ضرب الإرهاب تجمعات بشرية في مدينتين على الساحل السوري، فسُفِكت الدماء، وقُتل بعشوائية الكثير من المدنيين، لا أحد يعرف إن كانوا مع النظام أم ضده، ولا أحد يعرف انتماءاتهم الجغرافية والدينية والإيديولوجية، ووفق هذا التوصيف فإن الحدث هو جريمة من سلسلة طويلة جداً من جرائم الحرب المرتكبة في سوريا خلال خمس سنوات. وزّع النظام السوري الاتهامات يمُنة ويسرة، فقال تارة إن فصائل المعارضة الإسلامية هي من ارتكبت الجريمة، وتارة إن التنظيمات الإرهابية هي التي نفّذتها، وألمح في الكثير من المواضع إلى أنها انتقام بصبغة طائفية من حاضنة النظام ومعاقله، من دون أن يُقدّم أي دليل لتحديد هوية من قام بهذا الخرق الكبير لتلك المعاقل. كعادة كل عمل انتحاري أو تفجير إرهابي، تسارع العديد من الجهات لتبنيه، تلك الجهات التي ترى بمثل هذه الحوادث فرصة لكسب شهرة دموية أو للإيحاء بأنها صاحبة قوة وسطوة في الميدان، فيما سارعت قوى المعارضة السورية على اختلافها لإدانة هذه الجريمة واعتبرتها جرحاً في خاصرتها لا يختلف عن بقية جروح سوريا.
بغض النظر عمن قام بالتنفيذ، يمكن تصنيف هذا العمل بسهولة ضمن جرائم الحرب المتواصلة التي ارتكبها ويرتكبها النظام في سوريا منذ خمس سنوات، أو بالأصح منذ خمسة عقود، فصحيح أنه مجرم من يتكتم عن الجريمة عن معرفة مسبقة، ومن يشارك في تنفيذها، ومن لم يمنع الجاني من ارتكابها، إلا أنه هامشي في عالم الجريمة، لأن المجرم الأساس والأكبر والأكثر شراً هو من هيئ البيئة المثالية لارتكاب الجرائم وحرض على تنفيذها وتواطأ مع الشيطان لكي تحصل. ليس بالأمر تجنّياً أو مبالغة، فما يجري في سوريا ليس عشوائياً، فطرائق الموت باتت معروفة، وأهدافها جليّة، والمستفيد من نتائجها واضح، فالمجرم هنا قاتل تسلسلي، يستهدف الثورة وحواضنها في غالبية الأوقات، ويستهدف مناطق سيطرة النظام كلما ظهر تململ في تلك المناطق.
ومن صحف اليوم أيضاً، نقرأ: كتب سلامة كيلة في العربي الجديد سوريا المفيدة وهمآ مزمنآ، وتقرير معهد واشنطن للدراسات وترجمة عربي 21 "ماذا يعني ضرب داعش لجبلة وطرطوس؟".