كتب عمر قدور.. في حربنا الأهلية

كتب عمر قدور.. في حربنا الأهلية

كما هو معلوم، يتحاشى السوريون استخدام تعبير الحرب الأهلية، فأهل الثورة يصرون على بقائها ثورة رغم متطلبات الحرب، وأهل النظام يفضّلون الاستمرار في التحدث عن حرب ضد عصابات أو تنظيمات إرهابية تكفيرية. لكن يكفي حدث صغير في سياق الحرب، مثلما حصل مؤخراً في قرية "الزارة" الموالية، لتكشف ردود الأفعال عن الجانب الذي يتحاشى الجانبان التحدث عنه مباشرة، أي الجانب الطائفي. يكفي أيضاً ألا تبرز ردود الأفعال هذه من البعض إلا عندما يكون الضحايا من البيئة الموالية للنظام، بما يوحي أن جرائم النظام محايدة طائفياً، بينما الجرائم المنسوبة إلى فصائل تقاتله طائفية بطبعها.

إلى السياق نفسه ينضم الحديث عما حصل في الزارة بوصفه جريمة أو مجزرة تبرر بمفعول رجعي مجازر النظام السابقة واللاحقة، أو الحديث عنه كرد فعل "مبرر" على المجازر نفسها. ذلك يعني أن الحرب واقع يطغى إلى حد كبير على الثورة، حتى من قبل أشخاص ينسبون أنفسهم لها. فما يمكن "تفهم" حدوثه في سياق ما قد لا يجوز تبريره، على الأقل لأن تبريره سيمهد لعمليات ثأرية لا تنتهي، وعلى الأكثر بسبب تجرده عما هو أخلاقي.

الطريف، الذي لا يخلو من المرارة، أن تعمد صفحات موالية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى استخدام صور قديمة لضحايا "بانياس" على أنها مجازر حدثت في الزارة. أي أنها استخدمت بشكل وقح ومضاد صور المجزرة التي يصعب الجدل في طائفيتها من جهة النظام، فقبل ثلاث سنوات قامت قوات الجيش مدعومة بالشبيحة وبعناصر الطائفي التركي "معراج أورال" بالانقضاض على المدنيين السنة في بانياس وارتكاب جريمة ذبح وقتل وحرق عائلات بأكملها، مع وجود مباركة من رجل دين علوي. شبيحة قرية "الزارة" أيضاً متهمون بالاشتراك في مجزرة الحولة ذات الطابع الطائفي الصارخ، من دون أن نعتبر ذلك تبريراً للانتقام من مدنيي القرية.

وتتابعون أيضاً: الثورة السوريّة وأهواء المشرق، سايكس بيكو إذ تصبح نكتة.

 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق