يبدأ مركز الأبحاث العربي الجدّي بمشروع روسيا في الشرق الأوسط، فيشير الى أنه يعطي انطباعاً أن سياساتها ردّ فعل على استراتيجيا غربية مزمنة هدفها الأساسي تقليص النفوذ الروسي في المنطقة والإضرار بمصالحها القومية، وأن هدف الرئيس بوتين هو جعل العالم يعترف ببلاده لاعباً أساسياً ويتعامل معها باحترام. ويشير ثانٍ الى أنه يوحي أن الدور التوكيدي لروسيا واستعمالها القوة أحياناً يرمي الى قلب النظام العالمي، والى انتهاك المعاهدات الدولية. انطلاقاً من ذلك تُرى روسيا قوة عالمية مستعدة وعلى نحو منتظم للجوء الى التدمير والقوة لزيادة حظوظها في تنفيذ برنامجها. وبصفاتها هذه لا بد أن يعاملها النظام الدولي السائد باعتبارها قوة مُعادية.
في الشرق الأوسط، يضيف المركز الجدّي نفسه، ساعدت روسيا رئيس سوريا بشار الأسد بتدخل عسكري مباشر عزّز حظوظ المشروع الاقليمي لإيران، ولعبت دوراً مهماً في التوصل الى اتفاق نووي بين إيران و"العالم" ساهم في إنهاء عزلتها. وهي تدرس الآن مع طهران مشروعات مهمة في مجال الطاقة في وسط آسيا وجنوبها. الى ذلك تراقب موسكو التطوّر الجاري حالياً للخريطة السياسية في الشرق الأوسط لمعرفة تأثيره أو مسارات الغاز الطبيعي نحوها ونحو غرب أوروبا.
ماذا تفعل روسيا أيضاً؟ في اختصار تستعمل دورها في المنطقة كأداة مساومة مع القوى الدولية الكبرى. ونجحت إذ عرض رئيس أميركا التعاون معها للتوصل الى تسوية سياسية تنهي الحرب السورية. كما سمح تدفق اللاجئين السوريين الى أوروبا لها بالحصول على حظوة ما في دولها.
وتستعمله أيضاً مع دول "مجلس التعاون الخليجي" فتدعوه الى الاستثمار في شمال القوقاز لمواجهة نمو الراديكالية الاسلامية. ولعل أحد أبرز أسباب تدخل موسكو في الشرق الأوسط كان ولا يزال وقف انتشار الجهاديين في "دول المنبع". علماً أن الطريقة التي تتدخل بها قد تسفر عن نتائج معاكسة لرغباتها.
وتتابعون: حصانة العلاقات الروسية السورية، سوريا: الآمال التركية والمناورات الروسيّة.