كتب إياد الجعفري.. ماتحتاجه السعودية في سوريا

كتب إياد الجعفري.. ماتحتاجه السعودية في سوريا
سوريا في المانشيت | 24 يوليو 2016

لم تكتفِ موسكو بالتقليل من شأن صفقة الجبير للتخلي عن الأسد، بل ذهبت إلى حد التقليل من شأن مُطلق الصفقة ذاته، الذي وصمته بـ "ضعف الخبرة السياسية"، ووصفت طرحه بـ "البدائي". في الوقت ذاته، يصف مسؤولون أمريكيون في البنتاغون والمخابرات، خطة كيري للتعاون العسكري الاستخباراتي مع روسيا في سوريا، بأنها "ساذجة". في هذه الأثناء، يبدو أن تركيا غارقة تماماً في ترتيب بيتها الداخلي إثر محاولة انقلاب فاشلة، بالتزامن مع ضغوط روسية على أنقرة لتعديل سياساتها في دعم المعارضة المسلحة السورية، نظير عودة العلاقات الاقتصادية والنشاط السياحي بين روسيا وتركيا. هذا حال المعسكر الداعم للمعارضة السورية، التي قد تكون على موعد قريب مع تحدٍ هو الأخطر على مصيرها، وذلك منذ قرابة السنتين. فخطة كيري – لافروف الأخيرة، نصت على استهداف الطرفين ل"النُصرة"، وأماكن تواجدها، مما يهدد بتفكيك "جيش الفتح"، الذي يمثّل أقوى الفصائل المسلحة السورية، والذي لعب، وما يزال، أدواراً حاسمة في عرقلة تقدم قوات النظام السوري، خاصة في محافظة حلب.

وهكذا، يبدو أن الروس ينالون ما يريدون دون الحاجة لأية تنازلات كبرى، من قبيل التخلي عن الأسد. فالطائرات الروسية التي قصفت موقعين تستخدمهما أمريكا وبريطانيا لدعم أحد فصائل المعارضة السورية، حققت ما ثابرت موسكو على طلبه لأشهر، من دون أي تجاوب في واشنطن، وحصدت روسيا أخيراً، التعاون العسكري والأمني الأمريكي، وفق معادلات تخدم مصالحها ومصالح حليفها بدمشق، وتأتي على حساب المعارضة السورية المدعومة من الغرب ومن قوى إقليمية حليفة له. لم تعلّق الدوائر الرسمية الروسية على عرض وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، بالتخلي عن الأسد مقابل مكاسب اقتصادية كبرى. لكن "روسيا اليوم"، التي تعد بمثابة وسيلة إعلامية حكومية، علّقت على تلك الصفقة بعنوان، "صفقة مقايضة الأسد مردودة على صاحبها". وفي ثنايا الرد، علّقت باحثة وإعلامية روسية تُوصف بالمقربة من دوائر صنع القرار في موسكو، بأن تصريح الجبير، "بدائي، وينم عن ضعف الخبرة السياسية". إذاً، لا يبدو أن روسيا مستعدة لمقايضة الأسد، وخاصة الآن، فهي تشعر بأنها في أفضل حالاتها داخل معادلات المشهد السوري.

فالرئيس الأمريكي غير مستعد لأي تغيير نوعي في سياساته تجاه الصراع في سوريا، وهو يخشى التورط في تصعيد عسكري مع الروس في الساحة السورية، ويضع نصب عينيها تحقيق إنجاز ميداني نوعي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، في الموصل والرقة. أما السعودية، لا تبدو أنها قادرة على فعل الكثير، ما دامت خاضعة للضوابط الأمريكية الخاصة بنوعية وتوقيت دعم الفصائل المسلحة المعارضة في سوريا. فيما يبدو أن تركيا غير مؤهلة للعب أي دور حاسم في الساحة السورية خلال أشهر قادمة، خاصة، وسط التهديدات الأمنية الداخلية التي ما تزال ماثلة أمام أعين المسؤولين الأتراك. وهكذا تنتعش روسيا، فالمحاولة الانقلابية في تركيا، همشت دور تلك الدولة المحورية في الصراع السوري، ومخاوف أوباما من أي انزلاقات مفاجئة في الصراع السوري، تدفعه لتقديم المزيد والمزيد من التنازلات للروس، على حساب هيبة وفاعلية القوة الأمريكية في نظر الحلفاء قبل الأعداء.

ليبقى العرض السعودي الأخير، أجوف في المنظور الروسي. فالروس سبق أن رفضوا، منذ 3 سنوات، عرضاً من مدير المخابرات السعودية الأسبق، المخضرم، بندر بن سلطان، بالتخلي عن الأسد مقابل صفقة أسلحة ضخمة. لم يكن الروس يومها متواجدين في سوريا، بشكل مباشر، وبهذه القوة والإصرار. ولم تكن المعادلات الإقليمية والأوضاع الدولية، مؤاتية للسياسة الروسية، كما هي الآن. فما بالك، وقد باتت كل التحديات أمام مساعي الروس لتدعيم حكم الأسد، قد ذبلت، وباتت واهية. لكن هل يعني ذلك أن روسيا تريد الإبقاء على الأسد بالفعل؟، أليس الأخير مجرد ورقة تريد روسيا المقايضة بها، قبل أن تفقد قيمتها؟

 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق