كتب سمير العيطة.. سوريا دولة قانون وفصل سلطات

كتب  سمير العيطة.. سوريا دولة قانون وفصل سلطات
سوريا في المانشيت | 18 يونيو 2016

الحرب تستهدف الأذهان أيضاً. إنّها تشيع الخوف والكراهية، وتُبعِد وتستبعد المنطق السليم. وواضحٌ أنّ تحوّل الصراع في سوريا في صيف 2012 من نضالٍ ضدّ استبداد ومن أجل كرامة إلى حربٍ وقودها السوريّون وذخيرتها الإقصاء والتطرّف قد شوّش الأفكار.

عملت «المعارضة» السوريّة، قبيل ذلك التحوّل، على إرساء أسسٍ للانتقال السياسيّ، انتصاراً كان أم تفاوضاً. وبصورة تختلف عن معظم ما يصدر عنها اليوم، مباشرةً أو عبر «مراكز أبحاث» تستند إليها. وأظهرت، مثلاً في وثائق مؤتمرها في تموز 2012، حرصها على بعض المبادئ الجوهريّة خلال المرحلة الانتقالية وما بعدها، ينساها أو يتناساها الكثيرون اليوم.

المبدأ الأوّل هو أنّ الدولة السوريّة يجب أن تكون دولة قانون حتّى خلال المرحلة الانتقالية. وبما أنّه لا يُمكن الأخذ بدستور 2012 كما هو ولا إسقاط دستورٍ قديم في ظلّ تطوّر القوانين، ولا حتّى اعتماد دستورٍ جديد من دون نقاش اجتماعيّ حقيقيّ ومن دون جهدٍ تشريعيّ قانونيّ في مجلس تأسيسيّ شامل، كان الحلّ هو أنّ يكون الناظم الأساس خلال المرحلة الانتقاليّة إعلاناً دستورياً يتمّ التوافق عليه ويحوي النقاط الأكثر جوهريّة كي يتجاوز مرجعياً الدستور الحاليّ. ولذا كان الهاجس الأساسيّ هو إنتاج وثيقة «عهد وطنيّ» كمشروعٍ قابل للتطوير لهذا الإعلان الدستوريّ.

لم يكن التفاوض حول «عهد» كهذا سهلاً. جرت صراعات حقيقيّة حول مفاهيم أساسيّة مثل المساواة التامّة في المواطنة ولا طائفيّة الدولة والمساواة بين الرجال والنساء والقوميّة الكرديّة وإبعاد المال السياسي الداخليّ والإقليميّ عن العمليّة الديموقراطيّة في سوريا وصون المال العام. وكان متوقّعاً حينها ألاّ تقبل السلطة السوريّة بميثاقٍ يحرّم «الاستئثار بالسلطة وتوريثها». إلاّ أنّ المعارضة تراجعت عن هذا المنطق، أو سكتت عن نقاطه الجوهريّة، حتّى حسم قرار مجلس الأمن 2254 لا طائفيّة الدولة والمساواة بين الرجال والنساء ووحدة التراب الوطنيّ بالنسبة للقضيّة الكرديّة. ولم يعُد مبدأ وجود دولة قانون وضرورة إعلان دستوريّ يأخذ حيّزاً حقيقيّاً في آليّة التفاوض الحاليّة في جنيف وفي إجابات الأطراف عن أسئلة الوسيط الأمميّ حول مفهوم «الحكم» أو «جسم الحكم الانتقاليّ»، برغم أنّ بعضها يقترح هيئات قضائيّة وهيئات مصالحة من دون الاكتراث بمرجعيّة قانونيّة دستوريّة واضحة لها.

في جولة الصحافة لليوم: كتب فايز سارة في الشرق الأوسط "بعد مظاهرة السوريين في باريس"، راجح الخوري في النهار "ياصبر ايوب على صبر كيري".

 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق