كتب عمر قدور.. المعتقَلون أولاً

كتب عمر قدور.. المعتقَلون أولاً
سوريا في المانشيت | 07 يونيو 2016

تشهد ساحة الباستيل في باريس يوم السبت القادم تظاهرة سورية فرنسية من أجل المعتقلين السوريين تحت عنوان "المعتقلون أولاً"، تُرفع خلالها صور ألف معتقل من أصل أكثر من مئتي ألف وثّقت منظمات حقوقية دولية ومحلية اعتقالهم في سجون النظام، فضلاً عن عدد محدود في سجون بعض أمراء الحرب. المبادرة أتت أولاً بجهد متميز ودؤوب من الممثل السوري المعروف فارس الحلو، وسترافق التظاهرة الأساسية فعاليات مختلفة غايتها التركيز على قضية التغييب القسري في سوريا، بوصفها أساساً لنهج الزمرة الحاكمة قبل الثورة وأثناءها، الأمر الذي ينبغي أن يُخرجها من المساومة أو من طائلة التعاطف الإنساني البسيط الذي يعتبرها شأناً ثانوياً في الحرب الحالية.

لاختيار ساحة الباستيل رمزية واضحة، على رغم أن الكثيرين من الناس لا يعلمون أن عدد السجناء في ذلك السجن "الرهيب" كان سبعة فقط يوم اقتحامه وتحريره، بل إن عدد السجناء المسجلين خلال مائة وثلاثين سنة سبقت الثورة الفرنسية بلغ /5279/ سجيناً، الرقم الذي سيقهقه أمامه طاغية مثل بشار ابن أبيه، نيابة عن الأخير أيضاً. الباستيل أقيم بدايةً كحصن للدفاع عن باريس إزاء الاعتداء الخارجي، ثم استُخدم كسجن عسكري قبل استخدامه كسجن سياسي، وهو في مساره هذا يلخّص كيفية تحول المسألة الوطنية إلى سجن لأبناء الوطن عندما يستثمرها طغاة "نبلاء" مثل لويس الرابع عشر، الذي بدأ في عهده تحويل الباستيل إلى سجن سياسي، لكنهم طغاة "صغار" بالقياس إلى قادة الجمهوريات العربية.

قد نتذكر، من باب الإحباط، أن صور ما عُرف بقضية سيزار عن الاعتقال في سوريا لم تحرّك الرأي العام العالمي، على رغم احتوائها على حوالي 46 ألف صورة لحوالي 11 ألف معتقل قُتلوا تحت التعذيب. لكن، مع الأسف، ما يُضعف قضية سيزار أنها بقيت صوراً لكائنات جُوّعت حتى صارت هياكل عظمية، وفقدت ملامحها قبل الموت، وعلى رغم فظاعتها إلا أنها تخص أناساً أصبحوا في عداد الميتين، ولن يعيدهم أي جهد إلى الحياة. نقطة الضعف أن أية جهة سورية لم تشتغل، بالتوازي مع قضية سيزار، على إثارة صور المعتقلين الواقعين تحت تهديد الموت تعذيباً في أية لحظة، والتعامل معهم كأشخاص وذوات لا كأرقام. 

وتتابعون أيضاً: البيان رقم (1) هل يصدر؟، تنازلات روسية قليلة.

 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق