دحر تنظيم «داعش» في الموصل سيكون لمصلحة السُنَّة العرب عموماً بقدر ما هو في مصلحة إيران والشيعة في العراق، لأن ضحايا هذا التنظيم الإرهابي هم السُنَّة بالدرجة الأولى، شعباً وحكومات. القضاء على «داعش» بات مطلباً عالمياً وموضع وفاق بين الغرب والشرق، فلا خلاف على ضرورة الحسم العسكري ضده، بل هناك إيكال لمهمة الإشراف على القضاء عليه للولايات المتحدة في العراق ولروسيا في سورية. كل المؤشرات تفيد بأن المعركة العسكرية، وإن طالت، ستنتهي بتحرير الموصل من «داعش»، وأن سحق «داعش» في العراق سيجعله تنظيماً ضعيفاً في سورية. تداخل الساحتين العراقية والسورية سيؤدي إلى ترابط ما بينهما، بما يعني أن لا حل للأمن العراقي بلا حل للأمن السوري، والعكس بالعكس، لا سيما أن كبار اللاعبين الإقليميين كتركيا وإيران، متمسكون بأدوات نفوذهم في الدولتين العربيتين المهمتين، وأن بينهم عنصر الكرد وكل ما يحيط به من وئام وخصام وتلاقي مصالح وتنافسها. معركة الموصل قد تُحسَم عسكرياً خلال أسابيع، كما يقال، لكن تزاحم الأجندات المتعارضة ما بعد المعركة ينذر بتعقيدات وقد يؤدي إلى إلغاء تمرد وولادة تمرد آخر في آن. لذلك، فإن التحذيرات حول الأداء السياسي للحكومة العراقية ترتبط بأدائها في الميدان ومدى سماحها لما يسمى «الحشد الشعبي» الشيعي – الذي تدرب إيران ميليشياته – بالمشاركة في معركة الموصل، ثم استخدام الانتصار لهدف إخضاع السُنَّة في المدينة السنّية الكبرى بالعراق. أما المدينة السنّية الكبرى في سورية، حلب، فإنها قد تكون مرشحة لوقف النزيف، إذا صدقت التعهدات التي توصلت إليها الأطراف المؤثرة التي التقت الأسبوع الماضي في لوزان.
وتتابعون: انتحار الغرب في سوريا، قلق من تغيير التحالفات بعد طلب إيران ضم مصر للمحادثات بخصوص سوريا.