يقول بدرخان في مقال له في الحياة.. من يتحمّل مسؤولية جرائم الإبادة في حلب ومَن يُحاسب عليها؟ أثبتت الجلسات الأخيرة لمجلس الأمن، أن المجتمع الدولي مستعدٌّ لمواصلة التفرّج وإبداء الغضب والتأثّر من دون أن تكون لديه القدرة على لجم الوحشية الروسية، بعدما أمضى أعواماً في تمكين بشار الأسد ونظامه من الإفلات من العقاب.
العالم يتعامل مع المحنة السورية على أنها مجرّد مشاهد "درامية"، كما لو أن الأطفال المنتشلين من تحت الأنقاض لا يموتون ولا يروّعون ولا يفقدون عائلاتهم، بل يلعبون أدواراً لاستدرار العطف وامتحان المشاعر، أو تُتخذ مآسيهم وسيلة للتراشق الدولي، بالأحرى الأميركي - الروسي، بالاتهامات لترجيح "أخلاقية" هذا وبربرية ذاك.
كانت هناك أيام بنت فيها أميركا «عظمتها» على العنف المطلق، بالسلاح النووي في هيروشيما وبـ "النابالم" في فيتنام والقصف "السجّادي" في أفغانستان والقنابل الثقيلة في العراق، وجاءت أيام استعادة روسيا «عظمتها» السوفياتية بنقل إرث البراميل المتفجّرة من أفغانستان الى سورية كما بتكرار جرائم غروزني في حلب.
ليس في خطاب روسيا، ولا في قنابلها الفوسفورية والعنقودية والارتجاجية، سوى نموذج للإرهاب والتوحّش بأحدث أنواع الأسلحة، واحتضان متماهٍ مع إرهاب نظام الأسد وحليفه الإيراني ووحشيتهما.
وبذلك تنتفي كذبة البحث عن "المعتدلين" في الجانب الآخر، وفرزهم عن "المتطرّفين" المطلوبة إبادتهم، لتصبح مهمة روسيا وحليفيها الحضّ على العنف والتطرّف، أقصى العنف والتطرّف، تبريراً لـ "محاربة الإرهابيين" وإبادتهم. سبق لنظام الأسد أن واجه سلميّة شعبه بالقتل، ومذّاك لم يعد شعبه ولا عاد هو رئيسه، ثم دفع عسكريه دفعاً الى الانشقاق، فلم يعد الجيش العربي السوري موجوداً ليحلّ محلّه "جيش الأسد"، ثم دفع معارضيه دفعاً الى التعسكر ليُفلت كل ترسانته ضد الشعب وصولاً الى السلاح الكيماوي.
وفي ذلك كله، كان فلاديمير بوتين حليفاً وراعياً وموجّهاً، فهو والأسد والملالي متضامنون على غرائز لا إنسانية مشتركة تغذّي عملياً من إرهاب "داعش" وتستعدي خصوصاً كل مَن يدافع عن وجوده وحقوقه ومستقبله داخل وطنه.
وفي جولة الصحافة أيضاً.. كتبت هدى الحسيني في الشرق الاوسط "الصفقة مع إيران حالت دون تدخل أميركا في سوريا!"، وكتبت هيفاء بيطار في العربي الجديد "في السجون السورية"، وفي المدن كتب مهند الحاج علي "حلب: الموت رحمة".