من يصنع التابو؟

من يصنع التابو؟
التابو | 07 يناير 2020

كلمات اعتاد عليها الناس ولاسيما حين الحديث عن المواضيع المحظورة، أو الخطوط الحمراء والمسكوت عنها وهذا ما نقصد به في "التابو"، وغالباً يتسارع المجتمع بإطلاق الأحكام عند الحديث عنها، وربما تصل عقوبة من يحاول الحديث عنها للإعدام أوالقتل.

حرام... عيب... مابيصير... هيك ربينا... رجل الدين مقدس ولايمس... الرئيس ولي أمر... الحكي بالجنس قلة حياء... هذا الكلام كفر...

قد يجد البعض كلمة "تابو" غريبة على أسماعهم، بالرغم من قربها وارتباطها بحياتهم، فهي لا تقف عند الدين والجنس والسياسة فقط، بل تتجاوز إلى تفاصيل حياتهم اليومية وأنماطم الثقافية.



شاهد حلقة "من يصنع التابو" كاملة من هنا 

وتصل إلى أن الأفراد يذعنون، وتصبح الطاعة العمياء سمةً أخلاقية، وتتحول الآراء الشخصية والحريات إلى فسق وفجوروعقوق بحق العائلة والدين والمجتمع والسياسة.

إذا أن "التابوهات" تسيطر بشكل كبيرعلى المجتمع بالرغم من المحاولات البسيطة من بعض الكتاب والباحثين والبرامج الإعلامية لتسليط الضوء على قضايا مختلفة منها.

راديو روزنة أطلق برنامجاً خصص للحديث عن "التابوهات" في المجتمع السوري، سيتناول مجموعة من القضايا المحظورة يتم النقاش حولها من قبل مختصين وناشطين مجتمعيين.

وبدأت الفكرة من بعض الشباب السوريين الذين رأوا أن بعض الخطوط الحمراء الموروثة من عادات وتقاليد مجتمعية تقف عائقاً أمام مجتمع صحي وتساهم في تضيق نطاق الحرية بل وانعدامه أحياناً.

وتناولت أول حلقة للبرنامج موضوع "صناعة التابو" وتضمنت استطلاعاً للرأي من مناطق داخل سوريا وخارجها، وأجاب الناس عن سؤال "من يصنع "التاب"و؟.. وما هو أكثر" تابو" في المجتمع؟".
 
واستضاف المذيع منير أيوبي الدكتور إبراهيم سلقيني (دكتواره في الفقه الإجتماعي)، والإستاذة سميرة البهو (ناشطة فاعلة في حقوق المرأة)، وصفوان جمو (محلل سياسي).
 
سأل مقدِّم البرنامج ضيوفه "من يصنع "التابو"؟"

 من يصنع التابو؟


قالت سميرة البهو، إن من يصنعه المجتمع بعاداته وتقاليده والدين والسياسية لها دور كبير في صنع خطوط حمراء بحيث تضمن عدم المساس بها وبسلطتها على المجتمع.
 
أما صفوان جمو فقال أن التابوه قديم في بلدنا أقدم من الاستبداد ويصنعه المجتمع والسياسيون بمراحل متعددة وبالنسبة لهم كان استثماراً جيداً.

مثلاً نحن في سوريا في زمن معين، كان الحديث عن السياسة والدولة قد يُفقد الإنسان حياته، وأضاف جمو أن التابو يصنعه المجتمع وتستثمره السياسة.

الدكتور إبراهيم سلقيني وجد أن الجهل هو من يصنع "التابو"، ويتابع أنه ليس لدينا محرمات في النقاش، كل شيء مطروح للنقاش.

وأشار إلى أن التاريخ العربي والإسلامي يشهد بأن كل شيء كان خاضعاً للنقاش والكتب تشهد، موضحاً أن كل الأمور يمكن النقاش بها، ولكن يجب أن يكون علمياً من دون سخرية وتهجم وبذاءة.

وشارك في حلقة النقاش مجموعة من السيدات اللواتي شاركن في ورشة عمل عن التابوهات في المجتمع السوري نظمتها روزنة في وقت سابق، وحضر الحلقة أيضاً عدد من السوريين وأبدوا آرائهم حول حلقة النقاش.

ملك توما (طالبة بكولوريوس علوم سياسية وباحثة اجتماعية) قالت إن من يصنع "التابو" في الدرجة الأولى هي السياسية، لأنها تصنع العرف الإجتماعي بسن القوانين والدساتير.
 
وأوضحت أنه مثلاُ عندما تسن السلطة قانوناً جديداً، يصبح  بعد فترة من الزمن جزءاً من ثقافة المجتمع، والسلطة السياسة تفتح مجالات لتابوهات كثير.

 هل أنت مع الحديث عن التابو في المجتمع السوري

من يصنع التابو؟


وشاركت من الجمهور الموجود في حلقة النقاش رزان بحيري، تقول إن "التابو" يصنعه الخوف في المجتمع نتيجة الممارسات المستبدة للسلطة، فكلما عمَّ الخوف ازدادت الخطوط الحمراء، بحسب تعبيرها.

 كثيراً ما ربطت مقالات وأبحاث انتشار التابوهات في المجتمعات العربية بالجهل والخوف والضعف، وتستعمله السلطات الدينية والساسية لعدم المساس بهما، فتعمل على إيهام المجتمعات أن كشف الستار
عن هذه التابوهات سيخلف وراءه براكين مشتعلة تحرق الأخضر واليابس وفتناً تفتك بالمجتمع وقيمه الأخلاقية.

لذلك يخاف الناس من الخوض بهذه الأمور، ما يجعلها مبهمة وغامضة وكلما زاد الجهل بها اشتد الخوف منها.

أما إبراهيم سلقيني اعتقد أن الجهل يصنع تصوراً خاطئاً عن معنى وتعريف "التابو" ويخلط بين تابو (منع الحديث ومنع الفعل) سواءً كان من منظور ديني أو سياسي أو مجتمعي.

وأضاف أن الجهل نفسه يجعل الأشخاص يمنعون أشياء ليس محرمة دينياً وسياسياً وأخلاقياً، من منطق (نحن مجتمع محافظ)، بالمقابل يوجد أشخاص يخترقون الخطوط الحمراء لمجرد النقاش بالتعدي والتجريح وليس نقاشاً علمياً.

 كسر التابو لابد أن يمر بمساس المحرمات في التابو

من يصنع التابو؟

 
خطوط حمراء ثلاثة في مجتمعنا تحولت إلى مقدسات يتقرب إليها أو محرمات لا يجوز الاقتراب منها الدين، والسلطة، والجنس وبعض الناس يفهم أن التابو هو كل حرام منعه الشرع، والسلطة عمدت إلى تسخير التابوهات الدينية لحماية استبدادها وضمان استمرارها.
 
وقال صفوان الجمو معلقاً على هذه النقطة، إن تعيين الأئمة والخطباء في سوريا يتم من منظور أمني، وتابع أنه بالتأكيد لم يكن هناك خطبة موحدة لكل الجوامع في سوريا ولكن كان هناك خطب خاصة بالمناسبات، وعدم الحديث عنها قد يسبب الضرر للخطيب.

ونوه جمو إلى أن الكثير من الخطباء لا يجيدون سوى الخطابة ولا يمتلكون لا العلوم الدنيوية ولا العلوم الشرعية ولكن هذا كان أسلوب السلطة للهيمنة على المجتمع من خلال هؤلاء الخطباء.

وأضاف أن السلطة أباحت الجريمة لأنها أعطت أسباباً مخففة لمرتكبيها كـ (جريمة الشرف).

ومن خلال استطلاعات الرأي التي قام بها مراسلو روزنة، عن أكثر التابوهات الموجودة في المجتمع السوري، اتفقت معظم الآراء على أن الحديث بقضايا الشرف والمواضيع، التي تخص المرأة والجنس هي من المواضيع المعقدة التي لا يمكن الحديث عنها.

"التابو" يحاصر المرأة أكثر في مجتمعنا لأنه وضعها في دائرة المحظورات، فالأمور التي تخص جسدها وحياتها يتم التعتيم عليها وإغفالها. ومُنعت من الحديث بالسياسة والقضايا العامة وربما في بعض الحالات قد تتعرض للشتائم والتشهير بسبب مواقف تبنتها.

الأستاذة سمير علقت على هذه النقطة وقالت إن المجتمع يحاسب المرأة أكثر من الرجل ورسم لها طريقة حياة ووضعها ضمن قوالب معينة لا يجوز الخروج عنها.

رند من الجمهور قالت إن المرأة تربت منذ صغرها على أمور كثيرة منها ممنوع الجلوس إلى جانب ذكر "وممنوع تفعلي هذا الشيئ ولا تخرجي إلى الشارع"، وكلما كبرت في العمر كبرت معها الخطوط الحمراء.

لذلك من الطبيعي أن تخاف المرأة من المجتمع لأنها كبرت مع ثقافة العيب والزجر والمنع.
 
ومن خلال النقاش في الحلقة، التي استمرت أكثر من ساعة ونصف، ذكر الضيوف والجمهور والمشاركون في الاستطلاعات وناشطو مواقع التواصل الاجتماعي، مواضيع كثيرة صنفوها "تابو"، وأبرزها جريمة الشرف والتحرش الجنسي والاغتصاب والمساكنة والجنس والمخدرات وغيرها..

كل هذه المواضيع والنقاط سيتم مناقشتها في الحلقات القادمة من برنامج التابوهات.

 علاقة ثورات الربيع العربي بكسر التابوهات

من يصنع التابو؟

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق