجتمع.
و الانترنت جزء أساسي من حياة السوريين اليومية، ويعتمدون عليه اعتماداً كلياً في جميع تواصلاتهم ولاسيما في ظل اللجوء الذي يعيشه معظمهم، لذلك بتنا نسمع قصصاً كثيرة عن الابتزاز الجنسي عبر الانترنت على اختلاف تفاصيلها.

والابتزاز الجنسي الإلكتروني هو أسلوب يتّبعه بعض الناس، لإزعاج وإيذاء وإلحاق الضرر أو الفائدة المادية، من شخص ما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كالفيسبوك والتويتر والواتس اب والسكايب وتطبيقات أخرى، ومن أبرز الأساليب المتبعة في هذه العملية، نشر مقاطع فيديو في وضعيات محرجة للضحية أو صور أو محادثات جنسية، وغيرها من الأمور التي يتلاعبون بها بحياة ومشاعر الشخص المستهدف.
99% من الحالات نساء
وقال مهران عيون مستشار أمن رقمي في منظمة سلامتك، أن أصعب ما في الجريمة الالكترونية هو سهولة ارتكابها، ونصح مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي بالاطلاع على الشروط والأحكام، وهي متوفرة باللغة العربية ومتاحة للجميع.
وأشار مهران إلى أنه بإمكان الشخص الذي تعرض للابتزاز عن طريق الانترنت ونشرت صوره، أن يرسل إيميل للشركة سواء كان فيس بوك أو تويتر أو أنستغرام أو أي كانت، و يوضح فيه تعرضه لهذا الأمر ويطالب بحذف الحساب أو إغلاقه، وتتعامل الشركات بجدية في مثل هذه القضايا ولاسيما إذا كانت متعلقة بنشر محتوى شخصي وابتزاز.
وأضاف مهران أن 99% من الحالات ضحايا الابتزاز الجنسي الإلكتروني نساء، سواء عن طريق حسابات قمّن بشرائها من محلات جوالات أو عن طريق علاقة سابقة مع المبتز أم انتقام.

أول خطيئة للمرأة!
تتعرض المرأة للابتزاز الجنسي الالكتروني أكثر من الرجل، وهذا يرتبط بشكل كبير بذهنية المجتمع الذي ربط شرف العائلة وسمعتها بالفتاة، ووجود مايسمى بجرائم الشرف، فيتم استغلال هذه النقطة وخداع الفتيات والحصول على صورهن أو مقاطع فيديو لهن، سواء عن طريق قصص الحب أو سرقة محتوى الجوالات أو تهكير الصفحات وتهديدهن فيما، بعد لأغراض جنسية أو مالية أو انتقامية.
وبسبب الخوف من المجتمع والفضيحة وردة فعل الأهل، ربما يتم معالجة المشكلة بمشكلة أكبر، لأن الذهنية السائدة بالمجتمع هو لوم الضحية وإلقاء مسؤولية ماحصل عليها.
وقال الدكتور النفسي جلال نوفل أن المرأة إذا كانت متمكنة بشكل جيد، وتعرف كيفية التواصل مع الناس والاختلاط بهم ستميز بين الشخص الجيد والغير جيد، ولكن هناك فئة كبيرة في المجتمع لا تسمح للمرأة بأن تكون موجودة خارج المنزل.
موضحاً أن وسائل الأمان للمرأة قليلة جداً في المجتمع الذكوري، لذلك تمتنع عن الحديث بسبب خوفها من ردة الفعل المحيطة سواء كان على مستوى العائلة أو المجتمع أو القانون.
وهذا كله مرتبط لاعتقاد المجتمع بأن المرأة هي أساس الخطيئة الأولى، وبعد أربعة آلاف إلى خمسة آلاف سنة أن المرأة مخطئة والرجل كان الضحية (قصة التفاحة التي أكلها آدم وأخرجته من الجنة).
وأضاف نوفل أن معظم الأشخاص تنقصهم الخبرة في التعامل في مواقع التواصل الاجتماعي، لعدم وجود علاقات اجتماعية مرضية في حياتهم، وهم أكثر الناس عرضة للابتزاز الجنسي، وأشار إلى أن الأشخاص الذين يمارسون هذه العملية، غالباً يمتلكون مهارات عالية من التواصل، و يعتمدون بالدرجة الأولى على ضعف الضحية، لذلك فإن معرفة الشخص بالمهارات اللازمة، لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، يصعب على أحد استغلاله أو ابتزازه.

الابتزاز الجنسي والقانون
الابتزاز الجنسي جريمة قانونية ويمكن متابعتها كما تتابع الجريمة العادية، ولكن في سوريا تحديداً المختصون والخبراء بتتبع الإنتهاكات وغيرها عبر الانترنت موجودون لدى الأجهزة الأمنية فقط، أما الشرطة المدنية أو النيابة العامة فلا وجود لهم فيها، وإنما تتم الاستعانة بهؤلاء وقت الحاجة.
المحامي محمود حمام قال أن الجرائم الإلكترونية عالم جديد لم يستقر بعد، وأن القانونين والمشرعين يحاولون ملاحقته باستمرار، لفهم كيفية التعامل معه وحل قضاياه.

قانون الجرائم الالكترونية من القوانين المستحدثة في سوريا، حيث تم استحداث نيابة عامة مختصة فيها وقضاة تحقيق ومحاكم جزائية، ويتم التقاضي فيها أمام محكمة جنايات مختصة و محاكم بداية الجزاء التي يمكن الطعن بقراراتها بالاستئناف، ويكون حكم محكمة الاستئناف مبرما في الجرائم المعاقب عليها بالغرامة، ويمكن الطعن فيها بالنقض في الأحكام الأشد.
قصة "آية" واحدة من عشرات القصص لنساء تعرضن للابتزاز الجنسي الإلكتروني في المجتمع السوري، وقد تتعرض الفتاة للتعنيف والضرب وربما تصل إلى القتل في بعض الأحيان، فقط لأن المرأة محط أنظار الجميع لأن العرف الإجتماعي ربطها بالعار والشرف.
الكلمات المفتاحية