لا مجال لضرب الأخماس بالأسداس حول هوية المنتصر في الاقتتال الإجرامي الدائر في الغوطة الشرقية، منذ 28 إبريل/ نيسان، بين جيش الإسلام من جهة وفيلق الرحمن وجيش الفسطاط من جهة أخرى: إنه بشار الأسد ونظامه الذي يحقّق، اليوم، ومن دون أية تكلفةٍ، انتصاراً سهلاً لم يحقق جزءاً صغيراً منه طوال ثلاثة أعوام، على الرغم من خسائره الفادحة في الرجال والعتاد، في محاولاته استعادة الغوطة إلى بيت طاعته، وها هم الأبطال المتأسلمون يعيدونها إليه، ويغطي كل طرف منهم جريمته بآياتٍ قرآنيةٍ، كأن كتاب الله أنزل لتبرير جرائم مدّعي الإسلام الذين يقتتلون، منذ شهر، في مناطق آهلةٍ بأناسٍ رفضوا مغادرة قراهم ومنازلهم، وقدّموا لهم بيئةً اجتماعيةً مواليةً حمتهم، على الرغم من حصار تجويعي وتدميري، فرضه الأسد عليها في الليل والنهار، وعلى الرغم من قتل آلافٍ منهم، وجرحهم واعتقالهم وإخفائهم وتجويعهم.
يقتل أدعياء الإسلام بعضهم بعضاً، من دون وازعٍ من ضمير أو خلقٍ أو شعور وطني، ويدّعون أنهم ملتزمون بما يتطلبه الإسلام من أخوّةٍ دينيةٍ وشراكةٍ جهاديةٍ، وتفرضه الوطنية من عداء للأسد الذي يعيدونه إلى الغوطة الشرقية، ويسلمونه عشر قرى في أقل من يومين، يؤكد سقوطها السهل أن اقتتالهم أدّى إلى انكشاف جبهة الغوطة الجنوبية أمام شبيحة الأسد، لأنه لم يكن هناك من يدافع عنها، لانشغال الجميع في قتل بعضهم بعضاً، أو لأن ما تكبّدوه من خسائر جسيمة في قتالهم “الأخوي” ذهب بقواهم، وجعلها أشد عجزاً من أن تحمي أحداً أو مكاناً، فدخل النظام مناطقَ لا رباط فيها، واستعادها هديةً سائبة قدّمها إليه من يتقاتلون، وسقف البيت الذي يسكنونه يسقط على رؤوسهم الخالية من العقل.
وتتابعون أيضاً: نصرالله المحارب والناخب، حرث فرنسا في مياه السلام الراكدة.