كتب عبد الرحمن الراشد.. معضلة إيران بعد حلب

كتب عبد الرحمن الراشد.. معضلة إيران بعد حلب
سوريا في المانشيت | 12 ديسمبر 2016

في سوريا يتجاوز عدد القوات الإيرانية سبعين ألفا - وهناك من يقدر أن الرقم ضعف ذلك. وتتشكل من قواتها مع ميليشيات تولت جلبها من أنحاء المنطقة وتقوم بدفع تكاليفها - تصارع منذ أشهر عديدة من أجل السيطرة على حلب، وهي توشك على ذلك أخيرا، من خلال تدمير شرق المدينة الصامدة، وتتقدم تحت القصف الروسي الذي يستهدف المدنيين، وكلفت طائرات نظام الأسد برمي قنابل كيماوية، وغاز الكلور من أجل إفراغ المناطق قبل التقدم واحتلالها.

وأنا هنا لست بصدد إنكار احتمال سقوط حلب، أو استحالة طرد الدواعش من الرقة، بل الهدف توضيح الواقع الحقيقي وليس الدعائي في سوريا. فالحرب في سوريا أعمق وأكثر تعقيدا.

وحتى لو استولى الإيرانيون، وقوات الأسد، على حلب الشرقية، فإن سوريا لن تستقر، ولن تستكين للنظام الذي يقاتل منذ خمس سنوات، لأن أمامه سنوات عديدة حتى يفرض وجوده، وهو المشكوك فيه. وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الحكمة وراء تصرفات حليفي النظام السوري، أي إيران وروسيا. هل ينويان الاستمرار لسنين مقبلة في مساندة النظام على الأرض بنفس القوة والخسائر، من أجل أن يظل في الحكم؟ هل يفضلان الحرب لسنوات أخرى على الحل السياسي الذي يمثل تنازلا متبادلا، أي نظاما مختلطا، من القديم والمعارضة دون القيادة الحالية؟ مثلا، عند استيلائهما على حلب الشرقية المهدمة، نتيجة القصف المجنون، الذي أفرَغَها من معظم سكانها، ما الذي سيفعله الإيرانيون والروس لاحقا، هل سيمضيان عام 2017، الذي هو على الأبواب، في القتال للاستيلاء على ما تبقى من بلدات سوريا، بما فيها ريف دمشق الذي لا يزال جزء منه تحت سيطرة الثوار؟ ثم ماذا بعد ذلك؟ كيف سيحكم النظام السوري دولة ممزقة، مليئة بالثارات ضده، وقواته لا تشكل سوى ثلاثين في المائة من القوات الحالية، حيث إن البقية هي قوات إيرانية، وميليشيات مجلوبة من العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان وغيرها! فهل تنوي إيران الإبقاء على ميليشيات أجنبية وطائفية بسوريا في السنوات المقبلة من أجل تثبيت حكم الأسد؟ من المؤكد أن بقاء الميليشيات الطائفية سيكون جاذبا للمزيد من المقاتلين من أنحاء المنطقة والعالم، وستستمر الحرب. هذه هي المعضلة التي لا بد أن النظام في طهران اكتشفها متأخرا، فهو إن انتصر ورحل سيسقط النظام في دمشق، وإن استمر في الوجود عسكريا ستستمر الحرب بتكاليفها ومخاطرها الداخلية عليه.

وتتابعون: سياسة أوباما في الشرق الأوسط و«العهد الرئاسي» الجديد، فوتوغرافيا الانتفاضة: توثيق البقاء.

 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق